الأحد 05/مايو/2024

هل يتحول الصهاينة من العنصرية والعدوان والاستيطان إلى السلام؟

هل يتحول الصهاينة من العنصرية والعدوان والاستيطان إلى السلام؟
“لو وافق الزعماء العرب على اتفاق كامل للسلام مع “اسرائيل” فإنها لن تعيد كل الأراضي التي احتلتها عام م1967 ، إننا نريد حدودا آمنة ، وعندما تبحث “اسرائيل” عن حل للأراضي الفلسطينية فإنها تضع ضروراتها الأمنية على رأس مطالبها ، وتضعها في اطار التهديد العسكري الاستراتيجي الذي تشكله دول المنطقة ، إننا نتطلع الى المزايا الأمنية في السيطرة على مرتفعات الجولان والضفة الغربية اللتين هما جزء من ارضنا المحتلة ، ان الانسحاب من الضفة الغربية تشكل خسارة عمق استراتيجي “لإسرائيل” ان القبول بعودة اللاجئين الفلسطينيين الى ديارهم يعني تدمير اسرائيل” هذا ما أعلنه ويعلنه قادة الحركة الصهيونية وكيانهم الغاصب دون التوقف عند قرارات الشرعية الدولية ومبادرات من اية جهة جاءت لحل قضية الصراع العربي – الصهيوني ومنها المبادرة العربية التي أقرتها قمة بيروت عام م2002 وعادت قمة الرياض 28 – 29 ـ 3 ـ 2007 التأكيد عليها كطريق للحل والتي استندت الى عناصر أهمها :

1 – الانسحاب الكامل من كل الأراضي العربية المحتلة اثر عدوان الخامس من حزيران 1967 وهذا ما رفضته الحكومات الصهيونية السابقة وما ترفضه حكومة الارهابي اولمرت الحالية حيث يتمسك قادة الكيان والحكومة الصهيونية بمعظم الأرض المحتلة في الضفة والجولان ويعملون على توسيع المستعمرات الاستيطانية القائمة فوقها وربطها خدماتيا وجغرافيا واقتصاديا بالكيان الصهيوني حتى يصبح من المستحيل فصلها عنه حكومة اولمرت بإقامة جدار الفصل العنصري الذي يقتطع مساحات واسعة من ارض الضفة الغربية ويعزل ما يقارب 250 ألف مواطن فلسطيني خارج الجدار ويفصل بين قرى وأراضيها ويجعل منها جزرا معزولة مما يحول دون إقامة دولة فلسطينية متصلة في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة عام 1967 أي ان الصهاينة الذين احتلوا ما يقارب 78% من مساحة فلسطين البالغة 27 ألف كلم مربع عام م1948 يغتصبون مساحات واسعة من ارض الضفة الغربية وخاصة المحيطة بالقدس حيث أقاموا عليها المستعمرات الاستيطانية ، أي ان الانسحاب الكامل والتام من كل الأرض العربية المحتلة وفق ما جاء في المبادرة العربية من المستحيل القبول بتحقيقه صهيونيا.

2 – حل مشكلة الشعب العربي الفلسطيني وبخاصة قضية اللاجئين الفلسطينيين استنادا الى قرار هيئة الأمم المتحدة رقم 194 لعام 1948 الذي أكد على حق اللاجئين بالعودة الى ديارهم وممتلكاتهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس. وموقف الصهاينة من هذه القضية واضح لا لبس فيه حيث يعتبر الصهاينة ان عودة اللاجئين الفلسطينيين الى مدنهم وقراهم المحتلة ستؤدي الى تدمير للكيان الصهيوني وبالتالي فإن قضية اللاجئين بالنسبة للصهاينة بكل أحزابهم وتكتلاهم وتلاوينهم السياسية هي قضية حياة او موت يرفضون مجرد النقاش في هذه القضية على أرضية حق العودة والقرار 194 ، وقد بذلوا بالتعاون مع الإدارة الأمريكية جهودا مكثفة ومارسوا ضغوطات مباشرة وغير مباشرة عبر الشركاء في هذه الإدارة من اجل إسقاط ما يتعلق بحق العودة للاجئين من المبادرة العربية ، وطبعا فإن حق العودة ايضا قضية جوهرية ومصيرية بالنسبة للشعب الفلسطيني وغير قابل للتصرف او التنازل.

3 – إقامة علاقات طبيعية بين الدول العربية والكيان الصهيوني وقد حاولت حكومة الارهابي اولمرت تقديم هذا البند على البنود الأخرى في المبادرة العربية ذلك لان هدف قادة الحركة الصهيونية وكيانهم الغاصب كان ، ولا يزال ، إقامة علاقات طبيعية مع العرب وكل دول المنطقة في المجالات كافة الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية والأمنية والثقافية من اجل فتح الطريق امام المشروع الصهيوني في إقامة “اسرائيل” الكبرى او العظمى” حيث الاستفادة او حتى الشراكة والهيمنة على موارد المنطقة وثرواتها النفطية والمائية ، كما يسعون الى إنهاء المقاطعة العربية بشكل تام بما فيها رفع الحواجز التي تحول دون تنقل الأفراد والسلع بين الكيان الصهيوني ودول المنطقة.

ان المتتبع لسياسات قادة الحركة الصهيونية وكيانها الغاصب يخرج بنتيجة مفادها ان الصهاينة قد يختلفون على الوسيلة في تحقيق أهدافهم ومشروعهم الاستعماري الاحلالي الاستيطاني ولكنهم ، يتفقون جميعا على تهويد القدس وضمها للكيان الصهيوني باعتبارها عاصمة لكيانهم وهذا طبعا يتناقض مع ما جاء في المبادرة العربية التي اعتبرت القدس “الشرقية” عاصمة لدولة فلسطين مثلما يتفقون على رفض ما لا يخدم مصالحهم وامن كيانهم كما نتوصل الى نتيجة اخرى وهي انه كلما تحدث العرب عن السلام يقوم قادة العدو الصهيوني بتصعيد إجرامهم وارتكاب المجازر ، فبعد ساعات من إقرار القمة العربية في بيروت لمبادرة السلام ، اقدمت حكومة الارهابي شارون على شن معركة شرسة دموية على مدينة جنين ومخيمها.

وهذه الأيام والعرب يشكلون الوفود لشرح مبادرتهم “للسلام” دوليا ولحكومة اولمرت ، يقوم هذا الارهابي بشن حرب ضد المدن الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة وترتكب قواته القتل والهدم والاغتيال والاعتقال هذا هو رد الصهاينة على مبادرة السلام العربية ، وهذا ليس غريبا ولا مستغربا عليهم فهذا جوهر فكرهم القائم على العنصرية والارهاب وقتل الآخر فهذه مواقف ثابتة تجسدت ضد شعب فلسطين حيث يجري شن حرب دموية تهدف طمس هوية الشعب وإبادته ، مثلما يشنون الحروب على لبنان ويتمسكون في احتلال الجولان ويعتقلون ويعذبون ويفرضون كل القيود على المواطنين العرب السوريين فيه في محاولة يائسة لفصلهم عن وطنهم وشعبهم ولنا ان نتساءل هل من الممكن ان تتحول الحركة الصهيونية من حركة عنصرية استعمارية استيطانية توسعية دموية الى حركة تؤمن بالسلام والعدل؟ هل فعلا سوف يتخلى قادة الكيان الصهيوني عن القدس وهم قد عملوا ويعملون على تهويدها وتدمير المقدسات الإسلامية والمسيحية بحثا عن هيكلهم المزعوم؟ هل يمكن ان يقوم قادة الكيان الصهيوني بتفكيك المستعمرات الاستيطانية في الضفة الغربية والجولان العربي السوري؟ هل حقا ستقوم الدولة الفلسطينية الموحدة وذات السيادة وعاصمتها القدس (الشرقية) على حد تعبير المبادرة العربية؟ هل من سلام عادل يجعل المنطقة تعيش الاستقرار والازدهار خارج التوصيف الحقيقي والموضوعي للسلام وخارج ثوابت القانون الدولي وحقوق الانسان وفي مقدمتها حق الشعب العربي الفلسطيني في تقرير مصيره وحق اللاجئين الذين يشكلون ما يعادل الثلثين في العودة الى ديارهم وممتلكاتهم ، وخارج امتلاك الشعب الفلسطيني لحريته وسيادته واستقلاله وبناء دولته المستقلة ذات السيادة التامة فوق ارضه؟ وهل يمكن ان يستجيب الصهاينة الى سلام يتناقض مع أهدافهم التي رسمتها الحركة الصهيونية في مؤتمرها الأول عام م1897 والمتمثلة في السيطرة على المنطقة بأسرها سيما في ظل حالة الضعف والتشرذم والتفكك العربية؟

ان الإجابة عن هذه التساؤلات تؤكدها الوقائع والإحداث والتطورات مثلما يؤكدها فهم الصهاينة الثابت للسلام وهو السلام الذي يخدم مصالحهم ومشاريعهم فقط على حساب مصالح وحقوق الآخرين.
ان الطريق الموصل للسلام العادل الذي تريده المبادرة الذي تريده المبادرة يكون فقط ببناء الموقف العربي الواحد وبعدم المقاومة بكل اشكالها لمواجهة التعنت الصهيوني المتمسك بفهمه الزائف للسلام والذي هو الوسيلة لتحقيق مشروعهم.

 
* صحيفة الدستور الأردنية

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات