عاجل

الإثنين 13/مايو/2024

عن صفقة الأسرى ومعوقاتها

عن صفقة الأسرى ومعوقاتها

صحيفة الدستور الأردنية

ثمة شعور سائد لا ينقصه التحليل يقول إن صفقة تبادل الأسرى بين حماس والإسرائيليين لن تتم، أقله في المدى القريب، وأن ما يجري لا يعدو لعبة شراء للوقت يمارسها الطرف الإسرائيلي، أولاً من أجل إسكات عائلة الجندي الأسير، وثانياً من أجل جمع المعلومات على أمل الوصول إليه وإنقاذه من دون الاضطرار إلى الصفقة برمتها، مع أننا ندعو الله أن يحدث العكس وتتم الصفقة على النحو الذي يتمناه الفلسطينيون.

ما ينبغي أن يشار إليه في البداية هو أننا إزاء قصة نجاح بالغة الروعة تتمثل، بعد عملية الأسر المميزة، في القدرة على الاحتفاظ بالأسير لمدة عام كامل من دون أن يتمكن الإسرائيليون من الوصول إليه، وذلك في مساحة محدودة ومكشوفة من الأرض، وهو إبداع يستحق التحية حتى لو جرى الوصول إلى الجندي اليوم أو غداً، الأمر الذي يشير إلى القدرات المتميزة للجهاز العسكري لحركة حماس. وفي العموم، فنحن نتمنى أن تكون الاحتياطات الكاملة قد أخذت بحيث لا يستعيدوه حياً في حال تمكنوا من الوصول إليه بطريقة ما.

لا بد من الإشارة بعد ذلك إلى عبثية إبقاء ملف التصريحات حول الصفقة تائها على النحو الذي تابعناه منذ شهور، ولا بد من مصدر واحد يقدم المعلومات. أما معوقات إتمامها برأينا فتتمثل ابتداءً في هزال الثمن الذي يعرضه الإسرائيليون، وذلك بإصرارهم على رفض الإفراج عن أسرى “مع دم على الأيدي”، بحسب التعبير الإسرائيلي (أسرى المؤبدات بتعبير أدق). وعندما تصر حماس على رفض شرط من هذا النوع تبعاً لاعتبارات إنسانية وشعبية تخص أعداداً كبيرة من هذا الصنف، فإن الطرف الآخر سيواصل إصراره: ليس فقط لأن أولمرت أضعف من أن يجترح خطوة من هذا النوع، بل أيضاً لأن أحداً من جهاز الأمن الإسرائيلي لن يؤيد إخراج مجاهدين سيعاودون نشاطهم بعد حين، فيما سيفتح ذلك شهية الفصائل على تكرار تجربة الأسر بكل الوسائل الممكنة ما دامت السياسة قد عجزت عن فعل شيء للفئة المشار إليها (دم على الأيدي) حتى عندما وصلت المعاهدات والاتفاقات مستوى متقدماً أيام أوسلو.

ويبقى القول بأن المقارنة بتبادل عام 85 مع القيادة العامة ليست في مكانها تبعاً لاختلاف الظروف الموضوعية التي لا يتسع المقام لشرحها، وإن بدت معروفة. الأسرى بدورهم يترقبون الصفقة، لاسيما أسرى المؤبدات، ومنهم من قضى عقوداً في السجن، بينما يدرك الإسرائيليون أن جولة جديدة من المقاومة قد تندلع بعد وقت لن يطول، ما يعني أن المحررين سيعاودون نشاطهم من جديد، فيما ستبدأ جولة أخرى من الأسر والتحرير. لا رد على ذلك سوى بالإصرار على ما يمنح صفقة التبادل وجهها الرمزي ممثلاً في قدرتها على إخراج مجموعة من المجاهدين الذين تنطبق عليهم معادلة (الدم على الأيدي)، بصرف النظر عن عددهم، لأن في ذلك ما يفتح باب الأمل أمام الآخرين.

نعلم أن ما يجري ليس سهلاً، فالكثيرون وعائلاتهم يريدون الانضمام إلى الصفقة، ما يعقّد المسألة أمام من يديرونها، مع العلم أن التشدد وصولاً إلى خسران الجندي حياً أو ميتاً سيفتح الباب أمام المزايدين ممن سيتهمون حماس بالتفريط به من دون ثمن. والحال أن الإسرائيليين ليسوا وحدهم المعنيين بإفشال اللعبة، بل هناك آخرين لا يريدون لحماس أن تحقق نصر التبادل بعد نصر العملية (الوهم المتبدد)، وقد بادر بعضهم إلى تحريض الإسرائيليين على رفض مطالب حماس والتركيز على الوصول إلى الجندي وتحريره من دون ثمن، هذا إذا لم يساعدوا في البحث عنه بطرقهم الخاصة.

قضية الأسرى جرح نازف في خاصرة الفلسطينيين، لكنها في المقابل ليست أكثر أهمية من القضية التي ناضلوا من أجلها، ونذكّر بحقيقة أن سنوات التهدئة وخطاب التسوية هي الذي تبث الإحباط في صفوفهم، خلافاً للموقف حين تتواصل المعركة وتلتحم في ميدانها جماهير الشعب والأمة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات