الجمعة 31/مايو/2024

دراسة أمنية تقدم قواعد ذهبية لمواجهة العصافير وأساليبهم في الإيقاع بالأسرى

دراسة أمنية تقدم قواعد ذهبية لمواجهة العصافير وأساليبهم في الإيقاع بالأسرى
“العصافير” مصطلح شائع بين الأسرى والمعتقلين في سجون الاحتلال الصهيوني، يطلقونه على العملاء الذين يعملون لصالح جهاز المخابرات الصهيوني، الذين تزرعهم مخابرات الاحتلال داخل السجون بين الأسرى الشرفاء، بغرض انتزاع المعلومات منهم بطرق ملتوية وخبيثة، وإيقاعهم في فخ الاعتراف.

                                              انتزاع المعلومات

وتتناول دراسة حديثة أعدها أسرى فلسطينيون في سجن عسقلان أساليب الترهيب بالتحديد، وذلك في سياق الأساليب العديدة، التي تلجأ إليها “العصافير”، من أجل انتزاع المعلومات من الأسير الفلسطيني، حيث تعتمد الترهيب كطريقة أخيرة، بعد فشل أساليب الترغيب الهادفة للحصول على ثقة الأسير، وتحريك لسانه.

وقد بدأت المخابرات الصهيونية باستخدام العملاء في عمليات التحقيق في حقبة السبعينيات، عقب لجوء العميل (عبد الحميد الرجوب) إليها، كي تقوم بحمايته من قوى المقاومة الفلسطينية، بعد انكشاف أمره، فقامت بدسه بين الأسرى الفلسطينيين، كي يحصل منهم على المعلومات، ثم أخذت من وقتها بتطوير هذا الأسلوب الخسيس.

                                    أغلب اعترافات المقاومين عن طريق العملاء

وكانت دراسة سابقة أصدرتها اللجنة العلمية بسجن “نفحة الصحراوي” قد حذرت من أن 90% من اعترافات المقاومين الفلسطينيين، أثناء التحقيق، تنتزع منهم عن طريق العملاء، الذين اصطلح على تسميتهم بالعصافير، مشددة على ضرورة توعية المقاومين الفلسطينيين بخطورة شراك العملاء وخداعهم.

ولم يعد العملاء الذين يطلق الأسرى على غرفهم اسم (غرف العار) يستخدمون نفس الأساليب التقليدية البسيطة، التي كانوا يتبعونها مع المعتقلين الفلسطينيين لانتزاع الاعترافات منهم، بل قامت طواقم المخابرات الصهيونية بإحداث نقلة نوعية في عملهم، عبر اتباع أساليب غاية في الذكاء والدهاء والخداع، قد تنطلي على أكثر المناضلين خبرة ودراية.

ولفتت الدراسة انتباه المعتقلين الفلسطينيين إلى ضرورة التركيز على جوهر عمل العملاء، وليس فقط على أسلوب أو شكل عمل العملاء، منوهة “بأن بعض الإخوة المعتقلين ينتبهون لشكل عمل العصافير وليس لجوهر عملها، فإن تغير شكل أو أسلوب محدد من أشكال عمل العصافير وقعوا في الفخ بسهولة”. وأضافت: “كم من المثقفين والأطباء والأساتذة والقادة وبعض السجناء القدماء وقعوا فريسة سهلة في حبائل العملاء، رغم تحذيرهم منهم سابقا”.

                                             تحذير للأسرى والمعتقلين

وقالت الدراسة موجهة حديثها للأسير الفلسطيني: “اعلم أن (الشين بيت) لو استطاع أن ينتزع منك اعترافك بالقوة أو الشبح والتعذيب لما بعثك إلى (غرف العار)، لذلك فجوهر عمل العصافير يركز أساسا على الترغيب والإقناع، وليس على الضرب والتعذيب”.

ونبهت الدراسة السجين إلى إمكانية اتهامه بالعمالة من قبل العملاء، إذ لم يقبل بالإذعان لمطالبهم، ويقدم المعلومات لهم كورقة أخيرة للضغط عليه، وذلك حتى يأخذ حذره منهم ومن أساليبهم، مخاطبة إياه بقولها: “إذا أبديت صلابة ورجولة، ولم تنطل عليك حيلهم ومسرحياتهم، فغالبا ما يضطرون إلى اتباع بعض أساليب التخويف معك، كورقة أخيرة في أيديهم. وأهم هذه الأساليب هو اتهامك بأنك عميل، بسبب عدم تعاونك معهم، وعليك أن تثبت أنك شريف، وذلك بتقديم المعلومات المطلوبة منك، وإلا فإنهم يهددون بفضحك أو ضربك أو إخضاعك كعميل”.

ويوجد “العصافير” في السجون الصهيونية إما في غرف الزنازين، ويكون هدفهم إضافة لانتزاع الاعترافات بالحيل والخداع، إضعاف عزيمة الأسير وهزيمته نفسيا، أو في أقسام المعتقلين (الغرف)، ولكل منهم أساليبه التي تختلف عن الآخر.

                                               الأساليب العقابية

وتتحدث الدراسة عن بعض الأساليب العقابية، التي تتخذ بحق الأسرى من قبل “العصافير” فتقول: “قد يلجؤون إلى أسلوب وضع ستارة، ويكون خلفها أحد ضباط المخابرات، ويوهمونك أن هذه الإجراءات لأسباب أمنية، كنوع من إبداء الجدية. كما يلجؤون إلى التلثم لنفس الهدف، وعادة ما يكون الملثم ضابطا، ويكشف اللثام بعد أن تدلي باعترافك”.

وأكدت الدراسة على ضرورة أن لا ينخدع الأسير أو يخاف من تهديداتهم بقولها: “أخي المجاهد لا تنخدع بتهديداتهم واتهاماتهم، ولتكن ثقتك عظيمة بالله المنجي، ثم بنفسك لا يهزها اتهام، ولا تأبه لتهديدهم أو وعيدهم، وتأكد أنهم لن يضروك بإذن الله”.

ومن أساليب التخويف المتعددة التي يلجا إليها “العصافير” في سجون الاحتلال، بعد أن يبدي الأسير صلابة وثباتا، كما تذكر الدراسة: “أسلوب المقاطعة، إذا يتفقون أن لا يتحدث مع الأسير أحد، ويهدفون إلى الضغط عليه نفسيا، إذ إن النفس تضعف لدى شعورها بالوحدة والعزلة”. وأضافت الدارسة محدثة الأسير الفلسطيني ومبينة له كيف ينتصر على محاولات عزله: “كيف تشعر بالوحدة ومعك الواحد عز وجل، فعليك اللجوء إلى الذكر والتأسي بسير الصالحين الصابرين”.

وثاني هذه الأساليب المنع من الخروج للنزهة، والمنع من مشاهدة التلفاز، أو سماع المسجل، وثالثها التهديد بالضرب الجسدي، وهذا الأسلوب لا يلجؤون إليه في كثير من الأحيان، فمن غير المسموح لهم استخدام القوة، خوفا من إيذاء الأسير، كيلا يتعرضوا للمساءلة القانونية. ومن الأساليب كذلك التهديد بعدم السماح للأسير بزيارة الأقسام، علما أنها غير متوفرة لديهم، فما على الأسير إلا أن يصمد ويثبت، ويكن في معية لله، فما هي إلا أيام معدودة حتى يملّون ويعيدونه إلى الزنازين خائبين خاسرين.

                                             قاعدة أمنية ذهبية

وانتقلت الدراسة الأمنية للحديث عن نقطة غاية في الأهمية، وهي كيفية التصرف في حال تم الإيقاع بالأسير من قبل “العصافير”، واستطاعوا سحب الاعترافات منه، إذ تؤكد الدراسة للأسير أن هذا لا يدينه أمام المحقق، وعليه أن لا يعترف به ثانية، وألا ينهار أمام المحقق، لأنه لا يستطيع إثبات ذلك في المحكمة، ما لم يعد الأسير الاعتراف.

وانتهت الدراسة إلى التأكيد على ضرورة أن يتمسك الأسير بالقاعدة الأمنية التي تقول: “ليس لأحد حق في أن يسأل الأسير في ما لم يعترف به عند المحقق، وله أن يشك في كل من يطلب منه أن يعترف فيما لم يعترف به أصلا”، في إشارة إلى أن القوى الفلسطينية المقاومة داخل السجون لا تلجأ أبدا إلى سؤال أي أسير جديد عن التهم، التي توجهها له قوات الاحتلال الصهيوني، وأنه يحق للأسير أن يشك في كل أسير فلسطيني يسأله عن سبب اعتقاله.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات