الإثنين 27/مايو/2024

أمريكا هي الدولة الأخطر عالميا

سامر أبو شرار

عجبا لهذا الزمن الذي نعيشه، دولة تسعى في الأرض فسادا، وخرابا، وتتهم غيرها بذلك الفساد والخراب، دولة أصبحت وكأنها أخطبوط، يريد أن يتمدد ليأكل الجميع، وكأن باقي البشر ليسوا ببشر.

تخرج علينا هذه الأيام هيئة الأمم المتحدة بمناقشة مشروع قرار بتصنيف غزة ضمن الدرجة الخامسة للدول الأخطر عالميا لتلحق بكل من العراق وأفغانستان .

إن العالم كان يعيش في ظل أمن، وأمان، واستقرار في كل من العراق، وأفغانستان، وفلسطين، ولم يشهد التاريخ محاولات تذكر من محاولات الاعتداء على الصحفيين، أو التضييق عليهم، بل كانوا يعيشون بطمأنينة كاملة، ويمارسون أعمالهم بكل حرية، وديمقراطية، لأنهم يعكسون معاناة الشعوب ومشاكلها.

لم تبدأ حالات خطف الصحفيين إلا بعدما أقدمت الولايات المتحدة الأمريكية بالاعتداء على الشعوب، وانتهاك حرماتها، وعدم احترام حقوقا للإنسان فيها، وعلى سبيل المثال:

ففي أفغانستان، والعراق، وفلسطين، لم تسجل في أي من تلك الدول حالات اختطاف وقتل للصحفيين الأجانب، أو الاعتداء عليهم، بل بالعكس فقد كانت الأنظمة الحاكمة في تلك الدول تبدي كامل استعدادها وترحيبها باستقبال الصحافة الأجنبية لنقل معاناة وآلام الشعوب التي كانت وما زالت تعاني من الظلم الأعمى التي تمارسه الدولة الظالمة أمريكا على هذه الدول باحتلالها للأرض واضطهادها للإنسان.

فقد كانت الشعوب تعيش في ظل امن، وسلام، واستقرار، ولكن الاحتلال، وممارساته البشعة بحق الشعوب، أدى إلى إيجاد حالة من الفوضى وعدم الاستقرار وعدم الأمن، وكان هؤلاء الصحفيين والأجانب هم ضحية هذه الفوضى بالإضافة إلى الشعوب.

ففي تقرير أعدته لجنة حماية الصحفيين بتاريخ 14/2/2006، أظهر أن مجموع الصحفيين الذين قتلوا في العراق 60 صحفيا، إضافة إلى 22 من العاملين في وسائل الإعلام، منذ بدء الاجتياح بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية في آذار (مارس) 2003.

وتظهر دراسة أصدرتها لجنة حماية الصحفيين في سبتمبر، أن الجيش الأمريكي لم يجر أي من التحقيقات حول مقتل الصحفيين على يد قواته في العراق.

وما زالت دماء الصحفي طارق أيوب تشهد على العنجهية الأمريكية، حيث قامت قوات الاحتلال الأمريكي بقصف مكتب الجزيرة و أبو ظبي بشكل مباشر، مما أدى إلى استشهاد الصحفي طارق أيوب مراسل قناة الجزيرة، وإصابة عدد من الصحفيين الآخرين، وألحقت جريمتها هذه بقصف فندق فلسطين الذي يضم مراسلي وسائل الإعلام العربية والعالمية، حيث طال القصف كذلك مكاتب أبو ظبي والجزيرة ووكالة رويتر مما أدى إلى إصابة بعض الصحفيين .

وبالإضافة إلى ذلك استمرت عمليات الاعتقال التي تجريها القوات الأمريكية للصحفيين، وليست قضية الصحفي سامي الحاج عنا ببعيد، والمعتقل الآن في سجن غوانتانامو للسنة الرابعة على التوالي دون محاكمة أو اتهام محدد كما يقول محاميه كلايف ستافورد.

وفي  22 نوفمبر/ تشرين الثاني نشرت صحيفة الديلي ميرور البريطانية مذكرة بالغة السرية تضمنت اقتراحا للرئيس الأميركي جورج بوش بقصف مقر قناة الجزيرة في قطر، وذلك في محضر حديث جرى بين بوش ورئيس الوزراء البريطاني توني بلير.

وهذا ما استطاعت وسائل الإعلام كشفه من انتهاكات أمريكية لحرية الصحافة والصحفيين، وما لم تكشفه وسائل الإعلام أعظم.

ولا يختلف المشهد الفلسطيني عن المشهد العراقي كثيرا حيث العنجهية الصهيونية، فواصل الجيش الصهيوني وقوات أمنه ارتكاب إساءات ضد الصحفيين، بما في ذلك القتل، والضرب، والاعتقال، وتخريب أجهزتهم، ووضع القيود على تحركاتهم. ويعاني الصحفيون الفلسطينيون من القسط الأوفر من الاعتداءات.

فقد تسبب إطلاق النار من قبل القوات الصهيونية بمقتل عدة صحفيين، وإصابة العشرات منهم بجراح خلال سنوات الصراع المرير بعد انطلاقة الانتفاضة الفلسطينية الثانية في العام2000. وفي معظم الحالات، امتنع الجيش الصهيوني عن إجراء تحقيقات شاملة، وأحيانا يمتنع عن إجراء أي تحقيق.

ففي 2 أيار (مايو) 2003، قام جندي صهيوني بإطلاق الرصاص على المصور البريطاني جيمس ميلر في بلدة رفح، مما أدى إلى مقتله. كان ميلر يلبس سترة مضادة للرصاص، ولكنه أصيب في رقبته. وقال شهود عيان إنه كان يلبس خوذة مكتوب عليها “تلفزيون”، ويحمل راية بيضاء مضاءة بمصباح يدوي، مما يدلل على الاستهداف المباشر للصحافة والصحفيين.

وفي شهر مارس 2003، قتلت ناشطة السلام الأمريكية “ريشيل كوري 23 عاماً، جراء دهسها من قبل جرافة لقوات الاحتلال، عندما حاولت بجسدها منع الجرافة من هدم وتجريف منزلي المواطنين علي ومدحت الشاعر وأراضي المواطنين في حي السلام.

وبتاريخ 23/10/2000 استشهد الصحفي عزيز يوسف التنح في مدينة الحسين الطبية متأثرا بجراح أصيب بها في منطقة بيت لحم من قبل القوات الصهيونية، والتي استهدفته استهدافا مباشرا.

وإن حالات خطف الصحفيين في غزة، كان وراءها أشخاص محسوبين على الاحتلال، فقد كانوا يمارسون أجندات صهيونية من أجل تفريغ القطاع من محتواه الصحفي، والخدماتي حتى يتمكن الاحتلال من ممارسة المزيد من همجيته، وممارساته الإبادة بحق الشعب، وخاصة في ظل التهديدات المتكررة باجتياح قطاع غزة، والتهديدات بممارسة اغتيالات واسعة في صفوف القادة الفلسطينيين، فالخاطفين يمثلون أجندات صهيونية.

وهنا أؤكد على أن جميع الفصائل الفلسطينية تستنكر تلك الأحداث، بل وبعضا منها شارك في تعقب المتورطين بعمليات الخطف، وربما عرضت حياة أبنائها للخطر من أجل إنقاذ الصحفيين الأجانب، وهي أيضا لم تمانع في توفير حراسات خاصة لهم لحمايتهم.

وهنا أقول بعد كل ما سبق فإن الخطر الحقيقي على الصحافة والصحفيين هي دولة أمريكا، فهي التي يجب أن تصنف ضمن الدول الأخطر عالميا، وليس العراق وأفغانستان وفلسطين، وأن جميع حالات الخطف والقتل للصحفيين كان سببها الاحتلال الأمريكي، وفرضه للحصار على الدول .

فلترحل أمريكا عن تلك الدول، ولننظر ماذا سيحدث، سيعود الوضع إلي ما كان عليه من امن، وسلام، واستقرار، ولكن أمريكا تأبى إلا أن تستمر في مسلسل الإجرام، وحروب الإبادة، وعدم احترام الدول الأخرى .

فأمريكا هي الدولة الأخطر في العالم، والأكثر انتهاكا لحقوق الإنسان، فهي دولة عمياء تريد صحافة عوراء. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات