الجمعة 26/أبريل/2024

وصية ليكودية

وصية ليكودية

صحيفة الخليج الإماراتية

اقترح الكاتب الصهيوني المعروف بتطرفه “يوسف حريف” على رئيس حكومته أولمرت معياراً صحيحاً لقياس منسوب القوة والضعف، محلياً وإقليمياً ودولياً، هذا المقياس هو رفض أية مبادرة للسلام تصدر عن أي طرف عربي، لأن قبوله يعني أن العرب يستثمرون الأزمة التي يعيشها وحالة التخبط التي يعاني منها حزب كاديما الذي أصبح يبحث عن اسم آخر غير التقدم إلى الأمام وهو اسمه بالعبرية؟

الكتّاب اليمينيون في الدولة العبرية يضاعفون من أزمة أولمرت من خلال توريطه براديكالية لا يقوى على احتمالها حتى النهاية، وحقيقة الأمر أن كتّاباً من طراز “يوسف حريف” لا يهمهم سوى الاستمرار في العزف على الوتر الليكودي القديم.

فهم لا يعلمون أن ما يقولونه هو ضد مستقبل اليهود في العالم كله وليس في فلسطين فقط، لأنهم لا يرون أبعد من فوهة المدفع، كي لا نقول إنهم لا يرون أبعد من أنوفهم، لأنهم لا يرونها على الإطلاق، ما دامت العيون منكفئة على خرافةٍ يتوهم معتنقوها أنها تعيش رغماً عن التاريخ، بل هي بديلة إذا توافرت لها القوة.

وقد لا تزيد كل مبادرات السلام المقترحة حتى الآن دولياً وإقليمياً على حد أدنى، يقبله الفلسطينيون المحاصرون على مضض، وبالرغم من ذلك، يتمنع الطرف الآخر، الذي كان لعدة عقود يثرثر عن السلام، وهو يقصد شيئاً آخر، ما دامت المفردات قد أصبحت تعني نقائضها.

وما كتبه “يوسف حريف” ليس تعبيراً عن رأي فردي يمكن التعامل معه على أنه استثناء، فهو يعبر عن موروث عقائدي، وعن مزاج سياسي سائد في الدولة العبرية، تغذيه ميديا مكرسة للتضليل، وأوهام احتكار الحقائق.

وبالرغم من اعترافنا بأن هناك تفاوتاً في المواقف لدى شرائح وفئات وأفراد في الكيان الصهيوني، إلا أن هذا التفاوت يبقى في النطاق الكمي لا النوعي، لأن أي اختبار لما هو تحت السطح وتحت اللسان يكشف عن تربويات مشحونة بالخوف، رغم مزاعم القوة، لهذا تتطلب قراءة الدفاع الصهيوني منهجاً آخر غير تقليدي، بحيث يبدو فائض القوة مجرد استعراض ظاهري لإخفاء فائض الخوف والحذر، وهذا ما كشفت عنه مبكراً يانيل دايان، الكاتبة وابنة الجنرال موشي دايان في روايتها الشهيرة طوبى للخائفين.

والبعد السيكولوجي للصراع العربي ـ الصهيوني يتجلى الآن بقوة، وما يبدو لأول وهلة عض أصابع، هو في حقيقته اختبار مُتبادل لفحص الإرادة، وإمكانية الاحتمال.

وكان أحد الكتاب اليمينيين اليهود قد كتب بعيد أوسلو، أن الفلسطيني يفاوض من خارج البيت وتحت البرد والمطر، بينما يجلس الطرف الآخر في صدر البيت ويدفئ يديه على مدفأة الحائط، لهذا فهو ليس في عجلة من أمره.

لم يتنبه كثير من العرب في تلك الأيام لهذا التصور لهذا صدقوا خرافة الفرصة الذهبية أو الأخيرة، والقبول بالقليل لأنه خير من اللاشيء أو العدم. ومن رفعوا شعار “اعرف عدوك قبل أربعين عاماً” يبرهنون الآن أنهم يجهلونه، وقد يجهلون أنفسهم وشعوبهم أيضاً.

والعرب الذين رضوا بالبَيْن كما يقال، لم يرضَ البين بهم، وثمة ما يهدد معادلة الصراع بانقلاب لا يخلط الأوراق فقط.. بل يخلط الدماء أيضاً.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الجمعة- عددًا من المواطنين خلال حملة دهم نفذتها في أرجاء متفرقة من...