عاجل

الأحد 16/يونيو/2024

حماية للأقصى من غارات المتطرفين الإسرائيليين

حماية للأقصى من غارات المتطرفين الإسرائيليين

صحيفة الخليج الإماراتية

يثير إعلان جماعات “إسرائيلية” يهودية متطرفة نيتها دخول المسجد الأقصى لإقامة الشعائر الدينية فيه المزيد من المخاوف والقلق بين الفلسطينيين وفي أوساط عربية كثيرة إسلامية ومسيحية تقاوم مشاريع “أسرلة” القدس ونزع الطابع العربي عنها. وتشتد هذه المخاوف بسبب تزامن هذه النية المعلنة مع الحفريات التي تقوم بها السلطات “الإسرائيلية” قرب حائط البراق.

لقد ربطت السلطات الدينية الفلسطينية، وربما بحق، بين هذه الخطوات وبين الإجراءات الهادفة إلى تنفيذ مشروع استبدال الأقصى بالهيكل اليهودي، ولتنفيذ المشروع “الإسرائيلي” بحرفيته الهادف إلى القضاء المبرم على الطابع العربي- الإسلامي- الشرقي للقدس. وإذا أخذنا بعين الاعتبار أن القدس لم تعد فقط المدينة القديمة، وإنما أصبحت القدس الكبرى التي تنفرش على مساحات واسعة من أراضي الضفة الغربية، أدركنا أن هذا المشروع يندرج في إطار سياسة “إسرائيلية” ترمي إلى القضاء على فلسطينية الضفة الغربية وعلى عروبتها بأسرها، ومن ثم إلى دفن مشروع الدولة الفلسطينية تحت أنقاض المسجد الأقصى.

إزاء هذه الخطوات “الإسرائيلية” يحتاج الفلسطينيون إلى رسم سياسة دقيقة تقلب السحر على الساحر “الإسرائيلي”، وتسهم في تشديد الضغوط على “الإسرائيليين” للانسحاب من الأراضي الفلسطينية. ومن البديهي والواضح، كما أكدت المراجع الدينية الفلسطينية، أن الرد هو في المقاومة.

السؤال هنا هو: كيف؟

إذا كان المقصود بالمقاومة هنا هو مقاومة الاحتلال، بصورة عامة، من أجل الخلاص الناجز والمبرم من هذه الأعمال “الإسرائيلية”، فإن المقاومة مستمرة ولم تتوقف. إلا أنه من الخطأ الاعتقاد بأن المقاومة سوف تحقق الهدف التحريري خلال فترة قصيرة. وإذا كان المقصود هو تصعيد المقاومة وتطويرها حتى تتمكن من تخليص الفلسطينيين من براثن “الإسرائيليين” والأقصى من مشاريع اليهود المتطرفين، فإنه من غير المؤكد أن المقاومة، في وضعها الراهن، قادرة على ممارسة المزيد من التصعيد ضد الاحتلال.

إذا كان المقصود بالمقاومة هو المقاومة الموضعية التي دعت إليها المراجع الدينية الفلسطينية والتي تتلخص بالتجمع داخل المسجد الأقصى، كما حدث عند بدء الحفريات، وكما هو مفروض أن يحصل يوم تنفذ الجماعات اليهودية المتطرفة عملية غزو المسجد، فإن هذا يطرح بدوره سؤالاً آخر: المقاومة كيف؟

المقاومة سلماً، لن تجدي كثيراً، كما ثبت في الماضي. المقاومة التي حافظت على طابعها السلمي ضد البدء بالحفريات، لم تؤثر كثيراً في موقف الحكومة “الإسرائيلية”. فإزاء الضغوط السياسية الداخلية والخارجية، أدخل “الإسرائيليون” بعض التعديل على الحفريات ولكنها كانت تعديلات تجميلية وليست حقيقية. لعل المقاومة بالعنف ضد مقتحمي الأقصى أكثر جدوى، ولكن هذا غير مؤكد خاصة إذا ما أعطينا الصراع المتعدد الأبعاد (سياسي وعسكري- فلسطيني/عربي ودولي) الأهمية التي يستحقها.

في هذا السياق الأخير علينا أن نذكر أن “الإسرائيليين” المتطرفين الذين ينوون الإغارة على الأقصى يتذرعون بأكثر من حجة، منها حجة الحريات الدينية والثقافية. بالمقابل فإنهم يدعون بأن منعهم من دخول الأقصى هو من بقايا سياسة التمييز ضد اليهود. فإذا قاوم الفلسطينيون اقتحام المتطرفين للأقصى بالقوة حماية للمسجد وللحقوق الدينية للفلسطينيين المسلمين والمسيحيين معاً، استغلوا هذا الأمر على أوسع نطاق ممكن من أجل ترسيخ صورة نمطية شائعة في مجتمعات كثيرة في الغرب وغير الغرب حول الفلسطيني /العربي/ المسلم المتعصب والمتعطش للعنف والدماء.

إذ يسعى “الإسرائيليون” المتعصبون إلى استغلال مضاعفات انتهاكات حقوق الفلسطينيين الدينية على هذا النحو، فإنهم لا يقفون وحدهم، بل هم يستندون إلى أوساط دولية مشبعة بالعداء للعرب (آرابوفوبيا) وللمسلمين (إسلاموفوبيا). هذه الأوساط سوف تستغل أي مقاومة عنفية للغزو “الإسرائيلي” للأقصى من أجل مزيد من الترويج لمشاعر العداء للعرب والمسلمين ومن أجل إحكام الحصار على الشعب الفلسطيني. إذاً ما العمل؟ هل يكون بالسكوت عن العبث بالحقوق والحريات الدينية والوطنية للفلسطينيين؟ قطعاً لا. هناك أمران يمكن إتيانهما من أجل مقاومة مثل هذه الأعمال:

الأول، هو رد السلاح “الإسرائيلي” حول الحريات الدينية إلى نحره. وفي هذا السياق يمكن للفلسطينيين أن يقوموا بالكثير. على سبيل المثال لا الحصر، باستطاعة فلسطينيين وفلسطينيات الإعلان أنهم يعتزمون التوجه إلى حائط البراق من أجل إقامة الشعائر الدينية أمامه. ومن أجل توفير أسباب النجاح لهذه الخطوة فإنه من المستطاع تنفيذها بالشروط التالية:

– أن يكون الذين يطلقون مثل هذا الإعلان من المستقلين الذين لا ينتمون إلى أي فصيل فلسطيني وذلك تأكيداً على طابعها السلمي وغير السياسي.

– أن يعلنوا أنهم سوف يكرسون صلواتهم ودعاءهم من أجل السلام في المنطقة.

– أن يؤكدوا طابع المبادرة السلمي عن طريق دعوة منظمات ومراقبين دوليين لمواكبة تنفيذها والتحضير لها. ولقطع الطريق أمام أي ادعاءات “إسرائيلية” مسبقة حول إمكانية اندساس عناصر انتحارية أو مسلحة بين المصلين والمصليات، فإنه يمكن مطالبة السلطات “الإسرائيلية” نفسها باتخاذ إجراءات حماية الطابع السلمي للمبادرة.

السلطات “الإسرائيلية”، وخاصة حكومة أولمرت التي تضم غلاة المتطرفين “الإسرائيليين”، والتي تعاني في نفس الوقت من الضعف الشديد والتفكك، لن تتمكن من السماح بمثل هذه المبادرة. في هذه الحالة فإنه باستطاعة الفلسطينيين تحويل هذا الحدث إلى دليل ملموس لتأكيد بطلان الادعاءات “الإسرائيلية” حول مسألة الحريات الدينية والثقافية، وتأكيد الطابع العنصري والاقصائي للكيان العبري. كما أن منع الفلسطينيين من الصلاة أمام البراق، سوف يمنح الفلسطينيين العذر في منع “الإسرائيليين” من دخول الأقصى ومن الصلاة فيه.

الثاني، هو تصعيد المقاومة ضد الاحتلال عن طريق تصحيح أوضاعها الراهنة. هذا يتطلب، كإجراء ملح لا يقبل التأجيل، تمتين التفاهم بين فصائل المقاومة. كذلك فإن تصعيد المقاومة يتطلب تطوير قدراتها على كل صعيد سياسي ومالي وعسكري. في هذا السياق تستطيع السلطات الفلسطينية المعنية بصورة خاصة بقضية الأقصى أن تضع مسؤولية حمايته على عاتق القيادات السياسية الفلسطينية بالدرجة الأولى. لقد دأبت بعض القيادات الفلسطينية لدى حصول أي قصور أو تقصير في هذا الصدد، في التنصل من مسؤوليته عن طريق إلقائها على عاتق القيادات العربية. حري بالمعنيين بمصير الأقصى أن يحملوا القيادات الفلسطينية بالدرجة الأولى هذه المسؤولية، وأن يلفتوا نظر هذه القيادات إلى أن المشاريع التي تهدد المسجد تزامنت مع انهماك فصائل فلسطينية في الاقتتال الداخلي وأنه لا بد من وجود صلة حميمة بين الظاهرتين.

* كاتب لبناني

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر إن القتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في...