عاجل

الأحد 16/يونيو/2024

الثابت في المشهد الفلسطيني

الثابت في المشهد الفلسطيني

صحيفة البيان الإماراتية

مرت 59 عاماً على نكبة فلسطين، شهدت خلالها القضية الفلسطينية منعطفات كبيرة، لكن بقي مشهد واحد ثابت لم يتغير وهو مشهد اللاجئين الفلسطينيين في المخيمات ينتظرون عودتهم إلى قراهم ومساكنهم التي هدم بعضها بالكامل ومحي أثرها من الوجود. وبحسب الإحصاءات المتوافرة يشكل لاجئو عام 1948 الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني أكثر من 4 ملايين لاجئ ترعاهم الانروا، ويعيش قسم كبير منهم في مخيمات في لبنان والأردن وسورية وداخل الأراضي المحتلة، علما أن بعض هذه المخيمات لاسيما في لبنان يفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الصحية.

كان قرار التقسيم المجحف عام 1947 الذي تبنته الجمعية العامة للأمم المتحدة بداية المعاناة بالنسبة لهؤلاء اللاجئين، حيث شكل إشارة للعصابات الصهيونية المسلحة للبدء بعمليات تهجير واسعة للسكان استولت خلالها في سنتين على 78% من أراضي فلسطين الواقعة تحت الانتداب البريطاني، أرض كان يمتلك اليهود من مساحتها عام 1947 نسبة 6% فقط، وكان قرار التقسيم أعطاهم 55%. وقد تمكنت الحركة الصهيونية بدعم الدول الاستعمارية من اقتطاع جزء كبير من أرض فلسطين وضمه إلى دولة “إسرائيل”.

وعلى مدى عشرين عاماً ومنذ تبني القرار الشهير 194 في ديسمبر 1948 والذي لم يشجب حتى تخطي “إسرائيل” للمساحة التي أعطاها إياها قرار التقسيم، جرى التعاطي مع قضية الشعب الفلسطيني بأجمعه تحت عنوان «اللاجئين الفلسطينيين»، وعلى هذا الأساس حصراً، حيث نص القرار فقط على: «وجوب السماح بالعودة في أقرب وقت ممكن للاجئين الراغبين في العودة إلى ديارهم والعيش بسلام مع جيرانهم ووجوب دفع تعويضات عن ممتلكات الذين يقررون عدم العودة إلى ديارهم وعن كل مفقود أو مصاب بضرر..».

والحال فإن سنوات طويلة تفصلنا عن تلك القرارات الدولية التي شكلت تحولاً مهماً في الجمعية العامة للأمم المتحدة تجاه الاعتراف بحقوق الشعب الفلسطيني، والتي دفعت بها تغيرات في السياسة الدولية وموازين القوى وتنامي حركة التحرر الوطنية واعتماد الكفاح المسلح، وكان أهمها القرارات التي تشير إلى الاعتراف التام لحقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف كعنصر لا غنى عنه في إقامة سلام عادل ودائم في الشرق الأوسط، وإعلان الصهيونية شكلاً من أشكال العنصرية، والاعتراف بحق تقرير المصير وإدانة الحكومات التي تنكر هذا الحق وشرعية كفاح الشعوب من أجل الاستقلال بجميع الوسائل المتاحة بما في ذلك الكفاح المسلح.

سنوات طويلة تفصلنا عن كل هذه القرارات التي جرى التخلي عن الكثير منها في مقابل الاعتراف المتبادل بناء على قرار 242 الذي لا يشير إلى حق الفلسطينيين في العودة بل فقط إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين ويصادق على مبدأ الحدود الآمنة الذي تفسره “إسرائيل” كما تريد في حين تمضي يومياً بممارساتها الوحشية ضد الشعب الفلسطيني، هذا إلى جانب الكثير من التنازلات الأخرى في إطار ما يسمى «اتفاقيات السلام» بين “إسرائيل” والفلسطينيين برعاية أميركا.

إن هذه الاتفاقيات التي تبيع كلاماً من مثل الـ «الحقوق المشروعة» لا تعترف صراحة بأي حق للاجئي عام 1948 ولا حتى في حق الإقامة في مناطق الحكم الذاتي في الضفة والقطاع، أما لاجئو عام 1967 فلن يسمح لهم بالعودة إلا بناء على رغبات سلطات الاحتلال.

ومع أنه بموجب القانون الدولي لا يفقد اللاجئون حقوقهم الفردية بسبب ممارسات زعمائهم أو نتائج الحروب أو بمرور الوقت، إلا أن ما بين المبادئ والحقيقة مسافة واسعة للغاية. وما فتئت المؤسسة الصهيونية بكل اتجاهاتها تعيد التذكير بأن مفهوم العودة غير قابل للجدال بالنسبة ل”إسرائيل”، ونرى أن مجرد الحديث عن مصيرهم يثير ردود فعل متشنجة لدى القيادة الإسرائيلية، فهذه العودة سوف تسبب تغيراً ديمغرافياً يناقض جوهر «الدولة اليهودية» التي يريدها الإسرائيليون لكيانهم.

ربما أكثر من أي وقت مضى يشعر الفلسطينيون بعد توالي المصائب التي لحقت بهم إثر هذه التنازلات وفي ظل الحصار المفروض عليهم لكسر إرادتهم وخيارهم الديمقراطي بمشاعر نقمة بالغة القوة والمرارة ضد الولايات المتحدة و”إسرائيل”، ويبدو الحديث عن السلام وكأنه في غير مكانه وزمانه.

لقد توقف الجيل الأول من اللاجئين عن الاستماع إلى راديو لندن ومونتي كارلو ومازال ينتظر العودة، وحين يتحدث هذا الجيل بحسرة عن ضياع فلسطين بعد مضي حوالي 60 عاماً من المعاناة ومن ضياع الحق بين أروقة السياسة الدولية، فهل سيسمع جواباً؟ ومن يقدم له الاعتذار؟

إن اعتراف المجتمع الدولي وقبول “إسرائيل” بمسؤوليتها عن الظلم التاريخي الذي لحق بالفلسطينيين والذي أدى إلى إقامة وطن لليهود على حسابهم، هو المنطلق لأي سلام حقيقي يؤكد حقهم في العودة وتقرير المصير وبعده يمكن الخوض في التفاصيل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

يونيسيف: غزة تشهد حربا على الأطفال

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) جيمس إلدر إن القتل والدمار الذي يمارسه الجيش الإسرائيلي في...