عاجل

الأحد 02/يونيو/2024

حكومة نصفها تحت الحصار

حكومة نصفها تحت الحصار

صحيفة الدستور الأردنية

منذ البداية قلنا إن الحكومة الفلسطينية هي حكومة الرئيس وليست حكومة حماس، أما وصف الوحدة الوطنية فلا يعبر عن واقع الحال على نحو مقنع، لأن وزراء المالية والخارجية والإعلام هم أصوات الرئيس ولا صلة لهم البتة بحماس وخطابها وبرنامجها، الأمر الذي ينطبق على وزير الداخلية الذي لن يفتي في المسائل بعيداً عن رأي سيد الملف الأمني محمد دحلان، وقبله وبعده قادة الأجهزة من حركة فتح.

وزارات حماس الأخرى ليست بتلك الأهمية في سلطة منزوعة الدسم، وفي ظل سيطرة عناصر فتح على الوزارات، أما تجربة العام المنصرم فلم تغير شيئاً، وما زرعه وزراء حماس جاء وزراء فتح ليقتلعوه من جذوره، كما وقع مع وزير الصحة (الدكتور باسم نعيم) الذي كان من أنجح الوزراء وجاء خلفه الفتحاوي ليلغي جميع قراراته، والأسوأ ليكيل له الاتهامات بالفساد، هو الذي يشهد له الناس بالنزاهة على نحو لافت.

لم نورد قصة باسم نعيم الذي ما زال للمفارقة وزيراً للشباب والرياضة يجلس بجانب صاحبه وزير الصحة، إلا لكي نقول إن لعب التشويه لحماس وتراثها لن تتوقف وإن اختلفت الوتيرة، لأن من قبلوا بحكومة الوحدة لم يفعلوا ذلك إلا اضطراراً، وهم لن يحيدوا عن برنامج إعادة كل شيء إلى نصابه القديم، ليس فقط عبر التعريض بمسلسل التنازلات، بل أيضاً عبر الاتهام بالفساد وسوء الإدارة.

على أن الأسوأ من ذلك والذي يعنينا ها هنا هو الحصار الذي يتعرض له رئيس الحكومة إسماعيل هنية، وزملاؤه من الحركة في الحكومة، فيما تنفتح الأبواب لوزير المالية والخارجية والإعلام، إلى جانب بعض الوزراء الآخرين من حركة فتح والفصائل الأخرى غير المتهمة بممارسة الإرهاب وعدم الاعتراف بشروط الرباعية.

وحين نضيف إلى ذلك كله صلاحيات الرئيس الكبيرة على مختلف الأصعدة، فسنصل إلى نتيجة مفادها أننا إزاء حكومة لا صلة لها بحركة حماس، اللهم إلا في الجانب الشكلي الذي لا يغير في حقيقة المضمون شيئاً. كل ذلك ليس نهاية المطاف كما يعلن أركانه الذين لا يتوقفون عن الحديث عن تلبية شروط الرباعية من أجل التحدث إلى رئيس الحكومة ووزراء حماس، وهنا لن نعدم من بين رموز الحكومة وبعض المحسوبين على الحركة من يدعون إلى تجرع الكأس حتى آخره عبر تلبية شروط الرباعية من أجل الاستمتاع بحضن الشرعية الدولية، وقبلها العربية، لا سيما أن هذه الأخيرة لن تشذ كثيراً من حيث استخفافها برموز حماس في الحكومة باستثناءات محدودة.

في هذه الأثناء يحتدم الجدل داخل حماس حول جدوى هذه اللعبة، ويبرز هنا وهناك من يطالبون بالتوقف وأخذ الدروس وعدم الذهاب بعيداً خلف أصوات لم تعد تعترف بشيء اسمه خطوط حمراء، كما لا تلقي بالاً لتجربة الآخرين التي لم تفض إلى شيء عملي في ظل حقيقة أن الإسرائيليين لا يمتلكون ما يقدمونه للفلسطينيين مما يحفظ ماء الوجه، ولو كان لديهم شيء كهذا لقدموه من الأصل إلى محمود عباس من دون الحاجة إلى دخول متاهة الانتخابات.

أياً يكن الأمر، فإن الحل الوحيد في مواجهة هذه اللعبة الموغلة في الابتزاز والاستدراج إنما يتمثل في وضع نقطة كبيرة في نهاية هذا السطر البائس، والتوقف عن منح من يديرونها النجاح تلو النجاح، فما يجري، لا يبشر بأي خير، وإذا كان الحصار هو المعضلة فها هو في طور الحل، أما إذا لم تجد التنازلات التي قدمت في حله، فلتذهب الحكومة إلى الجحيم ولتبق الثوابت، ثوابت القضية المقدسة التي لم تكن يوماً قضية رواتب وأكل وشرب، ولكن لتذهب بعد فضح جميع المتواطئين على الشعب والقضية من عرب وعجم.

لم يبق في جعبة حماس غير الاعتراف بشرعية الاحتلال ونبذ العنف، أي المقاومة، ومن يستدرجون حماس إلى فعل ذلك لا يمتون إلى القضية ومصالح الشعب بصلة، أياً تكن هويتهم وانتماءاتهم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات