عاجل

السبت 18/مايو/2024

في ذكرى استشهاد الإمام.. من قتل من ؟؟!

وليد خالد
إن قتل الأحرار في هذه الدنيا ليس بالأمر الصعب … ولكن هل يملك القتلة أن يقتلوا الحرية؟؟ لقد أذن القدر منذ بداية خلق البشر أن يعتدي الرعاع على أئمة الهدى … !! وفيما ترى كلاب المترفين تنعم في هذه الدنيا معهم، تجد خيول المجاهدين يصيبها من الشهادة مسها القاني، فتقتل معهم ! وكأن هذه الدار أصغر في ميزان الله من أن تكون ميدان العقاب لمن عادى أو الثواب لمن أحب … فقتل الأنبياء والمصلحون وقادة الفكر على مدار التاريخ على أيدي أتفه الناس وأسقط الخلق …!! لا بأس ، فإن مصارع الأبطال هكذا ؛ أن يلقوا حتفهم وقوفا كالأشجار ، وألا يغادروا ساحة الحياة إلا على بساطها القاني ، ونصلها الدامي … وأن يطلبوا الموت حيث يفر منه الناس !!
 
الإمام الشهيد أحمد ياسين…. ورئيس وزراء العدو ارئيل شارون

 

 ترى من قتل من ؟! من القاتل ومن المقتول ؟! نسأل عن الرجلين وعن المشروعين … لنرى الجواب …!
في يونيو حزيران عام 1936 م ، وفي قرية جورة من أعمال عسقلان ولد الشيخ في أمة مهزومة وئدت خلافتها قبل سنوات ، وتداعى الأكلة إلى قصعتها ، وعلى أرض شعب ترصده كل عيون الطامعين ، وتفتك بمستقبله أنياب الظالمين . وبعبارة أخرى : ولد الشيخ في زمن هزيمة الأمة حيث تولي رياح الحرية والكرامة ظهرها لشعبها المستضعف المكلوم .
ولم يكد يتخطى اليفاع إلى فتاء السن حتى اضطر للهجرة مع أهله إلى غزة هاشم ، حيث اللجوء والفقر والحرمان … وما هي إلا سنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة حتى أصابه الشلل وهو ابن السادسة عشرة من العمر … فاجتمع على الشيخ في آن واحد: مر الهزيمة، وذل الترحيل واللجوء، وقساوة المرض المقعد … وكان أحد هذه الثلاثة كفيلاً أن يقضي على مستقبل أي إنسان فكيف إذا اجتمعن معا ….؟؟
 
وفي السابع والعشرين من شهر فبراير عام 1928 م كان شارون قد ولد لأب بولندي وأم روسية على أراضي قرية ميلان الفلسطينية التي أصبحت فيما بعد كفار ملال في وسط فلسطين المحتلة عام 48 …. ولد الرجل والمشروع الصهيوني في إقبال فتوته يمده الغرب القوي بكل أسباب المنعة والقوة .
 
فكيف رسم الرجلان مشروع مستقبلهما ، ومستقبل مشروعهما ؟!
 
أما الأول فقد حفر الصخر ، وعاكس تيار الهزيمة الذي فرض على الأمة ، فأنهض بإرادته التي منحها الله عز وجل له الشعب والأمة، فإذا الفتى القعيد بين أقرانه أمثلهم طريقة وأقواهم شكيمة ، يزداد قدرا كلما ازداد عمرا، فكأنما يصنع تاريخ الأيام بأنامله … وأنشأ الشيخ جيلا للتحرير متطاولا على الهدم بناؤه، متعمقا على الاجتثاث أساسه ، عصيا على التطويع والذوبان …فأسسه على الإيمان ، ليصمد البنيان … وأسس الشيخ المجمع الإسلامي في غزة عام 1973 م ، ثم اعتقل عام 83 على قضية المقاومة والإعداد ليفرج عنه في صفقة التبادل عام 85 … ثم ليقود حماس في الانتفاضة الأولى عام 87 …. فإلى السجن المؤبد مرة أخرى عام 89 ، ثم الإفراج –رغما عن أنف آسريه- عام 98 .
وأما الآخر فقد فتحت له الدنيا ذراعيها ، فعمل مع عصابات الهاجاناة عام 1942 وهو ابن الرابعة عشرة من العمر … ثم انقطع عن الجيش فترة دراسته في الجامعة ليعود إليه عام 1953 على رأس فرقة ما يسمى “101” ذات المهام الخاصة …. ليكمل من خلالها سجله الإجرامي الحافل وليخط في سفره البطولات التي لا تكتب إلا في صفحات سفلة الناس بمداد الخسة والنذالة : مجزرة اللد عام 1984 : “426” مدنيا أعزلا يعتقلهم داخل المسجد ويقدم لهم البول بدل الماء قبل أن ينسف بهم المسجد . ومذبحة قبية عام 1953 “70” مدنيا أعزلا .
ثم صبرا وشاتيلا ….ثم …ثم …ثم… وابتدأت حياة الرجل داخل الكنيست عام 73 ، وتنقل بين عدة وزارات في عدة حكومات … حتى انتخبه شعبه رئيسا للوزراء في انتفاضة الأقصى رجاء أن يحميهم من ويلاتها !!
 
تاريخ حافل بالقتل والهدم والإجرام في سعة من العيش ودعم من العالم الأعور !! في مقابل تاريخ من البذل والبناء وعشق الحرية في ظل تنكر القريب والبعيد وخذلان الصديق والجار !!
ثم ماذا كان … ؟!
 
في 22 مارس “آذار” من عام 2004 ، وبعد صلاة الفجر في المسجد ، يخرج الشيخ مطاردا صواريخ شارون ليلقى الشهادة التي طالما طلب …. وتكون الدار دارا لا كالدار ، وليكون الجوار أعز من كل جوار، واختار الحياة في ثوب الموت الدامي وأبى الموت في ثوب الحياة القانع . وبعد أن اكتمل البناء، واستوى على السوق الزرع ، مطمئنا على المشروع الذي خضبه بالدم ، وأرفده بآلاف الاستشهاديين … رحل الإمام الشيخ كما يرحل الكبار الأحرار .
 
وكما لا تستمسك الأدران بالأجسام المجلوة المصقولة خرج الشيخ من الدنيا لم يعلق به شيء من طارف الحياة ، ولكم طلبته الملاذ فردها وهو عيوف النفس … ابتلي بالشديدة والكريهة فخرج منها كما يخرج الذهب من الكير … ثم ابتلي بأعظم بلاء ينزل بالنفس البشرية وهو إعجاب الناس ، فما أورثه ذلك عجبا ولا دلاه بغرور … بل ظل المحتسب المتواضع لعزة الله وجلاله ، وجعلها باقية في عقبه على أبهى صفحات المجد والحرية ” أملي أن يرضى الله عني”….
 
أما شارون فقد أصيب في ديسمبر من عام 2005 بجلطة دماغية خفيفة خرج منها من المستشفى بعد عدة أيام . لتعاوده الجلطة مرة أخرى بسبب نزيف دماغي حاد في 4 يناير من عام 2006 … ولكن دون أن يخرج من المستشفى حتى اللحظة ، ثم ليعلن عن عدم صلاحيته للعمل ، ثم لينقل إلى مستشفى الأمراض العقلية ، وبإمكان القارئ أن ينظر إلى صورة شارون وهو يرقد في المستشفى ليرى النهاية .
 
ولكن شارون لم يخرج من الحلبة إلا بعد أن سقط من عيون ناخبيه من المستوطنين والمتطرفين على إثر انسحابه من غزة . إضافة إلى شقه حزب الليكود الذي أوصله لرئاسة الوزاء ، فضلا عن قائمة من الاتهامات بالفساد المالي والإداري طالته وعائلته !!
 
وشتان بين الوداعين .. و شتان ما بين الرحيلين!!!!
 
وبعد كل هذا السرد ، وهذه المقارنات ، عبر تلك المحطات ….
 
نتساءل اليوم عن مشروع الرجلين … أي المشروعين يتقدم وأيهما يتراجع …؟!
المشروع الصهيوني التوسعي الحالم: بعد الانتفاضة الأولى ينسحب شكليا من الضفة والقطاع ويضطر لإعطاء تحرر شكل جزئي في أوسلو عام 94 … وفي عام 2000 ينسحب مهزوما من جنوب لبنان … ثم تضطره انتفاضة الأقصى إلى الانسحاب مهزوما من قطاع غزة عام 2005، وبناء جدار على حدوده المزعومة التي كان يصر على جعلها بلا تحديد … هذا المشروع الذي وصل يوما ما سيناء وبيروت …. ها هو يتفكك ويتراجع …. وها هو بعد أكثر من “50” عاما من تأسيسه لا يزال يبحث عمن يعطيه الشرعية !! انظر إلى حزب شارون اليوم ثم انظر إلى قادة ذلك الكيان … لتقرأ مستقبل هذا الكيان !!
 
أما مشروع حماس الذي قاوم شراعه العواصف والقواصف … والرياح والطوفان … فبعد أن قاد الشعب في المقاومة ها هو يقوده في السياسة ، ناهضا متقدما يعرف ماذا يريد ويعرف كيف يصل إلى ما يريد … يسير بخطى ثابتة واثقة نحو الهدف المنشود .
 
هذان هما الرجلان …. وهذان هما المشروعان … فلمن الغلبة ولمن العاقبة ، ولمن عقبى الدار … في الدنيا والآخرة ؟!
 
وبعد كل هذا نعيد السؤال : من قتل من يا شارون؟؟ :
” إنا قد وجدنا ما وعدنا ربنا حقا فهل وجدتم ما وعد ربكم حقا ” …
وأين مشروع شارون اليوم ؟! وأين مشروع الإمام الشهيد أحمد ياسين اليوم ؟؟
 
ويا كل الناس : من المنتصر ومن المهزوم اليوم ؟! ولمن المستقبل؟؟!
 
الذي قال :” نتساريم مثل تل أبيب”  وقال عام 98 في إذاعة كيانه : ” جميعنا يجب أن يتحرك ، يجب أن نستولي على مزيد من التلال ، يجب أن نوسع بقعة الأرض التي نعيش عليها ، فكل ما بين أيدينا لنا ، وما ليس بأيدينا يصبح لهم ” ؟!
 
أم من قال :”هذا عهدنا مع الله ومع أمتنا، ومع شعبنا، فإما النصر وإما الشهادة”
وودع الحياة وهو يقول : ” أملي أن يرضى الله عني ” ؟!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

أوتشا: لم يبق شيء لتوزيعه في غزة

أوتشا: لم يبق شيء لتوزيعه في غزة

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام  قال مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، السبت، إنه لم يبق شيء من المساعدات تقريبا لتوزيعه في قطاع...