الجمعة 10/مايو/2024

شرح أو ترويج المبادرة بدل تعديلها

شرح أو ترويج المبادرة بدل تعديلها

صحيفة الدستور الأردنية

تطرح وزيرة الخارجية الأمريكية فكرة المحادثات المتوازية مع الأطراف العربية، وذلك من أجل دفع الوضع العربي نحو مزيد من التطبيع والتنازلات بعد اليأس من فكرة تعديل المبادرة العربية خلال قمة الرياض، وإن بقي هناك من يأملون في شيء كهذا حتى الآن.

في سياق الالتفاف على فكرة تعديل المبادرة المرفوضة، تطرح مصطلحات غامضة، مثل شرح، أو ترويج، والنتيجة هي فتح حوارات مع الإسرائيليين تحقق الهدف الأمريكي من اللعبة برمتها ممثلاً في بث الوهم بوجود عملية سلام في المنطقة، الأمر الذي يبدو ضرورياً من أجل التفرغ للنزيف العراقي، ومعه الاستعداد للعدوان على إيران إذا أصرت على مواصلة التخصيب.

منذ البداية قلنا إن هدف التحركات الأمريكية المدعومة إسرائيلياً هو بث الوهم بوجود عملية سلام، الأمر الذي وافق عليه الإسرائيليون بسبب جملة من الاعتبارات الخاصة بهم. أولاً لأنهم معنيون بمنح فرصة للأمريكان كي ينجحوا في العراق، وذلك إدراكاً منهم لكارثية الفشل على دولتهم ومصالحها، وربما مستقبل وجودها في المنطقة. وثانياً لأنهم معنيون بإنجاح عملية عزل إيران تمهيداً لضربها، الأمر الذي لن يتم من دون جهد عربي مميز، وهو جهد لا بد له من تهدئة الملف الفلسطيني كي يصدق الناس أن المشروع الإيراني هو العدو الأكبر الذي ينبغي التصدي له بحزم.

ثمة سبب آخر لا يقل أهمية عن ذلك كله يتمثل في حاجة الإسرائيليين أنفسهم إلى تهدئة يلملمون من خلالها جراحات لبنان، ويمنحون الفرصة لفريق السلطة “المعتدل” كي يجرجر حماس نحو مزيد من التنازلات مع وكي يقوي وضعه العسكري في غزة، لا سيما أن الوضع الداخلي الإسرائيلي يعيش بؤساً لم يعرف من قبل وصل خلاله المرض إلى الجيش الإسرائيلي الذي لم يعرف ارتباكاً سياسياً كما عرف إثر الحرب الأخيرة على لبنان، فيما تعيش الدولة برمتها حالة فقر قيادي لم تعرفه طوال تاريخها منذ التأسيس.

من الزاوية العربية، أقله “محور الاعتدال”، لا يبدو هذا المسار مرفوضاً ما دام يؤدي إلى التفرغ للمشروع الإيراني الذي يرى فيه البعض خطراً أكبر، إما تبعاً لقناعة حقيقية بسبب بعض الممارسات الإيرانية في العراق والمنطقة، وإما خدمة للبرنامج الأمريكي. من هنا تبدو الحاجة ماسة إلى هذه اللعبة التي ستتولى رايس تنفيذها لحساب الدولة العبرية، ممثلة في محادثات متوازية لن تقدم غير لقاءات التطبيع وأوهام السلام، معطوفة على تهدئة مجانية في الساحة الفلسطينية ورحلة مفاوضات جديدة منح محمود عباس الضوء الأخضر لإطلاقها من قبل حكومة الوحدة.

لعل أسوأ ما في هذه اللعبة هو مضي العرب والفلسطينيين في نهج التنازلات المجانية الذي دأبوا عليه منذ قيام الدولة العبرية، وحيث يتخصصون هم في تقديم التنازلات والمبادرات من دون أن يكون لدى الطرف الآخر شيء يقدمه غير المطالبة بالمزيد من تلك التنازلات لأن ما قدم منها ليس كافياً إلى الآن.

لو قال للعرب للأمريكان والإسرائيليين: لو تنازلنا عن حق العودة، هل تقبل الدولة العبرية بالانسحاب حتى حدود الرابع من حزيران؟ ماذا ستكون الإجابة؟ تنازلوا عنه أولاً ولكل حادث حديث؟، من هنا تتبدى عبثية هذه اللعبة التي تتواصل منذ عقود، ويراد الآن أن تسري على حماس، فيما يروج بعض السفهاء للمضي فيها من دون الاعتبار بتجارب الآخرين..

الأمريكان والإسرائيليون هم الذين ينبغي عليهم تقديم المبادرات، ليس فقط بسبب التجارب السابقة معهم، وآخرها محطة كامب ديفيد عام 2000، ولكن بسبب مواقف ووثائق كثيرة تنسف الأمل بتحقيق الحد الأدنى من مطالب الفلسطينيين، وآخرها كتاب الضمانات الذي منحه بوش لشارون، نيسان عام 2004، وصوت عليهم الكونغرس بالإجماع.

أياً يكن الأمر، فنحن واثقون من أن ما يجري هو محض زبد سيذهب جفاءً، وأن برنامج المقاومة هو الذي سيمكث في الأرض، لأنه وحده القادر على تحقيق الإنجازات، كان وسيبقى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

صحة غزة: حصيلة العدوان ترتفع إلى 34943 شهيدًا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة، اليوم الجمعة، إن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 6 مجازر جديدة ضد العائلات في قطاع...

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

تحقيق صحفي يكشف انتهاكات صارخة ضد أسرى غزة

واشنطن – المركز الفلسطيني للإعلام كشف تحقيق أجرته شبكة "سي إن إن" الأميركية عن جوانب من الانتهاكات التي يمارسها الاحتلال الإسرائيلي ضد أسرى قطاع غزة...