الأحد 12/مايو/2024

رؤية حماس في التغيير

أسامة العربي

إشارة جادت علينا بها تجربة حماس في الانتخابات لا يمكن المرور عليها مرور الكرام عند الحديث عن التغيير ،فمنذ أن فازت حماس في الانتخابات تحالفت عليها قوى البغي والطغيان وذلك لتتنازل عن أهدافها وثوابتها ،وان كان العاقل يدرك أهداف هذا التحالف الآثم ، فما لا يمكن إدراكه مهاجمة حماس من تحت ستار الثبات ،والمفارقة أن هناك من يعتبر الانتخابات كفرا والمجالس النيابية شركية، وفي اللحظة التي فازت فيها حماس طالبها بتطبيق الشريعة الإسلامية وفق رؤيته وليس وفق رؤية حماس التي دخلت فيها الانتخابات ،انتخابات ومجالس كفرية ومطالبة بتطبيق الشريعة وفق الرؤية التي تعتبرها كفرا ، تخبط وتيه في العثور على طرف خيط للتغيير ، ولا بد وأن يقود إلى التدمير ،تدمير الحركة والمجتمع ، وهذا ليس ضربا من الخيال فالوقائع على الأرض تثبت ذلك .

تعددت الرؤى للتغيير وأخذ كل حزب أو مجموعة تشخص المرض وفق نظامها الفكري ،واختلفت الرؤى حتى بين الحركات الإسلامية ،وبدلا من اعتبار هذا الاختلاف دلالة على حيوية الإسلام أصر البعض كما الظواهري (مع الاحتفاظ بالرفض القاطع لبعض التصرفات ) ومن برجه العاجي على جعلها مناطحة ،فلا يرى من برجه ما حل بأهل الأرض كونه يتعامل مع واقع افتراضي يتخيله من المحيط الذي يتعاطى معه ،وهذا شأن الرؤية التي تعتمد على التغيير من جانب واحد أو بعد واحد .

ومن بين ثنايا الاختلاف في الرؤى يبرز السؤال التالي ، هل يمكن للحركة أو الحزب أن تنوب عن حركة المجتمع في مشروع التغير ؟

وللإجابة لا بد من تسليط الضوء على تجربة إسلامية تملك في طياتها عناصر النجاح وهي تجربة حماس .

مما لاشك فيه أن الإنسان هو محور التغيير والحضارة كونها المنشود من عملية التغيير ،فلا بد للطاقات أن تنصب باتجاه المحور لتقيم أوده وتصلح اعوجاجه حتى يتحول إلى عنصر فاعل يكون بمثابة دينمو يعمل على دوران عجلة التغيير دورة متزنة .

وعلى هذا الأساس تبنت حماس عملية التغيير والتطور ،فانشغلت بتفكيك وتركيب عناصر التغيير لمواجهة التحلل وثمرته المتمثلة بغياب الفكر الديني عن وظيفته الاجتماعية كما وصفها مالك بن نبي ،وعلاماته غياب الأواصر الاجتماعية بين أفراد المجتمع ،وجعلت حماس من الصبر والأناة زاد الطريق في هذه الرحلة.

ولمن يتباكى على الشيخ احمد ياسين والرنتيسي وعلى الحال التي يحشر حماس فيها قسرا ، وإن كانت دموع التماسيح هذه دليل على عدم بلورة فكرة واضحة للتغيير في هكذا عقلية ، إذ لو وجدت هذه الفكرة لكفكفوا هذه الدموع ،أقول سياسة حماس قائمة وفق رؤية واضحة حدد معالمها الشيخ ياسين والرنتيسي واستلهموها من الإمام الشهيد حسن البنا .

وللدلالة على وضوح هذه الرؤية في فكر الإمام الشيخ ياسين لا بد من ذكر بدايات العمل الدؤوب ،فقد سعى الشيخ بكل جهد للقضاء على ثمرة التحلل بإعادة تفعيل الفكرة الدينية في المجتمع وفق رؤية ابتدأت بتغيير الأنفس وفيها قضى أربعة عشر عاما في الإعداد بدون كلل أو ملل بدأها في تأسيس المجمع الإسلامي عام 1973 ،ورغم الاستفزازات بقي على رؤيته يعمل بها ولا يستعجل قطاف الثمار قبل نضجها حتى انطلاقة الانتفاضة عام 1987 ولم يتخل الشهيد عن هذه الرؤية بل بقيت مسيطرة على مجمل رؤيته في الإصلاح والتغيير ، وجعل من الجهاد إحدى ثمار الغرس عامل تعزيز لهذه الرؤية في التغيير،فثبتت غرسة حماس وأثرت حتى في المحيط الإقليمي والدولي .

فعملية التغيير لا بد أن تكون متجذرة في قاعدة واسعة وصلبة تتفاعل معها وتعمل معها على اتساع رقعتها ومدها بالصلابة اللازمة لمواجهة التيارات والأعاصير كما هو الحال بفلسطين .

وبهذه القاعدة وبهذه الصلابة ومع ما أحاط القضية من ظروف كادت أن تودي بها دخلت حماس إلى معترك السياسة رغم الأعاصير ،ودخلت حماس اتفاق مكة برؤية شرعية تتعامل مع الواقع بعلاته وبما فيه ومنحتها القدرة على الاستمرار في التغيير ومنحتها القدرة على التحكم بالمدخلات لكي لا تتوقف المسيرة ولا تفقد السيطرة على المخرجات ،منحتها القدرة على التراجع والتقدم والمناورة بدون الخروج قيد أنملة عن الرؤية الشرعية ،وهذه ميزة من مزايا هذا الدين الحنيف .

وبهذه الرؤية والصلابة المعززة استمرت حماس في التغيير بكافة مجالات الحياة، تؤمن بأن التغيير لا يمكن ان يتم وفق قرار إداري وبخطة قلم فالتغير يستمر بصهر المجتمع في الفكرة ولا يمكن فرضه بقوة السيف ، لكي لا يتبع الانقلاب انقلاب مضاد و تضيع الانجازات بين حراب السيوف الساعية لفرض التغيير بالقوة وتلك الرافضة لمبدأ هذا التغيير ،رؤية خففت من حدة الفارق بين النظرية والتطبيق على ارض الواقع .

قامت حماس على مشاركة القاعدة بإحداث التغيير لكونها تساهم في خلق روح الجماعة في المجتمع بحيث ان كل شخص ساهم في تحقيق الأهداف فعليه يقع واجب تحمل جزء من المسؤولية في الاستمرار والمحافظة على الانجازات .

رؤية التغيير من القاعدة يوفر للمشروع آراء طبقة واسعة من المجتمع ويرفدها ماديا ومعنويا بكل عناصر الاستمرار اما التغيير من القمة فهي محصورة تتناسب مع الفكرة التي تتبناها وهي فكرة رفض الاختلاف مطلقا وبحجة قدسية رأي المجموعة مع ما يتبع ذلك من غياب في العدالة في المجتمع .

هذه الرؤية التي تقوم عليها حماس للتغيير والتي تبنتها منذ بداية تكوينها لغاية اللحظة تثبت أن الحركة لا يمكن أن تكون بديلا للمجتمع في التغيير والا أصبحت رؤية الخبط العشواء بدون اهداف منتظمة متسلسلة تفقد السيطرة حتى على النتائج وتقود الى الهلاك والدمار !!

رؤية حماس واضحة محددة الأهداف منظمة وفق رؤية شرعية تقوم على إشراك المجتمع بعملية التغيير لضمان الثبات وتستلهم من سيرة المصطفى صلى الله عليه وسلم خطواتها .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيد ومصاب برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة

شهيد ومصاب برصاص الاحتلال في مخيم بلاطة

نابلس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شاب وأصيب طفل، صباح الأحد، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اقتحامها مخيم بلاطة شرق نابلس. وأفادت مصادر...

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

إصابة 3 مستوطنين بقصف المقاومة عسقلان

غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب ثلاثة مستوطنين بجروح - فجر الأحد- جراء سقوط صاروخ أطلقته المقاومة الفلسطينية على عسقلان المحتلة. وقالت هيئة البث...