الجمعة 07/يونيو/2024

نحن في الرئاسة لا نكذب !

د.إبراهيم حمّامي

استوقفتني هذه العبارة التي كانت ملخصاً لمؤتمر صحفي عقده رفيق الحسيني بصفته مديراً لديوان عبّاس بتاريخ 28/11/2006، واستعرض فيه ما قال أنه انجازات رئيسه، معدداً وحاسباً وجامعاً الأموال التي قال أنها وصلت، وسارداً أوجه صرفها، ليختتم مؤتمره البطولي بقوله: “انه محض افتراء وكذب أن يقال بان الرئاسة تملك أموالا ولم تصرفها، مضيفا ان “الرئيس” يريد بناء مؤسسة وتذكروا بان ديمقراطيتنا اساسها اصرار الرئيس على الديمقراطية، نحن في الرئاسة لا نكذب”.

في حقيقة الأمر يبدو أن هذا المدير إما أنه جاهل لا يعرف الحساب، أو متجاهل متغابي يحاول أن يظهر بمظهر المتذاكي ليخدع الشعب مرة أخرى، أو أنه يعاني من ضعف في الذاكرة يحتاج لعلاج، كيف لا وهو مدير ديوان الكاذبين، بل أنه كاذب كذوب بشخصه وذاته، ولا يمكن أن يوصف هؤلاء بغير تلك الأوصاف، فعندما يعلن على الملأ أنهم في “الرئاسة” لا يكذبون، لن يكون الرد بأقل من أنهم يكذبون ويكذبون ….. ثم يكذبون!

عندما كتبت رداً على أكاذيب عبّاس التي تفوه بها ليلة 17/10/2006 وعنونت الموضوع “سيادة الرئيس الكاذب”، احتج البعض وهاج البعض الآخر، لكن يبدو أن عادة الكذب متأصلة راسخة في مؤسسة الفساد والإفساد المسماة بمؤسسة الرئاسة، ويبدو أيضاً أننا بحاجة لوقفة أخرى لنفضح هؤلاء ممن يتطاولون على الشعب الفلسطيني، ويتجرأون في مؤتمرات صحفية على ممارسة الوقاحة في تبرير الكذب والخداع والتضليل، والذين كان آخرهم رفيق الحسيني.

رفيق الحسيني هذا الذي صرح قبل أكثر من عام وتحديداً بتاريخ 27/09/2005 لإذاعة البي بي سي في برنامج “هارد توك” وعلى مدار 25 دقيقة بأنهم في مؤسسة الرئاسة ذاتها التي يقف متحدثاً باسمها اليوم سيقومون بسحق حماس والجهاد بعد الانتخابات التشريعية، ويضيف أنهم سيعتقلون ويضربون بيد من حديد كل من يستعرض في الشوارع شاهراً سلاحه، وكل مسلح من أي فصيل خارج أجهزتهم القمعية، ويؤكد أنهم يعدون العدة والعتاد لذلك، ولا يتورع أن يكرر ولأكثر من مرة أنه شخصياً من خلال دوره سيضرب الارهاب! ترى أين وعودك أيها الكاذب عندما ترى الزعران وقطاع الطرق من أفراد حرسك الرئاسي يعربدون في الشوارع ويطلقون النار ويدمرون الممتلكات الرسمية والأهلية، لماذا لا تقوم باعتقالهم وقد تعهدت بشكل لا لبس فيه بالصوت والصورة بأنك ستفعل ذلك في اليوم التالي للقاء؟ أم أن كلام الليل يمحوه النهار؟ أو ربما ظننت أن كذبك سينسى بمرور الزمن؟

ما علينا بما تفوهت به من أكاذيب العام الماضي، ولنعد أدراجنا للحسابات الكاذبة المخادعة، فقد ذكر مدير ديوان اللصوصية أن ” ان الرئاسة الفلسطينية تسلمت مبلغ 278 مليون دولار كمساعدات من الدول العربية، حيث تم صرف مبلغ 216 مليونا كسلف للموظفين والحالات الاجتماعية، بالاضافة الى مبلغ 4.2 مليون للبلديات، و18 مليون للسفارات والمخيمات في لبنان بالاضافة الى 17 مليون ديون على الحكومة بالاضافة الى مبلغ 5 ملايين لكهرباء غزة، و 12 مليون للموردين، و4 ملايين للمستشفيات”، لنحسبها سوياً أيها المدير: مجموع ما صرفتم يبلغ 2762 مليون دولار، فأين باقي المبلغ، أم أن المليون و800 ألف بالنسبة لكم “فراطة مش محرزة” كما تعودتم على النهب واللهف؟

طبعاً هذه الحسبة هي في حالة سلمنا بصحة ما ذكرته من أرقام، وحتى في هذه أقول توقف أيها الكاذب ومن معك، وإن كانت ذاكرتك قد خانتك سنذكرك بما صرحت به بنفسك وبلسانك يوم 28/09/2006 لوكالات وفا ومعاً وصحف القدس والأيام والحياة الجديدة، وبعد افتضاح أمركم على لسان وزير شؤون اللاجئين عاطف عدوان، لتعلن وتعترف باستلام مبلغ 300 مليون دولار قائلاً وبالحرف ” ان هذا المبلغ هو عبارة عن 250 مليون دولار من السعودية و50 مليون دولار من الكويت”، فكيف تقلص فجأة من 300 مليون إلى 278 مليوناً؟ دون اعتبار لباقي المبالغ!
الغريب أن مؤسسة “الرئاسة” الصادقة جداً جداً كذبت رفيق الحسيني رسمياً بعد تصريحه بأيام حيث وبحسب وكالة الأنباء الفلسطينية- وفا يوم 3/10/ 2006 حيث “استهجن ديوان الرئاسة، إصرار بعض الجهات ووسائل الإعلام المحسوبة عليها، على مواصلة إلقاء عبء تأمين الرواتب وصرفها على كاهل الرئاسة، لتأليب الرأي العام الفلسطيني على مؤسسة الرئاسة. وقال ديوان الرئاسة في بيان له، إن الرئاسة تلقت مبلغ 50 مليون دولار من دولة قطر ومبلغ 15 مليون دولار من المملكة العربية السعودية، ولم يدخل حساباتها أية مبالغ أخرى من أية جهة كانت، مؤكداً على أنه لا صحة مطلقاً للشائعات التي يطلقها البعض، بقصد إثارة الرأي العام عن وصول مبلغ 300 مليون دولار من المملكة العربية السعودية ودولة الكويت!”، ترى من نصدق وما هو المبلغ 300 مليون أم 65 مليوناً؟ وهل هي من قطر أو الكويت إضافة للسعودية؟ فمن الذي يكذب يا مؤسسة الصدق والأمانة ويا حضرة مدير الديوان؟
هذا تصريح واحد حول دفعة واحدة، لكن ماذا عن باقي الدفعات؟ ربما تنكر كعادتكم في الكذب والغش والخداع، ولا بأس مرة أخرى من التذكير بمبالغ إضافية وصلت خلال الشهرين الماضيين ناهيك عما وصل قبل ذلك!:
– صحيفة الأيام الرسمية تعلن في 19/09/2006 وصول مبلغ 120 مليون دولار لحساب محمود عبّاس، وهي 70 مليون من الجزائر و50 مليون من قطر، وعلى من يرغب الرجوع إلى أرشيف الصحيفة.

– 04/10/2006: أعلن المتحدث الرسمي بإسم الرئاسة الفلسطينية نبيل أبو ردينة، أن الحكومة الجزائرية أبلغت الرئيس عباس أنها ستحول مبلغ 52 مليون دولار لحساب الرئاسة الفلسطينية، وقد أكدت “الرئاسة” والجزائر وصول المبلغ.

– 31/10/2006: صرح الناطق باسم الرئاسة الفلسطينية نبيل ابو ردينة ان الحكومة الكويتية قررت تقديم 30 مليون دولار مساعدة للفلسطينيين.

– 18/11/2006 اعلن مكتب محمود عباس على لسان رفيق الحسيني عن استلام المبلغ السابق وهو مبلغ 23 مليون يورو (نحو 30 مليون دولار) قدمتها دولة الكويت كمنحة الي حساب الرئاسة الفلسطينية.

لنحسبها سوياً أيها الصادق الصدوق يا مدير ديوان الأمانة والعفة، وبغض النظر عن تكذيبكم لبعضكم، وبغض النظر عن المصاريف التي ذكرتها، لنحسب كم وصلكم خلال شهرين، ومرة أخرى بغض النظر عما وصلكم قبلها وهو عشرات الملايين الأخرى، أو سراً لا نعلم به، لنحسبها ومن خلال بياناتكم وتصريحاتكم أيها الصادقون، لنحسبها كتلاميذ في مرحلة الابتدائي حتى لا تختلط عليكم الأمور: 250 مليون من السعودية + 50 مليون من الكويت + 70 مليون من الجزائر + 50 مليون من قطر + 52 مليون من الجزائر + 30 مليون من الكويت = 502 مليون دولار! فكيف أصبح المبلغ 278 مليون بقدرة قادر؟

إذا أضفنا لذلك حجم المساعدات المباشرة التي وصلت وهي أيضاً بعشرات الملايين والتي ربما احتسبها مدير الديوان المعظم من ضمن المصاريف، وإذا تغاضينا عن صرف 18 مليون للخارج بعد وصولها للداخل بدلاً من أن تصرف من الأموال الموجود أساساً في الخارج، وإذا استثنينا الملايين التي صرفت على معسكرات تدريب الحرس الامبراطوري العباسي في أريحا وخان يونس، ومئات البنادق وملايين الطلقات التي وصلت عبر ديوان سيادته وبعلم مديره الصادق الصدوق وبعلم وموافقة ومصادقة حكومة الاحتلال، نكتشف سوياً كم هي مؤسسة “الرئاسة” مثالاً للأمانة والعفة والطهارة ونظافة اليد!

لابد في هذا المجال أن ننوه أن المؤتمر الصحفي لإعلان الصدق والأمانة كان فقط رداً على الأخبار التي ذكرت أن محمود الزهار أدخل 20 مليون دولار عبر معبر رفح، وهو ما اعتبره رفيق الحسيني ومؤسسته الحريصة على بناء “الدولة” سياسة “الشوال”، ليقول وبالحرف ” نحن في وضع صعب ومشروعنا الوطني ينهار”، مشيرا الى ان “هذا المشروع لا يمكن تمويله عن طريق ” الشوال” فنحن لا نستيطع ادخال الأموال من هنا وهناك”، ولابد أيضاً أن نذكر أن الشوال سدد 153 مليوناً من ديون الحكومة المتراكمة من سياسات مؤسسته الرشيدة مقابل 17 مليوناً سددها هو ورئيسه كما صرح، والدليل ما ذكره الدكتور جورج العبد محافظ سلطة النقد الفلسطينية بتاريخ 03/11/2006 الذي أكد أن مديونية السلطة الفلسطينية للمصارف تناقصت باستمرار منذ مطلع العام الحالي بما يزيد على 170 مليون دولار فبلغت 444 مليون دولار في نهاية شهر سبتمبر الماضي، أي أن سياسات “الشوال” كما وصفه مدير ديوان الغش والخداع استطاعت أن تسدد 9 أضعاف ما سددته “الرئاسة” الرشيدة من ديون على السلطة (153 مليون مقابل 17 مليون)!

في هذا المقام وأعيد وأكرر وأردد ما سبق وقلته في 12/10/2006: أيها المتآمرون الكاذبون الفاسدون اللصوص أفرجوا عن أموال الشعب الفلسطيني ورواتبه وكفاكم ابتزازاً وتلاعباً بقوت هذا الشعب.

هذا ردنا عليكم اليوم، وإن عدتم عدنا!

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات