الجمعة 31/مايو/2024

إسماعيل هنية – نموذج فريد

د. فراس مجاهد

 

نماذج عربية قليلة هي التي تركت كرسي الحكم طواعية وتضحية مقابل أن يحصل شعبها على حريته وكرامته ويحقق أهدافه التي يصبو إليها، من خلال قراءتي لتاريخ القيادات العربية لم أجد من سبق الأخ إسماعيل هنية بهذا الموقف الرائع الذي لا يصدر إلا عن رجال الله الذي تجلى بقبوله التنحي عن رئاسة الوزراء إذا بقي هذا الأمر حجة للأطراف لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية، في فترة عصيبة ومفصلية من تاريخ شعبنا الفلسطيني فلم أجد إلا حالة الرئيس السوداني الأسبق سوار الذهب الذي وعد الشعب السوداني بالتنحي بعد فترة سنة من حكمه وترك المجال للشعب السوداني أن يختار رئيسه وممثليه ، وهذا ما كان بالفعل في حادثة فريدة لم نعتدها من حكامنا ومسئولينا في الوطن العربي ، حيث أن حكامنا عرف عنهم أنهم باقون تحت شعار من الكرسي إلى القبر حيث قام الكثير منهم بتغيير أنظمتهم وقوانينهم ودساتير الحكم عندهم من اجل أن يبقى الرئيس رئيسا  أو أن يخلفه ابن الرئيس ولا عجب حتى ولو كان الثمن تغيير نظام الحكم بالكامل ليتحول من جمهوري ديمقراطي ثوري إلى حكم ملكي مستبد وراثي .

عظيم أنت دولة الرئيس فالقادة يتنحون في لحظات فشلهم ولكنك تنحيت وأنت في قمة النجاح المنقطع النظير وفي كل الأصعدة التي يمكن لقائد أن ينجح بها ، فان محياك وصورتك البهية بنور الله وأنت تعتلي منابر رسول الله خطيبا سياسيا مفوها أعادت لذاكرتنا صورا جميلة لصحابة رسول الله الصامدين المجاهدين التي رسمناها في مخيلتنا عندما ذكرتهم كتب التواريخ ومشاهير الأعلام خلفاء وقادة وزعماء ينطلقون من بيوت الله ، بعد أن عودتنا كراسي الحكم العربية والأنظمة البائدة وشاشات التلفزة على زعماء وقادة لا تشعر ولو للحظة واحدة بأنك منهم وهم جزء منك إلا عندما ظهرت أنت دولة الرئيس ، لم نعتد أن نسمع من زعمائنا كلمات العز ذات الصدى الرنان إلا عندما قلت ” لن تسقط القلاع ولن تخترق الحصون ” كلمات أوقن أنها قيلت بلسانك وزينت بنور ربك كلمات أعادت إلى ذاكرتنا الكلمات الخالدة التي صدرت عن شيخك وشيخ فلسطين احمد الياسين عندما قال ” أملي أن يرضى الله عني ” فما كان من شاشات التلفزة وخصوصا الجزيرة إلا أن كررت هذه الكلمة الخالدة بإذن الله ، فهذه كلمات لا تصدر عن بشر مجردين ولكن من بشر مؤيدين بنصر الله محفوفين برعايته مصداقا لقوله تعالى ” وكان حقا علينا نصر المؤمنين ” صدق الله العظيم.

فالمؤمنين أنت منهم دولة الرئيس الخالد في تاريخنا ومخيلتنا كأول رئيس وزراء فلسطيني من حركة إسلامية يعيد للذاكرة الفلسطينية ما نسيته وغيب عنها من الثوابت الوطنية التي ذابت تحت وطأة السلام المزعوم .

فسلام لك من قلب كل فلسطيني غيور فلقد تحملت في هذه الفترة العصيبة الحساسة من تاريخ شعبنا ما لم تستطع الجبال الشم أن تتحمله ولم نكافئك ماديا ولو بقرش واحد فلقد تنازلت عن منصبك الذي تستحق ولم تحصل على راتبك الذي تبرعت به لذوي الشهداء وبقيت صامدا في مخيمك الذي سيبقى معتزا بك أبدا ولا أقول لك إلا قول الله تعالى ” لا تحسبوه شرا لكم بل هو خير لكم ” صدق الله العظيم.

وأخيرا أقول لك ” لن ننسى عزيز قوم عز ” عكس ما قد يقال وسيبقى موقعك في قلوبنا وذاكرتنا ودروس تاريخنا التي سنذكرها لأجيالنا القادمة عندما يذكر اسم إسماعيل هنية ، وأيضا ستكون على رأس حكومة شعبنا في أي ظرف يسنح لشعبنا فيه فرصة تكوين حكومته باريحية مع قناعتي بأنك أصبحت بموقفك هذا اكبر من مجرد رئيس حكومة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

شهيدان في غارة للاحتلال على جنوب لبنان

شهيدان في غارة للاحتلال على جنوب لبنان

بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام استشهد شخصان، وأصيب آخر بجروح، في غارة شنها الطيران الحربي للاحتلال الإسرائيلي مساء الخميس، على بلدة حولا جنوبي...