الأحد 12/مايو/2024

عز النساء وعار الجبناء

د.إبراهيم حمّامي

لم تبق ولا توجد كلمات لوصف هذا العمل الخارق الجبار البطولي الأسطوري لنساء فلسطين، صاحبات الهامات التي تعانق السماء، وإرادة وعزيمة وإيمان لو وزعت على أهل الأرض لوسعتهم وفاضت، أمهات وزوجات وأخوات وبنات لنا يضربن القدوة والمثل والدروس في معنى المقاومة والمواجهة مع محتل فقد كل انسانية، يسطّرن بمواقفهن ملحمة العز والفخار في زمن الذل والانهيار.

لن أستطيع أن استوفيهن حقوقهن، ولا يمكن أن تصف التعابير وآيات الشكر والعرفان شعور الملايين ممن تابعوا ماجدات فلسطين وهن يسرن غير مترددات، عازمات مصممات، خارقات للحواجز، بأجسادهن دون سلاح، تابعوهم وهن يكسرن الحصار عن أزواجهن وأخوانهن وأبنائهن، ويدفعن ثمن ذلك من دمائهن، ليعدن ظافرات غانمات منصورات.

لن أزيد على ما كتبه شرفاء الأمة عن هذا الحدث العظيم، والملحمة الأسطورية، لكن اسمحوا لي أن اقتبس بعضاً مما كتب للتوثيق والتدليل:

  • الأستاذ غسان الشامي: صمتت عباراتي.. وقفت كلماتي.. تجمدت أفكاري ..ووقَفت وقفة تقدير واحترام لصنيعكن  أيتها النساء الخالدات وانتن تدافعن عن حياض هذه الأمة وشرفها
  • الأستاذ خالد منصور – عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني: الحانونيات (نساء بيت حانون) ماجدات فلسطينيات.. صنعن جزء مهما من المجد الذي يستحقه شعب فلسطين.. في نضاله من اجل الحرية والخلاص من المحتلين.. وبفعلتهن التي قمن بها أسهمن بما لم تستطع فعله عشرات الأطر النسوية – الناعمة- بدفع قضية حقوق المرأة إلى الأمام خطوات كبار جدا وذات أهمية قصوى..
  • عبد الباري عطوان رئيس تحرير القدس العربي: ردت نساء بيت حانون اللواتي انطلقن في مسيرة عفوية الي مسجد المدينة لإنقاذ المحاصرين من المسلحين، والتصدي للقوات الاسرائيلية الغازية، الاعتبار للمرأة العربية، واثبتن انهن اكثر رجولة وشجاعة من كل رؤساء الاركان وقادة الجيوش العربية دون استثناء ….. هذه هي المرأة العربية ـ الفلسطينية، لا تكتفي بإنجاب الشهداء، وانما بالانضمام الي قوافلهم ايضا، والنزول الي ميدان المواجهة
  • النائب جميلة الشنطي قائدة مسيرة الحرائر، أنّ ما قامت به النساء يوم الجمعة، من مظاهرات للدفاع عن أبنائهن المجاهدين؛ “ينبع من إدراكنا بأننا أهل حق وإرادة قوية، لأنّ الاحتلال يغتصب ويحتل أرضنا
  • الأستاذ عز الدين أحمد عبد الرحمن: أخذاً بالاعتبار أن “الشوارب” ربما تكون آخر مظاهر الرجولة في أمة يسودها أشباه الرجال (من الذكور)، أوجه من مقامي هذا دعوة لكم يا أشباه الرجال.. يا من تصبحون وتمسون على دماء وطن ينحر من الوريد إلى الوريد وأنتم جامدون لا حراك فيكم، أدعوكم باسم كل خنساء في فلسطين إلى حفلة جماعية لـ”حلق الشوارب”.. فما عاد لها من لزوم بعد أن تولى زمام المبادرة خنساوات غزة لفك الحصار عن شرفاء الأمة في بيت حانون
  • الكاتبة سوسن البرغوثي: خنساواتنا يسطرن ملحمة في بيت حانون، انقذن المجاهدين من بين براثن جنازير دباباتهم، والمخنثون يختبؤن في حجورهم، يسنون ألسنتهم ليشعلوا الفتنة، ولكنهم لن يحصدوا بإذن ..إلا الخيبة، ولعنة على الخائبين

 

لكن تبقى أجمل الكلمات هي التي نعجز أن نجدها في وصفكن يا عز الأمة وفخرها

الأعداء قبل الأصدقاء هالهم الحدث العظيم، الأعداء صدموا من قوة المرأة وجلدها، الأعداء أنصفوا الفارسات المنصورات، وكادوا أن يشعروا في مدحهن، في وقت صمتت فيه أبواق السوء والشر والفتنة عن قول كلمة حق في حقهن، ربما لأن ما فعلنه أفشل مؤامراتهم وأسقطهم في حضيض الحضيض، وليتهم صمتوا بل أصروا على اهانة شعبنا المرة تلو المرة بعد أن عمت بصائرهم قبل أبصارهم.

لنقرأ سوياً شهادات الأعداء كما وثقها اليوم الأستاذ صالح النعامي:

  • رئيس حركة ” ميريتس ” يوسي بيلين الذي شغل في الماضي منصب وزير القضاء أن ” ما قامت به هؤلاء النسوة هو أسطورة، وموقف بطولي سيضفي الصدقية والاحترام على النضال الوطني الفلسطيني وفي مقابلة أجرتها معه الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية صباح اليوم الأحد، اعتبر بيلين أن هؤلاء النسوة سيصبحن مثال سيحرص على إقتدائه الفلسطينيون والعرب والمسلمون في جميع أرجاء العالم
  • أما الجنرال زئيف شيف المعلق العسكري لصحيفة ” هارتس “، فقد قال أن هؤلاء النسوة صنعن تاريخاً بعد أن تزودن بإيمان كبير وعقيدة صلبة جعلتهن يقدمن على هذه المخاطرة التي أسفرت عن مقتل ثلاثة وجرح عدد كبير منهن من أجل العمل على فك الحصار عن المقاومين الفلسطينيين الذين كانوا محاصرين في المسجد. واعتبر شيف أن ما قامت به نساء بيت حانون بقيادة النائب عن حركة حماس جميلة الشنطي سيسجل كحدث هام وسيدرس في كتب التاريخ
  • من ناحيته قال عاموس هارئيل المعلق العسكري البارز أن أحداث بيت حانون تدلل بما لا يقبل الشك على الدور الكبير الذي تقوم به المرأة الفلسطينية في مقاومة جيش الاحتلال. واعتبر أن الكثيرين سيكتبون عن دور المرأة الفلسطينية في الكفاح الوطني ضد الاحتلال.
  • من ناحيته قال المعلق الصهيوني للشؤون العربية داني روبنشتطاين أن وقوف الجمهور الفلسطيني إلى جانب المقاومين في مواجهتهم جيش الاحتلال في بيت حانون، رغم ما يتعرض له هذا الجمهور من أذى، يدلل على أن الشعب الفلسطيني يلتف حول مقاومته، الأمر الذي يدلل على بؤس الرهان على احداث شرخ بين الشعب الفلسطيني ومقاوميه. واعتبر أن إقدام نساء فلسطين على التضحية بأرواحهن من أجل إنقاذ المقاومين يمثل الدليل القوي على ذلك. واجمع كل المسؤولين و المعلقين في إسرائيل على أن إسرائيل ستفشل في تحقيق أي من الأهداف التي وضعتها للعملية المتواصلة على بيت حانون.
  • وقال وزير البنى التحتية الإسرائيلي بنيامين بن اليعازر موجهاً حديثه لقادة الجيش الصهيوني ” لقد اقتحمنا غزة مرات ومرات، وقتلنا واغتلنا المئات من مقاوميها، ومع ذلك لم نستطع أن نحسم المواجهة معهم “. ونقلت الإذاعة الإسرائيلية باللغة العبرية صباح اليوم الأحد عن بن اليعازر قوله “لن نستطيع وقف إطلاق صواريخ القسام، ببساطة لن نستطيع، فلنبحث عن أساليب أخرى”.

كنت أتمنى من كل قلبي أن تكون هذه الملحمة سبباً لتوحد شعبنا خلف حقه ومقاومته، وكنت أرجو أن لا أسمع ما يطعن صمودنا في الظهر، وكنت أدعو ليل نهار أن تبقى أبواق الفتنة صامتة، ولكم وددت لو كان الموضوع لا تشوبه شائبة الجبناء الأذلاء، لكن سبحان الله “تأبى الحقارة أن تفارق أهلها”!

هذه الملحمة، ومعها سقوط الشهداء والجرحى والتدمير والفساد في الأرض لم تثن أشباه الرجال من العاجزين عن تكرار واجترار أمراضهم الفكرية، ليلقوا باللائمة على شعبنا، بل وصل الأمر بهم لاختراع نظريات جديدة، ومزاودات لا حصر لها، فمتى يعود هؤلاء إلى رشدهم، أو يتخلص الشعب من قرفهم ونتانتهم؟

وكما استعرضنا ما قيل في هذه الملحمة الأسطورية، وفي غياب أي تعليق ايجابي أو سلبي عما جرى في بيت حانون من قبل رؤوس وأبواق الفتنة، لنستعرض بعضاً من ردود أفعالهم المخزية المشينة، وليتهم ما تفوهوا ولا نطقوا، وبقوا على عهدنا بهم جرذان فزعة مع كل هجمة احتلالية:

  • اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية الفاقدة للشرعية والقانونية والنصاب: وتدعو اللجنة التنفيذية بشكل واضح وقاطع إلى إنهاء كل أشكال الفلتان والفوضى، وتعدد مصادر القرار والقوى المسلحة، وكل الأعمال الفردية والفصائلية من نوع إطلاق صواريخ عبر الحدود، والتي تخدم ذرائع الاحتلال ومخططاته ولا تلحق أية أضرار سوى بمصالح الشعب الفلسطيني ومكانة قضيتنا الوطنية
  • الرابط المختصر:

    تم النسخ

مختارات