الأحد 12/مايو/2024

فتح تريد الجزيرة نسخة لتلفزيون فلسطين !

محمد خضر

لم يتفاجأ المراقبون والمتابعون للشأن الفلسطيني كثيراً بالبيان الأخير لحركة فتح، والذي يدعو في ظاهره قناة الجزيرة إلى ما أسماه عدم التدخل في الشؤون الداخلية للشعب الفلسطيني، ويهدد في باطنه من استمرار ما أسماه أيضا نهج الانحياز وعدم مراعاة الأسس المهنية في تعاطي القناة مع الحدث الفلسطيني، فقد سبق هذا البيان الكثير من التحريض على القناة وكيل الاتهامات بحقها من قبل وسائل الإعلام المحسوبة على الحركة، بل امتد الأمر إلى الاعتداء على بعض ممتلكات مكتب الجزيرة في رام الله بالضفة الغربية، حيث تم إحراق سيارات البث المباشر الخاصة بالقناة قبل أشهر.

ويبدو أن القناة مطالبة بأن تضع ذاتها وأدائها في دائرة الخوف والإرهاب الفكري بشكل أو بآخر، فطالما أنها تغرد خارج سرب أجندة حركة فتح فهي مهددة ومنحازة وغير مهنية، وتعمل لصالح جهات على حساب جهات أخرى!.

ربما يلمس المرء بعض العذر لحركة فتح في تعاطيها مع قناة الجزيرة التي احتفلت مؤخراً بإطفاء شمعتها العاشرة، فحركة فتح أدمنت تطويع الإعلام وتجيره لصالحها بغض النظر عن مدى صوابية مواقفها وأطروحاتها السياسية، بل أنها جعلت من الإعلام الفلسطيني الرسمي والذي تسيطر عليه كبقية مؤسسات السلطة، أداة طيعة في يدها لمحاربة ومناكفة الحكومة الفلسطينية التي تقودها حركة حماس صاحبة الأغلبية البرلمانية.

إن حركة فتح معذورة أيضا، لأنها لم تألف سوى الإعلام المهادن والمنافق الذي تسيطر عليه، والذي يستر عيوبها ويخفي مثالبها ويطنش هفواتها، وفي المقابل فإنها تهوى الإعلام المضخم لفعالياتها والمعلي لشأنها، لذا فهي تتعامل بكل صلف وغرور حتى مع أقرانها الفلسطينيين، وتركب رأسها إلى حد كبير من خلال رفضها الانضمام لحكومة وحدة وطنية متذرعة بأسباب واهية.

إن قناة الجزيرة التي فقدت بعض مراسليها خلال تغطيتهم ومتابعتهم للأحداث في مختلف مناطق العالم، تبدو في عيون حركة فتح منحازة لصالح حركة حماس، وهذا كلام مردود على فتح، لأن القاصي والداني يشهد بموضوعية القناة وحياديتها والتزامها الأسس المهنية في التعاطي مع مختلف الأحداث والوقائع، ولعل هذا النهج من قبل قناة الجزيرة هو أكبر وأهم أسباب نجاحها وامتداد شعبيتها في أنحاء متفرقة من المعمورة.

ربما تريد حركة فتح من قناة الجزيرة أن تتحول إلى نسخة طبق الأصل مما يسمى بهتاناً وزوراً “تلفزيون فلسطين” وفلسطين منه براء لأنه سخر نفسه لمحاربة حكومة انتخابها الشعب الفلسطيني، وجعل من نفسه منبراً لكثير من السفهاء المعادين لإرادة المواطنين الحرة أو بعبارة أخرى دعاة الانبطاح. وربما أيضا تصاب حركة فتح بالغيرة حين تحظى حركة حماس بنصيب الأسد من التغطية الإعلامية لقناة الجزيرة وغيرها من القنوات في كل ما يتعلق بالشأن الفلسطيني، متناسية أنها شاخت وفقدت الكثير من حيويتها بحيث لم تعد صانعة للأحداث مثل حركة حماس ذات العمق الجماهيري، مع الإشارة إلى أن حركة فتح أجادت مؤخراً صناعة الفوضى والفلتان والانقلاب على الإرادة الشعبية للفلسطينيين، وهذا ما يبل ريقها بالظهور في وسائل الإعلام ويشفي صدور ناطقيها الصغار منهم وحديثي العهد بالكلام والكبار أيضا.  

لا جدال أن حركة فتح تحتاج إلى بعض الوقت كي تدرك أن الزمن فاتها، وأنها لم تعد فتح وإنما فتوح متعددة المشارب والأهواء، لذا فهي تعمل ما بوسعها للتنغيص على غريمتها حركة حماس التي انتزعت منها السلطة عبر انتخابات شرعية ونزيهة شهد لها العالم أجمع. وكم يبدو الوهم كبيراً لدى بعض الانقلابيين حين يظنوا أنهم إلى الحكم عائدين وهانئين به، ولعلهم لم يدركوا سنن الأولين ويقرأوا كتب التاريخ التي تؤكد بأن لكل زمان دولة ورجال، مصداقاً لقوله تعالى ” وتلك الأيام نداولها بين الناس “.

من حق جمهور قناة الجزيرة العريض والممتد عبر العالم أن يدق ناقوس الخطر، وأن يخاف على قناته الصادقة في نقل الأخبار والمعبرة عن نبض الجماهير من غدر بعض حملة السلاح الذين يصنعون الفوضى فقط ويتخصصون في التعكير ومشاكلة الحكومة الفلسطينية، ويغيبون وقت المواجهات مع قوات الاحتلال كما حدث مؤخراً في بلدة بيت حانون شمال غزة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

مواجهات عقب هجوم للمستوطنين جنوب نابلس

نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت مساء اليوم الاحد، مواجهات بين المواطنين والمستوطنين وقوات الاحتلال في بلدة قصرة جنوب شرق نابلس....