الأحد 12/مايو/2024

الارهاب الاسرائيلي سيتصاعد كلما اقتربت صفقة تبادل الأسرى

عماد الافرنجي -غزة

منذ أن تمكنت المقاومة الفلسطينية من تنفيذ العملية البطولية “الوهم المبدد” في كرم ابو سالم و قتل عدد من جنود الاحتلال الاسرائيلي وأسر أحدهم في 25 حزيران الماضي أصيبت اسرائيل بالصدمة من التخطيط للعملية وأيضا التنفيذ المحكم لها .

لم تقف اسرائيل عند هول الصدمة لكنها سخرت كل ما تستطيع من وسائل تقنية واستخبارية للبحث عن الجندي الاسير ، حيث جندت كل أجهزتها الأمنية و الاستخبارية والعملاء المتعاونين معها المندسين بين أبناء الشعب الفلسطيني للبحث عن مكان جلعاد شاليط ، بل وعملت أجهزة أمن فلسطينية للبحث عن الجندي دون جدوى.

اسرائيل تعتبر أن أحد الخطوط الحمراء التي يجب ألا تتجاوزها هو التفاوض مع الفلسطينيين خاصة في قضية اطلاق سراح معتقلين على اعتبار أن ذلك سيشجع بعمليات مماثلة للافراج عن الأسرى الفلسطينيين ، لذلك رفضت منذ البداية الحديث – مجرد الحديث – عن مفاوضات حول شاليط معتمدة على قوة أجهزتها الاستخبارية التي ستكشف مكان الجندي اليوم او غدا و هذا ما لم يحدث حتى الآن ، حيث أثبتت المقاومة الفلسطينية قدرة عالية في التعامل مع هذا الملف ولم ترضخ للضغوطات الاسرائيلية والاقليمية وحتى من جهات فلسطينية للافراج عن شاليط باعتبار أنه لا أفق كبير في الاحتفاظ به لفترة طويلة لتضرب بذلك المقاومة نموذجا مثاليا في العمل المنظم الدقيق بالغ السرية والحنكة دون هفوة أو خطأ .

قبل شهور قليلة اعتمدت اسرائيل أسلوبا آخر في التعاطي مع الأزمة يتمثل في تكثيف العمل الاستخباري و البحث عن الجندي الأسير حتى عبر الأقمار الصناعية والمسح بالأشعة لمناطق قطاع غزة ، وفي نفس الوقت السماح باجراء مفاوضات غير مباشرة مع حركة المقاومة الاسلامية حماس حول الجندي ومطالبها لاسيما عبر الوسطاء المصريون .

النقاط الأساسية التي كانت محور التفاوض هي ترسيخ مبدأ التبادل في الافراج عن الأسرى من الطرفين الفلسطيني والاسرائيلي ، وهنا يسجل للجانب الفلسطيني رفضه الشديد ترك الأمر لحسن نوايا اسرائيل لتفرج عن المعتقلين الفلسطينيين وفقا لما تراه بل أكدت ايضا على التزامن في عملية الافراج حيث ان التجارب السابقة مع الاحتلال سلبية و يجب ألا تتكرر في ترك الأمر لحسن نوايا اسرائيل وهو ما تماطل فيه قوات الاحتلال حتى الآن ، و يضاف الى التبادل والتزامن مسألة المعايير الخاصة بالمفرج عنهم من الأسرى الفلسطينيين ، فلا يمكن ان تسمح المقاومة الفلسطينية لاسرائيل بأن تضع هي من تريد من الأسرى ضمن قوائم للافراج عنهم ، لأن ذلك لابد ان يكون من صلاحيات آسري الجندي الاسرائيلي .

وتشدد فصائل المقاومة على ضرورة الافراج عن المعتقلين أصحاب الاحكام العالية و المؤبدات الذين لا سبيل للافراج عنهم بغير هذا الأسلوب ، علما بان اسرائيل اعتقلت نحو 1500 فلسطيني منذ أسر شاليط و قتلت نحو 350 فلسطيني وأصابت المئات بجراح.

ومع تسارع الخطى نحو اتمام صفقة تبادل الاسرى بين حماس و اسرائيل تكثف الاستخبارات الاسرائيلية من نشاطها الأمني بالبحث عن شاليط و لن تتواني لحظة في تنفيذ أي عملية هجومية (كوماندوز) تراها مناسبة لمباغتة مكان احتجازه مهما كانت الخسائر لأن بقاءه بهذا الشكل يحرج الحكومة الاسرائيلية ، ويمرغ أنف أولمرت وكرامته في التراب ، وستقوم بتنفيذ عمليات ارهابية واجتياحات لمناطق في قطاع غزة لزيادة الضغط على فصائل المقاومة الآسرة للجندي و أيضا الضغط على الحكومة الفلسطينية سياسيا و ميدانيا في محاولة لاجبارها على التعاطي مع مطالب الرباعية ورفع الغطاء عن آسري شاليط  وكذلك للضغط على الشعب الفلسطيني الذي يسقط منه عشرات الشهداء و الجرحى يوميا ، بالاضافة الى محاولة صرف أنظار الجمهور الاسرائيلي عن الفضائح التي تظهر على ساحته يوما بعد يوم ، فمن هزيمة جيش الاحتلال في الجنوب اللبناني الى الفضائح الجنسية لرئيس الدولة الى الفساد المالي والأخلاقي بين الوزراء والسياسيين الاسرائيليين !!.

ورغم كل الارهاصات التي تشير الى قرب اتمام صفقة تعتمد على تسليم الجندي الاسرائيلي للوفد الأمني المصري المتواجد في غزة و بعد ذلك بيوم أو يومين تطلق اسرائيل سراح 640 أسير فلسطيني من النساء و الأطفال و بعد فترة زمنية تطلق سراح 360 أسير من ذوي الأحكام العالية بينهم عدد من قادة الفصائل الفلسطينية مع تعهد اسرائيلي بعد العودة الى اعتقال من يفرج عنه بعد اطلاق سراحه ،  إلا أنني أعتقد أن الصفقة لا زالت بعيدة نسبيا واسرائيل تعمل على كسب الوقت عبر المماطلة و التسويف وعدد الأسرى و نوعيتهم و غيره ، بالاضافة الى أنهم يريدون ولادة الصفقة خلال اجتماع يعقد بين الرئيس محمود عباس و رئيس الوزراء الاسرائيلي ايهود أولمرت حتى لا يظهر ان اسرئايل خضعت لحماس – وهو أمر لا ترفضه فصائل المقاومة- ليعلن بعد ذلك عن الافراج عن نحو ألف أسير فلسطيني و الجندي شاليط.

وهناك حديث يدور ان الصفقة ستمتد لتشمل الاتفاق على وقف اطلاق نار فلسطيني وتوقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة ووقف اطلاق الصواريخ كما وتطلق اسرائيل سراح الوزراء والنواب الفلسطينيين الذين اعتقلتهم بعد أسر شاليط وتقوم بفك الحصار المفروض على الفلسطينيين والسماح بإدخال الأموال ويترافق ذلك مع استقالة حكومة هنية وتشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة تكنوقراط بموجب اتفاق الفصائل.

على أية حال ما هو واضح أنه كلما اقتربنا من اتمام صفقة تبادل الأسرى ستزداد ذروة التصعيد العسكري الاسرائيلي على قطاع غزة و ربما الضفة الغربية وفقا للرؤية الاسرائيلية التي ترى ان ذلك ورقة قوية في صالح المفاوض الاسرائيلي خلال مفاوضاته غير المباشرة مع حماس حول اطلاق سراح شاليط ، ستنزف دماء كثيرة قبل أن نصل الى صفقة التبادل ومن يصبر أكثر سينتصر  .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات