الأحد 16/يونيو/2024

«خريطة الطريق».. لماذا الاهتمام الآن؟

«خريطة الطريق».. لماذا الاهتمام الآن؟

في خضم الحرب ووسط انغماس إدارة الرئيس الأميركي جورج بوش في عدوان على العراق، وحتى أثناء إعلانه مع القلة القليلة من حلفائه المنبوذين على المضي في حربه على المنطقة، أعطى بوش وقتاً للحديث عن الصراع العربي – الإسرائيلي، فخرج عن تجاهله لما يجري في فلسطين المحتلة، لا ليدين المجازر الوحشية وحرب الإبادة التي يشنها الكيان الصهيوني ضد الشعب العربي الفلسطيني بمباركة كاملة منه، بل لأجل محاولة إثارة الغبار والتعمية وليحقق جملة من الأهداف.

ففي حديثه ركز بوش على استعداده للإعلان عن «خريطة الطريق» ودفع الحكومة الإسرائيلية لوقف الاستيطان، لكنه اشترط لتحقيق ذلك حصول أمرين، الأول: تولي رئيس وزراء فلسطيني قوي يتمتع بصلاحيات فعلية.

الثاني: وقف الانتفاضة والمقاومة وتحسين الأوضاع الأمنية.

وقد كشف رئيس الوزراء البريطاني توني بلير عن جوهر إعلان بوش الجديد، عندما أفرد مساحة له في الحديث عنه في المؤتمر الصحفي للقمة الثلاثية في جزر الآزور حيث قال: إن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية محمود عباس (أبو مازن) الذي اقتُرح لتسلم منصب رئيس الوزراء في السلطة الفلسطينية هو (الشريك المناسب) لدفع عملية السلام في المنطقة قدماً.

ولا يخفى على أحد أن أبو مازن من أشد المعارضين في السلطة، للانتفاضة والمقاومة وهو يدعو علنا لوقفهما تحت شعار أن لا جدوى منهما، على أن مثل هذا الأمر يكشف كذب ونفاق واشنطن في الحديث عن الديمقراطية التي تدعو إليها في العراق وتحرمها على الفلسطينيين، عندما تعلن ومعها تل أبيب «أنها لن تفاوض غيره (أبو مازن)» فيما وجود السلطة الفلسطينية أصلاً يخضع للاحتلال مما يشير إلى أن إدارة بوش إنما تروج لديمقراطيات تضعها جيوش الاحتلال في فلسطين والعراق وغيرهما.

الاهتمام الأميركي المفاجئ بالموضوع الفلسطيني، برز في البيان الختامي حيث تضمن بنداً خاصاً للحديث عن الوضع في المنطقة عندما قال: «نؤكد رؤية للسلام في الشرق الأوسط تقوم على دولتين تعيشان جنباً إلى جنب في سلام وأمن وحرية، هما “إسرائيل” وفلسطين، وأن الزعماء يأملون في طرح خريطة الطريق لتنفيذ هذه الرؤية قريباً على الفلسطينيين والإسرائيليين».

ومثل هذا التركيز على الصراع العربي – الإسرائيلي يظهر إلى جانب الأهداف الحقيقية التي تتطابق مع الرؤية والنظرة الإسرائيلية لحل الصراع، إن الإدارة الأميركية أرادت من توقيت طرح الموضوع الآن تحقيق هدفين:

الأول: محاولة تهدئة الصراع في فلسطين المحتلة كي لا يشوش على حربها في العراق، وفي نفس الوقت تبرير جرائم شارون.

الثاني: إخراج بعض حلفاء الإدارة الأميركية في المنطقة من الإحراج الذي يسببه لها استمرار تجاهل واشنطن لما يجري في فلسطين والتركيز فقط على العراق وبالتالي إظهار أميركا وكأنها تسعى إلى تحقيق السلام في المنطقة، وهي تغطي مجازر شارون وتشن حربها العدوانية على العراق تحت شعار تحرير الشعب العراقي من الدكتاتورية.

ولهذا فان الأمر لن ينطلي على أحد، فإدعاء واشنطن بتحقيق السلام والديمقراطية في فلسطين لا يصمد أمام حقيقة مشروعها المعادي للأمة العربية والهادف إلى حماية الكيان الصهيوني وتكريسه وتمكينه من تحقيق مشروعه الاستعماري التوسعي إن كان على صعيد الأرض العربية أو الاقتصاد وهو ما يشكل أحد الأهداف الرئيسية للحرب الأميركية على العراق والتي كشف عنها وزير الخارجية الأميركي كولن باول وتتمثل في السعي إلى إعادة تشكيل خريطة المنطقة بما يعزز المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة واستطراداً بما يناسب الكيان الصهيوني وهو ما يجعل شارون من أشد المتحمسين لضرب العراق.

 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات