عاجل

الأحد 16/يونيو/2024

الحرب النفسية على العراق وطرق التصدي لها

الحرب النفسية على العراق وطرق التصدي لها

الباحث في الشئون السياسية والأمنية – غزة

  منذ أن بدأت الولايات المتحدة الأمريكية عدوانها الآثم على العراق الشقيق تنفيذا لأطماع استعمارية خبيثة  وإدراكا منها لصعوبة المعركة ورغبة منها في إيهام الرأي العام  بأنها حققت انتصارات زائفة  لجأت  الإدارة الأمريكية  إلى استخدام أسلوب  الحرب النفسية باعتبارها اكثر خطورة من الحرب العسكرية لأنها تستخدم وسائل متعددة ، إذ توجه تأثيرها على أعصاب الناس ومعنوياتهم ووجدانهم ، وفوق ذلك كله فإنها تكون في الغالب مقنعة بحيث لا ينتبه الناس إلى أهدافها ، ومن ثم لا يحتاطون لها .

   فالإنسان  يدرك خطر القنابل والمدافع ويحمي نفسه منها . ولكن الحرب النفسية تتسلل إلى نفس الإنسان دون أن يدري . وكذلك فان جبهتها اكثر شمولا واتساعا من الحرب العسكرية لأنها تهاجم المدنيين والعسكريين على حد سواء . كذلك هي اكثر دواما لأنها في أوقات السلم والحرب معا ، بل إنها تصوب هجماتها خارج الدولة الخصم نفسها حين توجه ذلك نحو الرأي العام العالمي .

فقد بات واضحا  أن الولايات المتحدة الأمريكية في حربها الحالية على العراق تستخدم أقذر وسائل وأساليب الحرب النفسية والتي بدأتها بإشاعة خبر اختفاء نائب الرئيس العراقي ( طارق عزيز ) ومن ثم إصابته وبعد ذلك مقتله بسبب تمرده على الرئيس صدام حسين ، ولكن لم نفاجأ عندما ظهر عزيز على شاشات التلفاز ينفي هذه الشائعة ، ولم تتوقف الولايات المتحدة عن بث هذه الحرب القذرة عندما أعلنت بعد الضربة الأولى للعراق والتي استخدمت فيه أكثر من 40 صاروخا من نوع كروز ، أنها دمرت مقرا للقيادة العراقية وبداخله الرئيس صدام ، ولكن الكذبة بانت فورا عندما ظهر الرئيس العراقي يلقي خطابه على شاشات الفضائيات ، ثم جاءت مسرحية اسر عدد كبير من الجنود العراقيين  ولن  ينتهي الأمر عند هذا الحد  وخصوصا أن الحرب في بداياتها ، فسوف نسمع ونشاهد الكثير من أساليب الحرب النفسية التي تستخدمها أمريكا ، فربما يخرج غدا أو بعد غد أو في الأيام القليلة القادمة مسئول أمريكي ليعلن عن تمرد عسكري ضد الرئيس صدام أو هروبه خارج بغداد أو قيامة باغتيال العديد من القادة العسكريين لرفضهم أوامره ، أو استخدامه لأسلحة الدمار الشامل ضد الجيش الأمريكي والبريطاني الغازي أو استسلام الآلاف من الجنود  العراقيين وما إلى ذلك من الإشاعات الهادفة للنيل من نفسية المواطن العراقي والعربي أيضا .

  منذ 6 شهور تقريبا قامت الولايات المتحدة بإلقاء 17 مليون نسخة من المنشورات فوق العراق وكان أخرها قبل الحرب بيوم واحد عندما قامت الطائرات الأمريكية بإلقاء 2 مليون منشور تطالب فيها من الجنود العراقيين بالاستسلام ورفع الراية البيضاء  .

بالإضافة إلى ذلك واستعدادا للحرب قامت الولايات المتحدة بتجهيز طائرة تبث باللغة العربية نداءات وأخبار إلى الجيش العراقي . وكذلك إنشاء محطة راديو تبث باللغة العربية وهذه المحطات تعمل على موجة FM وباستطاعة أي مواطن عراقي سماعها

   كل هذا وغيره الكثير يدخل ضمن الحرب النفسية التي تستخدمها أمريكا ضد الشعب العراقي وقيادته بهدف كسر إرادة   المقاومة وتحدد البحرية الأمريكية هدفها من الحرب النفسية بالقول بان الهدف الأساسي من الحرب النفسية هو فرض إرادتنا على العدو بهدف التحكم في أعماله باستخدام طرق غير عسكرية وغير اقتصادية .

   ترى الولايات المتحدة أن الحرب النفسية هي  جزء أساسي من الحرب الشاملة التي تخوضها ضد ما تسميه الإرهاب العالمي ، ولذلك فهي تلجا لاستخدامها قبل الحرب وفي أثنائها وفي أعقابها . وهي لا تخضع لرقابة القانون ولا للتقاليد الحربية ، بل إنها عملية مستمرة ، وهي وسيلة بعيدة المدى وليس من الضروري أن يظهر تأثيرها مباشرة مثل المعارك الحربية ، بل إن نتائجها قد لا تظهر إلا بعد شهور أو سنوات من تنفيذها .

   تحاول إدارة بوش من خلال هذه الحرب الخبيثة تسخير  الدين ووسائل الإعلام لانجاح مخططاتها .تطبيقا للرأي القائل  ” إن اعظم درجات المهارة هي تحطيم مقاومة العدو دون قتال ” .

 ومن هنا فان العدو الأمريكي البريطاني  في الحرب يسعى إلى إضعاف الروح المعنوية  مستخدما وسائل شتى منها الدبلوماسية والدهاء والعبقرية في الدعاية والإعلام إلى جانب قواته الجوية والبرية والبحرية ، وكذلك مخترعاته واكتشافاته العلمية والتكنولوجية . بل انه يستخدم أيضا إمكانياته الاقتصادية والقصد من كل هذه الوسائل هدف واحد هو إقناع الخصم بالهزيمة .

 

ومن الوسائل الخبيثة التي لجأت إليها القوات الغازية في حربها على العراق محاولة

تضليل  الرأي العام وعزل  الخصم عن أصدقائه وحشد التأييد والمساعدة العسكرية والاقتصادية والفنية من جانب الأصدقاء .

إضافة إلى إشغال  العرب في معارك جانبية ، وخلق الأزمات والصراعات الداخلية وباستغلال هذه الإحداث وتصعيدها ، ومحاولة لاستخدام أبواق الدعاية للنيل من الوحدة العربية والتشكيك في نوايا العرب ، وفي إخلاصهم وفي التزاماتهم إزاء القضية العربية المصيرية ناهيك عن إشاعة الفرقة والانقسام بين صفوف الامه ، والتفرقة بين الشعوب وحكوماتهم  ، والتفرقة بين الجيش وبين المدنيين ، مما يؤدي  إلى تمزيق الجبهة الداخلية واستنفاذ الطاقات في الخصومات.

 * أساليب الحرب النفسية :

تستخدم الولايات المتحدة والجيوش المعادية في حربها النفسية أربعة أساليب رئيسية وهي :

–  أولا: الدعاية  :-

وتقوم على استخدام وسائل الإعلام الحديثة من نشر وترويج للأفكار والمعتقدات والأخبار التي تود نشرها وترويجها بغرض التأثير في نفسية الأفراد وخلق اتجاهات معينة لديهم. والدعاية كأحد أساليب الحرب النفسية تأخذ أشكالا متنوعة طبقا للأهداف

   وتستهدف الدعاية في المقام الأول بث الفرقة وعدم الوئام بين صفوف الخصم ووحداته المقاتلة، فهي تسعي للتفريق بين الخصم وحلفائه وبين الحكومة والشعب وبين القادة والجنود وتقصد من وراء ذلك كله تفتيت الوحدة وتفريق الصفوف ليسهل لها النصر.

– ثانيا : الإشاعة :- من خلال  المبالغة في أخبار معينة والترويج لها ونشرها على نطاق واسع أو خلق أخبار لا أساس لها من الصحة بهدف التأثير على الرأي العام تحقيقا لأهداف سياسية أو اقتصادية أو عسكرية.

ويمكن  التصدي للإشاعة عن طريق تكذيبها ، أي عن طريق إعلان تكذيبها.

ويمكن أن يقوم بتكذيب الإشاعة شخصية كبيرة لها مكانتها الاجتماعية أو السياسية أو العسكرية وحينئذ يميل الناس إلى تصديقه اكثر من وسائل الإعلام العادية كما ينبغي أن لا تواجه الشائعات بإصدار بيانات أو تصريحات تستند إلى وقائع او معلومات غير دقيقة لمجرد المواجهة العاجلة للشائعات .

كما يمكن التصدي للشائعات من خلال  افتعال الأزمات وحبك المؤامرات :

   وذلك من خلال استغلال حادث أو حوادث معنية قد تكون بسيطة ولكن يتم استغلالها  بنجاح من اجل خلق أزمة تؤثر في نفسية العدو وتستفيد منها الدولة المستخدمة لهذا الأسلوب .

** طرق التصدي للحرب النفسية :

من هذا المنطلق ونظرا لحجم التأثير الكبير للحرب النفسية التي تشنها الولايات المتحدة الأمريكية فان وسائل إعلامنا العربية ومؤسساتنا مطالبة بالتصدي لهذه الحرب التي تشكل خطرا على الأمة ومستقبلها وعزتها وكرامتها  ولها أثار بعيدة المدى ومن ذلك تدعيم الإيمان بالحق، وبحتمية انتصار الحق على الباطل إذ أن  علماء النفس وخبراء الحرب النفسية يجمعون  على أن الحرب النفسية ” تؤثر بفعالية أكثر على الجنود الخالين من الإيمان الحق ومن العقائد الثابتة وذوي الوعي السياسي الضيق وغير المثقفين “.

   وتقع مسؤولية مقاومة الحرب النفسية على كل فرد من أفراد المجتمع ووسائل الإعلام  ويمكن تلخيص أساليب مقاومة الحرب النفسية فيما يلي:-

عدم إذاعة الأخبار والمعلومات عن الظروف العسكرية والاقتصادية والاجتماعية للوطن وذلك لأن العدو يحاول جمعها والاستفادة منها كما يجب الاحتفاظ بوجه خاص بأسرار الوطن حتى لا يلتقطها الأعداء.

القيام بعمل إيجابي فعال في ميدان التوعية القومية وتنفيذ الإشاعات المسموعة بالاستناد إلى الحجج والبراهين المنطقية والحقائق الملموسة الواقعية التي تحض الشعب ضد سموم الإشاعات المغرضة التي يروجها الأعداء وذلك بعقد الندوات وإلقاء المحاضرات في التوعية والإرشاد القومي.

العمل على تنمية الشعور بالثقة بالنفس وكذلك الإيمان بالله وبالوطن فان الثقة بالنفس أيساس كل نجاح كما إنها الدعامة القوية التي يقوم عليها صمود الشعب واستمرار نضاله وغرس القيم الدينية والخلقية حتى لا تدع الفرصة لتسرب المبادئ الانهزامية.

الدعوة لمواصلة الكفاح والصمود وعدم اليأس وحث الناس على المساهمة الإيجابية في المعركة كل في موقعه، فالعامل والموظف والفلاح كل يستطيع أن يضرب بمعوله في الإنتاج الذي يرتد أثره ولا شك على الجندي الرابض على خط النار، فإن الجهاد في الإنتاج لا يقل أهمية ولا شرفا عن الجهاد في ساحة القتال.

الاهتمام بالتدريب العسكري وكذا على أساليب الدفاع المدني، لان التدريب من شانه أن يبعث على الثقة بالنفس والاعتزاز بها كما يقوي الإحساس بالقدرة على مواجهة الخطر وعلى تزكية روح المبادرة في مهاجمة والحاق الهزيمة به.

التوعية المستمرة لأفراد الجيش بنوايا العدو وأهمية الدفاع عن الوطن ويلاحظ أن أي نقص في الإعلام لجنودنا ما هو إلا مدخل للدعاية التخريبية للعدو.

تنمية العلاقات الودية والصريحة بين القادة والمقاتلين حتى تسهل مكافحة الدعاية التخر

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات