عاجل

الخميس 09/مايو/2024

خيانة .. رغيف الخبز ؟!

خالد معالي

منذ القدم بحث الإنسان بكامل حريته عن أمنه الغذائي ، وطور لذلك أساليب الصيد وأدوات الزراعة البدائية ، حتى تمكن من تحقيق أكبر قدر من الأمن الغذائي وكان فرحا بحريته التي مكنته من توفير لقمة الخبز ، ولم تتوقف الحضارات ولا  الدول  بعد ذلك  عن البحث والتقصي واختيار الأفضل لتطوير أنظمتها وطرقها الزراعية حتى لا تصبح رهينة لبطونها ويسهل التحكم بها ومستعبدة بعد ذلك من قبل دول أخرى.

 وما يحصل في فلسطين من الارتهان والارتماء في أحضان الدول المانحة ، لتحصيل لقمة الخبز لشعبنا ، لا يقبل به أي عاقل أو أي حر وشريف، أن نرهن كرامتنا وحريتنا ونجعلها بيد غيرنا هذه سابقة لم تحصل ، ولن يسمح بها كل من عنده ذرة من عزة وشهامة ، صحيح أن ما جرى من اتفاقيات سابقة وظالمة رهنت شعبنا وقضيته رخيصة مقابل المال السياسي الذي كان يتدفق بدون رقيب ولا حسيب في فترة  اوسلو السيئة ، حتى ظن البعض أنه لن تقوم قائمة لهذا الشعب الأبي ، الذي قدم قافلة طويلة من التضحيات من خيرة أبنائه على مذبح الحرية ،حتى نسي أو تناسى البعض أن شهداء حركة فتح وغيرهم في معركة الكرامة لم يقدموا أرواحهم رخيصة على مذبح رغيف الخبز أو من أجل رغيف الخبز !

 وقضية الخبز التي أثيرت في الفترة الحالية ، لم نسمع بها طوال فترة الثورة الفلسطينية ، حيث لو أنها طرحت في السابق لكان يتهم مباشرة من يتكلم بها بالخيانة ولتم وصفه بأقبح العبارات والصفات من حركة فتح نفسها  وغيرها من الفصائل لماذا ؟ لأنه من البديهي أن الثورات تقوم وتثور لطلب ونزع الحرية من بين أنياب أعدائها وليس لطلب لقمة الخبز ، والا لبقيت أية ثورة في العالم ذليلة ومستعبدة ومنقادة لبطون ثوارها وشهواتهم الرخيصة ، ولا يجوز وقتها تسميتهم بثوار بل بالعبيد .

 وربط رغيف الخبز بالجوع فيه تجنٍ على الحقائق ، فلا أحد ينكر  شدة الحصار الصهيوأمريكي على شعبنا ، وكلام البعض خاصة من ذوي الرتب والرواتب العالية عن شدة جوعهم وأنهم لا يجدون ما يأكلونه ، هو كلام باطل يعرفه كل فرد فلسطيني ، وأن الهدف من هذا الكلام هو قلب الحقائق وإظهار الحكومة الحالية وكأنها غير قادرة على إطعام شعبها ، والإسراع في إسقاطها.. ظنا منهم..،  ليعودوا يقبضون رواتب خيالية لا نعرف ما هي الإنجازات التي قدموها لشعبهم حتى يتم صرف هذه الرواتب لهم، فالجوع وبسهولة تم التغلب عليه وذلك بفعل التكافل والترابط والتراحم من قبل أبناء شعبنا ،فشعب يريد الحرية يضحي بالغالي والنفيس ويجوع ويعرى لأجل حريته وكرامته،  وخلق قصص وهمية حول الجوع من خيال بعض من باعوا أنفسهم للشيطان والشهوات لن تجدي نفعا .

 وفعلت خيرا الحكومة الحالية بتصحيح دفة القيادة في السفينة التائهة ، فأموال العالم الإسلامي ليست أموال سياسية ، لأنها حق وواجب من العالم الإسلامي لدعم إخوانهم في فلسطين ، وأموال الغرب بات الكل يعرف أنها لبيع الحقوق والتنازل عن الثوابت مقابل رغيف الخبز  المسموم هذا الذي يقود للخيانة ، والخائن ثمنه رخيص جدا ليصل فقط إلى إطعامه رغيف الخبز هذا.

ومقولة تموت الحرة ولا تأكل بثدييها ، يبدو أنها قد باتت من العصور البائدة بنظر بعض البعض ، فالحر أو الحرة تعرف وتدرك مآل من يتهاون في شرفه وعرضه وكرامته ، ومن يهن يسهل الهوان عليه ، ولذلك لا يوجد أي تهاون أو أي تقاعس في هذه القضايا الحساسة عند الشرفاء، أما عند من هانت عليهم أنفسهم وكرامتهم ، فلا بأس من أن يكون رغيف الخبز هو أمنى أمنياتهم ، وذلك بعد أن روضوا على الذل والعبودية ، لأبناء القردة والخنازير، ولبوش هذا الذي يستبيح أعراض ودماء المسلمين صباح مساء.

 فشعبنا الذي جبل ترابه بدماء الشهداء ، لن يسمح أن تذهب دماء شهدائه وعذابات أسراه ، هكذا…. مقابل رغيف خبز ، فالشعوب الحية والمضحية قادرة على استعادة حقوقها طال الزمان أو قصر ،وزمن العبيد والاستعباد قد ولى إلى غير رجعة وغير مأسوف عليه .

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات