الإثنين 20/مايو/2024

الدراسات والإحصاءات في مواجهة مزاعم واشنطن عن حربها على الإرهاب

الدراسات والإحصاءات في مواجهة مزاعم واشنطن عن حربها على الإرهاب
الشرق القطرية 16/10/2006
 
 
– كانت إدارة الرئيس الأمريكي بوش تظن أن بإمكانها أن تستمر في مسلسل قلب الحقائق وتزييف الوعي على المستوى الداخلي الأمريكي أو على المستوى الدولي في إطار ما أطلقت عليه: (الحرب العالمية على الإرهاب) قبل أكثر من خمس سنوات معتمدة في ذلك أولا: على قوانين مكافحة الإرهاب وسرية المعلومات والتحركات التي تكتمت بموجبها على الكثير من انتهاكات حقوق الإنسان والحريات الفردية كالسجون السرية والتنصت على المكالمات الهاتفية ومراقبة الحسابات البنكية والتحويلات المالية، والاتفاقات والصفقات التي عقدتها مع معارضين أو مع حكومات الدول في العالم الثالث، وثانيا : على الدعاية السياسية في حملاتها الإعلامية التي اتضح أنها مشبعة بالخداع والأكاذيب في اتهام خصومها أو عزمها على نشر الديمقراطية في الشرق الأوسط والقضاء على الديكتاتوريات وضمان حرية التعبير للشعوب.

– لقد تأكد من خلال الأرقام والحقائق والمعلومات التي تضمنتها كتب أو دراسات صدرت عن مراكز أبحاث أو نشرت في تقارير سربتها وسائل إعلام أمريكية وغربية أو أجهزة استخبارات أو جهات أخرى أن السياسة الأمريكية لليمين المحافظ هي المسؤولة بشكل جوهري – وليس تنظيم القاعدة أو حركات المقاومة – عن تفريخ الإرهاب وازدياد حدته، وعن تصاعد وتيرة العنف والقتل وسفك الدماء مع عدم الاستقرار في الدول التي زعمت أنها جاءت لتحريرها وتخليصها من ربقة ظلم الأنظمة السابقة. . لذا أجزم أن التقارير الإعلامية والدراسات المرتكزة على الاحصاءات والحقائق الموثقة من ألد أعداء الإدارة الأمريكية لأنها توجه إليها أصابع الاتهام بصورة مباشرة بسبب اخفائها للحقيقة وهو ما أراد الصحفي الأمريكي المشهور (بوب وودورد) قوله في كتابه (دولة انكار الواقع) الذي أشار فيه إلى أنه في الوقت الذي يتحدث فيه بوش للكونغرس والرأي العام عن تقدم الجهود الامريكية لإقامة حكومة ديمقراطية في العراق بخطى ثابتة فإن التقارير المعدة من داخل البيت الأبيض تشير إلى تنامي خطر نشوب حرب أهلية.

– لقد كان واضحا منذ بدء حرب الإدارة الأمريكية على (الإرهاب) ما يلي :

أ- انها صورت تحركها الدولي بأنها رد فعل طبيعي ومنطقي على عنف (القاعدة) في حين غضت الطرف عن الأسباب التي دفعت هذه الجماعة وأمثالها إلى استهداف أمريكا. . فهي على سبيل المثال لم تتحدث عن سياستها المنحازة لإسرائيل أو عن التضييق والملاحقة لـ (الأفغان العرب) بعد انتهاء الحرب الأفغانية ضد السوفييت بمن فيهم (أسامة بن لادن) بعد أن كانت بعض الدول العربية تحثهم بدعم خفي منها على الجهاد ضد الاتحاد السوفييتي بأفغانستان.

ب- انها استغلت أحداث 11 سبتمبر لتصفية حساباتها ليس مع (القاعدة) فحسب بل وسعت نطاق حربها ضد دول تعارض سياساتها وسياسات إسرائيل مثل العراق آنذاك بذريعة دعاوى ثبت كذبها بما لا يدع مجالا للشك، أو ضد حركات إسلامية مقاومة مثل (حماس، وحزب الله) في خلط مقصود لتعريف الإرهاب دون أن تأخذ بعين الاعتبار الحق الذي كفله لها القانون الدولي بمقاومة المحتل وباختصار إنها استغلت الحادي عشر من سبتمبر كتبرير لمشروع امبريالي في الشرق الأوسط.

جـ – كان بوش ينفخ في الحرب على الإرهاب كلما خبا وهج جمرها لأنه جعلها مناط سياسته الخارجية بالنظر إلى كونها ترتكز على أبعاد ايديولوجية لغالبية فريقه ومستشاريه (أي أنها حرب مقدسة).

د- حاول بوش أن يقنع الرأي العام الأمريكي وحكومات الدول الأوروبية بأن الحرب على الإرهاب من شأنها القضاء على الإرهاب والعنف أو محاصرتهما على المستويين الإقليمي والدولي، وتقليل مخاطر عدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم بينما أثبتت الأيام أن كل ذلك لم يتحقق ومما زاد الطين بلة أن بوش وفريقه متهمان اليوم ضمنا بالكذب لأنهم لا يزالون يمارسون عملية تزييف الوعي بينما التقارير الداخلية للمخابرات والبيت الأبيض تقولان غير ذلك.

– ونعرض باختصار هنا لأهم أفكار بعض هذه الدراسات والتقاريرالتي كشفت المستور التي حاولت الإدارة الأمريكية حجبه عن الرأي العام الأمريكي والعالمي بصورة متتابعة لافتة للانتباه مشفوعة بالأرقام للتأمل وإدراك مدى حرج هذه الإدارة التي بات صعبا عليها تبرئة نفسها ونفي التهم المنسوبة إليها:

– دراسة جامعة جونز هوبكنر الأمريكية : واحد من كل أربعين عراقيا قتلوا نتيجة النزاع بالعراق، ومائة ألف مدني من العراقيين قتلوا بمسائل مرتبطة بالغزو الأمريكي بين مارس 2003 وسبتمبر 2004.
– وزيرة الخارجية البريطانية (مارغريت بيكيت) تدعو إلى غلق معتقل غوانتانامو معتبرة أن وجوده بقدر ما هو مفيد للأمن بقدر ما يساهم في زعزعة الاستقرار معتبرة أن الاعتقال المستمر للسجناء بدون محاكمة عادلة لهم غير مقبول على صعيد حقوق الإنسان.

– تقرير للأمم المتحدة: الحرب في العراق توفر لتنظيم القاعدة منطقة للتدريب وتجنيد الأعضاء الجدد.

– تقارير للمخابرات الأمريكية تؤكد زيادة (التشدد الإسلامي).

– الصحفي الأمريكي البارز: إدارة الرئيس بوش تتعمد اخفاء الحقيقة حول اتساع أعمال العنف التي تتعرض لها القوات الأمريكية في العراق حيث يتعرض الجنود هناك لهجوم كل 15 دقيقة معتبرا أن الوضع عام 2007 سوف يسوء بصورة أكبر. – وعلاوة على ما سبق فكل التقارير الإخبارية تشير إلى تزايد وتيرة الصراع الطائفي في العراق في الشهور الأخيرة والمضي في البلاد نحو هاوية التقسيم، أما في أفغانستان فهناك تحذيرات من قيادة حلف الأطلسي من احتمال انهيار نظام (كرزاي) خلال عام وعودة طالبان كقوة لا يمكن تجاهلها، أما في فلسطين فدور الإدارة الأمريكية مدعومة بالرباعية لم يعد خافيا في حصار الشعب الفلسطيني وتجويعه وإسقاط حكومة (حماس) وزرع بذور الاقتتال في صفوف الشعب الفلسطيني وبين فصائله وآخرها حملة بدأتها بهدوء بعد زيارة (رايس) الأخيرة للمنطقة تصل تكلفتها 42 مليون دولار للإطاحة بحكومة حماس ودعم خصومها قبيل انتخابات فلسطينية مبكرة محتملة.

– وبالرغم مما تتظاهر به الإدارة الأمريكية من إصرار على مواقفها بمحاربة الإرهاب ومزاعمها بنشر الديمقراطية في الشرق الأوسط فإن المراقب لا يسعه إلا أن يرصد ما يلي:

– انتقالها إلى مرحلة الدفاع عن النفس بدلا من الهجوم الذي كانت تتبناه بعد 11 سبتمبر واضطرارها للاعتراف ببعض الأمور التي كانت تخفيها بعد أن صار من الصعب انكارها مثل اعتراف بوش مؤخرا بالسجون السرية التي أقامها خارج نطاق القانون بأوروبا.

– لم تدحض الحجة بالحجة عند انتقاد معارضيها لها بل اكتفت بردود إنشائية عائمة مثل قول قائد القوات المتعددة الجنسية في العراق الجنرال الأمريكي كايس عن دراسة جامعة جونز هوبكنر التي سبق الإشارة إليها: (إن رقم 650 ألفا ـ قتلوا من العراقيين منذ الغزو الأمريكي عام 2003 ـ يبدو أكبر من الأرقام التي رأيتها. . لم أرَ رقماً أكبر من خمسين ألفا لذا لا أعطي صدقية على الإطلاق لهذه الدراسة.

– ولعل كل ما سبق يؤدي إلى التأكيد على وجهة نظر جوالترمان مدير برنامج الشرق الأوسط بمركز الدراسات الاستراتيجية الدولية بالولايات المتحدة الذي وصف رد الفعل الأمريكي على أحداث سبتمبر بأنه رد جاهل ومثير للكوارث ويجند أعداء جددا لأمريكا وتوقع بأن تدفع بلاده ثمن ذلك في المستقبل.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات