الجمعة 26/أبريل/2024

عباس بين لفني ورايس بشأن الموقف من حماس

أ. عماد صلاح الدين

 

لا زلت أذكر ذلك التصريح الصحفي الذي أدلت به وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي لفني في أواسط الشهر الماضي وذلك في مؤتمر صحفي مشترك جمعها مع وزيرة الخارجية الأمريكية كوندوليزا رايس حيث قالت في حينها: إن حكومتها ستواصل التعامل مع محمود عباس لكنها أضافت أنه سيتعين على عباس أن يتخذ قرارات صعبة بشأن علاقته مع حماس ومما قالته ليفني أيضا وقتها ” حان الوقت لأن يقرر محمود عباس هل ستعمل السلطة الفلسطينية وفق شروطه أو وفق شروط ” الارهابين ” وتابعت قائلة ” آمل أن يتخذوا القرار الصحيح من أجل تغيير الوضع “.

السؤال الذي يطرح نفسه هل السيد عباس استجاب لطلب السيدة ليفي التي هي في الأساس مطالب أمريكية وصهيونية وحتى من بعض الدول العربية و تأتي زيارة كوندوليسا رايس اليوم إلى المنطقة لتؤكدها ؟

لنرى الذي جرى على أرض الواقع ومن ثم نحكم إذا كان عباس قد استجاب أو لم يستجب.

عندما جاء بلير رئيس الوزراء البريطاني في جولته المكوكية المعروفة الغرض كما عودنا عليها بلير إلى المنطقة وإلى إسرائيل والأراضي المحتلة على وجه الخصوص وحيث كان غرضه الرئيس محاولة تهدئة الجبهة الداخلية الفلسطينية نظرا للمآزق التي وقعت وتورطت فيها أمريكا وإسرائيل ولا سيما فشلهما في الحرب الأخيرة على لبنان وفي القضاء على حزب الله الذي يعتبرونه اليد الاستراتيجية الطويلة في المنطقة، أرادت أمريكا وإسرائيل إجراء بعض التقييم والتغيير والتعديل في الأدوات والتكتيكات لمواجهة محور الشر الممتد من إيران وحتى حماس على حد تعبيرهم هذا التكتيك الجديد لتحقيق الهدف الاستراتيجي الصهيو- أمريكي والغربي في المنطقة والمتمثل بالقضاء على إيران ومشروعها النووي يتطلب وكما تبين من المواجهة والحرب العداونية على لبنان مبدأ معالجة المأزق بالتجزئة وعدم أخذ المحور المراد القضاء عليه دفعة واحدة، وثانيا لا بد من التهيئة والتمهيد الإعلامي على مستوى الرأي العام الإقليمي والدولي بما يعطي المبرر وان كان ظاهريا زائفا لأمريكا والصهاينة ومعها أطراف أوروبية وكذلك عربية رسمية في مواجهة هذا الرأي للانقضاض على إيران.

هذا هو التوجه الأمريكي والصهيوني في تكتيكاته المعدلة ابتداء لكن الأمر كما يبدو لم يرق لإسرائيل ومعها أمريكا أن يكون على هذا النحو وبالذات فيما يتعلق بتهدئة الجبهة الداخلية الفلسطينية ذلك لأن التهدئة على هذا النحو وما سيتمخض عنها من الموافقة الأمريكية والإسرائيلية على حكومة الوحدة الوطنية وما تقتضيه من رفع الحصار المالي والسياسي عن الشعب الفلسطيني ستكون بمثابة مكاسب لحماس ولو مؤقتا، ذلك لأن لجوء أمريكا وإسرائيل إلى محاولة تهدئة الساحة في فلسطين كان نتيجة لإخفاقات أمريكا وإسرائيل وتورط الأولى في كثير من المآزق بمعنى أنه ثمن سيدفع في كل الأحوال بسبب صمود المقاومة وحالة الصمود سواء في فلسطين أو ما جرى مؤخرا في لبنان، ولذلك فإن أمريكا وإسرائيل عدلت عن هكذا تكتيك إلى آخر يبدو أنه أكثر فاعلية.

هذا التكتيك الجديد يقوم على أساس ضرب الداخل بالداخل عبر التنازع الفصائلي أو الطائفي. الذي شجع أمريكا وإسرائيل على هكذا نهج هو وجود تيار عربي رسمي ومحلي فلسطيني لديه أجندة ورؤى حلولية تختلف حتى النقيض من تيارات وأنظمة المقاومة والممانعة في المنطقة، فهذا الواقع الموجود على الساحة الفلسطينية والعربية والإسلامية شجع أمريكا وإسرائيل لأن تضغط على تيار الحل الفلسطيني والعربي ليحسم قراره مع ما تسميه أمريكا وإسرائيل بمحور الشر، هذا الحسم ربما يصل إلى حد المواجهة، لأن هؤلاء أصحاب الأجندة الأمريكية والصهيونية باتوا بقبولهم للحسم مع أبناء جلدتهم ووطنهم لا يقبلون بالشراكة معهم حتى في سياق الحد الأدنى الجامع كبرنامج وطني للعمل على مستوى الداخل والخارج ما لم يتماشوا مع أجندتهم التي تقوم على صيغة السلام الأمريكي والصهيوني.

في الشأن الفلسطيني رأينا كيف أنه وبعد زيارة بلير إلى الأراضي المحتلة من أجل غرض تهدئة الجبهة في الساحة كما أسلفنا فيما سبق بدأت الأحاديث تدور بشكل جدي عن تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، وتم الاتفاق ما بين عباس والسيد إسماعيل هنية على محددات لبرنامج حكومة الوحدة الوطنية وتفاؤل الجميع فلسطينيا على هذا الاتفاق الذي تحدث كثيرون أنه جاء بضغط وتأثير المقاومة في فلسطين وبالتحديد نتيجة انتصار وصمود المقاومة في لبنان بالفعل هذا هو السبب نحو هذا التوجه الأمريكي والإسرائيلي، حيث المقاومة والصمود والمآزق الأمريكية الكثيرة فرضت عليهم تهدئة بعض الجبهات ولو بثمن، لكن الذي جرى أن تيار الانبطاح والعمالة في فلسطين ولبنان والمنطقة العربية وعلى وجه التحديد المثلث الجديد المصري والسعودي والأردني، هذا التيار يريد أن يقدم خدمة جليلة وعظيمة لإنقاذ الأمريكان والصهاينة وحفظ ماء وجههما حتى ولو على حساب مصلحة شعوب المنطقة العربية والإسلامية

عودة إلى عباس وهنية وقضية الاتفاق على حكومة الوحدة وبرنامجها فما أن أراد عباس السفر إلى الولايات المتحدة لحضور الدورة الحادية والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة حتى أعلن بقدرة قادر عن الحوار والمفاوضات بشان تشكيل حكومة الوحدة قد تم تجميدها إلى إشعار آخر ريثما عودته على الأقل من نيويورك وفي تلك الزيارة إلى نيويورك التقى عباس السيدة لفني وبوش على هامش دورة انعقاد الجمعية العامة، وتلقى عباس في هذين اللقاءين توجيهات أمريكية وإسرائيلية مباشرة كانت لفني قد أكدت عليها سابقا في سياق المؤتمر الصحفي المشترك مع رايس حول ما يتوجب على عباس فعله تجاه حماس، وهذه التوجيهات المباشرة تعلقت بأنه لا يمكن القبول بحكومة وحدة وطنية ما لم تعترف حماس بشروط الرباعية بشكل مباشر.

وعلى هذا الأساس رأينا كيف أن عباس أطلق تصريحه الشهير من على منصة الأمم المتحدة من أن أية حكومة قادمة ستعترف بإسرائيل وما أن وصل إلى عمان والقاهرة قادما من نيويورك حتى التقى عباس مع عدد من القيادات العربية والصهيونية في عمان ومن بينها الأمير بندر بن سلطان وعمر سليمان مدير المخابرات المصرية ويوفآل ديسكين رئيس جهاز الشاباك الإسرائيلي بالإضافة إلى أطراف أردنية حيث أخبره هؤلاء جميعا أن عليه أي عباس أن يحسم أمره مع حماس لأن أمريكا والصهاينة ولفيف من الأنظمة العربية لا يمكن أن يقبلوا بحكومة وحدة وطنية فيها حماس ولذلك قالوا له بأن يعطي الإيعازات لزلم الرئاسة وفي مقدمتهم الناطق الإعلامي باسمها نبيل عمرو لتحميل حماس مسؤولية فشل الحوار حول تشكيل حكومة الوحدة الوطنية ثم بعد ذلك ليعلن عباس أن المفاوضات بشأنها عادت إلى نقطة الصفر وأنه سيستأنفها من جديد ومن الصفر حينما يعود إلى غزة.

اجتمعت اللجنة المركزية والتنفيذية لحركة فتح وأوعزت إلى عباس بعدم الذهاب إلى غزة لأنه لا فائدة ولا طائل من وراء ذلك على حد تعبيرهم، وأن حماس فقط تريد جرجرتهم وإنها لا تريد القبول بالشروط الدولية وفي مقدمتها الاعتراف بإسرائيل.

إذن طالما أنه تم البت في موضوع عدم الشراكة مع حماس في حكومة الوحدة الوطنية استجابة للرغبة الأمريكية والصهيونية وتابعيهم من أنظمة العهر العربي فتم اتخاذ القرار من التيار المتصهين في فتح لرفع حالة الضغط على الحكومة داخليا وصولا إلى الانقلاب العسكري أو الميداني إن لم تفلح ما سبقتها من إجراءات وأدوات، وعلى هذا الأساس اجتمع عباس ومعه عبد ربه بأعضاء اللجنة التنفيذية فاقدة الصلاحية والشرعية ليحملوا الحكومة وحماس مسؤولية حالة الحصار وانقطاع الرواتب وفشل الحوار بشان تشكيل حكومة الوحدة الوطنية، هذا هو موقفهم الرسمي والنظري.

أما على أرض الواقع وبعد أن فشلت كل الجهود الانقلابية غير العسكرية والتخريبية سواء على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الدولي لإسقاط الحكومة الشرعية المنتخبة، لم يبق أمام هؤلاء سوى المراهنة على سلاح الداخل الفعال وهي إحداث الفتنة الداخلية والحرب الأهلية ليتحقق بالنار ما لم يتمكنوا من تحقيقه بالخنق والحصار وعلى هذا بدأ تيار التخريب والتدمير والفلتان الأمني المتصهين أكثر من الصهاينة أنفسهم بإعطاء الأوامر لرخيصي الذمم ممن يسمون أنفسهم بمنتسبي الأجهزة الأمنية وهم قلة لا يمثلون أبناء شعبنا بالاعتداء على الأماكن والمؤسسات العامة وقطع الطرق وإشعال الإطارات والتعدي على أصحاب المحلات التجارية وفرض الإضراب بالقوة في قطاع غزة وغيرها من الأمور التي تمس سير حركة المنفعة العامة للناس ورغم أن هؤلاء اللذين يسمون أنفسهم بمنتسبي الأجهزة الأمنية ممنوع عليهم القيام بالمظاهرات والاضطرابات وحتى عقد الاجتماعات لنقد السلطة الفلسطينية بموجب القانون، وبالتحديد قانون الخدمة المدنية رقم 8 لسنة 2005 إلا أن السيد عباس والمشهراوي وعزام الأحمد وغيرهم ووسائل وأبواق إعلامهم يعتبرونهم متظاهرين ومحتجين وأن أية حكومة ستسقط إن حاولت قمع إضراب واحتجاج هؤلاء!! فما معنى كل هذا سوى أن هؤلاء المخربين والمدمرين والمعطلين لحركة الناس يأتمرون بأمر من سبق ذكر أسمائهم وغيرهم.

القوة التنفيذية التي شكلها وزير الداخلية بموجب القانون الأساسي والذي يخوله هذا القانون ذلك، لأن من صلاحياته حفظ الأمن والنظام وتنفيذ القوانين وعدا عن ذلك أن قادة الأجهزة الأمنية المحسوبة على فتح لم تستجب لتعليمات وزير الداخلية وعباس نفسه أعلن عن ضم هذه الأجهزة مباشرة إلى مؤسسته الرئاسية علما أن تبعية هذه الأجهزة بموجب القانون تكون للوزير المختص وهو بالطبع وزير الداخلية وليس الرئيس هنا عباس هذه القوة التنفيذية رغم شرعية وقانونية تأسيسها يعتبرها نبيل عمرو عنصر تأزيم في الشارع الفلسطيني بغزة أما فرق الموت والفساد الدحلانية والرجوبية والمشهراوية وغيرها فهذه لابد من بقائها لأنها قوة المحافظة وصمام الأمان لبقاء الفساد والتخريب وبالتالي بقاء هؤلاء على رأس مصالحهم وامتيازاتهم ودكاكينهم الخاصة.

إن ما يجري الآن في قطاع غزة والضفة هو مشروع فتنة وحرب أهلية أرادته وخططت له أمريكا وإسرائيل عوضا عن استحقاقات فشلهما في مشروع ما يسمى بالشرق الأوسط الجديد فبدلا من أن تقوم أمريكا وإسرائيل بتكرار فشل القوة في المواجهة الشاملة أو التنازل لصالح بعض الجبهات تكتيكيا للاستعداد والتقاط الأنفاس فوكلت الأمر إلى تكتيك أكثر فاعلية وتأثير في قصم ظهر المشاريع الوطنية والمشروع الوطني الفلسطيني تنفذه أطراف داخلية لا علاقة لها لا بوطن ولا بفتح سوى مصالحهم هم وأسيادهم كما يجري الآن في فلسطين وكما يروج له – كذلك – على قدم وساق في لبنان والسودان وللأسف قبلت هذه الإطراف الداخلية مستويات الخلاف والنزاع والمواجهة كافة محليا وعربيا والابتعاد عن كل ما يوحد جهودهم حتى في سياق حدها الأدنى فالدول العربية لم تتفق على المبادرة العربية في تقديمها كمشروع إلى مجلس الأمن وطالب بعضها بالرجوع إلى المفاوضات بالصيغة القديمة العبثية التي ثبت فشلها وأما عباس فنسي المبادرة ونسي وثيقة الأسرى وعاد إلى سابق عهده حول خارطة الطريق أحادية الجانب!!.

نعم لماذا الكذب على أنفسنا وعلى شعبنا وامتنا لماذا لا نقول الحقيقة وهو أن هؤلاء من مبارك حتى عباس يستجيبون وحرفيا لأسيادهم الأمريكان والصهاينة أليس الذي ذكرناه هو ما تريده أمريكا وإسرائيل، إنهم لاشك مخلصون لأعداء أمتهم وشعوبهم لقد استجاب عباس لما طلبته لفني منه فها هو قد

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الاحتلال يشن حملة دهم واعتقالات في الضفة

الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني - فجر الجمعة- عددًا من المواطنين خلال حملة دهم نفذتها في أرجاء متفرقة من...