الجمعة 17/مايو/2024

طمس متواصل لمعالم مقبرة مأمن الله التاريخية في القدس

طمس متواصل لمعالم مقبرة مأمن الله التاريخية في القدس

يواصل الاحتلال الصهيوني طمس معالم مقبرة “مأمن الله” التاريخية، وهي أقدم وأكبر مقبرة إسلامية في مدينة القدس المحتلة، وتضم عددًا من قبور صحابة النبي محمد صلى الله عليه وسلم.

ويؤكد الشيخ رائد صلاح، رئيس الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948، الذي يكافح للحفاظ على ما تبقى منها؛ أنّ معظم أجزاء هذه المقبرة قد اختفى بعد أن بنت الحكومة الصهيونية على أجزاء كبيرة منها فنادق وشوارع، وأما الجزء المتبقي فهو الآن أيضاً عرضة لبناء مشروع استعماري آخر.

ويقول الشيخ صلاح إنّ المحكمة الصهيونية العليا عيّنت طرفاً ثالثاً للقيام بمهمة التوفيق بين الفلسطينيين وبين الشركة التي لا تزال تصر على إقامة مبناها على حساب مقبرة “مأمن الله”، وهذا الطرف هو صهيوني يدعى مائير شمجار، وكان قد شغل منصب رئيس المحكمة الصهيونية العليا في الماضي، وهو مرشح حالياً لمنصب رئيس الكيان الصهيوني.

– وقف إسلامي باق حتى قيام الساعة

وأوضح الشيخ صلاح “في آخر لقاء بيننا؛ قال لي أحب أن اسمع موقفكم الأخير، فقلت له رأيي أنّ مقبرة مأمن الله هي وقف إسلامي باق حتى قيام الساعة، ولا نقبل أن تخضع لاستعمال دنيوي يزيل قدسيتها، ولذلك نحن نطالب بأن تخرج الشركة وتخرج آلياتها فوراً، ونقل جوابنا إلى المحكمة العليا التي أصدرت قرارا بوقف عمل الشركة هناك”.

لكنه صلاح استطرد قائلاً “عملهم فوق المقبرة كان قد بدأ منذ أسابيع وبعد قرار المحكمة توقف العمل، ولكنّ الآلات لا تزال هناك حتى اليوم، وهذا ما يدعو للشك بأنّ الشركة لن تخضع لقرار المحكمة العليا بل ستواصل أعمالها”.

وعن المبنى المزمع إقامته فوق ما تبقى من المقبرة؛ يقول رئيس الحركة الإسلامية “أسموه متحف التسامح، فقلنا إنّ هذه تسمية بحد ذاتها فضيحة تفضح هذا المشروع، ولا يعقل أن يقام متحف تسامح على حساب مقدسات الآخرين، ومن هنا بدأ الصراع معهم حتى هذه اللحظات”.

ويتحدث الشيخ رائد صلاح عن المقبرة ويقول “تقع المقبرة غربي المسجد الأقصى المبارك بجوار مبنى تاريخي هو مبنى المجلس الإسلامي الأعلى، الذي كان عبارة عن مقر الحاج أمين الحسيني، وأصلاً كانت تصل مساحة هذه المقبرة إلى 200 دونماً حتى عام 1967 وكانت تحوي 70 ألف قبراً، والآن وجدت الشركة 300 قبر”، وأما البقية فقسم منها بني عليها فنادق صهيونية وقسم آخر شق عليه شارع سيارات وقسم عليها موقف سيارات صهيونية، وبقي من المقبرة 19 دونماً وقعت عليها الاعتداءات منذ عام 1967.

وعن الصحابة الذين دفنوا في هذه المقبرة؛ يقول الشيخ صلاح “مجموعة من الصحابة لا نعرف عددهم دفنوا فيها، ودفن بعد ذلك أجيال من التابعين وأجيال من أتباع التابعين، وأكثر من دُفنوا من المسلمين في هذه المقبرة هم جنود صلاح الدين الأيوبي الذين رافقوه في مسيرته التي تتوّجت بتحرير القدس”.

وذكرت كتب تاريخية عديدة أنّ هذه المقبرة تأوي رفات أكثر من سبعين ألفاً بين صحابي وشهيد وعالم وزاهد، مثل الأمير عيسى بن محمد العكاري الشافعي وقد كان هو أحد كبار مستشاري صلاح الدين الأيوبي، والشيخ شهاب الدين “أبو العباس”، وقاضي القضاة شيخ الإسلام محمد بن جمال الدين بن سعد بن أبي بكر بن الديري العبسي الحنفي.

– المقبرة .. شاهد على العدوان

احتلت المنظمات الصهيونية عام 1948 الجزء الغربي من مدينة القدس فسقطت من ضمنها مقبرة “مأمن الله”، وفي العام نفسه أُعلن عن إنشاء الكيان الصهيوني، الذي بدوره أقرّ قانوناً بموجبه تعتبر جميع الأراضي الوقفية الإسلامية وما فيها من مقابر ومقامات ومساجد، أراض تدعى “أملاك الغائبين” ويديرها “حارس أملاك الغائبين”، وله حق التصرف بها، وبذلك أصبحت مقبرة “مأمن الله” ضمن هذه الأملاك المستولى عليها.

ومنذ ذلك الحين دأب الصهاينة على تغيير معالم المقبرة وطمس كل أثر فيها، حتى أنه لم يتبق فيها سوى أقل من خمسة في المائة من القبور، وقُدِّرت المساحة المتبقية فيها بحوالي ثمانية في المائة من المساحة الأصلية.

وفي عام 1967 حوّل الكيان الصهيوني جزء كبير من المقبرة إلى حديقة عامة دُعيت “حديقة الاستقلال”، حيث جُرفت أراضي المقبرة ونُبشت القبور وهياكل الموتى فيها، وشُقّت الطرق في أجزاء منها، كما بُني على أجزاء أخرى منها.

وفي عام 1985 أقامت وزارة النقل الصهيونية موقفاً للسيارات على قسم كبير منها، وفي الخامس عشر من كانون ثاني (يناير) من عام 2000، قامت شركة الكهرباء الصهيونية بحفريات في المقبرة اعترضت عليها دائرة الأوقاف الإسلامية العامة في حينه، ويُستخدم جزء من المقبرة حتى اليوم كمقر رئيس لوزارة التجارة والصناعة الصهيونية.

أما في عام 1992 فقد نُقلت مسؤولية مقبرة “مأمن الله” من “حارس أملاك الغائبين” إلى سيطرة بلدية الاحتلال في القدس، التي برع رؤساؤها من تيدى كوليك وإيهود اولمرت وحتى اليوم في إزالة معالم المقبرة، كما يعملون على طمس معالم المدينة المقدسة بكاملها.

وفي شهر أيلول (سبتمبر) 2002 أعلنت المؤسسة الصهيونية عن نيتها إقامة مجمع للمحاكم الصهيونية في منطقة المقبرة، سعياً منها لمسح أثرها نهائياً.

وفي الأسبوع الأول من شهر كانون أول (أكتوبر) 2005؛ عاود الاحتلال الاعتداء على حرمة الموتى وقبورهم في مقبرة “مأمن الله”، فقامت الجرافات الصهيونية وأكثر من 140 عاملاً بتجريف أرض المقبرة ونبش القبور وإهانة كرامة الموتى، تمهيداً لإقامة مشروع أمريكي صهيوني بواسطة مركز سيمون فيزنتال الصهيوني، على مساحة 21 دونماً، يضم بنائين كبيرين أحدهما باسم “الكرامة الإنسانية” والثانية باسم “متحف التسامح”، بكلفة 200 مليون دولار، بتمويل المركز المذكور الذي يتخذ من لوس أنغلوس بالولايات المتحدة مقراً له. وسبق أن وُضع حجر الأساس لما يسمى بتحف التسامح في حفل كبير، حضره رئيس الوزراء الصهيوني حالياً إيهود اولمرت وحاكم كاليفورنيا أرنولد شوارزينغر.

– متحف “للكرامة الإنسانية”!

وقد بدأت الشركات المتعهدة بالعمل على رفع السور المحيط بالمقبرة من مترين إلى ارتفاع أربعة أمتار، حتى لا يرى أحد الجرائم التي تُرتكب بحق الموتى. ولم تكتف الشركات بهذا؛ فقد عمدت إلى نصب خيمتين كبيرتين لستر ما تقوم به من انتهاكات واعتداءات على رفات وهياكل الموتى، تحت حراسة العشرات من جنود الاحتلال المنتشرين في محيط المقبرة وأثناء العمل بها. ورغم ذلك كله؛ فقد أفاد بعض العمال بأنه يعمل في الموقع حوالي 150 شاباً وشابة يهودية، وأنهم يقومون بحفر القبور تحت الخيام. ويتضح من شهادات أخرى أنه كُشف في موقع إقامة المتحف وحتى الآن وتحت أنظار سلطة الآثار عن أكثر من 150 هيكلاً عظمياً.

وفي شهر كانون الثاني (يناير) 2006؛ أعلنت الصحف العبرية عن قرار الحكومة الصهيونية افتتاح مقر ما يسمى “مركز الكرامة الإنسانية – متحف التسامح” في مدينة القدس، على ما تبقى من مقبرة “مأمن الله”، الأمر الذي يؤكد تصميم الصهاينة على إنهاء وجود المقبرة.

وسبق أن طالبت الهيئات الإسلامية، ومنها مفتي القدس وقاضي القضاة ومدير دائرة الأوقاف؛ بوقف العدوان على مقبرة “مأمن الله” لكونها مقبرة إسلامية. وأصدرت تلك الهيئات فتوى تحرم تدنيس المقابر والاعتداء على حرمتها وقدسيتها ونبش قبورها، مناشدة كافة الهيئات والمؤسسات المختصة وجمعيات حقوق الإنسان، الوقوف في وجه الهجمة ضد المقدسات وضد الأموات، وبتنفيذ كافة القرارات الصادرة عن المحكمة الشرعية ذات الاختصاص في هذا المجال.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

حماس تعلق على كلمة عباس أمام قمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام أعربت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عن أسفها مما جاء في كلمة رئيس السلطة محمود عباس أمام القمة العربية...

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

المقدسيون.. شرف الانتماء وضريبة الرباط

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام في غمرة الكفاح الذي يخوضه الشعب الفلسطيني رفضاً للاحتلال، وطلباً للحرية، ودفاعاً عن المقدسات، تتواجد ثلّة...

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

حماس ترحب بالبيان الختامي لقمة البحرين

القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام رحّبت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالبيان الختامي الصادر عن القمة العربية الثالثة والثلاثين التي عُقدت...