درع الشمال.. حروب إسرائيل الجديدة
تمثل العملية العسكرية والهندسية التي أعلنتها “إسرائيل” صباح الثلاثاء 4-12، وأطلقت عليها اسم درع الشمال بهدف تدمير ما تزعم أنها أنفاق هجومية تابعة للمقاومة اللبنانية وحزب الله على الحدود مع لبنان، توجهات الحرب الجديدة والمفضلة لدى دولة الاحتلال في السنوات الأخيرة، والتي أطلقت عليها مصطلح “مبم” ،(أي المعركة ما بين الحروب) والتي تعني خوض معارك محدودة الأهداف، وتتجنب الالتحام المباشر، وتعتمد على الاستخبارات، وتركز على عمليات سلاح الجو والوحدات الخاصة بما يتلاءم مع الوثيقة الاستراتيجية للجيش 2015، فلماذا “مبم ” ولماذا درع الشمال؟
تشكل درع الشمال وعمليات مبم بشكل عام ردًّا أمنيا إسرائيليا على القيود والمشاكل الاستراتيجية العميقة التي تواجه “إسرائيل” والمتعلقة بغياب العمق الاستراتيجي، وخصوصا في عصر الصواريخ التي يمتلكها عدو غير تقليدي على شكل منظمات المقاومة في فلسطين، ولبنان إضافة إلى القدرات البشرية الإسرائيلية المتراجعة من حيث العدد وقدرات التجنيد الواسع ولفترة طويلة، ومن حيث المعنويات والقدرة على الصبر والصمود في زمن القصف والحروب، كما ظهر ذلك جليا في احتجاجات وهروب سكان مستوطنات غلاف غزة من طائرات ورقية و بالونات حارقة أبدعها الفلسطينيون في غزة، وهكذا تعتقد “إسرائيل” أنها لن تدفع ثمنا باهظا من حروب “مبم” كدرع الشمال.
تظهر عملية درع الشمال وحروب “إسرائيل” الجديدة “مبم” تناقض القوة الذي تعيشه دولة الاحتلال، فمن جهة لديها أقوى وأحدث الأسلحة الامريكية، وهي مزودة بأحدث أنواع التكنولوجيا العسكرية المتطورة وهي بهذا تمتلك أسلحة دمار فتاكة وقادرة على تدمير لبنان وما حوله، لكنها في نفس الوقت لا تمتلك القدرة الفعلية على تحقيق وإطلاق إمكانياتها الهائلة بسبب “قيود القوة” العامة، ومنها السياسة الدولية على سبيل المثال وقيود قوة “إسرائيل” الخاصة كالقيود المجتمعية والجغرافية.
من غير المتوقع أن تؤدي عملية درع الشمال إلى حرب واسعة مع حزب الله ما تعلق ذلك بـ”إسرائيل”، لأن ذلك يتناقض مع مصالح “إسرائيل” الأمنية والسياسية والاقتصادية، والتي تتلخص في تعطيل أكبر عدد ممكن من أنفاق الشمال في إطار حربها الأوسع التي تستهدف منع تعاظم قدرات حزب الله، ومع ذلك قد يحدث احتكاك ما يربك الحسابات الإسرائيلية، لذا تعتمد “إسرائيل” سلفا على المساندة الأمريكية وعوامل الضبط والكبح الدولي لأي تصعيد، والمتمثلة في فرنسا وروسيا.
قد يشكل درع الشمال في الحقيقة درعا واقيا لرئيس الوزراء نتنياهو أيضا، فـ”سيد الأمن” في “إسرائيل” تعرض لنكسة سياسية داخلية تمثلت في ضعف حكومته بعد استقالة وزير دفاعه ليبرمان بسبب ما أصبح يعرف إسرائيليا وإقليميا بفشله أمام الشعب الفلسطيني في غزة، ومن جهة أخرى قد تثبت درع الشمال للمجتمع الإسرائيلي صحة أقوال وادعاءات نتنياهو بوجود حالة أمنية طارئة تمنع حل الحكومة وعقد انتخابات مبكرة، وتحتم ضرورة الالتفاف حول القائد نتنياهو، كما إنها قد تؤكد تبريراته المستمرة لتراجعه أمام غزة حيث الخطر أكبر في الشمال في حزب الله وإيران.
لقد أكدت البداية الصاخبة من الناحية الإعلامية لعملية درع الشمال حرص “إسرائيل” على توظيف العملية في حربها المستمرة على الذاكرة، ذاكرة الإسرائيلي بتقويتها وجبر كسرها في غزة و خان يونس، وذاكرة الفلسطيني والعربي بأن “إسرائيل” ما زالت تملك زمام المبادرة والمفاجئة، وسوف تستمر في ذلك عبر نشرها لأنباء وبيانات وصور ما ستزعم أنه أنفاق هجومية خطيرة وصلت إليها نتيجة قدراتها الاستخباراتية والتكنولوجية “الخارقة”، وذلك في تكرار لتجربتها مع أنفاق غزة، والتي لم تنجح في نهاية المطاف في وقف أو إضعاف روح وإمكانات المقاومة المتجذرة لدى الفلسطينيين واللبنانيين، والشعوب العربية بشكل عام.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
تحذير حقوقي من كارثة إنسانية خطيرة في رفح مع إغلاق المعابر
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن نذر كارثة إنسانية خطيرة متعددة الأبعاد بدأت تتفاقم سريعًا في رفح جنوب قطاع...
تركيا تطالب إسرائيل بالانسحاب من معبر رفح فورا
أنقرة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الخارجية التركية، إن "أي عملية ستجري في رفح ستؤثر على العالم بأسره"، ودعت إسرائيل إلى الانسحاب فورا من...
شيخ الأقصى يدعو الأمّة لمواجهة المؤامرة الصهيونية وشد الرّحال للقدس
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد الشيخ رائد صلاح في مقابلة إعلامية أنّ سعي الاحتلال لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك ليس جديدًا بل هو...
هيئة حقوقية: ارتفاع عدد معتقلي الضفة إلى 8610 منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت هيئة الأسرى وشؤون المحررين ارتفاع عدد المعتقلين في الضفة الغربية المحتلة، الثلاثاء، إلى 8 آلاف و610...
أونروا تطالب بإعادة فتح المعابر الرئيسية في غزة دون تأخير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن "المعابر الرئيسية في قطاع غزة...
وفد قيادي من حماس يصل إلى القاهرة لمتابعة جهود وقف العدوان
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الثلاثاء، أن وفدًا رفيعًا برئاسة رئيس حركة حماس في غزة د. خليل الحية، وصل إلى...
حمدان: الكرة في ملعب نتنياهو وعصابته وعمليته العسكرية برفح لن تكون نزهة
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان مساء اليوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي في العاصمة اللبنانية بيروت، أنه وعلى...