عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

غزة.. هدوء أم عاصفة مؤجلة؟

غزة.. هدوء أم عاصفة مؤجلة؟

كثيرون توقعوا أن تشتعل موجة تصعيد قاسية على الأقل إن لم تكن حرباً واسعة، عقب إعلان كتائب الشهيد عز الدين القسام الاستنفار في صفوف عناصرها عبر بيان مقتضب أصدرته في وقت مبكر من صباح اليوم الخميس، إلا أن حالة مريبة من الهدوء تسود قطاع غزة حتى اللحظة.

جاء بيان القسام عقب ارتقاء  3 شهداء من قوات “حماة الثغور”، وإصابة رابع بجراح بليغة، مساء أمس الأربعاء، إثر قصف مدفعي إسرائيلي لنقطة رصد للمقاومة شرق مدينة غزة، ما دفع المقاومة الفلسطينية إلى الرد بشكل محدود عبر قصف غلاف غزة بقذائف الهاون.

وفي بيانها شددت كتائب القسام على أن “العدو سيدفع الثمن غاليًا من دمائه جراء هذه الجرائم التي يرتكبها يوميًا بحق شعبنا ومجاهدينا”، فما الذي يحدث وما سر هذه اللحظات الهادئة غير المتوقعة التي يحياها قطاع غزة، وهل هو الهدوء الذي يسبق العاصفة؟

الباب مفتوح
المحلل السياسي حمزة أبو شنب قال لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، إن الباب مفتوح الآن كي ترد المقاومة على العدوان الإسرائيلي، وهي من تقرر المكان والزمان والكيفية، وقال: “الآن نحن في حالة لا تهدئة وبالتالي كل شيء وارد”.

ويوافقه في الرأي المحلل السياسي أيمن الرفاتي  الذي بيّن أن الهدوء خلال الساعات الماضية، ورفع كتائب القسام والفصائل معها درجة الجهوزية، يشير إلى أن المقاومة عازمة على ردٍّ مناسب لردع الاحتلال ومنعه من تكرار هذه الحادثة.

ويعتقد الرفاتي في حديثه لـ“المركز الفلسطيني للإعلام”، أن المقاومة تتحين الفرصة المناسبة لهذا الرد، وهذا الأمر هدفه تثبيت معادلة الدم بالدم كما تم مسبقا تثبيت معادلة القصف بالقصف.

شفا الهاوية
من جهته يرى الكاتب والمختص في الشأن الإسرائيلي عدنان أبو عامر أن “حماس” والاحتلال يسيران على شفا الهاوية، ولا يريدان الوقوع فيها، معللاً ذلك بعلم الجانبين بأن المواجهة ستكون ضارية وصعبة ومختلفة ومكلفة.

وقال أبو عامر لـ”المركز الفلسطيني للإعلام”: “لا أحد يمكن  أن يضمن ألا تنتقل الأمور لمآلات صعبة في حال ارتقى عدد كبير من الشهداء أو نفذت المقاومة عمليات أدت لقتل عدد من الصهاينة”، مؤكداً أن حسابات هذه المرحلة دقيقة وحساسة جداً.

وشدد أبو عامر على عدم رغبة “حماس” في الوصول للمواجهة، لكنه قال إنها تخشى من أن تباغتها “إسرائيل” بضربة قاسية تؤثر على قدراتها العسكرية أو تقتل قادة مؤثرين.

ويعتقد أن فرص التصعيد والهدوء متساوية، لكنه استدرك أن فرص التصعيد ربما تكون أكبر لأن المقاومة لا يمكن لها أن تقبل بالعودة إلى المعادلة السابقة “الهدوء مقابل الهدوء”، مبيناً أنها تبحث عن تسويات تتعلق بواقع قطاع غزة وحصاره وحالته الإنسانية المتردية.

معادلات ميدانية وسياسية
الباحث في الإعلام السياسي والدعائي، حيدر المصدر، يوافق أبو عامر في أن فرص التصعيد أوفر حظاً في المرحلة الحالية، لأسباب أهمها غياب الرؤية السياسية داخل الكيان فيما يتعلق بطريقة التعامل مع غزة، فهي من وجهة نظره لا تملك أي مسلك واضح، سوى المتمثل في الضربات العسكرية الموضعية والتشديد الاقتصادي.

ويؤكد في حديثه لـ “المركز الفلسطيني للإعلام” أن غياب هذه الرؤية سيبقي الحال بشكله القائم، مالم تلج الحالة في منعطفات تخرجها عن السيطرة باتجاه مواجهة شاملة، أو أن تنقلب بالكامل باتجاه ترتيبات معينة، تبعد شبح الحرب، مستبعداً ذلك في القريب المنظور، خاصة في ظل غياب جهد دولي حقيقي، متفق عليه.

وحول أسباب الهدوء الحالي بعد صدور بيان القسام، يرى المصدر أن الأمر يعكس مفهومي الاحتراز والاستعداد، بمعنى عدم منح الكيان فرصة تنفيذ عمل استباقي غادر، وفي ذات الوقت تنفيذ رد سريع في حال وقوع اعتداء، بغض النظر عن شكله، فالمقاومة، بحسبه، تسعى إلى تثبيت قراءة جديدة تخالف توقعات الكيان، بكونها مستعدة لخوض أي مواجهة في حال فرضت عليها، وأن الوضع الإنساني القائم في غزة لن يشكل عائقاً أو عامل ضغط يقيد حريتها على صعيد الرد العسكري.

وأضاف، في سياق تعليقه على الهدوء القائم، “ترغب المقاومة أيضاً في منح مساحة ملائمة لأي وساطات محتملة، بشرط تلبيتها للحد الأدنى المقبول، وهي بذلك تؤكد أنها لا تسعى لحرب أو مواجهة، بقدر ما تعكس لحالة انفتاح على أي حل معقول بشرط عدم مساسه بالثوابت”.

 أما الرفاتي فيرى إن هناك إمكانية عالية لتدحرج الأمور لمواجهة شاملة في قطاع غزة، نظراً لحساسية الموقف، مبيناً أن المقاومة تدرك خطورة هذا الأمر، ومستعدة عسكرياً له، لكنها تقدر المصلحة العامة دائما، وتحاول تجنب المعركة، والاستمرار في مراكمة القوة العسكرية.

وأوضح أن المقاومة  تدرك أن الاحتلال أيضا لا يريد الذهاب لمواجهة حالياً، وبالتالي يمكنها الرد على الاحتلال بما يوازي فعلته بحيث تكون الكفة متساوية، وفي حالة يمكن للوسطاء امتصاصها.

وتوقع أن تؤخر المقاومة الاستجابة للوسطاء لحين ترسيخ المعادلة الجديدة المتمثلة في معادلة الدم بالدم، ولإيصال رسالة ميدانية لجميع المستويات السياسية لدى الاحتلال والوسطاء والمجتمع الدولي؛ بأن الوضع في غزة بات قاب قوسين من الانفجار، ويجب إيجاد حل يرفع الحصار عن القطاع.
 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات