الثلاثاء 07/مايو/2024

تسوية الأراضي.. مخطط جديد لتهويد وسلب الضفة المحتلة

تسوية الأراضي.. مخطط جديد لتهويد وسلب الضفة المحتلة

“تسوية الأراضي” و” خطة الضمّ” تخرجان من مَظلمة واحدة؛ فاختلاف المسميات لا يعني إحجام “إسرائيل” عن المضي قدمًا في مخطط تهويد ومصادرة الأرض دون توقف.

وكانت صحيفة “يسرائيل اليوم” ذكرت قبل أيام أن الإدارة المدنية الإسرائيلية رفعت توصية إلى المستوى السياسي باعتماد آلية تسوية الأراضي في الضفة الغربية المحتلة بدلاً من الإجراء المتبع حاليًّا تحت مسمى (مسح واستعراض الأراضي).

الخطير في المخطط الجديد المسمى “تسوية الأراضي” أنه يحسم مصير الأرض بعد مصادرتها لمصلحة حكومة الاحتلال نهائيًّا ومطلقًا، ولا يمكن الطعن أو الاعتراض عليه في حين كان أسلوب “المسح” القديم معقدًا، ويمتد لسنوات، ويتخلله التماسات لمحكمة العدل العليا.

“تسوية الأراضي” تعني باختصار أن تصبح أرض “طابو” يملكها الاحتلال بعد حسم مستقبلها ووضعها القانوني دون السماح لأي فلسطيني بالاعتراض أو الالتماس لدي المحاكم الإسرائيلية.

أكثر من 780 ألف دونم في منطقة “ج” بالضفة مهددة بالمصادرة إضافة إلى مساحات واسعة في فلسطين المحتلة عُرفت من زمن بعيد باسم الأراضي الأميرية أو التي يملكها السلطان العثماني والانتداب من بعده.

وريث غير شرعي

وقف الأراضي الفلسطينية من عهد الفتح الإسلامي وبقاء بعضها تحت مسمى الأراضي الأميرية لحكومات تعاقبت على إدارة شؤون فلسطين لا يعني أن الاحتلال يستهدف أرضاً ليس لها مالك ولا يمنحه أن يكون وريثاً شرعيًّا لها.

القفز عن الإجراءات القانونية تمامًا في حال تعرضت أي قطعة أرض فلسطينية للاستيطان في المخطط الجديد يحرم أي مالك فلسطيني لديه أوراق ثبوتية أو سكن تلك الأرض وعمل بها لعشرات السنين حق الاعتراض القانوني.

ويؤكد د. جمال عمرو -الخبير في شئون الاستيطان والقدس- أن القانون الجديد هدفه الأساسي تشريع الاستيطان دون إعلان صريح ودون تمكين الفلسطينيين من الاعتراض لدى الجهات القانونية.

ويضيف لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الأرض المستهدفة بالاستيطان هي الأراضي الأميرية من أيام الحكم العثماني والانتداب البريطاني ومن زمن ولاية الأردن على الضفة، الاحتلال يستخدم أمنه لتقصي مصير ملاك أراض عرب رحلوا عن أرضهم أو ماتوا”.

ويسعى الاحتلال إلى التحايل على مسمى “خطّة الضم” الذي لم يتوقف منذ سنوات بطرح خطة جديدة تمنحه “حقًّا” باطلًا بملكية 780 ألف دونم في الضفة المحتلة ضمن المنطقة المصنفة حسب اتفاق أوسلو بالمنطقة “ج”.

وسيعتمد الاحتلال جميع الأراضي غير المزروعة أو المستصلحة وفق المخطط الجديد كأراضي دولة يتعامل معها أنها من غير مالك، وبالتالي سيحيل ملكيتها لدولة الاحتلال.

ويقول راتب الجبور، منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الخليل: إن الاحتلال يزعم زوراً أن مساحات واسعة من تلك الأراضي ليس لها ملاّك ليسقط حقهم في الاعتراض القانوني.

ويتابع لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “الشرطة لاحقاً لن تتعامل مع أي ملف ليس لديه أصل قانوني تعترف به الدولة، هناك أرض مستهدفة، ولدى أصحابها أوراق ملكية وثبوتية، أدعو الفلسطينيين لزراعة أرضهم بشجر الزيتون لتثبيت حقهم فيها وعدم تركها فارغة لنجهض مخطط الاحتلال”.

ويعتمد الاحتلال على جمعية “ريغافيم” الإسرائيلية في مراقبة تغير وتطور أي منشأة أو زراعة فلسطينية قبل إرسال تقرير بذلك لدوائر الحكومة الإسرائيلية قبل الإعداد لإخطارات الهدم والمصادرة.

بؤرة الاستهداف

حالة الرفض الدولية والفلسطينية لخطة الضمّ (السلب والنهب) التي أفل نجمها في الأسابيع الماضية مع انشغال العالم بجائحة كورونا لا تعني أن الاحتلال تراجع عن خطته أو أوقف الاستيطان إلى حين.

ويقول د. عمرو أن “تسوية الأراضي” هو مسمى جديد لخطة الضم (السلب) ويشكل ضربة قاسية؛ لأن “الضم” الآن يجرى دون إعلان بل يتوّج بغطاء قانوني يسجل ملكية تلك الأراضي مباشرةً لدولة الاحتلال.

ويتابع: “بؤرة الاستهداف في الاستيطان والمصادرة وفق الخطة الجديدة لأراضٍ واسعة في كامل أرض فلسطين مسجلة أرضًا أميرية أو باسم السلطان العثماني أو كانت تحت الانتداب أو حكم الأردن ومنها مواقع إستراتيجية مرتفعة حول رام الله والأغوار بالكامل ومحيط القدس وجنين وطولكرم وغيرها”.

وكانت صحيفة “يسرائيل اليوم” أوضحت في تقرير لها قبل أيام أن مسح الأراضي التي لم تتم زراعتها لمدّة طويلة يتم إعلانها أراضي دولة، وهذا يمنحها سيطرة على 780 ألف دونم من أراضي المنطقة “ج” كأراضي دولة، مشيرة إلى أن هناك 106000 دونم مسحت بالفعل أعلنت كأراضي دولة.

ويشير راتب الجبور، منسق اللجان الشعبية لمقاومة الجدار والاستيطان في جنوب الخليل، إلى أن مخططات الاحتلال ومخطط “تسوية الأراضي” هدفه الأساسي تهجير الفلسطيني من أرضه.

ويضيف: “الاحتلال يسعى لتهجير 16 تجمعا سكانيا في مسافر يطا في الخليل. البنية التحتية هناك ممنوعة، والسكان يعانون فقرا شديدا، ويسكنون الكهوف وخياما يقتلعها الاحتلال دوماً”.

وقبل أيام قطع جيش الاحتلال شبكة من أنابيب المياه تخدم آلاف الفلسطينيين المنتشرين في مسافر يطا وهدم 16 خيمة وعددا من المنازل للضغط على السكان كي يهجروا أرضهم وحياتهم الزراعية والرعوية.

وسيجد الفلسطيني الممتد تاريخه وأرضه من طوباس حتى أريحا نفسه في واقع جديد يكون كمستأجر لدى حكومة الاحتلال مهدد بالطرد من أرضه التي زرعها أو رعى فيها الأغنام أباً عن جد.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات