الخميس 08/مايو/2025

صفقة القرن.. ماذا يحاك في الخفاء للقضية الفلسطينية؟

صفقة القرن.. ماذا يحاك في الخفاء للقضية الفلسطينية؟

شهد الصراع الفلسطيني “الإسرائيلي” منذ حرب حزيران 67،  طرح العديد من خطط المفاوضات بين الجانبين، سعت للوصول إلى حل النزاع، وقدمت وعود سياسية لتحريك مشروع “التسوية” من جديد من خلال ما قدمته تلك المبادرات من دعم سياسي وتسهيلات اقتصادية.

لكن تلك المشاريع التي جاءت بطرح من الغرب أو الصهاينة، لا بد وأن تشترط بقاء هذا الكيان وقوته وازدهاره، وهو بالتالي لن يكون عادلاً مهما حصل الفلسطينيون من “مكاسب”، لأنها لن تضمن استعادة الفلسطينيين لكامل حقوقهم في أرضهم وسيادتهم عليها.

صفقة القرن

هي صفقة تحاك بالخفاء بقيادة الرئيس الأمريكي ترمب وأقطاب عربية بينها السعودية ومصر، وتم التطرق إليها خلال القمة العربية الإسلامية الأمريكية بالرياض، تنطلق في مرحلتها الأولى من رعاية أميركية لا لبس فيها تعيد الثقة إلى مسيرة التسوية وتحقق وجود الضامن المفقود، مع التزام كامل بمبدأ حل الدولتين وإقرار لـإسرائيل بحدود جدارها كخطوة أولى، وأن تعاد قراءة الحدود ومشروع تبادل الأراضي وفق خريطة باراك (1.9 %) أو أولمرت (6.5 %)، أو خريطة جديدة قد تصل إلى (12 %).

ويقابل ذلك التزام “إسرائيلي” بوقف الاستيطان خارج “الكتل الاستيطانية”، والالتزام الدولي والعربي برعاية الاقتصاد الفلسطيني مع إعادة النظر في اتفاق باريس الاقتصادي، وأن تستمر السلطة في منع ما يسمى “العنف والتحريض”، ويستمر التنسيق الأمني بإشراف طرف ثالث (أميركا)، والسماح للجيش “الإسرائيلي” بالعمل في الضفة الغربية.

والمرحلة الثانية لـ”صفقة القرن” ذاهبة في اتجاه مشروعيْ “يوشع وآيلاند” بغض النظر عن مساحات أراضي التبادل، حيث يتنازل الفلسطينيون عن مساحة متفق عليها من الضفة (الكتل الاستيطانية) وجزء من الغور، ومقابلها نظيرتها من أراضي سيناء بموازاة حدود غزة وسيناء، وستحصل مصر من “إسرائيل” على مساحة مكافئة من وادي فيران جنوب صحراء النقب.

محطات في صفقة القرن:

 قبل أكثر من عام وتحديدا في 21 فبراير/شباط 2016؛ عُقد في العقبة الأردنية -وفق تسريب لصحيفة هآرتس- لقاءٌ رباعي (بين بنيامين نتنياهو وجون كيري وعبد الفتاح السيسي وعبد الله الثاني)، ناقش أفكاراً جديدة للحل على أساس من يهودية الدولة وتبادل الأراضي، لكن الجميع أنكروا هذا الاجتماع عدا نتنياهو!!

بعد عام وفي 12 فبراير/شباط 2017؛ أعلن عضو حزب الليكود أيوب قرا أنه أثار مع نتنياهو مقترح دولة فلسطينية في سيناء وفق “خطة السيسي”، لتعبيد طريق السلام الشامل مع “الائتلاف السني” حسب وصفه، وأن نتنياهو سيعرض المقترح على الرئيس الأميركي دونالد ترمب.

المتحدث باسم الرئاسة المصرية نفى ذلك مطلقاً، وأكد هذا النفيَ السيسي نفسُه بقوله “لا أحد يملك أن يفعل ذلك”، كما صرح -خلال لقائه مع ترمب- بأن “السلام بين “إسرائيل” وفلسطين سيكون صفقة القرن”.

صفقة  القرن 2006:

وقد تردد مصطلح “صفقة القرن” سابقاً عام 2006 عبر ما عُرف بـ”عرض أولمرت” أو “تفاهمات أولمرت وعباس”، وما تسرب حينها من أنها “اتفاقيات رفّ” تنتظر الانتخابات “الإسرائيلية” ونتائجها آنذاك.
وقد طرح رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق ايهود أولمرت، خطة للسلام، بهدف إنهاء الصراع الفلسطيني- الإسرائيلي، ولتكون مقدمة أيضًا ينتهي بها الصراع العربي- الإسرائيلي.

هذه الخطة لاقت ترحيبًا من الرئيس الأمريكي الأسبق جورج دبليو بوش، وعدّها آنذاك خطوة “إسرائيلية” جريئة، ووقتها كانت المفاوضات المباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي متواصلة، وتمهد لحل نهائي، لكن عدم رضا السلطة الفلسطينية عن الخطة، والمتغيرات التي أعقبتها، أدت لتوقفها وعدم الأخذ بها، أو حتى إعادة طرحها من جيد.

جاء في الخطة ما يلي:

أن يتم عرض مبادلة للأراضي بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والذي يعني اقتلاع آلاف المستوطنين اليهود من الضفة الغربية، وترسيم حدود تقام على طول الجدار الإسرائيلي العازل، وعلى أن تقوم “إسرائيل” بضم نحو 6.3 في المائة أراضي الضفة إليها، وهي مناطق تضم نحو 75% من المستوطنات اليهودية. 

كان من المفترض أن تقتلع خطة أولمرت عددًا من كبريات المستوطنات اليهودية، ومنها تجمعات استيطانية متشددة قريبة من مدينة الخليل، وبعض المستوطنات الزراعية في وادي الأردن، أما تلك التي كانت ستضم إلى “إسرائيل” فهي المستوطنات القريبة من شمالي الضفة، وجنوب وشرق القدس.

وتضمن العرض الإسرائيلي المرفوض فلسطينيًا، إنشاء ممر آمن بين جنوب الضفة الغربية وقطاع غزة، إلا أن الفلسطينيين يصرون على العودة إلى حدود عام 1948 التي كانت قائمة حتى حرب حزيران من عام 1967.

وفي ملف القدس، فذكر أولمرت، أنه لا يمكن حله ضمن الجدول الزمني، لذلك سيكون الاتفاق على تأجيل النقاش في هذا الملف بهدف إنهائه لاحقًا، واقترح أولمرت بأن تبقى السيادة والسيطرة في الأماكن المقدسة في المدينة، بمشاركة دول وأطراف دولية عدة.

وقد شكلت صفقة القرن امتداداً للعديد من المبادرات العربية والدولية التي سعت لتسوية الصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال العقود الماضية عبر وسائط عربية ودولية، وكان أبرزها: 

المشروع الفلسطيني للسلام (1988):

كان إعلان الدولة الفلسطينية واعتراف منظمة التحرير الفلسطينية بقراري مجلس الأمن الرقم 242 والرقم 338 تحركاً فلسطينياً واضحاً نحو السلام.
كما تضمن إطار المشروع الفلسطيني للسلام، عدة مقترحات تقوم على أساس انسحاب “إسرائيل” من الأراضي الفلسطينية المحتلة، مع ضرورة وضع تلك الأراضي تحت إشراف الأمم المتحدة، لتمكين الشعب الفلسطيني من ممارسة حقه في تقرير مصيره، وعقد المؤتمر الدولي للسلام بحضور منظمة التحرير الفلسطينية و”إسرائيل” وكافة الأطراف المعنية.
ثم كان خطاب ياسر عرفات أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في جنيف مؤكداً على المشروع الفلسطيني للسلام، وكذلك على الاعتراف بقرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالقضية الفلسطينية، وفي إثر ذلك اهتمت الولايات المتحدة الأمريكية ببدء الحوار الأمريكي الفلسطيني، الذي أخذ أشكالاً عديدة أهمها اللقاءات التي عقدت في تونس بين الجانبين الأمريكي والفلسطيني.

مبادرة اسحاق شامير (مايو 1989):

أعلنت الحكومة الإسرائيلية وعلى رأسها إسحاق شامير في مايو 1989، مبادرة أطلق عليها اسم مبادرة “إسحاق شامير”، حيث أوضح من خلاله الرؤية الإسرائيلية الممكنة لتسوية القضية الفلسطينية، وكانت الحكومة الإسرائيلية قد وافقت على تلك المبادرة بأغلبية عشرين وزيراً مقابل ستة وزراء وقد تحددت في الآتي:

أن تجري انتخابات إقليمية في الأراضي المحتلة بالضفة الغربية وقطاع غزة التي ستقسم لهذا الغرض إلى عشر دوائر انتخابية.
أن يتفاوض الفلسطينيون الذين سيتم انتخابهم مع الحكومة الإسرائيلية حول الحكم الذاتي.
أن يتفاوض ممثلو الفلسطينيين مع الحكومة الإسرائيلية حول إجراءات التسوية الشاملة للأراضي المحتلة.
بعد إقرار الحكم الذاتي بثلاثة أعوام يمكن للفلسطينيين المنتخبين والحكومة الإسرائيلية تقديم المقترحات التي يرونها.
أن تتم تسوية مسألة اللاجئين الفلسطينيين بالأراضي المحتلة وإنهاء حالة الحرب بين “إسرائيل” والدول العربية المجاورة لها.
لا يمكن اشتراك فلسطينيّ الخارج في الانتخابات بالضفة الغربية وغزة، ومن ثم في المفاوضات التي ستجري مع الحكومة الإسرائيلية.
رفض قيام دولة فلسطينية أو إجراء أية مفاوضات مع منظمة التحرير الفلسطينية.
إن الخطة تدفع مصر والأردن إلى الاشتراك في عملية السلام.

وقد عارضت منظمة التحرير الفلسطينية مبادرة شامير للانتخابات من وجهة النظر الإسرائيلية، ورأت المنظمة أن خطة شامير تهدف إلى إنهاء العزلة الدولية حول “إسرائيل”، وإجهاض الانتفاضة الشعبية بالأراضي المحتلة، كما تهدف إلى إيجاد قيادة بديلة لمنظمة التحرير الفلسطينية.

مبادرة السلام لياسر عرفات:

رداً على مبادرة شامير، تقدمت منظمة التحرير الفلسطينية في مايو 1989 بمبادرة تقوم على أساس: “انسحاب جزئي للقوات الإسرائيلية من الأراضي المحتلة للتحضير للانتخابات، ووضع جدول زمني للانسحاب الشامل من الضفة الغربية وغزة خلال 27 شهراً على مراحل، وأن تجري الانتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة، مع عودة اللاجئين إلى ديارهم، وتحديد موعد لاستقبال الدولة الفلسطينية.

مبادرة النقاط العشر:

تحفظت مصر مبادرة شامير، ورأت أن هناك أموراً يتعين توضيحها لتعديل خطة شامير حتى تستجيب لدواعي السلام الشامل والعادل للمنطقة، وعلى هذا الأساس بدأ التحرك المصري منذ البداية وحددت مصر الاستيضاحات المطلوبة، وقام بنقلها وفد الكونغرس الأمريكي الذي زار مصر في 6 يونيو 1989، وكان طرح مصر لهذه المبادرة من اجل مواجهة الخلاف بين المشروع الإسرائيلي والمشروع الفلسطيني وقد جاءت المبادرة في شكل نقاط عشر:
ضرورة اشتراك مواطني الضفة الغربية والقطاع، بما فيها القدس الشرقية في الانتخابات سواء بالتصويت أو الترشيح.
حرية التعبير السياسي قبل الانتخابات وأثناءها.
قبول الرعاية الدولية لعملية الانتخابات.
تعهد حكومة “إسرائيل” بقبول النتائج التي تسفر عنها الانتخابات.
تتعهد حكومة “إسرائيل” بأن تكون الانتخابات جزءاً من الجهود التي لا تؤدي إلى مرحلة مؤقتة فحسب ولكن كذلك إلى حل نهائي، وأن كل الجهود تعتمد على أساسيات الحل وفق قراري مجلس الأمن 242، والرقم 338 ومبدأ الأرض مقابل السلام، وضمان أمن جميع دول المنطقة وإقرار الحقوق السياسية للفلسطينيين.
ينسحب الجيش الإسرائيلي أثناء عملية الانتخابات لمسافة كيلو واحد على الأقل خارج نطاق مقار الانتخابات.
منع الإسرائيليين من دخول الضفة والقطاع يوم الانتخابات.
ألا تستغرق فترة الإعداد للانتخابات أكثر من شهرين، وأن تتولى ذلك لجنة إسرائيلية فلسطينية مشتركة، ويمكن أن تساعد الولايات المتحدة الأمريكية و”إسرائيل” في تشكيل هذه اللجنة.
ضمان الولايات المتحدة الأمريكية لكل النقاط السابقة، مع إعلان ذلك مسبقاً من جانب الحكومة الإسرائيلية.
إيقاف عملية الاستيطان بالأراضي المحتلة.
وقد أثارت تلك المبادرة الخلاف داخل الحكومة الإسرائيلية،

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات