عاجل

الإثنين 12/مايو/2025

شاهد: انحدار المستوى التعليمي عند الأطفال الفلسطينيين في لبنان

شاهد: انحدار المستوى التعليمي عند الأطفال الفلسطينيين في لبنان

أجرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد”، دراسة ميدانية تهدف إلى الوقوف عن قرب على حقيقة واقع الطفل الفلسطيني في لبنان بلغة الحقائق والأرقام.

وقد اعتمدت المؤسسة في هذا الصدد على جملة من المعطيات التي تقرّبها من واقع الطفل الفلسطيني في لبنان، أهمّها التعرف على واقعه الصحي وأبرز التحديات الصحية التي تواجهه، وواقعه الاجتماعي والسلوكي وصحته النفسية، ومدى ارتباط ذلك بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأمنية، وعلى واقعه التربوي، بدءاً بتحصيله العلمي وظاهرة التسرب المدرسي وصولاً إلى علاقته بمدرسته ومعلميه، إلى جانب التعرف على مدى تأثير الضغوطات الاقتصادية والسياسية والأمنية على هذا الواقع، وعلى طريقة تفكير الطفل نفسه، وأخيراً معرفة الفرص التي يمكن الاستفادة منها للتغلب على التحديات والمصاعب التي تواجه الطفل الفلسطيني في لبنان.

أربعة محاور للدراسة

وركزّت الدراسة على أربعة محاور رئيسة، كان أولها استطلاع للرأي أجرته “شاهد” خلال الفترة 21/12/2007 لغاية 12/1/2008 وشمل عيّنة عشوائيّة من (433) طفلاً في الفئة العمرية من (9-15)، توزعت على 12 مخيماً للاجئين الفلسطينيين في لبنان.

وغطت الاستمارة المعدة للاستطلاع الأوضاع التعليمية، والاقتصادية، والاجتماعية، والصحية، والنفسية، وعدداً من الجوانب الأخرى.

أما المحور الثاني؛ فكان عبارة عن “مجموعات تركيز” (وهو أسلوب بحثي) عُقدت في الفترة 7/3/2008 – 15/4/2008، ودارت خلالها حوارات مع نحو 112 طفلاً فلسطينياً من الذكور والإناث في الفئة العمرية (9-16) سنة، توزعوا على خمس مناطق جغرافية، شملت بيروت، وصيدا، وصور، وطرابلس، والبقاع، وقد غطت اللقاءات التي أجريت مع الأطفال مواضيع المسكن، والصحة، والتعليم، واللعب ووقت الفراغ، والحالة النفسية والشعور بالأمان، والوضع الاقتصادي، والآمال والطموح. وكان الهدف من ذلك تشجيع الأطفال على الحوار، والتعرف عن قرب على واقعهم كما يصفونه بأنفسهم.

وسلّط المحور الثالث الضوء على أوضاع أطفال مخيم نهر البارد، قبل الأزمة التي شهدها المخيم، وخلال تلك الأزمة وما بعدها، كما نبّه من خطورة التأثيرات الناجمة عن الأحداث التي انتهت بتدمير المخيم، على الواقع النفسي والتعليمي والاجتماعي للأطفال، إضافة إلى تأثر آمالهم وطموحاتهم بتلك الأحداث.

وقد ضمّ المحور الرابع بدوره؛ مقابلات مع عدد من الناشطين في مجال الطفولة وحقوق الإنسان.

مؤشرات مقلقة عن واقع الطفل الفلسطيني في لبنان

المؤشرات التي أظهرتها الدراسة كانت مقلقة، خصوصاً فيما يتعلق بواقع الطفل الفلسطيني في لبنان; حيث لوحظ وجود نسبٍ عالية من الشعور بالظلم (82.9 في المائة)، وغياب الشعور بالأمان (51.5 في المائة)، والميل للعنف (45.4 في المائة)، والرغبة في الهجرة إلى خارج لبنان (66.7 في المائة)، وهو أمر عزّزته نتائج مجموعات التركيز، خصوصاً في مخيمي نهر البارد وعين الحلوة.

وفيما يتعلق بالوضع التعليمي، برز موضوع غياب متابعة الأداء الدراسي لدى نسبة عالية من الأطفال، حيث تبيّن أنه لا يوجد من يتابع الفروض المدرسية لـ29.1 في المائة منهم، وكان من الملفت أيضاّ في هذا السياق وجود 19.5 في المائة فقط من الأطفال يتابع أحد الوالدين فروضهم، وقد يكون ضعف المستوى التعليمي للأهل أنفسهم سبباً مباشراً في هذه النسبة المنخفضة، حيث أظهرت الأرقام أن 15.7 في المائة فقط من الآباء و13.9 في المائة من الأمهات أنهوا مرحلة التعليم الثانوي، في حين أن 9.5 في المائة فقط من الآباء و2.8 في المائة من الأمهات تلقوا تعليماً جامعياً.

أوضاع تعليمية متدهورة

وقد عكست اللقاءات التي أُجريت مع الأطفال في مجموعات التركيز مدى الوضع المقلق الذي بلغته أوضاعهم التعليمية، حيث تعدّدت المشكلات التي يشكون منها، بدءاً بسوء أوضاع الأبنية المدرسية، وضعف المستوى التعليمي في مدارس الأونروا، إضافة إلى اكتظاظ صفوفها، وصولاً إلى ضعف الاهتمام بالتعليم لدى كل من الطالب والمدرسة والأهل، وعدم احترام المعلمين.

ذلك إلى جانب غياب الطموح الوظيفي للأطفال نتيجة انسداد آفاق العمل مستقبلاً، وتأثر واقع الأطفال التعليمي بالأوضاع الاقتصادية والصحية والأمنية بصورة كبيرة.

وعلى مستوى الخدمات التي تقدمها الأونروا، وبلغت نسبة الذين لا يشعرون بالرضا عن خدمات الوكالة في مجملها 72.3 في المائة.

والبارز في هذا الجانب هو أنّ حالة عدم الرضا كانت كبيرة في المجالين الأساسيين اللذين تغطيهما؛ التعليم والصحة.

وعززت اللقاءات التي أجريت النتيجة التي توصل إليها الاستطلاع فيما يتعلق بتأثر حق الأطفال في اللعب بغياب الأماكن المخصصة لذلك، حيث أشار الاستطلاع إلى أنّ 60.7 في المائة من الأطفال لا تتوفر لهم أماكن لممارسة ألعابهم المفضلة في مناطق سكنهم، كما أن النسبة نفسها تقريباً أفادت أن غياب هذه الأماكن يحرمهم بالفعل من ممارسة تلك الألعاب، إذ بلغت هذه النسبة 59.6 في المائة من الأطفال الذين شملهم الاستطلاع.

وعلى المستوى الاقتصادي برز غياب الاستقرار بشكل كبير، حيث أظهرت الدراسة أن 84.8 في المائة من الآباء هم عمال “مياومة” لا يضمنون دخلاً شهرياً ثابتاً.

أحداث نهر البارد حاضرة بقوة لدى الأطفال

أحداث نهر البارد ظلّت حاضرة وبقوّة في أذهان أطفال هذا المخيم، حيث سُجّلت بينهم أعلى نسب غياب الشعور بالأمان بين أقرانهم، وبلغت 69.7 في المائة، إلى جانب وجود أعلى نسبة مشاكل مع الجيران بينهم، وبلغت 63.2 في المائة.

إلا أنه سجّل في الوقت نفسه أدنى نسب الرغبة في الهجرة (53.9 في المائة)، ونسبة متدنية في الرغبة بالسكن خارج المخيم، بلغت 39.5 في المائة، مقارنة مع نسبة عامّة بلغت 60 في المائة.

واعتبرت المؤسسة الفلسطينية لحقوق الإنسان “شاهد”، أنه لمواجهة تحديات الأطفال الفلسطينيين في لبنان “لا بد لإتمامه من تظافر جهود كلٍّ من الدولة اللبنانية، والعاملين في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، والعاملين في مجال الطفولة، وخصوصاً وكالة الأونروا، ومنظمة اليونيسيف، والمؤسسات الحقوقية، ومؤسسات العمل الاجتماعي، إضافة إلى الدور الأساسي للأهل أنفسهم”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات