الأربعاء 08/مايو/2024

المحرر الغصين يكتشف غزة بعد تجربة اعتقال مؤثرة

المحرر الغصين يكتشف غزة بعد تجربة اعتقال مؤثرة

منذ أن عاد لبيته في مخيم النصيرات، وسط قطاع غزة، بدأ الأسير المحرر إبراهيم الغصين (39 عاماً)، رحلة اختبار مع الذات يكتشف فيها الأشياء من حوله فيجدها كلها تطورت بشكل فاق توقعاته.
 
قبل أيام فقط عادت عقارب الزمن في حياة “الغصين” تدور من جديد بعد أن غاب ست سنوات ونصفا في سجون الاحتلال بتهمة الضلوع في أعمال للمقاومة في الضفة الغربية المحتلة.
 
يحمل “إبراهيم” كآخر السفراء القادمين من سجن “النقب” تفاصيل طازجة عن تشديد الاحتلال من قبضته على قسم (23) لأصاحب الأحكام العالية في سجن “النقب”، وقليلاً من أخبار مئات المعتقلين الذين يردون يومياً بالعشرات من أحداث “انتفاضة القدس” .
 
ويؤكد المحرر “الغصين” أن الأسرى يتمتعون بمعنويات عالية ويتفاعلون لحظة بلحظة مع أنباء “انتفاضة القدس” وكلهم ثقة بقوة موقف المقاومة في دعم قضيتهم وتحريرهم قريباً.
 
سجن النقب

يرقد سجن “النقب” هذه الأيام فوق صفيح ساخن فقد رفضت مصلحة السجون الصهيونية الاعتراف بممثل معتقلي حركة حماس وبعض المسئولين عن الأسرى الذين يتحدثون دوماً مع إدارة السجن.
 
عن ذلك يضيف: “خرجت يوم الخميس بعد يوم من رفضهم الاعتراف برموز حماس ونقل مسئول هيئتها لسجون الشمال رغم اتفاق مسبق أن يبقى ليتابع سجون الجنوب، كذلك افتتحوا مؤخراً قسمين للمعتقلين الجدد في النقب جراء أحداث الانتفاضة” .
 
ويصل سجن النقب أسبوعياً عشرات المعتقلين في أقسام سيئة دون أن ينالوا الأغطية والفراش اللازم في أجواء شتوية صعبة للغاية في سجن النقب الصحراوي.
 
وتعزل إدارة سجن النقب قسم أصحاب الأحكام العالية بإجراءات مشددة عن بقية الأقسام حتى لا يؤثر قادة الحركة الأسيرة فيها خاصة من “حماس” على بقية الأسرى.
 
ويتابع: “عشت مع أسرى الأحكام العالية بقسم 23 وهو سيئ جدا معزول عن بقية السجن، كثيراً ما يغلقوه بحجة الصيانة، كذلك المساحة المخصصة للفورة ضيقة جداً، ولا يسمحوا لنا أن نختلط بأحد”. 

تفاعل مستمر

يعيش الأسرى بكامل وجدانهم متفاعلين مع “انتفاضة القدس” لا يمنعهم من المشاركة الفعلية فيها بأجسادهم سوى الأسلاك الشائكة، وهم على استماع مباشر ومتابعة مستمرة لكافة وسائل الإعلام، كما يقول المحرر الغصين.
 
وتحمل الحركة الأسيرة وهي تتابع أنباء العمليات اليومية في الضفة قناعة أن الاحتلال لا يفهم إلا لغة القوة، فيما تدور كافة نقاشاتهم كما في الخارج عن أهمية تنظيم المقاومة، مدركين أن السياسة الإقليمية لا تخدم حالياً القضية الفلسطينية. 

ويتابع: “معظم من عشت معهم مؤخراً مقاومين بارزين اقتربوا كثيراً من الشهادة، نحن نتابع كل الأخبار، والأسرى جاهزون لكل الخيارات، وإدارة السجون تحاول ألا تصطدم معهم ضمن معادلة السجن مجتمع ليس له علاقة بالخارج لامتصاص أي ردات فعل”.

تجربتي

من يعرف إبراهيم الغصين، قبل سبع سنوات من حياته، لن يعرفه اليوم بعد أن خاض تجربة السجون فاكتسب فيها كثيراً من القناعات والفهم لما يجري حوله بدءًا من تغير قناعته السياسية، وصولاً إلى معايشته لكبار الأسرى الذين تركوا بصمات في شخصيته.
 
عن ذلك يضيف: “السجن تجربة مفصلية في حياتي، دخلت إنسانا عاديا وخرجت بخبرة وتجربة، عشت أحداثاً وتنقلات وخضت إضراباً عن الطعام، ومعارك مع إدارة السجن فازددت فهماً لواقع العدو”.
 
يستذكر “إبراهيم” نفسه في بداية الاعتقال، وهو يتلمس صديقاً في عشرات الوجوه من حوله حتى وجد في الأسير أيمن أحمد (43 عاماً)، والمحكوم بالسجن 11عاماً رفيقاً تعلّم منه الكثير وتوثقت بينهما صداقة قوية.
 
ويعتبر إضراب الأسرى عن الطعام سنة 2012 الذي امتد 28 يوماً معركة عاشها مع الذات ومع الاحتلال، استعان فيها بالصمود والمعنويات لقهر السجان وتحرير الأسرى المعزولين مع عزلهم الطويل.
 
في اليوم الخامس والعشرين نقلوه لعيادة السجن، وهناك حاول الطبيب أن يحثه لفك الإضراب بحجة أن صحته في خطر، فأجابه إبراهيم: “أنت ضابط في مصلحة، لديك أوامر تنفذها، ونحن أيضاً جنود حماس، ونتلقى أوامرنا منها فننفذها ومقتنعين بها، أعيدوا لنا حقوقنا الإنسانية”، فألجمت الإجابة الضابط الطبيب كما يقول الغصين.
 
ويتابع: “كان مشهد دخول الأسرى المعزولين من سنوات طويلة والذين لا يعرفون بعضهم البعض سوى بالصوت علينا في أقسام السجن بنفحة لقاء إنسانياً مؤثراً .. يومها بدأنا بالتكبير كيوم العيد” . 

وعزلت مصلحة السجون المحرر “الغصين” 3 أيام في سجن “عسقلان” خلال رحلة عودته إلى قطاع غزة، وقد مرّ بعشرات الحواجز ونقاط التفتيش حتى وصل معبر “بيت حانون” ودخل إلى غزة بمشاعر مختلطة بين فرحه بالحرية وحزنه على فراق الأسرى.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات