لمى خاطر رسالة حرّة من عالم الحرائر..
من هناك حيث تعيش نساء فلسطين في صياصي بني صهيون، من عتمة كهوف صدورهم السوداء، من عمق جبّ يوسف حيث ألقت العروبة بحرائرها، من حيث الغياب الحضاري والارتكاس بذل الهزيمة النكراء لأمة رضيت على نفسها أن تتقدم نساؤها وهم يتأخرون، من حيث يقطن شعاع من نور وسط غابات الظلام أرادت الأسيرات أن تحمل رسالتهن امرأة حرة اسمها لمى خاطر، فماذا عساها تكتب في هذه الرسالة، ارتد الطرف وتذكرن أن حاملة الرسالة تملك قلما حرّا، رنت عيونهن نحو لمى ورمت بأثقالهن على عاتقها، وكأنهن يقلن لها أنت خير من يدرك رسالتنا، إنه حمل ثقيل تنوء عن حمله الجبال الراسيات. مع الإفراج عنك ستكونين لنا أفضل رسالة.
ستكتب خاطر طويلا عن الأسيرات لا مجرد أعداد وأرقام كما يريد لهن السجان، ستكتب عن العدد لأنه أسوأ ما في السجن، يقول العدد أنتن مجرد رقم حافظ منزلة له في السجن، وستخبرنا خاطر عن العد الحقيقي للأسيرات، ستكتب عن ما يجول في الصدور وما تكتنزه القلوب، ستكتب عن كل أسيرة عالم واسع لا تسعه الأقلام ولا تحيطه جدرانهم اللعينة، ستكتب عن كل رقم في هذا العدد قضية إنسان أراد لهذه الحياة أن تدور دورتها التي تنتج نهارا وضياء ونورا للعالمين، لم تكن أية أسيرة فلسطينية رقما عابرا بل كانت رقما صعبا وعالما قائما بذاته، لأنها تحمل بين جنبات صدرها قضية عظيمة، وأبدت الاستعداد الكامل لتضحي بكل شيء من أجل هذه القضية.
وستكتب في رسالتها عن هذه الروح الجميلة التي فاضت من جمال قلبها ما يسع الدنيا بأسرها، هذه الروح الملتحمة بفلسطين بكل ما تحمل من روح وجمال، جمال تتجلى فيه مشاهد فلسطينية عالية الفن، مطرزة حريرية تجتمع فيها كل الألوان، بروح عزيزة عالية اختارت النضال والجهاد لتعيد تاريخا اعتزّ بنسائه، وهل هناك جمال أجمل من هذا العطاء الذي يتجلى بأزهى حلله البهيجة.
وستكتب عن إخوة تتقاسم العذاب وتلتحف معا حلكة ليلهم شديد السواد، إخوة المعتقلات التي التقت في زنازينهم وتجذرت وارتوت من رحم الألم والمقت والقهر ما جعلها أرواحا تتجند كروح واحدة في مواجهة دائمة لا تنتهي من لحظة عدد الصباح الأول إلى لحظة التفتيش الليلي الذي لا يروق لهم إلا غاسقة.
لمى خاطر حرّة
وستكتب خاطر خواطرها الدامية من عمق الجرح النازف لأسيرات حرية وطن سليب، وحرية أمة يريدون تغييبها وتطويعها وتدجينها واستحمارها واستعبادها بما صار يعرف بالتطبيع، لقد أحسن القدر بأسر لمى خاطر حيث المساحة الحرّة رغم ضيقها في عالم الظلام، ستكتب كثيرا ما رأته بأم عينها، عن فنون القهر والترويع والقمع الذي يسجلون به براعات اختراع، لم يسبقهم إليه أحد، عن استفرادهم بأسيراتنا وعزلهم وتعمد إهمال العلاج لمريضاتهم وتجربة الأدوية عندما يحولن إلى مختبرات تجارب، عن محاكمهم الهزلية وبوسطتهم اللعينة، عن نساء ولدن في السجن، وطفولة كان البرش الحديدي لها مهدا وكان ما بين البرش والبرش ملعبا ومطبخا ومناما ومكانا للصلاة..
ستكتب خاطر كثيرا وطويلا وعميقا عن هذه الرحلة القاسية، وستجد الأسيرات في قلمها متنفسا لهن إلى أن يبزغ فجر الحرية لهن وللقدس وفلسطين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الأمم المتحدة: استشهاد 193 موظفا في الأونروا منذ بدء الحرب على غزة
أكدت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" استشهاد 193 من العاملين في الوكالة خلال حرب الإبادة على قطاع غزة"، مضيفة...
نادي الأسير: ما لا يقل عن 640 طفلا معتقلا منذ بدء حرب الإبادة بغزة
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام كشف نادي الأسير الفلسطيني، اليوم الإثنين، أن قوات الاحتلال اعتقلت في أول أيام عيد الأضحى، طفلا يبلغ من العمر (7)...
هكذا استشهدت عائلات فلسطينية بأكملها.. تحقيق موسع يوثق جرائم الاحتلال في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام نشرت وكالة أسوشييتد برس، اليوم الاثنين، تحقيقاً موسعاً وثق استشهاد عائلات فلسطينية بأكملها في حرب الإبادة التي يشنّها...
حماس: إحراق الاحتلال لمرافق معبر رفح عمل إجراميٌ همجيٌ
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، يوم الإثنين، إن إقدام جيش الاحتلال الإسرائيلي على إحراق مبنى المغادرة ومنشآت أخرى...
مسؤول أممي: القصف حوّل غزة إلى جحيم على الأرض
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام أكد وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث، اليوم الاثنين، أن القصف الإسرائيلي على غزة منذ...
النرويج: احتمالية انهيار السلطة الفلسطينية حقيقية
أوسلو – المركز الفلسطيني للإعلام قال وزير خارجية النرويج إسبن بارث إيدي، إن هناك احتمالا حقيقيا لانهيار السلطة الفلسطينية في الضفة الغربية، مشيراً...
الحصاد المُرّ لعدوان الاحتلال على غزة بعد 255 يومًا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أفاد المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، اليوم الإثنين، بأن جيش الاحتلال الإسرائيلي ارتكب خلال 255 يومًا من العدوان...