عاجل

الجمعة 17/مايو/2024

المحرر بشارات.. على قارعة الوطن بعد 19 عامًا بالسجون

المحرر بشارات.. على قارعة الوطن بعد 19 عامًا بالسجون

بعد أقل من 6 سنوات من الإفراج عنه في صفقة “وفاء الأحرار”، عاد الأسير المحرر محمد عارف محمد بشارات ليمارس حياة شبيهة بحياة السجون، لكنه سجن اختاره بنفسه، والتزم به ليسترد شيئًا من حياة كريمة لم يجدها منذ أن نال حريته.

بشارات (45 عامًا)، وهو من بلدة طمون بمحافظة طوباس، هو واحد من بين 20 محررًا بالصفقة يعتصمون داخل خيمة على دوار الساعة برام الله منذ ما يزيد عن شهر ونصف، بعد أن قطعت السلطة رواتبهم.

ولم تشفع لبشارات أكثر من 19 عامًا أمضاها في سجون الاحتلال، لينال حياة كريمة له ولأسرته، فقد اعتقل بتاريخ (22-9-1992) خلال تنفيذ عملية في التلة الفرنسية بالقدس المحتلة، وصدر بحقه حكم بالسجن المؤبد مرتين و25 سنة إضافية.

وعاش حياة مريرة في السجون قبل أن يفرج عنه بصفقة التبادل الشهيرة “وفاء الأحرار” التي أنجزتها كتائب القسام عام 2011.

ففي بداية الاعتقال، أمضى فترة في العزل الانفرادي في سجن “أيلون”، وبعد إضراب الأسرى عام 2000 أصيب بمشاكل صحية، وتبين في وقت متأخر أنه مصاب بتليف بالمريء.

ونتيجة وضعه الصحي، أمضى معظم العام 2000 في المستشفيات، وانخفض وزنه إلى 48 كيلوغراما، ولا زال يعاني من آثار المرض حتى الآن.

ويقول: “حتى الآن أعاني من المرض، وأتعاطى الأدوية، ومحروم من تناول الكثير من الأطعمة، ولا علاج نهائي إلا بإجراء عملية جراحية، لكن احتمال نجاحها ضعيف جدا”.
 
حياة على الرصيف

ومنذ يوم السبت (29-7) يخوض بشارات مع 10 محررين آخرين إضرابًا مفتوحًا عن الطعام، مطالبين بالتراجع عن قرار قطع الرواتب.

يقول بشارات لـ”المركز الفلسطيني للإعلام“: “نعيش في ظروف صعبة داخل خيمة الاعتصام، فنحن تركنا مدننا وبلداتنا وبيوتنا وجئنا لننام هنا على الرصيف، لكن ليس أمامنا إلا الاستمرار حتى استعادة حقوقنا”.

انتقال بشارات وإخوانه المحررين للإقامة داخل الخيمة، انعكس بشكل كبير على حياتهم الاجتماعية، فقد أمضوا الأيام الثمانية الأخيرة من شهر رمضان وأيام العيد داخل الخيمة بعيدين عن ذويهم.

ويقول بشارات إنه يتواصل يوميا عبر الهاتف مع عائلته، وتأتي زوجته لزيارته كل بضعة أيام، وتمضي عدة ساعات.

ويشير إلى أن أكثر ما يؤلمه هو حال والدته المسنة والمريضة، والتي تأثرت بشدة منذ بداية اعتصامه، حيث تتواصل معه يوميا عبر الهاتف، وتقول له باكية: “لم أحزن خلال اعتقالك مثلما حزنت على ما آل إليه حالك الآن”.
 
شهر ثالث

وبحلول شهر أغسطس/ آب يكون قرار القطع قد طال راتب الشهر الثالث، ومعه تزداد صعوبة الأوضاع الاقتصادية للمحررين وعائلاتهم.

ويقول بشارات: “قبل القرار كنت قد بدأت ببناء بيت خاص لأسكنه، وجاء القرار قبل اكتمال البناء، ونتيجة لذلك استحق عليّ شيك بنكي للمقاول بقيمة 5200 شيكل.

ويضيف أن المقاول أبدى تفهما لوضعه، وقال له: “لا يمكن أن أقدمك للمحاكمة أو أن أطلب سجنك، فأنت ضحيت لأجلنا ولأجل الوطن”.

ومع مرور الوقت، بدأ بشارات وعائلته بتطبيق برنامج تقشفي يركز على النفقات الضرورية، وتحرم عائلته نفسها من تشغيل المراوح في حر الصيف لتقليل استهلاك الكهرباء.

ويقول: “أحاول تدبير أموري من المدخرات القليلة التي أملكها إلى أن يأتي الفرج”.
 
تضامن وتعاطف

ويزور خيمة الاعتصام يوميًّا العديد من الوفود والصحفيين، كما يتجول المعتصمون على عدد من المؤسسات لشرح مطالبهم وقضيتهم، ويجدون تفهما وتعاطفا من الجميع، دون أن يتحول هذا التعاطف إلى ضغط على السلطة للتراجع عن القرار.

ويقول بشارات إن الأسير المحرر بالصفقة فخري البرغوثي زارهم قبل أيام، وأكد أنه سينضم إليهم في الاعتصام والإضراب قريبًا حتى تحقيق مطالبهم.

كما زارهم وفد النواب الذين التقوا رئيس السلطة محمود عباس الثلاثاء، وقالوا لهم إن عباس أوعز لمدير المخابرات ماجد فرج بالعمل على حل قضيتهم.

وأضاف: “أبلغناهم أننا لن نوقف إضرابنا، ولن نزيل خيمة الاعتصام، إلا بتحقيق مطالبنا التي هي مطالب مشروعة يكفلها القانون والشرع”.

ويعدّ بشارات أن قطع رواتبهم جريمة وطنية لأنه يحمل في طياته تجريما لنضال ومقاومة الشعب الفلسطيني، ومن الناحية الإنسانية فهو يمس قوت الأسير المحرر وعائلته، ويتركهم بلا مصدر دخل يؤمن لهم حياة كريمة.
 
تمييز متأصّل

وينكأ قطع الراتب جرحًا غائرًا لا زال يشعر به بشارات منذ سنوات بسبب التفريق بين محرري الصفقة على أساس الانتماء الحزبي، وهو ما يشير إلى أن التمييز بين المحررين لم يكن حديثًا، بل هو متأصل منذ البدايات.

ويشير إلى أن رئيس السلطة استقبلهم بحفاوة في المقاطعة بعد الإفراج عنهم، ووعدهم بأن يأخذوا حقوقهم كاملة ودون تمييز.

ويضيف: “في البداية فرّغونا على جهاز الأمن الوطني، وبعد شهرين، أوقفوا رواتب أبناء حركة حماس، ونقلونا إلى وزارة شؤون الأسرى”.

ويضيف أنهم لاحظوا تمييزا في المنح والمزايا التي أعطيت للمحررين بالصفقة من فصائل منظمة التحرير، كمنحة الزواج ومنحة البناء، ولدى مراجعة الجهات المختصة، أبلغوهم بأن هذه المزايا لا تمنح إلا لأبناء فصائل المنظمة.
 
خط الدفاع الأخير

ووجه بشارات كلمة للمخلصين من أبناء الشعب الفلسطيني حثهم فيها على الوقوف معهم لتحقيق مطالبهم العادلة، قائلا: “قضيتنا إنسانية وطنية بحتة”.

وأضاف: “نعدّ أنفسنا خط الدفاع الأخير عن حقوق الأسرى والمحررين، فإذا استسلمنا سيأتي الدور على البقية، ولن يتوقف الأمر عند أسرى حركة حماس”.

وبين أن الضغوط الصهيونية والأمريكية تستهدف كل من قتل أو أصاب صهيونيا، وتسعى لتجريم مقاومة الشعب الفلسطيني، وحرف البوصلة.

ولفت إلى أن الصحافة الصهيونية ذكرت مؤخرا أن الاحتلال يريد من السلطة قطع رواتب 650 أسيرًا محررًا، بينهم أسرى من فتح، وأقر بعض المسؤولين الذين التقوا بهم أن صمودهم واعتصامهم هو الذي أوقف هذا المسلسل الذي يستهدف الجميع.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

إغلاق محيط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة

إغلاق محيط حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة

القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام قررت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الجمعة، إغلاق جميع الشوارع المؤدية إلى حي الشيخ جراح ونشر مئات الجنود...