الأنظمة العربية و تكرار الأخطاء الإستراتيجية
منذ نعومة أظفارنا ووعينا على الوضع السياسي العربي، ونحن نشهد و نعي الإنقسام الحاد بين المواطن العربي و قيادته السياسية، فالمواطن كان وما زال يستغرب القرارات الرسمية في القضايا المصيرية للأمة العربية و التي كانت تبرر بمبررات عدة من قبل القادة، وهذه المبررات كانت تجد العديد من المسوّقين و المصفقين لها.
فما هي هذه المبررات و هل باتت موجودة؟ أم هي سذاجة البعض، واستهتار القيادة الرسمية العربية بوعي الجمهور العربي!
لقد كان هناك مبرران رئيسيان لهذه الأنظمة –بجانب مبررات أخرى عديدة- مرتبط كل واحد منهما بالآخر، الأول الواقعية السياسية المبنية على الإستهتار بالعقل العربي الغير رسمي. المبرر الثاني عدم توازن القوى في المنطقة و في العالم، فهي دائماً – من وجهة النظام الرسمي- ليس في صالح الدول العربية و الأمة العربية! ويبدو أنها لن تكون أبداً إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
الغريب أن المنطقة العربية مرت بحروب عديدة، و الحروب عادةً تُنشأ قوىً جديدة، أو تُضعف قوىً و تُقوي أخرى، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، لكن دائماً كان الساسة الرسميون العرب يعرفون نتيجة كل حرب مسبقاً، قبل بدءها، وهي بطبيعة الحال الهزيمة المحتمة للأمة العربية، لأن القوى العظمى – على حد منطقهم العقلاني- لن تسمح بغير ذلك، وعليه فلا فائدة من أي شيء سوى تلبية أمر هذه الدول و رؤية المصلحة العربية من خلال مصلحة هذه الدول العظمى!
قد كان بإمكاننا إيجاد مبرر- ولو تجاوزاً- لهؤلاء القادة و تلك الزعامات لو لم تقم الشعوب العربية، وبدون مساندة قادتها و زعمائها أو حتى المساس بهم، بتغيير هذه المعادلة، لتثبت لهم خطأ تقديراتهم و منطلقاتهم.
فإنجازات المقاومة في كل بلد عربي و من ثم إسلامي، كان وحده كفيلا لتغيير الكثير من الأفكار و القناعات لدى هؤلاء، لو كانوا فعلاً عقلانيين كما يزعمون، أو حتى للتاريخ قارئين.
لكن يبدو أن هذه العقول العقلانية لم تنضج بعد لتستوعب حركة الشعوب و قدراتها و إمكاناتها، ولذلك تعمل دائماً على تهميش الإنجازات البطولية و الإبداعات في كافة المجالات.
لقد اتضح ذلك جلياً، بعد إنجازات المقاومة في فلسطين في الإنتفاضة المباركة الأولى، فنتج عنها كيان مشوه و هزيل يتناسب مع العقول الهزيلة و المشوهة، وهو ما يُسمى بالسلطة الوطنية، ثم جاءت إنتفاضة الأقصى و إنجازاتها لتحاك المؤامرة مرة أخرى لتحويل الإنسحاب الصهيوني من القطاع إلى إنجاز للعدو الهارب بدلاً من الإنطلاق منه لإنجازات مرحلية واستراتيجية، ونفس العقلية هي نفسها التي هاجمت وما زالت تهاجم إبداعات المقاومة و إنجازاتها وتسوقها للشعوب على أنها المشكلة لا العقول الإنهزامية!
ثم بالنظر للقضية اللبنانية، وإنجازات المقاومة هناك، نرى أنه بدلاً من استغلال إنجازاتها لتغيير الواقع المحلي و العربي، إذا بالعقول المنهزمة المسيطرة على السياسة الرسمية تبدأ مؤامراتها لتفريغ هذه الإنجازات من محتواها و التنظير على أنها عبء على الدولة و المجتمع.
وكذلك إنجازات المقاومة في العراق و أفغانستان، وتمرد بعض الدول على القوى الظالمة حتى الغير عربية و الغير إسلامية ، لم يتم استغلالها بل على العكس، يتم مناهضتها و محاربتها و التآمر عليها.
لقد أضاعت الأنظمة- وما زلت تمضي في هذا الدرب- فرصاً عديدة للخروج من سيطرة الآخرين، كان آخرها صمود المقاومة الفلسطينية و إنجازاتها الأسطورية، وما تلا ذلك من إنجازات للمقاومة اللبنانية في صمودها لأكثر من ثلاثة وثلاثين يوماً بعد عملية الأسر لجنود العدو، وما صاحب ذلك من قصف لعمق الكيان الصهيوني و إصابته إصابات مباشرة و تحطيم كبريائه العسكري.
فالعقلاء من الزعامات العربية يكررون خطأهم بجلوسهم مع وزيرة الخارجية للولايات المتحدة في القاهرة، لتحاصر القوى المقاومة “أي المتطرفة” بمنطق العقلانية و عدم توازن القوى المزعوم.
لقد كان بإمكان هذه الزعامات باستغلال هذه الإنجازات لتعلن تحول استراتيجي في سياستها مع الدول العظمى لتنتزع منها الحقوق العربية انتزاعاً، وتفرض أضعف الإيمان مكاسب للقضية الفلسطينية و رفع الحصار عن الشعوب العربية و البدء لتأسيس قواعد جديدة تحاكي إنجازات الأمة و طموحها، حيث لم تعد مبررات الزعامات العربية الرسمية لها مكان حتى بين عقول السذج من هذه الأمة.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
الحصاد المر للإبادة الجماعية الإسرائيلية على قطاع غزة في 205 أيام
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أصدر المكتب الإعلامي الحكومي تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية التي يشنها الاحتلال "الإسرائيلي" على قطاع غزة...
كاتب إسرائيلي شهير: نتنياهو يبيع الوهم وأهداف الحرب لم تتحقق
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قال الكاتب الإسرائيلي الشهير رونين برغمان إن رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو يبيع الوهم للمجتمع الإسرائيلي،...
7 مجازر و66 شهيدًا بعدوان الاحتلال على غزة في 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة بغزة أن الاحتلال الإسرائيلي ارتكب 7 مجازر ضد العائلات في قطاع غزة وصل منها للمستشفيات 66 شهيدا و...
حرارة الجو ..أزمة جديدة تفاقم معاناة النازحين بغزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام مع ارتفاع حرارة الجو في قطاع غزة، تبرز أزمة جديدة لتفاقم معاناة مئات آلاف النازحين المهجرين قسرًا في قطاع غزة، بفعل...
اشتباكات ومواجهات مع الاحتلال في الضفة
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامواصلت قوات الاحتلال عمليات الاقتحام والمداهمة لقرى ومدن الضفة الغربية، فجر الأحد، وسط عمليات اعتقالات وتصدي...
حزب الله يعلن قصف مستوطنة ميرون الإسرائيلية بعشرات الصواريخ
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام أعلن حزب الله اللبناني، السبت، قصف عناصره مستوطنة ميرون والمستوطنات المحيطة بها شمال إسرائيل بعشرات صواريخ...
لقاء قيادي يضم قادة حماس والجهاد والجبهة الشعبية
المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت حركة حماس في تصريح صحفي، السبت، أنّ قيادات حركة حماس والجهاد الإسلامي والجبهة الشعبية عقدت لقاء مهمّاً، في ظل...