أخطر ما في صفقة القرن
حتى أسابيع، كان استخدام تعبير “صفقة القرن” في الإعلام الغربي والإسرائيلي، نادرا، وكان الحديث أكثر عن “الصفقة النهائية”، أمّا الآن فدخل المصطلح للإعلام الغربي بقوة، والمفارقة أن المصطلح صار متداولا، بالتوازي مع تراجع التوقعات كثيرا بشأن تفاصيل الخطة الأمريكية، والأهم بشأن فرص نجاحها، وإذا كان التركيز يجري على هزالة الأفكار الأمريكية، وضعف فرص قبولها، فإنّ هناك شقا مهما يحتاج لتتبع، هو طبيعة البديل أو الثمن الذي يريده الأمريكيون من الفلسطينيين.
لقد بدأ تداول المصطلح “صفقة القرن” عندما استخدم في لقاء الرئيسين المصري عبد الفتاح السيسي، والأمريكي دونالد ترامب في واشنطن، في نيسان (إبريل) 2017، ورفع استخدام هذا المصطلح التوقعات بخطة تغير وجه الشرق الأوسط، ولكن مؤخرا حدثت تغيرات، أهمها اتضاح أن الفكرة الأمريكية، لا تتعدى تحسين ظروف الحياة للفلسطينيين اقتصاديا، وصار سقف التوقعات لا يتعدى بعض التغيير الرمزي في مكانة الفلسطينيين السياسية، من زاوية الاعتراف بدولة وهمية لهم، أما زوال الاحتلال وقيام دولة كاملة السيادة على حدود العام 1967، فقد اتضح أنّهما عنصران غير مطروحين، وبالتالي كان الموقف العربي الرسمي، رغم كل الإشاعات الإسرائيلية، هو أنّه لا حل من دون دولة فلسطينية عاصمتها “القدس الشرقية”.
وزاد العداء الفلسطيني للخطة الأمريكية، مع اتضاح أن الأمريكيين يبحثون عن طريقة لتنفيذها كأمر واقع، بحيث لا تملك القيادة الفلسطينية لاحقا من خيار سوى القبول. ومن سيناريوهات فرض الأمر الواقع الممكنة، تفاهمات مع أطراف سوى القيادة الفلسطينية، مثل التفاهم مع “حماس” عبر قطر ودول أخرى، أو محاولة الاتصال مع رجال أعمال فلسطينيين، وما سوى ذلك. وكانت مقابلة مبعوث السلام الأمريكي، جاريد كوشنير، مع صحيفة القدس، التي فهمها الفلسطينيون كإهانة، قوامها أن كوشنير يقول إنهم سيتخلون عن مطالبهم الوطنية إذا تحسنت أجور العمل، ضربة مهمة للخطة.
عندما بدأت مشاريع التسوية والسلام، كان الإسرائيليون في الثمانينيات والتسعينيات، يطرحون شعارات مثل السلام مقابل السلام، أو الأمن (الإسرائيلي) مقابل السلام؛ أي كان الإسرائيليون خصوصا بقيادة حكومة الليكود، بزعامة إسحق شامير يطرحون عدم تقديم شيء سوى وقف حالة الحرب مقابل وقف المقاومة الفلسطينية، وهو موقف يهدف للهروب من السلام، ولكنه يوضح أنّ المقاومة هي الورقة التي تمتلكها منظمة التحرير الفلسطينية، وكان طرح المنظمة والعرب المقابل، هو “الأرض مقابل السلام”.
كان السلام يعني بالدرجة الأولى أمرا محددا هو إنهاء المقاومة، والأرض تعني أراضي 1967، وبدرجة أقل كان السلام يعني التطبيع والانفتاح على الدول العربية.
إذ ما جرى تأمل الموقف الحالي، فإنّ ما يريده الإسرائيليون والأمريكيون حاليا هو ما كان في الماضي هو الجزء الأقل أهمية في السلام (التطبيع)، فقرار الولايات المتحدة الأمريكية الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، أثبت ثلاثة أمور، أحدها لصالح الخطة الأمريكية-الإسرائيلية، واثنان ضدها، فقد تأكد أن التنسيق الأمني الفلسطيني لن يتوقف، وأن ما قدمه الفلسطينيون (السلام) مستمر حتى لو لم يحصلوا على الأرض، بل وتأكد أنّه حتى حركة “حماس” تتجه نحو النضال المدني. ولكن الجانب الأمريكي فوجئ بجدية الرفض الفلسطيني الرسمي للتعاطي مع عملية تفاوضية عبثية جديدة بالتوازي مع فرض سياسيات أمر واقع أمريكية إسرائيلية جديدة، والمفاجأة الثانية أن الموقف الرسمي العربي هو رفض هذه العملية إلا إذا حققت الدولة الفلسطينية، حتى لو كان هناك موقف عربي يعتقد أن إيران تحدّ له أولوية.
الخطير في الموضوع أنّ الورقة الأهم فلسطينيا هي الآن، جزئيا على الأقل بيد الأنظمة العربية وليس بيدهم، فإذا وافق العرب حقا على التطبيع تكون آخر الأوراق الفلسطينية انتهت تقريبا.
قد لا يكون البديل هو العودة للكفاح المسلح، ولكن بجانب المقاومة الشعبية، والوحدة الوطنية الفلسطينية، فإنّ التحرك على الصعيد الدولي، والمنظمات الدولية لإزعاج الموقف الإسرائيلي، يحتاج للتصعيد، ومن ضمن ذلك التبني الفعلي للمقاطعة من منظمة التحرير فعليا.
ربما يكون الموقف الفلسطيني حاليا أفضل مما كان متخيلا من حيث الحصول على دعم عربي نسبي، لموقفهم، ولكن من دون تحسين ميزان القوى بشكل أكبر، وزيادة الأوراق بيد الفلسطينيين تحديدا، يصبح الموقف أقل قوة، وسيتكرر الخوف بشأن مدى استمرار الموقف العربي على ما هو عليه.
الغد الأردنية
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
النونو: بالنسبة لحركة حماس احتمالية بقاء الاحتلال في غزة صفر
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد طاهر النونو المستشار الإعلامي لرئيس المكتب السياسي لحركة حماس، أنّ الحركة مستعدة لبحث المقترح الذي قبلته وليس بحث...
أكثر من مائة موظف في الاتحاد الأوروبي يحتجون على جرائم الاحتلال بغزة
بروكسل – المركز الفلسطيني للإعلام نظم أكثر من 100 موظف في مؤسسات بالاتحاد الأوروبي في بروكسل احتجاجا، الأربعاء، على العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة....
“شالوم من أولاد غزة”.. طلائع التحرير تعلن مسؤوليتها عن مقتل رجل أعمال إسرائيلي بمصر
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مجموعة أطلقت على نفسها “طلائع التحرير- مجموعة الشهيد محمد صلاح”، مسؤوليتها عن اغتيال رجل "إسرائيلي" في مدينة...
إحصائية جديدة لحصيلة الإبادة الجماعية والعدوان على غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي اليوم الأربعاء حصيلة جديدة لحرب الإبادة المتواصلة منذ 215 يومًا بآلة العدوان الصهيوني...
الصحة العالمية تحذر: الوقود بمستشفيات جنوب غزة يكفي لثلاث أيام فقط
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام حذر مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس ادهانوم غيبريسوس، من أن "كمية الوقود في مستشفيات جنوب قطاع غزة، لا تكفي إلا...
الاحتلال يستولي على المبنى التاريخي لبلدية الخليل ويغلق أبوابه
الخليل – المركز الفلسطيني للإعلام أغلقت قوات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الأربعاء، أبواب المبنى القديم لبلدية الخليل، جنوب الضفة الغربية المحتلة، في...
عائلات قادة المقاومة في صدارة المستهدفين.. عندما تتساوى الدماء على طريق الجهاد
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام في حربٍ غير متكافئة، لا في العدد ولا في العتاد، دأب العدو الصهيوني على الاستمرار في سياسة اغتيال أبناء قيادات...