حكومة اختبارية
صحيفة الخليج الإماراتية
أسماء عديدة تطلق على حكومات تتشكل في ذروة الأزمة، منها ما يسمى حكومة الإنقاذ، والحكومة الانتقالية وحكومة المنفى وحكومة الائتلاف أو الوئام الوطني، وقد تكون الحكومة الفلسطينية الوليدة بعد مخاض بالغ العُسر جديرة باسم آخر، هو أنها حكومة اختبارية، أي تختبر صدقية المواقف الإقليمية والدولية، وتضع كثيراً من الأطروحات – التي تحفّظ أصحابها على حكومة حماس- على المحك.
إنها تختبر أولاً الولايات المتحدة داعية الديمقراطية والزاعمة أنها راعيتها الوحيدة في الكون، وهي ثانياً تختبر نوايا حكومة أولمرت وفريقه الذي حاول بشتى السبل تصدير أزمته الداخلية.
الولايات المتحدة تدفع المراقب إلى درجة من الحيرة في أمرها، قد يضطر من خلالها إلى نبش الملف كله، بمجمل أوراقه الصفر والسود والبيض أيضاً، لأن واشنطن تتحدث عن الديمقراطيات في العالم بمنطق قيصري، والدولة العبرية تضيف منطق القرصنة إلى المنطق القيصري، لأن المطلوب فلسطينياً هو ولادة أنبوبية لحكومة تنفذ ولا تناقش، وتوقع على بياض إذا طلب منها ذلك.
وحقيقة الأمر أن هناك منطقاً ثالثاً يمكن وصفه بالتعجيزي، لأنه يطالب المشتغلين في حقل الرياضيات السياسية أن يربعوا الدوائر، بدلاً من العكس أو ما يسمى تدوير الزوايا كمحاولة لحل الأزمات، واستباق تفجرها.
وليست الحكومة الفلسطينية الجديدة هي الاختبار الأول أو الوحيد للنوايا الأمريكية، ولأجندة الدولة العبرية قدر تعلقها بالشعب الفلسطيني، فقد سبق لواشنطن وتل أبيب أن اتخذتا مواقف راديكالية مضادة للعديد من الصيغ السياسية التي لا تخضع جملة وتفصيلاً للمعجم العبري، أو للمعجم الأنجلوساكسوني الحديث الذي يريد مؤلفوه شطب ثلاثة أرباع التاريخ ومعظم الجغرافيا تلبية لمشروع التضاريس الجديدة والخرائط التي يعاد رسمها هذه المرة بجنازير الدبابات مثلما رسمت من قبل بروث أحصنة الغزاة والأباطرة.
وهناك اختبار ثالث قد تكون أهميته أكبر من ترتيبه الإجرائي في المرحلة الثالثة، هو اختبار الفلسطينيين أنفسهم، وقياس منسوب الحصانة الوطنية ضد كل ما يهدد شعباً محاصراً بالتشظي، والتآكل الوطني الذي هو في حقيقته اسم آخر لحرب أهلية تراوح بين البرودة والدفء والاشتعال. لقد خسر الفلسطينيون في الآونة الأخيرة دماً وطنياً عزيزاً، وأوشكت البديهيات أن تتعرض لتشكيك، بحيث يبدو قرن من النضال في مهب عواصف الفوضى المدمرة لا الخلاقة.
إن حكومة كهذه قد تشمل الإنقاذ والانتقال والوئام، إضافة إلى بعدها الاختباري، وقد يكون من حق الملدوغين أن يخافوا من مشاهدة الحبال، فما جرى في فلسطين خلال الأشهر الماضية لم يكن سهل الهضم على العقل والوجدان، وهو الآن مرشح للانتقال من طور كارثي إلى طور آخر إيجابي خصوصاً إذا حولت الإرادة الوطنية ذلك الدم المسفوح بالمجان إلى لقاحات لتعزيز المناعة ضد سطوة الغريزة على الوعي، والخاص الشخصي على العام الوطني.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
تخللها مواجهات .. حملة دهم واعتقالات إسرائيلية في الضفة
الضفة الغربية - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال "الإسرائيلي"، فجر الاثنين، حملة دهم في مناطق متفرقة بالضفة الغربية، اعتقلت خلالها عددا من...
شهداء وجرحى بعدوان إسرائيليّ محيط حلب في سوريا
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد عدد من السوريين وأصيب آخرون، في عدوان "إسرائيليّ" استهدف فجر الاثنين، محيط حلب، شمال غربي سوريا. ونقلت وكالة...
في يومها الـ 241.. أبرز تطورات الإبادة الجماعية الإسرائيلية في غزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الصهيوني ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة، لليوم الـ 241 تواليًا، عبر شن عشرات الغارات...
القسام تعرض مشاهد جديدة لمعدات قوة صهيونية وقعت بكمين في جباليا
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام بثت كتائب الشهيد عز الدين القسام الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، مشاهد لمخلفات من كمين سابق وقع فيه جيش...
أوتشا: أطفال غزة يتضورون جوعا وإسرائيل ملزمة باحترام المرور الآمن للمساعدات
نيويورك – المركز الفلسطيني للإعلام قال مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة "أوتشا"، يوم السبت، إنّ "أطفال غزة يتضورون جوعا، وعلى "إسرائيل"...
الاحتلال يواصل اقتحام مدن الضفة والمستوطنون يشعلون الحرائق بقرية دوما
نابلس – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي، مساء اليوم الأحد، وادي الفارعة، جنوب طوباس. وأفادت مصادر محلية بأن قوات الاحتلال...
الأونروا: غزة تحولت إلى أنقاض والفلسطينيون يكافحون للبقاء
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين أونروا، يوم السبت، إن قطاع غزة الذي يتعرض لهجمات...