الأسير أبو جابر.. حلم اللقاء بالعائلة الممنوع منذ 3 عقود

32 عاما خلت من عمر الأسير أحمد علي أبو جابر من بلدة كفر قاسم بالداخل المحتل، وهو يقبع خلف قضبان الأسر بعد اعتقاله عام 1986.
سنوات عجاف مرت على عائلة الأسير وأبنائه الثلاثة؛ الذين ترعرعوا واشتد عودهم في غياب والدهم، حتى غدوا أرباب أسر ولهم أبناء، ولكن لم يغب والدهم عن مخيلتهم وتفاصيل حياتهم اليومية رغم البعد القسري خلف قضبان الأسر.
تواصل محدود
في لقائنا مع سامر، النجل الأصغر للأسير أبو جابر، والذي لم يتجاوز عمره الثلاثة أشهر عند اعتقال والده، قال: “إن أفراد العائلة يتمكنون من زيارة والدهم مرة كل أسبوعين بالتناوب”، مشيرا إلى أن والده الذي يقبع في سجن هداريم بصحة جيدة، ومعنويات لم ينل منها السجن رغم مرور ما يزيد عن ثلاثة عقود من الزمن.
وتبقى أشكال تواصل الأسير أبو جابر مع عائلته محدودة، ورغم ذلك يجد ذوو الأسير يوم الزيارة وبعض الرسائل الخطية التي تصلهم منه متنفسا يخفف عنهم ألم الفراق والغربة.
وحتى تصل الرسالة لذوي الأسير تستغرق في كثير من الأحيان أكثر من شهرين، لكنها عند وصولها لا تقدر بثمن، فهي تحمل شيئا من أثر الأسير، وتكون مفعمة بمشاعره الصادقة التي يستشعر أفراد أسرته أنها تفوح من الورق الذي لامس يدي الأسير وهما تخطان كلماته وأمنياته لعائلته.
ولا تقتصر معاناة العائلة على الفراق والبعد، فيحدثنا سامر عن معاناة الزيارة المحدودة، فلا يسمح الاحتلال إلا للأقارب من الدرجة الأولى بزيارته في حين لا يسمح لأحفاده بزيارته.
واستطرد في الحديث عن كم الألم الذي يعانيه الأسير أبو جابر وعائلته فهو اليوم جد لسبعة من الأحفاد لم يرهم أو يعرف عنهم شيئا إلا من خلال الصور التي تسمح إدارة السجون بإدخالها بين الحين والآخر، كما أن أحفاده الذين يخطون خطواتهم الأولى في الحياة لا يعرفون جدهم إلا من صوره التي تخرج من السجن، ويحرص آباؤهم على الحديث لهم عن جدهم.
مرارة الفراق
أبناء الأسير أبو جابر وزوجته ليسوا وحدهم من يعانون ويتجرعون مرارة فراقه، فوالده ووالدته وقد بلغا من الكبر عتيا لا يضيعان أي فرصة لرؤيته، وفي هذا السياق يقول سامر: “رغم مرارة المعاناة وثقل سنوات العمر الملقاة على كاهل جدي وجدتي وقد تجاوزا العقد الثامن من العمر يواظبان على زيارة فلذة كبدهم داخل السجون بالتناوب برفقتنا، فنصحبهم على كرسي متحرك ويتكبدون عناء التنقل والإجراءات التعسفية التي تتبعها إدارة السجون من أجل رؤية ابنهم من خلف عازل زجاجي لفترة محدودة من الوقت لا تكفي لإطفاء ظمأ الشوق في صدورهم”.
يصف سامر يوم زيارته لوالده بأنه اليوم المنتظر الذي ينتظره هو وشقيقه وشقيقته على أحر من الجمر، فيعد الأيام والساعات من أجل رؤية والده مدة 45 دقيقة، ويكلمه عبر سماعة هاتف، واصفا تلك اللحظة بالسعيدة والمؤلمة في ذات الوقت “كم هو مؤلم أن أرى والدي من خلف الزجاج دون أن أتمكن من تقبيله أو مصافحته”.
ويضيف: “45 دقيقة تقاس بعمر الزمن لحظات عابرة لا قيمة لها، لكنها بالنسبة لي هي لحظات تختصر كمًّا كبيرا من المشاعر المتناقضة بداخلي وداخل كل عائلة أسير، فتمتزج السعادة بسبب اللقاء والحزن لكون اللقاء مؤقتا ومرهونا بمعيقات إدارة السجون، والقهر بسبب التفتيشات والإجراءات القمعية”.
يحاول سامر أن يعيش مع والده دور الابن الذي يحيا حياة طبيعية مع والده رغم كل المعيقات والحواجز القسرية بينهما، فيستثمر زيارته لاستشارة والده في أمور حياته وخطواته المستقبلية للأخذ برأيه وخبرته من الحياة، قائلا: “ما زلت أشعر بأني طفل وبحاجة دائمة لرأي والدي ومشورته، فأنا لم أعش مراحل طفولتي وشبابي مع والدي، ولم أعرفه أبدا إلا من خلف القضبان”.
جرعات الأمل
ويعدّ سامر نفسه الأقل حظا بين إخوته كونه لم يعش أيا من لحظات طفولته مع والده ولا يذكر أيا منها، فشقيقته كانت تبلغ من العمر عند اعتقال والدها سبع سنوات، في حين كان شقيقه الآخر يبلغ ست سنوات، ويمتلكان رصيدا من الذكريات الجميلة مع والدهما وإن كانت قليلة؛ لكنها ما زالت محفورة بذاكرتهما”.
ورغم كل الألم والمعاناة يستثمر أفراد عائلة الأسير أبو جابر زيارتهم له لإخباره بكل الأمور السعيدة والمفرحة عن حياتهم اليومية وعن أبنائهم، وهو ما من شأنه إعطاء جرعات أمل للأسير وسط ظلمات السجن التي يعيشها يوميا.
وعن أهم اللحظات التي تمنى أفراد عائلة أبو جابر خلالها أنفسهم بجوار والدهم؛ يقول سامر إنهم في كل لحظات حياتهم يتمنون والدهم ويفتقدونه، وعادة لحظات الفرح يشوبها نقصان كبير بسبب غياب الوالد الذي لم يعش مع أبنائه لحظات نجاحهم وتخرجهم وزواجهم، وحتى إنجابهم لأبنائهم.
يحاول أفراد العائلة تعويض النقص والبعد من خلال التقاط صور لهم ولأبنائهم في مختلف مراحل حياتهم، وإرسالها له في السجن ليعيش مع هذه الصور وهو يتكئ على سرير الأسر ليلا فرحة كل لحظة من هذه اللحظات التي سلبت من عمره وعمر أبنائه.
فراغ كبير
الوالدة لم تقصر يوما مع أبنائها، وحاولت مرارا أن تسد الفراغ الكبير الذي تركه غياب الوالد، ظلت تحاول على مدار ثلاثة عقود تعويض أبنائها عما يفتقدونه في والدهم، فكانت الأب والأم لهم، لكن ذلك لم يعوض الأبناء يوما عن استشعار الفراغ الكبير في العائلة والذي تستشعره هي أيضا في مختلف مراحل حياتها مع أسرتها، فطالما تمنت أن يكون زوجها بجوارها ليرقب عن كثب أبناءه الذين يكبرون يوما بعد يوم.
كما تحدث سامر عن أشد لحظات الألم والقهر التي مرت بها العائلة بعد إلغاء سلطات الاحتلال في العام 2014 الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل، والتي كان اسم الأسير أبو جابر مدرجا من ضمنها، لكن العائلة ما زالت تحيا على أمل لم شملها في يوم من الأيام.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

تحذير أمني من تكرار جيش الاحتلال الاتصال بأهالي غزة وجمع معلومات عنهم
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام حذرت منصة أمن المقاومة (الحارس)، الأحد، من تكرار جيش الاحتلال أسلوبا خداعيا عبر الاتصال على المواطنين من أرقام تُظهر...

الزغاري: نرفض المساس بحقوق أسرانا وعائلاتهم
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس جمعية "نادي الأسير الفلسطيني" الحقوقية، عبد الله الزغاري، إنّ صون كرامة أسرانا وحقوق عائلاتهم يشكّل...

الأورومتوسطي: حديث نتنياهو عن مواصلة هدم بيوت غزة نسخة معاصرة للتطهير العرقي
جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن حديث رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، عن أن "إسرائيل ستواصل تدمير بيوت...

حماس تعلن نيتها إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي مزدوج الجنسية الأميركية عيدان ألكسندر
الدوحة – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حركة "حماس" في غزة، رئيس الوفد المفاوض، خليل الحية، الأحد، إنه "في إطار الجهود التي يبذلها الإخوة الوسطاء...

البرلمان العربي يدعو لتأمين ممرات إنسانية عاجلة إلى غزة
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام وجه البرلمان العربي رسائل عاجلة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، والمديرة...

نتنياهو: سنضم 30% من الضفة الغربية
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إن تل أبيب "ستكون قادرة على ضمّ 30%" من الضفة الغربية....

الجهاد: لن نطلق سراح أسرى الاحتلال ما لم تتوقف الحرب
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال نائب الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي محمد الهندي، إن المقاومة الفلسطينية لن تطلق سراح الأسرى الإسرائيليين ما...