الإثنين 12/مايو/2025

على معبر رفح.. الهوية الإسرائيلية تثبت فلسطينيتك

على معبر رفح.. الهوية الإسرائيلية تثبت فلسطينيتك
“ديما عايدية”.. قصة معاناة تختزل معاناة الإنسان الفلسطيني في كل مكان يذهب إليه؛ قدرها أن جدَّها سافر قبل نكبة عام 1967م إلى المملكة العربية السعودية كمعظم أهالي قطاع غزة للبحث عن عمل هناك، فدُمغت جبهته بلعنة (نازح) إلى الأبد، لتلحق لعنة النزوح أبناءه وأحفاده من بعده، ويحملون وزر هزيمة العرب جميعًا عام 67 أمام آلة الحرب الصهيونية ومن يساندها من كافة دول العالم.
 
“ديما” التي ولدت وترعرعت في الرياض عاصمة السعودية عاشت على حلم واحد، وهو حلم العودة إلى أرض الوطن، إلى غزة وحي الزيتون؛ حيث ولد جدها ونشأ هو وعائلتها الكبيرة، عاشت على حلم العودة كما حَلَم جدها وأبوها من قبلها، ولكنهما فشلا في تحقيق هذا الحلم ككل لاجئ فلسطيني كُتب عليه الاغتراب عن أرض فلسطين.
 
وتعتبر الوحيدة التي نجحت في ذلك هي الحفيدة “ديما” حين قرَّرت الاقتران بشابًّ غزيٍّ جريحٍ يتلقى العلاج في مستشفى قريب من بيتها؛ حيث التقته قَدَرًا أثناء تجوالها في المستشفى مع أبيها الذي تعوَّد على أن يتنسم ريح غزة مع كل وافد منها، وبخاصة الجرحى الأبطال الذين قدَّموا أجزاء من أجسادهم فداء للوطن والقضية.
 
وحين تقدم الصحفي الجريح مؤمن قريقع إلى والد ديما لم يتردَّد قط في القبول، وكذلك هي؛ حيث وجدت فيه ما يحقق حلمها، وبذلك عادت العصفورة النازحة بكل فرح الدنيا إلى غزة يحدوها الشوق لتقبِّل ترابها الذي شهد بطولات المقاومين، ووقفت بكل قوة لتساند زوجها في عمله في التصوير الصحفي الذي عاد إلى ممارسته رغم كل معوقات إصابته، فكان الثنائي ديما ومؤمن حديث الصحافة أينما حلوا، وكذلك استضافات الفضائيات، وكل هذا لم يشفع لديما حين حاولت منذ يومين وللمرة الثانية -حيث فشلوا في الخروج قبل شهرين- مصاحبة زوجها في رحلة علاجه الثانية؛ إذ ينوي تركيب طرفَيْن صناعيَّيْن بدل قدميه اللتين فقدهما في قصف غاشم قبل عامين.
 
ذهبا إلى معبر رفح حيث تجاوزا إجراءات الجانب الفلسطيني بيسر وسهولة، ثم كانت رحلة العذاب على الجانب المصري الشقيق!!؛ إذ جلسا ساعات الطويلة في انتظار دورهما في ختم الجوازات، وحين حان الدور بعد ساعات طويلة كانت المفاجأة بقرار أمن الدولة عدم السماح لديما بالسفر إلا كنازحة لا يحق لها العودة إلى غزة مرة أخرى!!.
 
ورغم حصولها على جوازٍ فلسطينيٍّ خاصٍّ ( VIP ) لكونها تعمل مترجمة للوفود الأجنبية التي تزور القطاع المُحاصَر، ورغم أنها تحمل وثيقة سفر فلسطينية صادرة من جمهورية مصر العربية كالكثير من فلسطينييِّ الخارج؛ فإن جهاز أمن الدولة المصري، وبعد طول مداولات، قرَّر أن كل هذه الوثائق لا حاجة إليهم بها، وأن ما يحتاجونه فقط للسماح لها بالسفر والعودة والاعتراف بها كمواطنة غزية هو “الهوية الإسرائيلية” التي تؤكد أن ديما فلسطينية من قطاع غزة!!.

 

من يعطينا الجنسية؟!
حالة ديما ليست حالة فريدة في قطاع غزة المنكوب؛ فمثلها عشرات الآلاف من الفلسطينيين الذين عادوا مع عودة السلطة الفلسطينية إلى قطاع غزة عام 1995م؛ حيث لا يملكون حتى اللحظة ما تسمَّى بـ”الهوية” التي تثبت أنهم أبناء هذه الأرض، والمفارقة أن من يصدرها هو العدو الصهيوني المعني بعدم عودة اللاجئين إلى أرضهم وديارهم رغم أنهم يملكون وثائق تدل على فلسطينيتهم.
 
الطالبة في الجامعة الإسلامية بغزة عبير حمدان (22 عامًا)، والقاطنة في دولة الإمارات العربية، جاءت إلى غزة مع أخيها للالتحاق بالجامعة ومواصلة الدراسة، وبعد عام لحقتها بقية الأسرة؛ وذلك قبل بدء محاصرة القطاع عام 2006م.
 
بعد عامين من وصولها إلى أرض الوطن تقدم ابن عمها المقيم في الإمارات لخِطبتها، وتمَّت الخِطبة، واقترب موعد السفر، ولكن كان العائق الوحيد لسفرها إليه وإتمام الزواج هو البطاقة الشخصية (الهوية).
 
تقول عبير: “جئت إلى قطاع غزة مع أسرتي على أمل أن تُحَلَّ جميع مشاكلنا التي كنا نعاني منها في الخارج؛ بسبب عدم اعتراف الكثير من الدول العربية بالوثيقة التي يحملها فلسطينيو الشتات من أهل غزة، والتي يسمونها (الوثيقة المصرية)”.
 
وتضيف: “قضيت في غزة مدة دراستي الجامعية، ثم اقترنت بابن عمي الذي يسكن في الإمارات، ورغم أن إقامتي في الإمارات يمكن تجديدها كما أكدوا لي عن طريق الكفيل فإنني جوبهت برفض خروجي من قطاع غزة من قِبل أمن الدولة المصري بحجة عدم وجود “هوية إسرائيلية” معي.. هل أصبحت جنسيتنا الفلسطينية لعنة ستبقى تطاردنا إلى الأبد؟!!”.
 
وتتابع عبير: “لا أدرى لِم يتمسَّكون بهويةٍ أصدرها عدوٌّ يحاول بشتى الطرق نزعنا عن أرضنا؟! هل نستمد شرعية وجودنا هنا وحريتنا في التنقل والعلاج والتعليم من العدو الصهيوني؟! أأصبحت الهوية الصادرة عن دوائره هي الإثبات الوحيد أننا فلسطينيون وأن لنا حقًّا في هذه الأرض؟! أم علينا أن نحاول الحصول على جنسيات كندية وأوروبية لنستطيع التنقل بحرية؟!”.

 

أسئلة نترك لدوائر أمن الدولة في دولنا العربية الإجابة عليها. 

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات