الخوف حين يستخدم للتضليل
صحيفة الشرق القطرية
نظرية المخاوف التضليلية وسمتها ما تعبر عنه مجموعة من الناس إثنية أو طائفية أو جهوية حين تشن الهجوم وتكون أو تصبح في مواقع الهجوم لإحداث التغيير من أجل تحقيق هيمنتها انفصالها أو فيدراليتها أو استيلائها على الدولة، أو سيطرتها على المنطقة يحدث ذلك كله حول إثارة مخاوف كانت لها مسوغات في الماضي، وتضخم باعتبار ماذا لو عاد الماضي، ومن ثم تبدأ بالهجوم لتنفيذ مشروعها فتبدأ بالقتل والتدمير، أو بالاجتياح والتهجير أو الابتزاز والتزوير، وتجد مشروعية بالاستقواء بالخارج.
ومع ذلك تظل تعلن أنها خائفة وأن لديها مخاوف من طرف كان في الماضي مسيطراً قد يعود، أو من طرف تضخمت قوته وتلبسه مشروع لا يحمله، أو تتهمه بسلسلة ارتكابات، ولأن لديها مخاوف فمن حقها أن تشن الهجوم وفرض حقائق جديدة، وإياك أن تسمي ذلك باسمه، أو تعتبرها المبادر، أو المهاجم في ميزان القوى، لأنك عندئذ تنكر عليها مخاوفها المشروعة، التي تسمح لها أن تفعل أي شيء، كل شيء.
الخائف بالغريزة يهرب، ويكون بالضرورة في مواقع الدفاع، ولا يطلب الصدام، وإلا كيف يكون خائفاً؟ وحتى القوي حين يخاف يفقد نصف قوته إن لم يعطل إمكان استخدام قوته، ولهذا قامت الحرب النفسية في الحروب والصراعات لتخيف الخصم، أو تجعل الرعب يدب في مفاصله من أجل أن يفقد قوته وينهار، فالخائف لا يكسب المعارك ولا يغير الواقع أو التاريخ، ولهذا من يسعون لتغيير الواقع ليسوا بخائفين.
ولهذا يكذب كل من يدعي الخوف والمخاوف إذا كان مهاجماً مستنداً إلى جدار من القوة، وقد مضى يفرض وقائع جديدة على الأرض، لكن يمكن أن يكون إطلاق صفة «يكذب» عليه غير كاف لوصف الحالة، لأن تأكيده المستمر على مخاوفه أو الادعاء أنه يفعل ما يفعل بسبب مخاوفه، أو بسبب الخوف الذي كان عليه في الماضي حين الاستضعاف، إنما هو مظلة لتغطية الهجوم، فهو أكذوبة صحيح، إلا أنه في الآن نفسه «استراتيجية» كاملة في تغطية أهداف الحرب، وذلك بالادعاء أنه في حالة الدفاع عن النفس، ويتحرك بوحي من مخاوفه وليس من قوته وقدرته التي تخيف الآخرين ويجب أن تخيفهم.
أغلب الذين إن لم يكن كل الذين بدأوا بشن الحروب الخارجية أو الداخلية فعلوها تحت شعار الدفاع عن النفس. وأن البادئ هو الطرف الآخر، وهو الذي يتحمل المسؤولية لأن «البادي أظلم» فهل هنالك من غطاء لتحقيق هذا الفرض مثل إثارة موضوع المخاوف، والتحرك تحت هذا الشعار هجوماً وتغييراً للواقع وموازين القوى؟.
ليس هنالك أبلغ من المثل الإسرائيلي نموذجاً لاستخدام «نظرية» أو «استراتيجية» أو شعار «المخاوف الأمنية لتنفيذ المشروع الصهيوني وتغطية التوسع والتهجير وأعمال الاعتداء الاستباقي، أو الاعتراض «التعرضي» أو الاجهاضي فتحت شعار الخوف على أمن “إسرائيل”، وعلى وجود الدولة الإسرائيلية نفسها أو وجود الإسرائيلي حشدت الدولة العبرية من القوة العسكرية التقليدية والقوة الصاروخية والنووية ما يتفوق على العرب والمسلمين مجتمعين وعلى غالبية دول العالم حتى صنفها البعض بالقوة الرابعة في العالم.
ومع ذلك ما زالت تثير زوبعة بأنها «خائفة» على أمنها ووجودها وأن الآخرين يعدون لتدميرها، فتحت هذه المظلة ترسم سياسة الحرب والعمل الديبلوماسي، وقد استمرأت هذه «اللعبة» حتى لم يعد هنالك من حل يمكن أن يطمئنها ويزيل مخاوفها غير الإمعان في تمزيق الفلسطينيين والعرب والمسلمين وتجريدهم من أي مستوى من مستويات القوة.
وينطبق ما تقدم أيضاً على تغطية التوسع والاستيلاء على المزيد، فالمزيد من الأرض في فلسطين والجولان فبسبب المخاوف الأمنية والعسكرية والوجودية يجب أن يبتلع الجدار أكثر من نصف أراضي الضفة الغربية كما القدس وضواحيها.
ومن أجل تلك المخاوف تقطع المناطق الفلسطينية لتعزل عن بعضها فكل منطقة وكل قرية داخل المنطقة أو بلدة أو مدينة تقع تحت حصار من الجدران أو الطرق الالتفافية أو الحواجز وبكلمة: معتقلات، ومع ذلك يجب ألا تطمئن الدولة العبرية وتظل تصرح «أنا خائفة» ووجودي في خطر.
وإياكم أن تمسوا ما أضعه من ترتيبات ناشئة عن المخاوف التاريخية والراهنة والقادمة. وليست ناشئة عن تفوق في ميزان القوى العسكرية والسياسي والأمني، فلسطينياً أو إقليمياً أو عالمياً، في مصلحتها، إا كيف يمكن للخائف أن يعقل كل ذلك لو كان خائفاً فالخائف يهرب، لا يغير الواقع، ويسير على جانب الطريق ويقبل بالمتاح، ويتجنب المعارك والصدامات مع من يخاف منهم.
نظرية المخاوف هذه التقطها، كمثل ثانٍ صارخ، كل من الحزبين الكرديين لتثبيت واقع انفصالي وتوسعي «كركوك وغيرها» وهيمن على جزء مقدر من «الدولة المركزية» إذا تكرست، ومثلهما فعل «المجلس الأعلى للثورة الإسلامية». «سقط ذكر الثورة الإسلامية من أفواههم» وحلفاؤهم من الطائفيين، إذا راحوا تحت شعار المخاوف من عودة النظام السابق يدمرون الدولة من حيث أتى، ويكرسون تقسيم العراق على طريقة الحزبين الكرديين الوطني والديمقراطي «الطالباني والبرزاني» ويسيطرون على أجهزة الدولة «المركزية» إذا قام قائمها.
هذه «الأحزاب» وضعت في ظهرها الاحتلال الأمريكي الذي هو مصدر القوة والسيطرة المتفوقة في العراق، وراحت تهجم على إعادة تشكيل العراق وموازين قواه الداخلية تحت شعار المخاوف من «عودة النظام الصدامي» فهي مسكينة خائفة، ولأنها خائفة تفعل ما تفعل وليس نتيجة امتلاكها الدعم الأمريكي «حتى الآن على الأقل» وانتقالها إلى مواقع الهجوم في تفكيك الدولة واجتثاث البعث، والسيطرة على ما يبنى من أجهزة بديلة أو القليل مما تبقى من مؤسسات مثل وزارة النفط، والجامعات والمدارس.
هذا مثلان صارخان لاستخدام نظرية أو استراتيجية «المخاوف.. لتغطية الهجوم الذي لا يقوم به خائف»!.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات
تحذير حقوقي من كارثة إنسانية خطيرة في رفح مع إغلاق المعابر
رفح - المركز الفلسطيني للإعلام قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، إن نذر كارثة إنسانية خطيرة متعددة الأبعاد بدأت تتفاقم سريعًا في رفح جنوب قطاع...
تركيا تطالب إسرائيل بالانسحاب من معبر رفح فورا
أنقرة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وزارة الخارجية التركية، إن "أي عملية ستجري في رفح ستؤثر على العالم بأسره"، ودعت إسرائيل إلى الانسحاب فورا من...
شيخ الأقصى يدعو الأمّة لمواجهة المؤامرة الصهيونية وشد الرّحال للقدس
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام أكد الشيخ رائد صلاح في مقابلة إعلامية أنّ سعي الاحتلال لتغيير الوضع القائم في المسجد الأقصى المبارك ليس جديدًا بل هو...
هيئة حقوقية: ارتفاع عدد معتقلي الضفة إلى 8610 منذ 7 أكتوبر
رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت هيئة الأسرى وشؤون المحررين ارتفاع عدد المعتقلين في الضفة الغربية المحتلة، الثلاثاء، إلى 8 آلاف و610...
أونروا تطالب بإعادة فتح المعابر الرئيسية في غزة دون تأخير
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" فيليب لازاريني، إن "المعابر الرئيسية في قطاع غزة...
وفد قيادي من حماس يصل إلى القاهرة لمتابعة جهود وقف العدوان
القاهرة – المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، الثلاثاء، أن وفدًا رفيعًا برئاسة رئيس حركة حماس في غزة د. خليل الحية، وصل إلى...
حمدان: الكرة في ملعب نتنياهو وعصابته وعمليته العسكرية برفح لن تكون نزهة
بيروت – المركز الفلسطيني للإعلام أكد القيادي في حركة حماس أسامة حمدان مساء اليوم الثلاثاء خلال مؤتمر صحفي في العاصمة اللبنانية بيروت، أنه وعلى...