بالحظر الملاحي وإضعاف الدعم الأمريكي.. “أنصار الله” تصيب إسرائيل في مَقاتلها

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
شهدت الأيام القليلة الماضية تصعيدًا ملحوظًا بين جماعة “أنصار الله” اليمنية من جهة، وبين الإدارة الأمريكية وكيان الاحتلال الصهيوني من جهة أخرى، بلغت درجة فرض “أنصار الله” حظرًا جويًّا، وذلك استمرارًا للموقف اليمني البطولي في دعمه للشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة، ض الاحتلال الإسرائيلي الذي يمارس الإبادة الجماعية وحرب التجويع، للشهر التاسع عشر تواليًا.
ففي صبيحة يوم الأحد الرابع من مايو/أيار الجاري، استهدفت “أنصار الله” مطار بن غوريون بصاروخ فرط صوتي، تجاوز منظومات الدفاع الجوي في طبقاته الأربعة، ما أدى إلى إغلاق المطار وتعليق الرحلات الجوية.
وتعقيبًا على هذا الاستهداف اليمني لكيان احتلال، أعلنت “أنصار الله” فرض حظر على الملاحة الجوية من وإلى المطارات الإسرائيلية، اعتبارًا من 4 مايو/ أيار 2025، وذلك حتى إشعار آخر، وذلك بالتزامن مع إعلان عدد من شركات الطيران الدولية وقف رحلاتها من وإلى تل أبيب، وسط تحذيرات متصاعدة من اتساع نطاق التصعيد في المنطقة.
إسنادًا لغزة
وفي بيان رسمي، أوضح الناطق العسكري باسم “أنصار الله” يحيى سريع، أن القرار يأتي ردًّا على توسيع العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة، مؤكدًا أن “جميع المطارات الإسرائيلية باتت في مرمى الاستهداف اليمني”.
ومن جهته أكد رئيس المجلس السياسي لجماعة “أنصار الله”، مهدي المشاط، أنه لا تراجع عن إسناد غزة مهما كان الثمن، وما حصل يثبت أن ضرباتنا مؤلمة وستستمر.
وأوضح المشاط في تصريح لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ) أن “العدوان الإسرائيلي يثبت لشعبنا صوابية تحركه وجهاده، ويطمئنه أكثر عندما يرى أنه في مواجهة أقذر عدو عرفته البشرية”.
وقال “ردنا بإذن الله سيكون مزلزلًا، مؤلمًا، ولن يكون بمقدار العدو الإسرائيلي والأمريكي تحمله، ولجميع الصهاينة من الآن وصاعدًا: الزموا الملاجئ، أو غادروا إلى أوطانكم فورًاً، فلن يكون بمقدور حكومتكم الفاشلة حمايتكم بعد اليوم”.
وأضاف القيادي اليمني: “سيُدرك المعتدي أن الثمن الذي سيدفعه باهظًا، ولن يثنينا أي عدوان عن قرارنا المحق في مساندة إخواننا في فلسطين، حتى وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة”.
المقاومة تشيد
وفي أول رد فعلٍ للمقاومة، قال أبو عبيدة، الناطق العسكري باسم كتائب القسام -الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية (حماس)، إن “المجد لليمن الذي يصعد هجماته على قلب الكيان الصهيوني”، وذلك بعد تأكيدات إسرائيلية بفشل منظومات الدفاع الجوي بالجيش في اعتراض صاروخ من اليمن سقط بمطار بن غوريون.
وأوضح أبو عبيدة -في بيان له عقب استهداف “أنصار الله” لمطار بن غوريون يوم الأحد الماضي- أن اليمن يُصعّد هجماته على الاحتلال الإسرائيلي، “متجاوزًا المنظومات الأكثر تطورًا في العالم”.
وأضاف أن “المجد لليمن صنو فلسطين، وهو يواصل تحديه لأعتى قوى الظلم ويأبى الانكسار، رغم ما يتعرض له من عدوان”.
وسبق أن أشاد أبو عبيدة بالإسناد الذي تقدمه جماعة أنصار الله (الحوثيين) للمقاومة في قطاع غزة، وقال إن “فلسطين وشعبها لن ينسوا وقفة إخواننا باليمن والعزيمة القادرة على زعزعة أمن الكيان إذا توفرت الإرادة”.
ومن جهتها، أشادت حركة حماس بما وصفتها “الضربات المباركة التي ينفذها الإخوة في أنصار الله والجيش اليمني في عمق الكيان الصهيوني”.
وقالت حماس -في بيان- إن الضربة الصاروخية على مطار بن غوريون تعبّر عن التزام راسخ بالقضية الفلسطينية، قائلة: “نحيي اليمن شعبًا وقيادة على مواصلة طريق النصرة والإسناد لشعبنا الفلسطيني في غزة الذي يتعرض لإبادة جماعية”.
وبدورها، باركت حركة الجهاد الإسلامي “الضربة النوعية التي نفذتها القوات المسلحة اليمنية واستهداف مطار اللد في قلب يافا المحتلة”.
استجابة شركات الطيران
القرار الذي أعلنته “أنصار الله” بحظر الملاحة الجوية للاحتلال الإسرائيلي عقب استهداف مطار بن غوريون، لم يكن تصريحًا إعلاميًّا أو سياسيًّا، بل وجد صدىً ميدانيًّا في اليوم نفسه، من خلال استجابة العديد من شركات الطيران لهذا القرار، بوقف رحلاتها إلى تل أبيب.
ففي حين استمر تعطيل مطار بن غوريون بفعل الصاروخ اليمني ساعة فقط، فإن تأثير الحدث على حركة الطيران استمر عدة أيام، إذ تحرص شركات الطيران على تفادي العمل في أوقات المخاطر الأمنية، كما أن تكلفة التأمين على رحلاتها ترتفع بشكل كبير في هذه الظروف.
فبعد تعطيل كثير من شركات الطيران رحلاتها يوم الأحد، أعلنت العديد من الشركات تمديد تعطيل رحلاتها إلى مواعيد عدة، بينما بقي الآلاف من الإسرائيليين عالقين في الخارج، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام الإسرائيلية.
وبحسب موقع كالكاليست، فإن مجموعة لوفتهانزا -بما فيها الخطوط الجوية السويسرية، والخطوط الجوية النمساوية، وخطوط بروكسل الجوية، ويورو وينغز- ستمدد تعليق الرحلات الجوية إلى إسرائيل حتى 11 مايو/أيار. وبالمثل، علقت الخطوط الجوية الإيطالية جميع رحلاتها إلى تل أبيب حتى نفس التاريخ.
كما مددت شركة “يونايتد إيرلاينز” إلغاء رحلاتها حتى 9 مايو/أيار، بينما أعلنت شركة “ويز إير” المجرية تعليق رحلاتها حتى 8 مايو. في المقابل، أكدت شركات “إيجيان إيرلاينز”، و”الخطوط الجوية البريطانية”، و”دلتا إيرلاينز”، و”ريان إير” تعليق رحلاتها حتى أمس الثلاثاء.
وكانت العديد من شركات الطيران، بما فيها الخطوط الجوية الكندية، والخطوط الجوية الفرنسية، والخطوط الجوية الهندية، والخطوط الجوية المكسيكية، والخطوط الجوية الأوروبية، قد ألغت رحلاتها المجدولة يوم الاثنين 5 مايو/أيار.
وذكرت صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية، أن آلاف المواطنين الإسرائيليين لا يزالون عالقين في الخارج بسبب الاضطرابات الواسعة النطاق في الرحلات الجوية الدولية. مما دفع شركة طيران “إلعال” الإسرائيلية إلى تحديد سقف سعر منخفض للرحلات باتجاه واحد إلى مطار بن غوريون لمساعدة العالقين على العودة.
السياق السياسي
أتى استخدام الصاروخ اليمني المتطور تزامنًا مع التصعيد العسكري الإسرائيلي في غزة، والتصعيد الأمريكي في اليمن، وبهذا الصدد أشار المحلل العسكري لصحيفة هآرتس عاموس هرئيل إلى أن مزيدًا من النجاحات للحوثيين سيلحق ضررًا بالغا بالسوق الإسرائيلية، ويترك العلاقة بالعالم الخارجي مرتبطة بشركات الطيران المحلية شهورًا عدة على الأقل.
وأعرب هرئيل عن شكوكه في وجود أي خطوة يمكن أن تدفع الحوثيين إلى تغيير سياستهم؛ كما تشير تجربة الحملة الأمريكية الكثيفة عليهم والمستمرة منذ أشهر.
ورجّح المحلل العسكري الإسرائيلي، استمرار التصعيد بناء على عدة عوامل مؤثرة في هذه الأحداث، منها: أن مسار الحرب في غزة مفتوح لمزيد من التصعيد في ضوء عجز الاحتلال عن فرض التهجير أو نزع سلاح المقاومة، وإعلانه عن عملية عسكرية جديدة تسعى إلى احتلال طويل الأمد لأجزاء من قطاع غزة.
وتابع أن من بين عوامل استمرار التصعيد أيضًا أن “القدرة العملياتية للحوثيين تظهر صمودًا على الرغم من أشهر طويلة من الاستهداف الأمريكي والبريطاني والإسرائيلي، وبقي التأثير على الملاحة في البحر الأحمر وبحر العرب متأثرًا بعمليات الحوثيين طوال فترة الحرب في غزة تقريبًا”.
وتشير مجمل هذه العوامل إلى ارتفاع احتمال تكرار عمليات استهداف المطارات الإسرائيلية، باستخدام صواريخ أكثر تطورًا مما كان مستخدَمًا خلال الحرب الجارية، وهو ما يعني مزيدًا من الإرباك للطيران المدني الإسرائيلي، ومزيدًا من الضغوط الداخلية والخارجية على حكومة الاحتلال وجيشه ومجتمعه.
ويدفع التباين بين الموقفين الإسرائيلي والأمريكي باتجاه المزيد من التصعيد الإسرائيلي – اليمني، وهو ما أشار إليه الصحفي الإسرائيلي عميت سيجال بقوله تعليقا على استثناء إسرائيل من وقف إطلاق النار: “رسالة ترامب إلى كل المنطقة: هاجموا إسرائيل، فقط اتركوا الولايات المتحدة وشأنها!”.
تراجع يقابله تحدٍّ
وفي السياق ذاته أبدت جماعة أنصار الله اليمنية صمودًا أسطوريًّا في مواجهة الإدارة الأمريكية الجديدة، بعد تصعيد عسكري أمريكي غير مسبوق على اليمن، ما أدى إلى استشهاد المئات من المدنيين وخسائر فادحة في البنية التحتية والاقتصاد اليمني.
هذا الصمود وجد حصادًا من قبل التراجع في موقف الإدارة الأمريكية، التي أعلن رئيسها دونالد ترامب رسميًّا بأن بلاده ستتوقف عن استهداف اليمن.
وكان لافتًا في تصريحات ترامب -التي أدلى بها أمس الأربعاء- أنه أبدى إعجابه بصمود “أنصار الله” في اليمن، مؤكدًا أنهم “تحملوا الضربات الأمريكية رغم شدتها وأظهروا شجاعة كبيرة”.
هذا التراجع الأمريكي في مواجهة “أنصار الله” أثبت أن الخاسر الأكبر هو من يتراجع أولاً، وأن الصمود والإصرار اليمنيين قد أثمر غرسهما فيما يتعلق بموقف الولايات المتحدة الأمريكية من دعم إسرائيل؛ حيث نقلت وول ستريت جورنال عن مسؤول إسرائيلي قوله: “إسرائيل قلقة من التطور في الموقف الأمريكي بشأن الهجمات على الحوثيين”.
كما أدت صلابة الموقف اليمني إلى أخذ شركات الشحن موقف الحذر والحيطة في استمرار رحلاتها، حتى بعد إعلان ترامب وقف العدوان على اليمن؛ حيث أضافت الصحيفة وول ستريت جورنال أن عددًا من شركات الشحن تُقيم الاتفاق الذي أعلنه ترامب بشأن “الحوثيين”، لكنها لا تخطط حاليًّا للعودة إلى المنطقة.
“لن نتخلى عن غزة”
أكد هذا الموقف نائب رئيس الهيئة الإعلامية لأنصار الله، نصر الدين عامر، أن الرئيس الأمريكي تخلى عن حماية السفن الإسرائيلية في البحر الأحمر، مستدركًا بالقول: “لكننا لن نتخلى عن غزة”.
وأضاف عامر -في تصريح لشبكة الجزيرة اليوم الخميس- أن الولايات المتحدة فشلت في حربها على اليمن وقررت الهروب من دعم إسرائيل، مؤكدًا أن “الرئيس الأمريكي هو من بادر بإرسال الرسائل إلينا”.
وشدد القيادي اليمني على استمرار إسناد غزة بقوله: “لن نتراجع عن إسناد قطاع غزة، ونعمل ليلًا ونهارًا من أجل تصعيد عملياتنا ضد إسرائيل”، مضيفًا: “استراتيجيتنا واضحة ونطور من أسلحتنا لمعاقبة الاحتلال ودفعه من أجل وقف عدوانه على غزة ولن نسمح بمرور أي سفينة إسرائيلية عبر البحر الأحمر”.
وبدوره أكد الناطق باسم جماعة أنصار الله (الحوثيين) محمد عبد السلام، الثلاثاء، أن الدعم اليمني المستمر لغزة لن يتوقف، مشددًا على أن موقف جماعته من القضية الفلسطينية وإسناد غزة سيظل ثابتًا، وأن الدعم سيتطور بشكل أفضل في مواجهة العدوان الأميركي الذي يساند إسرائيل.
وقال عبد السلام، في تصريحات نقلها عنه تلفزيون “المسيرة” التابع للجماعة، إن “الأمريكي حشر نفسه في الإسناد للعدو الإسرائيلي ونحن قمنا بالرد عليه”، مضيفًا: “نحن تلقينا الطلبات من أمريكا عبر سلطنة عمان، والذي تغير هو موقف الأمريكي أما موقفنا فثابت”.
تهديد لأمريكا
وأشار إلى أنه “لا علاقة بالتفاهم المبدئي مع الأمريكي بموقفنا من إسناد غزة”، مشددًا على أن ما صرح به الأمريكي يمثل “تعبيرًا عن العجز والفشل، وهو لم يتمكن من حماية السفن الإسرائيلية”.
واعتبر عبد السلام أن الموقف الذي أصدره ترامب يعبر عنه، وأنه يحاول القفز على ما أعلنه هو من الأهداف كالقضاء على القدرات وغير ذلك، مشددًا على أن “الحقيقة هي ما نقولها وما جاء في بيان الخارجية العمانية”.
وأضاف عبد السلام: “ما زلنا نقيم الموقف الأمريكي حتى لا يصبح الأمر مجرد تصريحات، وفي حال عاد العدو الأمريكي لعدوانه عدنا لاستهدافنا له”، لافتًا إلى أن “الضمانات للاتفاق هي تلك التجربة السوداء التي خاضتها أمريكا في اليمن”، وأن “الضمانة الحقيقية هي الموقف الذي تمسكنا به وتمسك به شعبنا في خروجه الأسبوعي المساند لغزة”.
وتابع عبدالسلام: “ننصح الجميع بأن يتوجهوا لإسناد غزة وإدخال المساعدات، وهذا هو الحل الذي ينهي المشاكل في المنطقة، والموقف اليمني المساند لغزة هو حجة على بقية الدول في المنطقة”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حماس تهنّئ البابا ليو الرابع عشر لانتخابه رئيسًا للكنيسة الكاثوليكية
المركز الفلسطيني للإعلام تقدّمت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بأصدق التهاني والتبريكات إلى البابا ليو الرابع عشر، بمناسبة انتخابه رئيسًا للكنيسة...

الحصاد المر لـ 580 يومًا من الإبادة الجماعية في غزة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام نشر المكتب الإعلامي الحكومي ينشر تحديثاً لأهم إحصائيات حرب الإبادة الجماعية...

رامي عبده: خطة المساعدات الأميركية الإسرائيلية أداة قهر تمهد لاقتلاع السكان من أرضهم
المركز الفلسطيني للإعلام قال رئيس المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، رامي عبده، إن الخطة الأميركية‑الإسرائيلية التي تقضي بإسناد توزيع مساعدات محدودة...

قتلى وجرحى بتفجير القسام مبنى بقوة من لواء غولاني في رفح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام قتل عدد من جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي وأصيب آخرين في رفح، اليوم الخميس، وفق وسائل إعلام إسرائيلية، فيما قالت كتائب...

شهيد وجرحى في سلسلة غارات إسرائيلية على جنوب لبنان
بيروت - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد مواطن لبناني وجرح آخرون، في سلسلة غارات شنها جيش الاحتلال الإسرائيلي على جنوبي لبنان، اليوم الخميس، على ما...

حصيلة الإبادة ترتفع إلى أكثر من 172 شهيدا وجريحا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، اليوم الخميس، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 106 شهداء، و367 جريحا وذلك خلال 24 الساعة الماضية...

الادعاء الروماني يحيل شكوى ضد جندي إسرائيلي إلى النيابة العسكرية
بوخارست - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت مؤسسة “هند رجب” أن المدعي العام في رومانيا أحال الشكوى التي تقدمت بها المؤسسة ضد جندي إسرائيلي إلى مكتب...