الخميس 08/مايو/2025

مع تفشي المجاعة .. دقيق البقوليات خط الدفاع الأخير في معركة البقاء بغزة

مع تفشي المجاعة .. دقيق البقوليات خط الدفاع الأخير في معركة البقاء بغزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

تجاوزت المجاعة في قطاع غزة حدود الكارثة، بعدما مضي 579 يومًا من الحرب والحصار، أجبرت خلالها آلاف العائلات على طحن البقوليات والحبوب للحصول على بدائل للخبز بعد نفاد الطحين.

سياسة التجويع الجماعي التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي حولت الحياة اليومية في القطاع إلى صراع يومي من أجل البقاء.

مع غياب الدقيق وإغلاق المعابر، برز ما يُعرف بـ”دقيق البقوليات” كحل اضطراري لخبز رغيف يسد رمق الجوعى.

المواطن سهيل عابدين يقول: “سعر كيلو الطحين إن وُجد يتجاوز 60 شيقلًا، ولا يكفي لصناعة عشرة أرغفة. اضطررنا لطحن العدس والفول وأحيانًا الحمص لصنع خبز بديل. لكن حتى هذه البقوليات باتت شحيحة وباهظة الثمن”.

ويتابع عابدين، الذي يعيل سبعة أطفال: “لا أملك ما أشتري به لا طحينًا ولا بقوليات، أملنا الوحيد أن تُفتح المعابر وتُضخ كميات كافية من الغذاء قبل أن يفوت الأوان”.

المواطن إبراهيم حسان يروي تجربته المرة: “نطحن الأرز مع العدس للحصول على ما يُشبه الطحين، الجوع أنهك الناس، وأجسادهم باتت شاهدة على معاناتهم. حتى هذا الخبز لا يصمد ليوم، ويتحول إلى كتل صلبة يصعب مضغها، فضلًا عن آثاره الصحية كآلام القولون”.

من جانبه، أشار حازم عامر إلى أن طحن الحبوب بات أمرًا اعتياديًا: “نقع العدس ساعات ثم نطحنه لنخبز ما يمكن أكله. لكن دون وجود نسبة من الطحين العادي، يصعب أن يتماسك الخبز أو يكون طريًا”.

حسن أبو صبحي، صاحب مطحنة قهوة، أكد أن الإقبال على طحن البقوليات تضاعف: “أطحن الكيلو بثلاثة شواقل. أحاول مساعدة الناس قدر الإمكان. بعضهم يطحن يدويًا توفيرًا للتكاليف، رغم أن أسعار البقوليات تجاوزت 25 شيقلًا للكيلو”.

الوضع الإنساني تدهور إلى مستويات غير مسبوقة، الأونروا حذرت من أن أكثر من 66 ألف طفل يعانون من سوء تغذية حاد، نتيجة استمرار الاحتلال في إغلاق المعابر ومنع إدخال الغذاء والمساعدات الطبية منذ الثاني من مارس الماضي.

المتحدث باسم الأونروا، عدنان أبو حسنة، أشار إلى أن مئات الآلاف يكتفون بوجبة واحدة كل يومين أو ثلاثة، مؤكدًا أن الأزمة الإنسانية تتفاقم يومًا بعد يوم.

وفي ظل هذا الحصار، حذرت مصادر طبية من تدهور حاد في صحة الأطفال، حيث تم تسجيل حالات إغماء وهزال واسع، فيما تجاوز عدد الأطفال الذين وصلوا المستشفيات بسبب سوء التغذية 70 ألف طفل، وأكثر من 3,500 طفل يواجهون خطر الموت الوشيك جوعًا.

المتحدثة باسم برنامج الغذاء العالمي لبنى كنزلي أكدت أن مخزون الغذاء قد نفد بالكامل، وأن البرنامج كان يقدّم وجبات لـ700 ألف شخص قبل أن يُغلق الاحتلال المعابر تمامًا، مئات الشاحنات تقف عاجزة خلف المعابر في انتظار الدخول.

منظمة أطباء بلا حدود وصفت الوضع في غزة بـ”الكارثي”، فيما قالت مسؤولة الطوارئ فيها، كلير نيكوليه: “الحصار الإسرائيلي يمثل جريمة ممنهجة. العالم يرى هذه الوحشية ولا يتحرك. غزة تُدفع لتحولها إلى مقبرة جماعية”.

أما مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) فأوضح أن نسبة الأطفال الذين يتلقون العلاج من سوء التغذية ارتفعت بنسبة 80%، فيما لا يحصل 92% من الرضع على احتياجاتهم الغذائية الأساسية، و65% من السكان يفتقرون لمياه الشرب.

وتُظهر إحصائيات الجهاز المركزي للإحصاء أن معدل البطالة بلغ 68%، فيما أكد البنك الدولي أن 100% من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، في ظل خطر مجاعة شاملة بسبب الحصار الشامل ومنع إدخال الوقود والدقيق والمواد الأساسية.

يعيش الفلسطينيون في غزة كارثة متصاعدة، وسط صمت عالمي، وتواطؤ دولي، وتحرك إنساني مشلول. الجوع اليوم ليس مجرد معاناة، بل سلاح فتاك يُستخدم لإبادة جماعية بطيئة.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات