الأحد 04/مايو/2025

تماهي عربي رسمي مع إسرائيل في استئصال المقاومة

ماجد الزبدة

التحذير الإعلامي الذي أطلقه المجلس الأعلى للدفاع في لبنان لحركة حماس واتّهامها بأنها تمسّ الأمن القومي اللبناني؛ عِوضًا عن كونه يتناقض مع الحقائق التي توضح أن إسرائيل هي التي تُهشّم الأمن القومي اللبناني؛ وتستبيح أرض لبنان قتلًا وقصفًا واحتلالًا دون رادع أو حسيب؛ فهو يُمهّد لنزع سلاح المخيمات الفلسطينية في لبنان؛ والإيحاء بأنه يشكل تهديدًا لأمنه وسلامة أراضيه؛ ولا نستبعد أن يتم استخدام ملف سلاح المخيمات لتشويه المقاومة الفلسطينية؛ والزج باسم حماس حال حدوث إشكالات ميدانية مستقبلية، وهي رغبة تنسجم مع رؤية محمود عباس الذي يعادي المقاومة الفلسطينية بالعموم وحركة حماس على وجه الخصوص ويخطط لزيارة لبنان لبحث ملف سلاح المخيمات خلال الأيام المقبلة.

من ناحية أخرى فإن التحذير اللبناني المفاجئ يأتي استجابةً لرؤية الولايات المتحدة الأمريكية وترتيبات إسرائيل لمستقبل المنطقة العربية؛ والتي يتم إعادة هندستها سياسيًا وميدانيًا لتسمح بالهيمنة الإسرائيلية الكاملة بلا منازع؛ كما أنه ينسجم مع خطوات عربية أخرى ومنها -على سبيل المثال- إقدام المملكة الأردنية على تجريم دعم المقاومة الفلسطينية؛ ومساعي النظام السوري الجديد -تحت الضغوطات الأمريكية- لتضييق الخناق على فصائل المقاومة الفلسطينية ومنع أنشطتها داخل الأراضي السورية تحت عنوان “ضبط السلاح”.

نستنتج هنا أن التحذير اللبناني هو مشهد واحد ضمن مشاهد متكاملة تشكل بمجملها الرؤية الأمريكية الإسرائيلية للمنطقة الغربية؛ وهي رؤية مستقبلية قاتمة للكرامة العربية؛ حيث تستبيح إسرائيل فيها الأراضي العربية ومقدراتهم يوميًا بشكل استفزازي مُهين؛ فيما تتكفّل الأنظمة العربية بتنفيذ مهمة تقليم أظافر المقاومة الفلسطينية وقطع خطوط إمدادها بضغوطات أمريكية؛ وما تفشل تلك الأنظمة بإنجازه تبادر الولايات المتحدة لتنفيذه بنفسها؛ وما القصف الأمريكي المتواصل منذ أسابيع للأراضي اليمنية دفاعًا عن إسرائيل عنا ببعيد.

للأسف فإن التماهي العربي الرسمي مع الأهداف الإسرائيلية الأمريكية يدفع بعضها للتعامل بصَلف وفوقية مع المقاومة الفلسطينية بوصفها الحلقة الأضعف؛ وبالتالي لا ثمن سياسي مُكلف لمعاداتها وتشويه صورتها الناصعة رغم أنها صاحبة حق شرعي وقانوني بمقاومة الاحتلال العسكري والدفاع عن أرضها وشعبها ومقدساتها؛ وهنا نستحضر مثالًا الشتائم والبذاءات التي تلفّظ بها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تجاه المقاومة الفلسطينية دون خجل أو حياء؛ بعكس التعامل العربي الرسمي مع الاحتلال المجرم الذي ينتهك كرامة العرب وسماءهم وأرضهم على مدار الساعة؛ ومع ذلك لا يجرؤ أحدهم على تهديده أو إطلاق تحذيرات -ولو شكلية- بمقاومة اعتداءاته التي أضحت حدثًا عابرًا على شاشات التلفاز يوميًا.

إن التماهي العربي مع رغبة إسرائيل في استئصال المقاومة سيصطدم بقوة الحاضنة الشعبية للمقاومة؛ وتجذرها في قلوب أحرار الأمة؛ فالمقاومة التي صمدت ثمانية عشر شهرًا في مواجهة العدو الإسرائيلي؛ وقدمت خيرة قادتها وعناصرها دون أن تنكسر لهي قادرة على إعادة رص صفوفها وبناء ما دمره الاحتلال، حينها قد يُقدم كثيرون ممن يتماهَون مع أهداف إسرائيل اليوم على التودّد إلى المقاومة بعد أن خارت قواهم وفشلوا في استئصالها واقتلاع جذورها من أرض فلسطين وما حولها.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات