خضر عبد العال .. رحلة من سيديه تيمان إلى تشريفة عوفر وتفاصيل قاسية أخرى

المركز الفلسطيني للإعلام
أحد عشر شهرا ونيف، هي المدة التي قضاها الصحفي الفلسطيني خضر عبد العال أسيراً في سجون الاحتلال الصهيوني، بعد اعتقاله من مستشفى الشفاء في مدينة غزة برفقة مجموعة كبيرة من الصحفيين والأطباء ومقدمي الرعاية الطبية والمواطنين في الثامن عشر من مارس عام 2024.
القاسم المشترك في رحلة الأسر تلك التي تعددت محطاتها، هو التعذيب الشديد بدون سبب، وبأشكال وأساليب مختلفة، وتقييد الأيدي والأرجل، وتغمية الأعين لفترات طويلة جدا، علاوة على ندرة الطعام وسوء جودته، وغياب أي رعاية طبية.
حاول “مراسل المركز الفلسطيني للإعلام” نقل مسيرة الاعتقال التي لم يخطر ببال ضيفنا الصحفي خضر عبد العال أن يخوض تجربتها في يوم من الأيام، والتي هي مثال واحد وقد لا تكون التجربة الأقسى والأصعب، ولكنها تسلط الضوء على بعض ما يحدث.
30 ساعة من العذاب
“اعتقلت من مستشفى الشفاء في الثامن عشر من مارس 2024، ومن لحظة الاعتقال ولمدة 30 ساعة هو الوقت الذي قضيناه للوصول إلى معتقل “سيديه تيمان” ونحن نتعرض لتعذيب شديد وقاسي جدا، ضرب بالهراوات والعصي و”البساطير” و”كف حديدي يلبسه الجنود باليد”، تكسير عظام، شبح من الخلف، وكان الجنود يركزون في ضربهم على القفص الصدري”، يقول خضر في مستهل حديثه.
وبين أن كل هذا التعذيب حدث داخل الباص الذي يقلهم وهم مقيدي الأيدي والأرجل وعيونهم مغطاة، لدرجة أن ضيفنا لم يتوقع النزول من ذلك الباص حياً، “لقد كانت 30 ساعة من التعذيب والضرب لأجل التعذيب والضرب، فهم لم يحققوا معنا ولم يسألونا ولو سؤالاً واحداً”، وفق قوله.
91 يوماً في “سديه تيمان”
وفي معتقل “سديه تيمان” سيء السمعة والصيت واجه خضر ألواناً من العذاب النفسي والجسدي، ونقص الرعاية الطبية، ورؤية مشاهد قاسية، لعل أصعبها وفق روايته، ما حدث في اليوم الرابع لاعتقاله، وهو استشهاد أحد الأسرى أمام ناظريه، بعد تعرضه لتعذيب شديد على يد قوات الاحتلال الصهيوني، أفقده الوعي وفارق الحياة بعدها بوقت قصير.
وبعد 16 يوماً من الاعتقال في سجن سديه تيمان اقتيد خضر للتحقيق، وكانت جل الأسئلة متعلقة بعمله الصحفي، دون توجيه أي تهمة معتبرة أو بيان أي سبب للاعتقال.
وبعد 50 يوماً عرض خضر على محكمة يصفها بـ”الصورية”، وجهت له تهمة جاهزة تقريبا توجهها المحكمة لغالبية المعتقلين من قطاع غزة، وهي “الانتماء لتنظيمات إرهابية” (مقاتل غير شرعي)، وقررت توقيفه عند الجيش الإسرائيلي حتى نهاية الحرب.
عاش خضر في ” سديه تيمان 91 يوماً مقيد الأيدي والأرجل بالأصفاد الحديدية ومغمى الأعين، طوال الوقت حتى في أوقات النوم، وسمح له ولزملائه بدخول الحمام مرة واحدة يومياً ولمدة دقيقتين فقط، فيما تم تزويده وزملاءه بطعام قليل كما وفقير نوعا يمنع الأسير من الموت فقط، فهو ليس لتقوية الجسد أو الشبع، وفق تعبير ضيفنا، الذي فقد 25 كيلو جراماً من وزنه خلال فترة أسره.
وبعد هذه المدة في سجن “سديه تيمان” نقل ضيفنا الأسير المحرر خضر عبد العال إلى سجن عوفر الواقع قرب رام الله، لتبدأ رحلة جديدة متجددة من العذاب.
“عوفر” واستقبال بـ”التشريفة”
نقل الاحتلال الأسير خضر إلى سجن عوفر، وهناك استقبله السجانون وجنود الاحتلال بـ”التشريفة”، استعجبنا من المصطلح الذي سرعان ما أوضحه لنا خضر بقوله: “هي عبارة عن استقبال حافل بالتعذيب والضرب والتكسير والاعتداء على الوافدين الجدد للسجن”.
عقب “التشريفة” الحافلة نقل خضر إلى غرفة معتقلين جمعت مجموعة من الأطباء والصحفيين ورجال الأعمال، وجميعهم كانوا معتقلين بدون أي تهمة، إلا أنهم فلسطينيون تواجدوا في مدينة غزة لحظة اقتحام قوات الاحتلال للمدينة.
“كنا نتعرض في سجن عوفر بين فترة وأخرى إلى القمع، بدون سبب، فقط لمجرد التنكيل والتعذيب والضرب، وبدون أي مبرر، ففي أي وقت يمكن أن يرش الغاز أو يضرب الأسير أو يكسر يديه”، يقول خضر.
تدهورت صحة خضر خلال فترة مكوثه في سجن عوفر، حيث تعرض لتسمم في الدم، لعدم توفر العلاج اللازم، وخلال خروجه للمستشفى مكبل اليدين والقدمين، اعتدى عليه الجنود ضربا وتنكيلاً، وكذلك حدث اعتداء مماثل داخل المستشفى وخلال رحلة العودة لغرفة السجن كذلك.
الصفقة ورحلة الإفراج القاسية
في الرابع من نوفمبر 2025 نقل خضر ومجموعة من الأسرى إلى سجن النقب المركزي، دون أن يكون لديهم أدنى معلومات عما يحدث في الخارج، سواء على صعيد وقف إطلاق النار وبداية تنفيذ مراحل صفقة التبادل.
“بمجرد وصولنا إلى سجن النقب المركزي، ووصولنا إلى ساحة السجن، بدأ الأسرى في الزنازين يقولون لنا أنتم هنا في طريقكم للإفراج عنكم ضمن صفقة التبادل، وهذا الأمر أدخل الفرح والسرور على قلوبنا وبقينا ننتظر لحظة الإفراج عنا بفارغ الصبر”، يقول خضر.
وخلال الفترة التي سبقت الإفراج عن خضر ومن معه، بدأت الإجراءات المعتادة التي تسبق عملية الإفراج، مثل مقابلة المخابرات وأخذ البصمات، والعرض على طبيب السجن، والتصوير.
وفي الثاني والعشرين من فبراير 2025 وهو الموعد المفترض للإفراج عن الدفعة السابعة من الأسرى ضمن صفقة التبادل المتفق عليها بين المقاومة والاحتلال، وهي الدفعة التي شملت خضر، صعد الأسرى إلى باص النقل التابع لمصلحة السجون الصهيونية “البوسطة” في أجواء باردة جدا.
بقي خضر والأسرى داخل “البوسطة” 18 ساعة، دون طعام أو شراب، أو ذهاب للحمام، ما أوصل الأسرى إلى مرحلة صعبة من التعب والإرهاق والإنهاك.
وبعد كل هذه الساعات القاسية، عادت الحافلة إلى السجن وأنزل الجنود الأسرى إلى غرف السجن بعد الاعتداء عليهم وضربهم بشكل قاسي، دون أن يعرفوا السبب الذي عرقل عملية الإفراج عنهم، قبل أن يحضر مندوبون عن الصليب الأحمر قبيل الفجر ليبلغوهم بحدوث خلل في تنفيذ الاتفاق وأنه يمكن أن يحل قريباً.
يقول خضر: “وبعد 5 أيام نقلنا مرة أخرى عبر “البوسطة” وصولاً إلى معبر “كرم أبو سالم” جنوب قطاع غزة، حيث تسلمنا الصليب الأحمر ونقلنا بباصات أخرى إلى معبر رفح ومن هناك إلى المستشفى الأوروبي”.
يصف خضر التجربة التي امتدت لأكثر من أحد عشر شهرا بأنها “قاسية جدا”، مبينا أن الأسرى في سجون الاحتلال يعيشون معاناة كبيرة، لا يستطيع وصفها أو نقلها على صورتها الحقيقية بالكلمات.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

الهمص: الاحتلال يقتل طفلًا في غزة كل 40 دقيقة
غزة- المركز الفلسطيني للإعلام كشف مدير عام المستشفيات الميدانية بغزة مروان الهمص، عن استشهاد أكثر من 16 ألف طفل في قطاع غزة، منذ بداية حرب الإبادة...

تقرير: التدمير الإسرائيلي للقطاع الزراعي يستهدف إبادة الفلسطينيين واستئصال وجودهم
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، أن الهجوم العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة المتواصل منذ أكتوبر 2023، استهدف بشكل...

هيئة الأسرى: إهمال طبي متعمد وقمع متواصل للأسرى في عوفر
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام قالت هيئة شؤون الأسرى والمحررين إن إدارة سجن "عوفر" الاحتلالي تواصل اقتحام غرف الأسرى، وقمعهم، تزامنا مع إهمالهم...

الاحتلال هدم 600 منزلاً في جنين ويوسع عمليات تجريف المخيم
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام يواصل الاحتلال الإسرائيلي منذ أكثر من 106 أيام عدوانه على مدينة جنين ومخيمها، مع توسيع عمليات التجريف والتدمير داخل...

حماس: الخطة الإسرائيلية الأمريكية لتوزيع المساعدات تمثل خرقاً للقانون الدولي
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة المقاومة الإسلامية حماس، رفضها الشديد تحويل المساعدات إلى أداة ابتزاز سياسي أو إخضاعها لشروط الاحتلال،...

أوتشا: الخطة الإسرائيلية لتوزيع المساعدات تتناقض مع المبادي الإنسانية
نيويورك - المركز الفلسطيني للإعلام دعت الأمم المتحدة زعماء العالم إلى توفير الغذاء للمدنيين في قطاع غزة، في ظل دخول "الحصار الشامل" الذي تفرضه...

سلطات الاحتلال تهدم قرية خلة الضبع في مسافر يطا
الخليل - المركز الفلسطيني للإعلام هدمت سلطات الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الاثنين، قرية خلة الضبع بمسافر يطا جنوب الخليل، في واحدة من أوسع عمليات...