الأورومتوسطي: 94 %على الأقل من ضحايا الإبادة بغزة الأسبوع الماضي مدنيون

المركز الفلسطيني للإعلام
أعرب المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان عن بالغ قلقه إزاء التصعيد الإسرائيلي الحاد في استهداف المدنيين في الأسابيع الأخيرة في قطاع غزة، بما في ذلك محو عائلات بأكملها وقتل النساء والأطفال بمعدلات مروعة، وسط استمرار تعاجز المجتمع الدولي عن وقف جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ نحو 19 شهرًا.
وقال المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي اليوم الاثنين: إنّه بينما كان رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي “بنيامين نتنياهو” ينكر أمام الإعلام استهداف المدنيين، كانت طائرات جيشه تنفذ المزيد من الغارات الجوية التي تتعمد قتل الأطفال والنساء، في نمط متكرر من الجرائم المروعة التي لم تعد استثناءً، بل أصبحت سياسة منهجية تتحدى كل القوانين والأعراف الدولية.
وبيّن المرصد الأورومتوسطي أنّه خلال سبعة أيام فقط (من 20 إلى 26 نيسان/ أبريل الجاري)، قتلت إسرائيل 345 فلسطينيًا وأصابت 770 آخرين، وفق معطيات ميدانية تُظهر أن 94% على الأقل من الضحايا هم من المدنيين.
وأوضح أن 75% من الضحايا خلال المدة المشمولة بالتوثيق هم من الأطفال (51%) والنساء (16%) وكبار السن (8%). أما بالنسبة للفئة المتبقية من الضحايا (البالغين الذكور)، فقد أظهرت عمليات التحقق الميداني أن ما لا يقل عن 63 من أصل 81 ضحية منهم يعملون في وظائف مدنية أو مهن مستقلة لا صلة لها بأي نشاط عسكري أو تنظيمي، مما يعزز تأكيد الطابع المدني الغالب على هذه الفئة.
وأكّد المرصد الأورومتوسطي عدم وجود معلومات موثوقة تفيد بأنّ الضحايا من البالغين الذكور الذين لم تتوفر بشأنهم بيانات تفصيلية كانوا يشاركون في أعمال قتالية أو يرتبطون بأنشطة عسكرية، ولم تقدم إسرائيل أي أدلة موثوقة تُثبت خلاف ذلك، ما يعني أنّ القاعدة القانونية العامة تُطبق عليهم بصفتهم مدنيين يتمتعون بالحماية الكاملة بموجب القانون الدولي الإنساني، وهو عبء يقع على إسرائيل إثبات ما يخالفه.
وشدّد على أنّ هذا الارتفاع غير المسبوق في أعداد الضحايا المدنيين يتزامن مع مواصلة رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، إطلاق تصريحات إعلامية كاذبة ينفي فيها علنًا استهداف المدنيين، في محاولة مكشوفة لتضليل الرأي العام الدولي والتغطية على الجرائم المرتكبة على الأرض، في الوقت الذي تؤكد فيه الوقائع الميدانية والشهادات الحية، المدعومة بالصور والتوثيق المباشر، أنّ الأطفال والنساء يشكلون النسبة الأكبر من الضحايا، وأنّ ما تبقى من مبانٍ وبنى تحتية ومراكز إيواء يتعرض لقصف مباشر مكثف وممنهج، في استهداف متواصل يرتكز على قتل المدنيين وتدمير مقومات الحياة الفلسطينية، بما يعزز مسار اقتلاعهم من أرضهم تدريجيًا.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ فريقه الميداني وثق خلال الأسابيع القليلة الماضية حالات متكررة من محو عائلات بأكملها من الوجود، فضلًا عن استهداف متكرر لأسر بعينها في نمط يعكس مسعى واضحًا لإفنائها بالكامل، مشددًا على أن استمرار الحكومة الإسرائيلية في ترويج الروايات الكاذبة بالتوازي مع تصاعد هذه الجرائم يؤكد مجددًا أنها تنتهج سياسة منهجية لتغطية الجرائم وتمكين مرتكبيها، في إطار نظام إفلات تام من العقاب يهدف إلى تقويض أسس العدالة والقانون الدولي.
ونبّه المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ حياة المدنيين، بما في ذلك الأطفال والنساء، ليست أرقامًا تُسقط في الهوامش ولا أضرارًا جانبية يُغضّ عنها الطرف، بل هي أرواح حقيقية وقصص إنسانية يجري تدميرها عمدًا وبمنهجية خارجة عن كل إطار قانوني، مؤكدًا أن حماية هذه الأرواح والمساءلة على استهدافها تمثل مسؤولية قانونية وأخلاقية لا يجوز للمجتمع الدولي التهرب منها.
ووفق توثيق المرصد الأورومتوسطي، قصفت الطائرات الإسرائيلية منزلا في خانيونس جنوبي القطاع فجر اليوم الأحد 28 نيسان/أبريل، ما أدى إلى استشهاد 10 مواطنين، من عائلة كوارع، بينهم الأم “زينب المجايدة” وأطفالها الستة، علمًا أن أحد أشقائها استشهد قبل 3 أشهر.
وأشار إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي كثف في الآونة الأخيرة من استخدام الطائرات المسيرة الانتحارية في استهداف خيام النازحين ومنازلهم، إذ تتميز هذه الطائرات بتجهزيها بكاميرات مراقبة دقيقة وأنظمة توجيه متطورة تتيح متابعة الهدف في الزمن الحقيقي.
وأضاف أن ذلك يؤكد أنّه حتى إن ادعت القوات الإسرائيلية وقوع أخطاء في بعض الهجمات، فإنّ طبيعة هذه التكنولوجيا، التي تتيح للطاقم مراقبة الهدف حتى اللحظة الأخيرة واتخاذ قرار مباشر بالضرب أو الامتناع، تسقط أي ذريعة بالخطأ أو العشوائية، وتؤكد أنّ الاستهداف يتم عن علم وإصرار، وفي انتهاك متعمد لقواعد حماية المدنيين بموجب القانون الدولي الإنساني.
وفي هذا السياق، أشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ جيش الاحتلال الإسرائيلي استخدم طائرة مسيرة انتحارية لاستهداف خيمة تؤوي نازحين في منطقة مواصي خانيونس، فجر الجمعة 25 نيسان/ أبريل 2025، ما أسفر عن محو عائلة كاملة، هم: “إبراهيم خليل أبو طعيمة” (33 عامًا)، وزوجته “هنادي شعبان أبو طعيمة” (29 عامًا) التي كانت حاملًا، وأطفالهما الثلاثة رأفت (4 أعوام)، وعازم (6 أعوام)، وسميرة (9 أعوام).
وفي مساء اليوم نفسه، قصفت طائرات الاحتلال الإسرائيلي منزلًا لعائلة “العمور”، ما أسفر عن إبادة شبه كاملة للعائلة، إذ استشهد الزوجان وأبناؤهما التسعة، بينهم ثلاثة أطفال وأربع فتيات، ولم ينجُ من المجزرة سوى طفل واحد.
وبيّن أنه وبعد توثيق عدد من الاستهدافات بهذا النوع من الطائرات تبين أن غالبية ضحايا هذه الهجمات هم من الأطفال والنساء والمدنيين العزل، ما يدلل من جديد على أنّ الاحتلال يستهدف المدنيين بشكل متعمد، وأنه يتعمد قتل الفلسطينيين جماعيا في إطار جريمة الإبادة الجماعية.
وذكر المرصد الأورومتوسطي أنّ تعمد إسرائيل استهداف مراكز إيواء مؤقتة وبسيطة (خيام) أو منازل شبه مدمرة بصواريخ ثقيلة أو طائرات مسيرة انتحارية، دون وجود ضرورة عسكرية مبررة، يكشف عن سياسة ممنهجة تهدف إلى إيقاع أكبر قدر ممكن من الخسائر البشرية في صفوف المدنيين وزرع الرعب في أوساط السكان، في سلوك محظور صراحة بموجب قواعد القانون الدولي.
وأكد أنّ معظم هذه الهجمات لا تعقبها أي محاولة رسمية لتبرير الاستهداف، إذ تطال مواقع مدنية خالصة، بينما تكتفي المصادر العسكرية الإسرائيلية في بعض الحالات بتبرير المجازر بادعاء استهداف عضو في إحدى الفصائل الفلسطينية المسلحة، في ذرائع واهية لا تبرر بأي حال قتل هذا العدد الكبير من المدنيين، ولا تتناسب مع فداحة الخسائر البشرية والمادية الناجمة عن هذه الهجمات.
وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ إسرائيل تكرّر الادعاء ذاته في كل مرة يُثار فيها الرأي العام العالمي ضد جرائمها، مدّعية أنها كانت تستهدف “مسلحين”، في محاولة لتبرير هجماتها على المدنيين، دون أن تقدّم دليلًا ملموسًا يمكن التحقق منه، أو تتيح لأي جهة مستقلة فحص صحة هذه الادعاءات.
وأشار إلى أنّ التحقيقات الداخلية التي تعلن إسرائيل فتحها عقب بعض الجرائم تفتقر إلى الاستقلالية والجدية، ولا تستهدف مساءلة مرتكبي الانتهاكات أو الوصول إلى أي شكل من أشكال العدالة، بل تقتصر عمليًا على توفير غطاء شكلي لحماية الجنود والضباط المتورطين، مؤكدا أن الإجراءات العقابية، إن اتُخذت، تقتصر في حالات نادرة جدًا على تدابير إدارية محدودة لا ترقى بأي حال إلى حجم الجرائم المرتكبة ولا إلى جسامة الانتهاكات التي وقعت.
وأكد أنّ إطلاق مثل هذه الادعاءات بحد ذاته لا يُعفي إسرائيل من مسؤولياتها بموجب القانون الدولي، بما فيها إجراء التحقيقات الفعالة ومحاسبة مرتكبي الانتهاكات وجبر ضرر الضحايا، كما لا يُعفي الدول الأخرى من واجباتها القانونية في التحقيق والمساءلة وضمان الإنصاف للضحايا، مستنكرا حالة القبول التلقائي الذي تحظى به الادعاءات الإسرائيلية غير المدعّمة، إذ يمنح هذا التواطؤ الصامت إسرائيل عمليًا رخصة مفتوحة لمواصلة استهداف المدنيين، تحت غطاء قانوني زائف، ويفرّغ منظومة القانون الدولي من مضمونها وفعاليتها.
وشدد المرصد الأورومتوسطي على أنّه حتى لو جرى الافتراض بوجود مقاتل أو مروره من المكان، فإنه لا يبرر هذه المجازر الوحشية، ولا يُسقط عن إسرائيل التزاماتها القانونية الحاسمة بموجب القانون الدولي، بما في ذلك القانون الدولي الإنساني، وضمان تطبيق جميع مبادئه المتعلقة بالإنسانية والتمييز والضرورة العسكرية والتناسب واتخاذ الاحتياطات الواجبة، وهو التزام مطلق يقع على عاتق إسرائيل احترامه وضمان احترامه أثناء تخطيطها وتنفيذها لكل عملية من عملياتها العسكرية، جميعها دون استثناء، ويشمل ذلك اختيار الأسلوب الذي تُنفذ به العمليات العسكرية ونوع الأسلحة المستخدمة، بحيث يؤدي إلى الحد الأدنى من الخسائر والإصابات بين المدنيين.
واستنكر المرصد الأورومتوسطي كيف تحوّلت المجازر الجماعية بحق الفلسطينيين إلى مشهد مألوف لا يثير سوى الصمت، وكأن قتل المدنيين الفلسطينيين بات واقعًا مقبولًا ضمنيًّا في النظام الدولي، تُمارسه إسرائيل علنًا دون خشية من عواقب قانونية أو أخلاقية.
ونبّه إلى أنّ التسامح الدولي مع هذا النمط من الجرائم، لا يمثّل مجرد إخفاق أخلاقي، بل يشكّل إخلالًا جسيمًا بالالتزامات القانونية للدول والمجتمع الدولي، ويحوّل القتل الجماعي للفلسطينيين من أفعال مجرّمة إلى سياسة علنية تُنفّذ على مرأى من العالم، ما يجعل الصمت الدولي إزاء هذه الجرائم تقاعسًا صريحًا عن الالتزام القانوني بمنع جريمة الإبادة الجماعية ومعاقبة مرتكبيها وفقًا لأحكام اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948.
وأشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنّ تتبع منهجية القتل الإسرائيلية تشير إلى وجود سياسة واضحة ترمي إلى القضاء على المدنيين الفلسطينيين في كل مكان في قطاع غزة، وبث الذعر بينهم، وحرمانهم من الإيواء أو الاستقرار ولو لحظيًّا، ودفعهم للنزوح مرارًا وتكرارًا، وإهلاكهم وإخضاعهم لظروف معيشية قاتلة، مع استمرار القصف على امتداد القطاع واستهداف المناطق المعلنة كمناطق إنسانية، والتركيز على استهداف مراكز الإيواء، بما في ذلك تلك المقامة في منشآت “أونروا”.
وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول، منفردة ومجتمعة، بتحمل مسؤولياتها القانونية والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وضمان امتثال إسرائيل لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وضمان مساءلتها ومحاسبتها على جرائمها ضد الفلسطينيين، داعيًا أيضا إلى تنفيذ أوامر القبض التي أصدرتها المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي ووزير الدفاع في أول فرصة وتسليمهم إلى العدالة الدولية، ودون إخلال بمبدأ عدم الحصانة أمام الجرائم الدولية.
وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، والتحريض عليها، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني عبر منع الماء والغذاء...

القائد عبد الله البرغوثي يواجه محاولة تصفية ممنهجة من سجاني الاحتلال بسجن جلبوع
المركز الفلسطيني للإعلام أكد مكتب إعلام الأسرى أن الأسير القائد عبد الله البرغوثي يواجه محاولة تصفية ممنهجة داخل سجن "جلبوع" الإسرائيلي، حيث وصلت...

6 شهداء منهم طفلان بقصف إسرائيلي على مواصي خانيونس
خانيونس - المركز الفلسطيني للإعلام استشهد ستة مواطنين، بينهم طفلان، مساء الثلاثاء، في قصف إسرائيلي على خيام النازحين في المواصي خانيونس، ما يرفع...

حماس تطالب بالضغط على الاحتلال لإنهاء جريمة التجويع الممنهج في غزة
المركز الفلسطيني للإعلام أكدت حركة حماس أن استمرار حكومة نتنياهو في استخدام التجويع كسلاح في قطاع غزة؛ جريمة حرب، واستخفافٌ بالمجتمع الدولي، وتحدٍّ...

حكومة الاحتلال تتراجع عن إقالة رئيس الشاباك
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام تراجعت حكومة الاحتلال الإسرائيلي، اليوم الثلاثاء، عن قرار إقالة رئيس جهاز الأمن العام "الشاباك"، رونين بار، وذلك...

49 صحفيا في سجون الاحتلال.. آخرهم علي السمودي
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد نادي الأسير الفلسطيني، بأن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تعتقل في سجونها 49 صحفيا فلسطينيا. اعتقلت قوات...

سلطات الاحتلال تغلق مؤسسة وقفية في القدس المحتلة
الناصرة - المركز الفلسطيني للإعلام أصدرت سلطات الاحتلال الإسرائيلي قرارا بإغلاق مؤسسة وقفية فلسطينية في مدينة القدس المحتلة بدعوى ارتباطها بالسلطة...