وائل غفري.. رجل الأرض الذي لم يغادرها إلا شهيداً

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام
على تراب بلدة سنجل، شمال رام الله، انكفأ جسد وائل باسم غفري (48 عاماً) شهيداً، بعد عمرٍ قضاه متشبثاً بالأرض، حاملاً فوق كتفيه وصايا الأجداد، وقَسَم الفلاحين بأن لا يساوموا يوماً على حفنة تراب.
وائل، الذي ولد بعد شهور قليلة من يوم الأرض، كان تجسيداً حياً لمعناه، ترعرع بين الزعتر والميرمية، سقى أشجاره بعرقه، وعانق تراب أرضه كما يعانق المحب معشوقه. لم يكن مزارعاً عادياً، بل كان حارساً للأرض، ومقاتلاً في معركة الصمود.
بين الحرث والمقاومة
لم يعرف وائل طريقاً غير الأرض؛ فكان فلاحاً مجبولاً بترابها، يزرع ويحصد، يربي الماشية، ويعتني بخلايا النحل التي كان يعدها أبناء له.
امتلك أرضاً في أكثر المواقع استهدافاً من قبل المستعمرين: “الرماني”، و”الرفيد”، و”أبو العوف”، تلك البقاع التي ظلت شاهدة على معاركه اليومية مع الاحتلال.
بإصرار لا يلين، واجه غفري محاولات الاستيلاء التي استهدفت أرضه، وتعرض لاعتداءات المستعمرين مرات عديدة، يعرفه المستعمرون بالاسم، تماماً كما تعرفه سنابل القمح وعناقيد الزيتون، وكما تعرفه حجارة الأرض التي كان يدافع عنها حتى النفس الأخير.
مشهد الوداع الأخير
في مساء الاثنين، 21 نيسان الجاري، حين هاجم مستعمرون منطقة جنوب سنجل، أحرقوا غرفاً زراعية، ودمروا مزروعات، وأحرقوا المركبات، وائل كان أول من وصل، كعادته، يقاتل النار والموت بيديه العاريتين.
حاول إخماد الحريق الذي طال غرفة شقيقه، ووقف في وجه جنود الاحتلال الذين وفروا الحماية للمستعمرين، هناك، وسط رائحة الدخان وأزيز قنابل الغاز السام، سقط وائل، ليس خسارة، بل صعوداً نحو الخلود.
حارس الزعتر وعاشق الأرض
لم يكن وائل حارساً للأرض فقط، بل كان روحاً تنبض بالحياة في سنجل، مشجعاً رياضياً، داعماً لكل مناسبة، كريماً مع أبناء بلدته، باسماً رغم القهر، مقداماً حين يتطلب الأمر موقفاً.
سعى طوال حياته لتحفيز أهل بلدته على التمسك بأراضيهم، يلتقط صور الزعتر البري ويشاركها عبر مجموعات التواصل ليذكر الجميع أن الأرض حيّة، تنتظر من يعانقها ويذود عنها.
سنجل.. بلدة محاصرة بالصبر والمقاومة
سنجل، البلدة التي يبلغ عدد سكانها نحو ثمانية آلاف نسمة، تعاني حصاراً استيطانياً خانقاً، إذ تبتلع المستعمرات آلاف الدونمات من أراضيها، وتحاصرها خمس بؤر رعوية واستعمارية. المدخل الرئيس للبلدة مغلق منذ شهور، والسياج العازل الذي يقيمه الاحتلال يفصل أكثر من خمسة آلاف دونم عن أصحابها، فيما يتواصل الاستيلاء على الأراضي لصالح مشاريع استعمارية توسعية.
لكن رغم الحصار، وسنوات القهر، ظلت سنجل تنجب رجالاً بحجم وائل غفري، رجالاً يؤمنون أن الأرض لا تُحمى بالكلمات، بل بالتضحيات.
إرث لا يغيب
في وداعه، قررت سنجل أن تحيي ذكرى شهيدها بمشاريع تحمل اسمه: استصلاح الأرض التي دافع عنها، تنظيم دوري رياضي يخلد ذكراه، وأن يبقى اسمه مرسوماً على جدار الذاكرة الجمعية.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

حصيلة الإبادة في غزة ترتفع إلى 170270 شهيد وجريح
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة، ارتفاع حصيلة حرب الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق الفلسطينيين إلى...

الصليب الأحمر يدعو لتوفير الرعاية الصحية بالضفة مع تزايد الاحتياجات الإنسانية
رام الله - المركز الفلسطيني للإعلام شددت منظمة الصليب الأحمر الدولية، على ضرورة توفير الرعاية الصحية الملائمة بشكل آمن وفي الوقت المناسب في...

تعطل ثلثي مركبات الدفاع المدني في غزة بسبب نفاد الوقود
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفاد جهاز الدفاع المدني الفلسطيني في غزة، اليوم الثلاثاء، بأنّ الوقود المخصّص لتشغيل مركباته نفد في جنوب القطاع...

“الغارديان”: الجنائية تأمر بإبقاء المذكرات المتعلقة بفلسطين سرية
لندن - المركز الفلسطيني للإعلام كشفت صحيفة ذا غارديان البريطانية عن أمر أصدره قضاة المحكمة الجنائية الدولية بعدم الإعلان عن أي مذكرات اعتقال قد...

أونروا: المساعدات تفسد بسبب إغلاق المعابر بينما يشتد الجوع بغزة
غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" إن المساعدات الإنسانية التي من المفترض إدخالها...

93 يومًا للعدوان على طولكرم والاحتلال يواصل تدمير البنية التحتية
طولكرم – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي، عدوانها على مدينة طولكرم ومخيمها شمالي الضفة الغربية المحتلة لليوم الـ93 على...

عشرات المستوطنين يقتحمون الأقصى وباحاته
القدس المحتلة – المركز الفلسطيني للإعلام اقتحم عشرات المستوطنين، صباح اليوم الثلاثاء، المسجد الأقصى المبارك وباحاته، بحماية مشددة من قوات الاحتلال...