“أوقفوا الإبادة”.. حملة إعلامية عالمية لمواجهة جرائم إسرائيل ضد الإنسانية

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

تنطلق مساء اليوم الأحد حملة إعلامية عالمية مشتركة “أوقفوا الإبادة”، بمشاركة مئات المؤسسات الإعلامية والحقوقية حول العالم، بالإضافة إلى الناشطين عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وتسعى الحملة لتسليط الضوء على الانتهاكات الجسيمة التي يتعرض لها المدنيون الفلسطينيون في قطاع غزة، والتي وثّقتها منظمات دولية بوصفها إبادة جماعية ممنهجة ترتكبها إسرائيل منذ بدء حربها في 7 أكتوبر 2023.

واستشهد زهاء 51 ألف مواطن وأصيب أكثر من 116 ألف آخرين، بينهم أكثر من 17 ألف طفل، وأكثر من 6500 حالة بتر، وفق وزارة الصحة الفلسطينية، في عدوان غير مسبوق من حيث الكثافة والشمول، طال المدنيين، والمستشفيات، والمدارس، ومخيمات النزوح، وأماكن العبادة.

تقارير أممية عديدة، من بينها تقارير صادرة عن اللجنة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة، أشارت إلى أن الأفعال التي ترتكبها إسرائيل في غزة قد تشكل جريمة إبادة جماعية بموجب القانون الدولي، إضافة إلى جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب.

ويظهر الأطفال في صدارة الضحايا، ليس فقط من خلال الأرقام المهولة للشهداء، بل أيضًا عبر صور ومشاهد مروعة لأطفال فقدوا أطرافهم، أو أصيبوا بتشوهات دائمة، أو نجوا من تحت الأنقاض ليجدوا أنفسهم أيتامًا بلا أسر أو مأوى.

تقارير صادرة عن منظمات مثل “أنقذوا الأطفال” أكدت أن الأطفال في غزة يواجهون أزمات نفسية وسلوكية عميقة، إلى جانب معاناة جسدية شديدة نتيجة إصابات خطيرة تُترك دون علاج بسبب انهيار النظام الصحي.

التجويع والتعطيش كسلاح حرب

وتفرض إسرائيل حصارًا خانقًا على قطاع غزة منذ سنوات، وتقوم منذ بدء الحرب بإغلاق جميع المعابر الحيوية، ومنع دخول الغذاء والمساعدات الطبية، ما أدى إلى واقع أقرب إلى المجاعة مع منع دخول المساعدات الإنسانية منذ انهيار وقف إطلاق النار مطلع مارس/ آذار الماضي، ما يشكل تهديداً مباشراً لحياة مئات الآلاف.

وتتعمد قوات الاحتلال حرمان المواطنين في غزة من الحد الأدنى من المياه اللازمة للبقاء على قيد الحياة، عبر استهداف البنية التحتية المائية بشكل ممنهج، ووقف خطوط الإمداد، وتدمير محطات وآبار المياه، وقطع الكهرباء والوقود اللازم لتشغيل مرافق المياه والصرف الصحي.

ومثّل تعطيل خطي مياه شركة “ميكروت” الواصلين إلى شرق مدينة غزة والمحافظة الوسطى، واللذين يوفران أكثر من 35 ألف متر مكعب من المياه يوميا لما يزيد على 700 ألف فلسطيني، واحدة من أبرز الخطوات الإسرائيلية الرامية إلى دفع الأهالي إلى جدار التهجير القسري.

ويقول المكتب الإعلامي الحكومي في تقارير سابقة، إن الاحتلال دمر منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023 أكثر من 90 بالمئة من بنية قطاع المياه والصرف الصحي، كما منعت وصول الطواقم الفنية لإصلاح الأعطال، واستهدفت العاملين أثناء أداء مهامهم الإنسانية، فضلا عن منعها دخول الوقود اللازم لتشغيل الآبار ومحطات التحلية في ظل انقطاع الكهرباء منذ بدء الإبادة.

وتحذر منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (FAO) وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) من أن غزة تشهد “أسوأ مستويات انعدام الأمن الغذائي في العالم”، في ظل تعمد الاحتلال منع دخول المساعدات.

انهيار النظام الصحي

في حين خرجت 36 مستشفى خرجت عن الخدمة، إما بالقصف المباشر أو الحرق أو تدمير المعدات أو منع إدخال الوقود، فيما يعاني المرضى والجرحى من نقص حاد في الأدوية الأساسية، وأجهزة التنفس، وغرف العمليات، بينما تُمنع فرق الإغاثة من الوصول إلى المناطق المنكوبة.

وجاء قصف مستشفى المعمداني فجر الأحد 13 إبريل 2025 للمرة الثانية منذ بدء الإبادة، كشاهد إضافي على سوداوية الواقع الصحي بغزة، “في مشهد يعكس إصرار إسرائيل على تفكيك وسائل الحياة في القطاع بصورة كليّة ومباشرة، ضمن مسار واضح لإلغاء كل مقومات البقاء من خلال تقويض ما تبقى من حماية قانونية للسكان، وتجريدهم من الحد الأدنى من شروط الحياة، واستهداف البنية التحتية الحيوية واعتبارها هدفًا في ذاتها، في إطار سياسة مدروسة تهدف إلى صناعة الموت البطيء ودفع غزة نحو الانهيار الكامل”، كما يؤكد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان.

وشددت منظمة الصحة العالمية مراراً على أن إسرائيل تخرق القانون الدولي الإنساني من خلال استهداف المرافق الصحية بشكل ممنهج، وإعاقة جهود الإنقاذ والإغاثة.

أوجه الإبادة التي مارستها إسرائيل

منذ 7 أكتوبر 2023، وثّقت منظمات دولية عدّة أنماطًا متعددة من أفعال الإبادة الجماعية في غزة، شملت القتل الجماعي للسكان المدنيين باستخدام أسلحة شديدة الفتك وأسلحة محرمة دولية تلحق أذى بدني ونفسي جسيم بمئات الآلاف من المدنيين.

كما تفرض سلطات الاحتلال ظروف حياة لا إنسانية، تؤدي تدريجيًا إلى الهلاك، كالحصار والتجويع، والتهجير القسري الجماعي، وقصف مناطق النزوح مراراً وتكراراً، ومنع دخول المساعدات الإنسانية عمداً.

وقد ذكرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بالأراضي الفلسطينية، فرانشيسكا ألبانيز، في مقابلة مع موقع ميديا بارت قبل أيام، أن إسرائيل تنفذ عملية إبادة جماعية بحق الفلسطينيين في غزة، وفق المعايير القانونية المعتمدة”.

وصفت المقررة الأممية فرانشيسكا ألبانيزي ما يحدث في غزة، منذ أن خرقت إسرائيل وقف إطلاق النار، بأنه إبادة جماعية، ودعت إلى وقف التعامل مع إسرائيل كدولة طبيعية، لأنها دولة فصل عنصري ترتكب الجرائم وجرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية.

وتأتي الحملة الإعلامية العالمية “أوقفوا الإبادة” في وقت حرج، حيث يسابق أهالي غزة الزمن للنجاة بحياتهم تارة من الحمم الصاروخية وأخرى من الجوع الذي يلهب بطون أطفالهم دون أن يمتلك ذويهم حيلة.

وتهدف الحملة، تبعاً للقائمين عليها-لإيصال الصوت الفلسطيني الحر، وكشف الحقيقة أمام العالم، وتوحيد الجهود الإعلامية في مواجهة آلة التضليل، وتعزيز الرواية الفلسطينية الحقيقية، فما يجري في غزة ليس مجرد حرب، بل جريمة مستمرة ضد الإنسانية، تُنفذ أمام أعين العالم، ولم يعد الصمت خيارًا أمام عدالة دولية بعيدة المنال.