الجمعة 02/مايو/2025

غزة تحت نيران الاحتلال وصوت الحياة لا يخبو

غزة تحت نيران الاحتلال وصوت الحياة لا يخبو

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

في غزة، لا يوجد فرق بين الليل والنهار، فالقصف لا يتوقف، والأرض تهتز تحت أقدام سكانها كأنها تلفظ الألم الذي تحمله.

الدخان يغطي السماء، والغبار يملأ الهواء، فلا ترى سوى الظلال التي تتحرك وسط الركام بحثًا عن حياة، أو عن بقايا حياة.

محمود، شاب فلسطيني في الثامنة والعشرين، يقف وسط هذا الدمار، يحتضن طفلته الرضيعة، بينما عيناه معلقتان على أنقاض منزله، المكان الذي كان يومًا مأواه وسكينته.

منذ أيام، فقد محمود زوجته في غارة جوية استهدفت حيهم، لم يكن هناك إنذار، لم يكن هناك وقت للهروب، كل ما حدث أن صاروخًا سقط فجأة، فتحول البيت إلى كومة من الخراب، وأصبحت زوجته ذكرى يرويها بين أنفاسه المتقطعة.

لم يسمح له الوقت بالحزن، ولم يتح له الموت رفاهية البكاء، فطفلته الصغيرة بين يديه، لا تفهم ما يجري، لكنها تشعر بارتجاف يديه وهي تحاول التمسك به.

في غزة، لم يعد هناك معنى للزمن، كل لحظة تمر قد تكون الأخيرة، وكل مكان مأهول قد يكون هدفًا، وكل عائلة تنام ليلًا، لا تضمن أنها ستستيقظ صباحًا، المستشفيات لم تعد قادرة على استيعاب المصابين، والأطباء مرهقون، يعملون بلا توقف لإنقاذ الأرواح التي تتساقط حولهم. الكهرباء مقطوعة، الماء شحيح، والطعام أصبح رفاهية لا يحصل عليها الجميع.

الناس كانوا يقفون في طوابير طويلة أمام المخابز أما اليوم فهي مغلقة، بينما أطفالهم ينتظرون في البيوت التي لم تعد بيوتًا، بل مجرد جدران بلا نوافذ، وأسقف مهددة بالانهيار.

وفي الشوارع، حيث الحياة تتحدى الموت، يسير محمود باحثًا عن مأوى.

يحمل ابنته بين ذراعيه، ويمشي بحذر فوق الحجارة المبعثرة، وكأنه يسير فوق ذاكرة المدينة المحطمة، يمر بجواره رجل عجوز يجلس أمام ما كان يومًا متجره، ينظر إلى الفضاء الخالي بعينين فقدتا الأمل.

بالقرب منه، امرأة تبحث بين الأنقاض عن شيء يثبت أن منزلها كان موجودًا، ربما صورة، ربما قطعة ملابس، ربما حتى حفنة تراب تستطيع أن تحتفظ بها كذكرى لما كان.

لكن رغم كل هذا الدمار، لا أحد في غزة يفكر بالاستسلام، الناس ما زالوا يتقاسمون الخبز القليل الذي لديهم، يواسون بعضهم البعض، ويبحثون عن سبل للبقاء. محمود، رغم حزنه، يضم طفلته إليه ويهمس لها: “سنعيش، سنبقى”. أمه تجلس في ركن المخيم المؤقت، ترفع يديها بالدعاء، لا تزال تؤمن أن الله سيرحمهم.

في غزة، الموت حاضر في كل لحظة، لكنه لم يستطع أن يسلب الناس إنسانيتهم، ولم ينجح في انتزاع إرادتهم في البقاء، هم لا يعيشون فقط، بل يقاومون، حتى بأبسط الأشياء، حتى بابتسامة يمررها محمود لطفلته رغم كل الألم.

هنا، حيث الموت يحاول فرض سيطرته، يبقى الفلسطيني واقفًا، صامدًا، مؤمنًا أن هذا الليل الطويل لا بد أن ينتهي يومًا.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

مظاهرات مليونية في اليمن تضامنًا مع غزة

صنعاء – المركز الفلسطيني للإعلام تظاهر مئات الآلاف من اليمنيين، الجمعة، في 14 محافظة بينها العاصمة صنعاء، دعما لقطاع غزة في ظل استمرار الإبادة...