الأربعاء 30/أبريل/2025

الأورومتوسطي: إعدام الاحتلال 15 مسعفا جريمة تستدعي محاسبة فورية

الأورومتوسطي: إعدام الاحتلال 15 مسعفا جريمة تستدعي محاسبة فورية

جنيف – المركز الفلسطيني للإعلام

دعا المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان المجتمع الدولي إلى التحرك العاجل لمساءلة جميع المسؤولين والأفراد الإسرائيليين المتورطين في جريمة القتل العمد لـ15 مسعفًا ومستجيبًا أول من الهلال الأحمر الفلسطيني والدفاع المدني، وموظفًا تابعًا لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، في إطار الهجوم المنهجي واسع النطاق الذي تشنّه إسرائيل ضد الكوادر الطبية والإنسانية والأممية المحمية بموجب القانون الدولي.

ووصف المرصد الأورومتوسطي في بيان صحافي الجريمة بـ”أكبر عملية إعدام جماعي لعاملين إنسانيين في تاريخ الحروب الحديثة”، مؤكدًا أنّ الأدلة الميدانية تشير إلى أنّ القوات الإسرائيلية أعدمت ميدانيًا جميع الضحايا، وهم 8 مسعفين من الهلال الأحمر الفلسطيني، و6 من طواقم الدفاع المدني، وموظف تابع لـ”أونروا”، ثم دفنت معظم جثثهم في حفرة عميقة طُمرت بالرمال، بعد أن دَمّرت مركباتهم بالكامل، في مشهد مروّع يشكّل انتهاكًا جسيمًا لقواعد القانون الدولي الإنساني، وجريمة مركزية في صلب الإبادة الجماعية المتواصلة التي ترتكبها إسرائيل في قطاع غزة.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الجريمة تأتي امتدادًا لسلسلة من الاعتداءات المتعمدة التي استهدفت الكوادر الطبية والإنسانية منذ 7 تشرين أول/ أكتوبر 2023، إذ قتلت إسرائيل 111 من عناصر الدفاع المدني، و27 من مسعفي الهلال الأحمر، وأكثر من 1400 من أفراد الطواقم الطبية، ضمن حملة منظّمة تستهدف شلّ البنية الصحية والإغاثية في قطاع غزة، كوسيلة لتدمير الفلسطينيين في غزة وتفكيك مقومات بقائهم.

وفي تفاصيل الجريمة وفق البيان، توجهّت صباح يوم الأحد 23 آذار/ مارس 2025 مركبة إسعاف تابعة للهلال الأحمر الفلسطيني إلى منطقة “الحشاش” في رفح لإجلاء الجرحى والمصابين جراء الهجمات الإسرائيلية، إلا أنّها تعرّضت لوابل كثيف من نيران قوات الاحتلال، ما أسفر عن إصابة أفراد الطاقم الطبي داخلها. ومع تفاقم الوضع، تم إرسال ثلاث مركبات إسعاف إضافية لإجلاء المصابين، بما في ذلك أفراد الطاقم الذين أصيبوا في الهجوم الأول. ومع ذلك، فرضت قوات الاحتلال طوقًا أمنيًا محكمًا على المنطقة بشكل مفاجئ، مما أدى إلى انقطاع الاتصال بالكامل مع جميع أفراد الطواقم الطبية منذ ذلك الحين.

وفي صباح اليوم نفسه، تلقّى طاقم إنقاذ تابع للدفاع المدني في حي تلّ السلطان برفح نداءات استغاثة عاجلة للتوجّه إلى منطقة الحشّاش، عقب توغّل مفاجئ لقوات الاحتلال ووقوع عشرات الشهداء والجرحى، فضلًا عن محاصرة الطواقم الطبية في الموقع. استجاب للنداء فريق مكوّن من ستة من رجال الدفاع المدني، إلا أنّ الاتصال انقطع بهم كذلك بعد وقت قصير.

وفي مساء اليوم نفسه، أفرجت قوات الاحتلال عن أحد أفراد الطواقم بعد تعرّضه للضرب المبرح، فيما بقي مصير تسعة من مسعفي الهلال الأحمر، وستة من عناصر الدفاع المدني، وموظف تابع لـ”أونروا”مجهولًا.

وفي يوم الجمعة 28 آذار/ مارس، وبعد تنسيق عبر جهات دولية، تمكّنت طواقم الإسعاف والدفاع المدني من دخول المنطقة، حيث عُثر على جثة مسؤول المهمة، الضابط في الدفاع المدني “أنور عبد الحميد العطار”، وقد تمزقت إلى أشلاء. كما اكتشفت الطواقم أنّ مركبات الإسعاف والإطفاء والهلال الأحمر كانت قد دُمّرت بالكامل، وتحولت إلى كتل من الحديد المحترق.

وفي موقع الجريمة، عُثر على بقايا ممزقة من أدوات السلامة الخاصة بالمسعفين، ما يشير إلى استهدافهم المباشر رغم تمتعهم بالحماية التي يكفلها القانون الدولي الإنساني. كما أظهرت الأدلّة أنّ قوات الاحتلال لم تكتفِ بقتلهم، بل عمدت إلى طمس معالم الجريمة من خلال إخفاء جثث الضحايا ودفنها باستخدام الجرافات والآليات الثقيلة.

وفي أول أيام عيد الفطر، يوم الأحد 30 آذار/ مارس 2025، تمكّنت الطواقم من انتشال جثث ثمانية من مسعفي الهلال الأحمر، في حين ما يزال أحد أفراد الطاقم في عداد المفقودين، ويُعتقد أنه محتجز لدى الجيش الإسرائيلي. كما عُثر على جثث ستة من عناصر الدفاع المدني، إلى جانب جثة موظف “أونروا”.

وأوضح أنّ الضحايا من الهلال الأحمر الفلسطيني هم: “مصطفى خفاجة”، “عز الدين شعت”، “صالح معمر”، “رفعت رضوان”، “محمد بهلول”، “أشرف أبو لبدة”، “محمد الحيلة”، و”رائد الشريف”.

أما الضحايا من الدفاع المدني فهم: زهير عبد الحميد الفرا (سائق إطفاء)، سمير يحيى البحابصة (ضابط إطفاء)، إبراهيم نبيل المغاري (ضابط إطفاء)، فؤاد إبراهيم الجمل (سائق إسعاف)، يوسف راسم خليفة (ضابط إسعاف). وأما موظف “أونروا” فهو “كمال محمد شحتوت”.

في إفادة لفريق المرصد الأورومتوسطي، قال “سفيان أحمد”، أحد أفراد الدفاع المدني المشاركين في مهمة استخراج جثامين الضحايا: “بعد الحادثة مباشرة، دخلنا برفقة طواقم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) إلى موقع الحادثة غربي رفح، حيث أبلغ الجيش الإسرائيلي “أوتشا” أنّ جثامين الضحايا توجد إلى جانب عامود كهرباء بجوار سيارة الإطفاء. باشرنا أعمالنا، وأجرينا أعمال حفر بواسطة جرّاف صغير في الموقع الذي حدده الجيش فوجدنا جثة واحدة، وبعد معاينتها تبيّن أنها جثة قائد المهمة “أنور عبد الحميد العطار”.

وأضاف “أجرينا من خلال “أوتشا” اتصالًا بالجيش وسألنا عن مكان الجثث الأخرى، وردّ أنّها موجودة بجانب عامود الكهرباء في نفس الحفرة التي أخرجنا منها جثة “العطار”. واصلنا البحث وعمّقنا الحفرة ولم نجد شيئًا، وانتهى الوقت الممنوح لنا من الجيش فاضطررنا إلى مغادرة المكان”.

وتابع “توجّهنا في اليوم التالي إلى المكان وانتظرنا بموقع قريب في انتظار موافقة الجيش لدخول المكان، وبعد خمس ساعات تقريبا، أُبلغنا برفض الدخول فغادرنا المكان. توقّعنا بعدها بيوم السماح لنا بدخول المكان، ولكن أيضا لم تصلنا الموافقة، ومكثنا عدة أيام حتى جاءت الموافقة أمس الأحد ودخلنا المكان، وأُبلغنا أنّ الجيش سيكون برفقتنا حتى يبلغنا عن مكان دفن الجثث ونباشر عملية الحفر”.

وقال: “وصلنا المكان وكان فوقنا طائرة “كواد كابتر” ترشدنا لمكان دفن الجثامين، وأعطتنا الطائرة علامة على مكان الدفن، وحينها تفاجأنا لأنّ المكان المحدد بعيد عن المكان السابق الذي أبلغونا أنّ الجثث مدفونة به، فأدركنا حينها أنّ المرة الأولى كانت للتسويف والمماطلة وإضاعة الوقت. وبمجرد تحديد المكان الجديد، عقدنا نحن أفراد الدفاع المدني (مسعفان وسائقان) اجتماعًا سريعًا لوضع خطة لانتشال الجثث دون إلحاق ضرر بها، وكنا مجهزين بالأدوات اللازمة، ولدينا خبرة سابقة في مثل هذا النوع من المهمات”.

وأضاف “بدأنا مباشرة بالحفر فوجدنا جثة وانتشلناها، فتبيّن لنا وجود جثة تحتها فأخرجناها، ووجدنا جثة ثالثة أسفلها، وواصلنا كذلك حتى انتشلنا جميع جثث عناصر الدفاع المدني والهلال الأحمر الموجودة بالحفرة نفسها. بقيت جثة واحدة مفقودة وهي جثة موظف “أونروا”، سألنا عن مكانها من خلال “أوتشا”، فأبلغونا أنّها مدفونة بجانب منطقة “البركسات” غربي رفح”.

وقال: “كانت الجثث في بداية تحلّلها ولكن معالمها واضحة، ولدى معاينتها تبيّن أنّهم تعرضوا لوابل من الرصاص. وبحسب مشاهدتي، كانت الإصابات في منطقة الصدر، وبالكشف والمعاينة تبيّن أنّ بعض الضحايا كانوا مصابين ولكنّهم كانوا ما يزالون على قيد الحياة، وكانوا مكبلي الأقدام، ودُفنوا على ما يبدو وهم على قيد الحياة”.

وتابع: “كانت جثة “إبراهيم المغاري” إحدى الجثث التي عايناها، وبدا أنّه كان مقيد الأرجل وعلى جسده آثار تعذيب وكدمات شديدة، وكان مصابًا بطلق ناري في الرأس من الخلف، حيث تسبب في تمزق وجهه بالكامل”. أما جثة “فؤاد الجمل”، فكانت جمجمته مفتّتة مثل العظام المطحونة نتيجة إطلاق الرصاص على رأسه بشكل مباشر ومن مسافةقريبة جدا”. أما موظفو الهلال الأحمر الفلسطيني، فوجدنا طلقات الرصاص كلها في الرأس من الجهة اليسرى والجهة اليمنى”.

وقال: “استخرجنا الجثث بكل حسرة وألم ونقلناها إلى سيارات الإسعاف وغادرنا المكان نحو المستشفى بعد الحصول على موافقة الجيش الإسرائيلي”.

ونبّه إلى أنّه: “في اليوم الأول الذي توجهنا فيه إلى موقع الحادثة وأخرجنا جثة “أنور العطار”، شاهدنا في المكان حقائب وأغطية وملابس ومستلزمات تعود لآلاف المواطنين الذين نزحوا في ذلك اليوم، ولكن في المرة الثانية التي عدنا فيها للمكان بعد عدة أيام، لم نر تلك الأشياء، ما يعني حدوث تلاعب وتغيير في موقع الحادثة”.

وأكّد: “عند انتشال الجثث، كان معنا وفد من الصليب الأحمر ومعهم طبيب شرعي مختص بالتشريح، وكان معنا أيضا وفد من “أوتشا” و”أونروا” ومختصون بالتوثيق، وكانوا جميعًا شهودًا على عملية الانتشال”.

وفي إفادة أخرى حصل عليها فريق المرصد الأورومتوسطي من أحد طواقم الدفاع المدني، قال إنّ قوات الاحتلال نكّلت بالضحايا وأعدمتهم بوحشية، إذ وُجدت جثة أحد الضحايا من الدفاع المدني مكبّلة، في حين تعرّض آخرون لتنكيل شديد، مثل التعرية الجزئية من الملابس أو تلقي أكثر من 20 رصاصة في الصدر. كما وُجدت جثث بعض الضحايا في حفرة جماعية، على عمق يتراوح بين 2-3 أمتار، مما يدل على أنّ جنود الاحتلال أخرجوا الضحايا من مركباتهم وأعدموهم بدم بارد، قبل دفنهم لإخفاء معالم الجريمة.

وأكّد المرصد الأورومتوسطي أنّ هذه الجريمة المروعة تشكل انتهاكًا جسيمًا لاتفاقيات جنيف، وخرقًا فاضحًا للقانون الدولي الإنساني الذي يضمن حماية الطواقم الطبية والعاملين في المجال الإغاثي والإنساني وموظفي الأمم المتحدة، كما ترقى إلى جرائم حرب مكتملة الأركان، وتشكل أيضًا أفعالًا من أفعال الإبادة الجماعية، التي ترتكبها إسرائيل بقصد القضاء على الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، سواء عبر القتل المباشر أو من خلال تدمير الأسس التي تضمن بقاءه على قيد الحياة، ما يستوجب المساءلة والملاحقة القانونية الفورية.

وطالب المرصد الأورومتوسطي جميع الدول باتخاذ إجراءات فورية لفتح مسارات تحقيق جنائي دولي فعّالة، تؤدي إلى محاسبة مرتكبي الجريمة من المسؤولين والضباط الإسرائيليين، سواء عبر دعم عمل المحكمة الجنائية الدولية والتعاون معها بكافة الأشكال، بما في ذلك من خلال تنفيذ أوامر إلقاء القبض وتسليم الجناة للعدالة، أو من خلال القضاء الوطني لمساءلة ومحاسبة رعاياها المتورطين في هذه الجرائم، فضلاً عن تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية لمحاكمة المواطنين الإسرائيليين المسؤولين عن الجرائم المرتكبة ضد الشعب الفلسطيني، وفقًا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي.

وجدد المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان دعوته إلى جميع الدول، منفردة ومجتمعة، إلى تحمل مسؤولياتها القانونية الحاسمة والتحرك العاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة بأفعالها كافة، واتخاذ جميع التدابير الفعلية لحماية الفلسطينيين المدنيين هناك، وتوفير الحماية للطواقم الطبية والإنسانية والأممية، ورفع الحصار عن قطاع غزة، وإدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون أية عوائق، باعتبارها حق أساسي للسكان غير قابل للمساومة بموجب القانون الدولي، ولا يوجد أي استثناء أو مبرر قانوني أو تفاوضي يجيز لإسرائيل حرمان السكان الفلسطينيين منها.

وحثّ المرصد الأورومتوسطي المجتمع الدولي على فرض عقوبات اقتصادية ودبلوماسية وعسكرية على إسرائيل بسبب انتهاكها المنهجي والخطير للقانون الدولي، بما يشمل حظر تصدير الأسلحة إليها، أو شرائها منها، ووقف التعاون العسكري معها، وتجميد الأصول المالية للمسؤولين المتورطين في الجرائم ضد الفلسطينيين، وفرض حظر السفر عليهم، إلى جانب تعليق الامتيازات التجارية والاتفاقيات الثنائية التي تمنح إسرائيل مزايا اقتصادية تمكنها من الاستمرار في ارتكاب الجرائم ضد الفلسطينيين.

ودعا المرصد الأورومتوسطي إلى مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع إسرائيل في ارتكاب الجرائم، وأهمها الولايات المتحدة الأمريكية، وغيرها من الدول التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي تساهم في استمرار هذه الجرائم.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حملة دهم واعتقالات في الضفة

حملة دهم واعتقالات في الضفة

الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني عبر منع الماء والغذاء...