الأربعاء 30/أبريل/2025

مخيمات الضفة.. وعي اللجوء وخزان الهوية الفلسطينية الثوري

مخيمات الضفة.. وعي اللجوء وخزان الهوية الفلسطينية الثوري

رام الله – المركز الفلسطيني للإعلام

تخطط قيادة المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال لإعادة تشكيل الواقع في الضفة وتدمير جميع مخيمات اللاجئين، على نحو مشابه للدمار الهائل في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بذريعة الحفاظ على حرية حركة الجيش في قلب المخيمات والسعي لفرض نوع من الاستقرار، كما يخوض جيش الاحتلال معركة على الوعي لمحو قضية اللجوء من القاموس الفلسطيني.

 ولم يكن استهداف المخيمات الفلسطينية وليد لحظة 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، وإنما هو استهداف بنيوي ضمن سياق عملية الإبادة الجماعية التاريخية التي تستهدف المخيمات الفلسطينية كبنية مقاومة متصاعدة ومتواصلة ومنتشرة شبكياً وسياسياً. 

وخلال محطات الإبادة الإسرائيلية المتعددة، تعرضت المخيمات الفلسطينية لأكثر من استهداف ومجزرة، ومنها على سبيل المثال مجزرة مخيم البريج سنة 1953، كما تعرض مخيم الدهيشة لعملية إغلاق، ونُصبت بوابات وأسلاك شائكة حوله في الثمانينيات، وأصبح يُطلَق عليه مخيم الاعتقال الجماعي، بالإضافة إلى مخيم جنين الذي تعرض لمجزرة سنة 2002، ومجازر أُخرى متفرقة في الفترة 2022-2025، فضلاً عن مجازر متصاعدة ومستمرة في مخيمَي طولكرم ونور شمس سنة 2023 حتى اللحظة.

إعادة تشكيل المخيم

ففي إطار العدوان الذي يطلق عليه جيش الاحتلال اسم “السور الحديدي”، تركّز العملية العسكرية الآن على الجوانب الهندسية والبنية التحتية في مخيمات جنين وطولكرم ونور شمس، بما في ذلك المضي في هدم المنازل وتدمير الطرقات على نحو يسهّل دخول وخروج الآليات العسكرية.

ويزعم جيش الاحتلال أن العديد من المنازل كانت تُستخدم من قبل عناصر المقاومة الفلسطينية مقرات لقادتها ومختبرات لإعداد العبوات الناسفة، التي تسببت منذ بداية الحرب بمقتل عشرة جنود.

وتقول اللجنة الإعلامية في مخيم جنين إن جيش الاحتلال أخطر بهدم قرابة 66 بناية في مخيم جنين ما يهدد بهدم 300 شقة سكنية في المخيم وعدة حارات منها الألوب والحواشين والسمران.

وتبين أن الاحتلال جرّف 100% من شوارع مخيم جنين وقرابة 80% من شوارع مدينة جنين، فيما تم تهجير سكان 3200 منزل من المخيم، ووصل عدد النازحين من المخيم إلى 21 ألف نازح، في تفريغ للمخيم من سكانه بشكل كامل.

وتوضح اللجنة أن عمليات الهدم الكلي في مخيم جنين طالت 200 منزل، إلى جانب تضرر نحو 400 منزل ولم تعد صالحة للسكن، ومن المتوقع أن يصل عدد المنازل المهدمة بحسب اللجنة الشعبية إلى ألف منزل، في خطة للاحتلال لتغيير معالم المخيم التي تتضمن منع إعادة بناء المنازل المدمرة.

ووفق تقرير لصحيفة يديعوت أحرنوت، اليوم الأربعاء، هدم جيش الاحتلال حتى اليوم 200 منزل في مخيم جنين، وتم فتح 5 كيلومترات من الطرقات، بمعنى تدميرها وتدمير كل ما هو محيط بها من أجل توسيعها للآليات العسكرية.

وتزعم قيادة المنطقة الوسطى، وفق الصحيفة، أن مساحة المخيّم البالغة نصف كيلومتر مربع حولتها المقاومة عمداً إلى مكان محصّن، حيث بنوه بكثافة وقلّصوا الطرقات، بحيث يمكن المرور فيها فقط باستخدام مركبات صغيرة، ووضعوا عوائق عند المداخل والمخارج لعرقلة حركة جيش الاحتلال.

ولكن بعد هدم المنازل، تغيّرت ملامح المخيم، وغادره معظم السكان، فيما نشر جيش الاحتلال كتيبة من الجنود حوله لمنع عودة عناصر المقاومة. وتقول الصحيفة أن جيش الاحتلال يعتزم منع الفلسطينيين من إعادة البناء في المناطق التي هدمها، فلا طرق ولا منازل، وبالتالي الحفاظ على القدرة على المناورة داخل المخيم بشكل فعّال وسريع.

وعلى نطاق أصغر، تزعم الصحيفة أن جيش الاحتلال هدم فقط حوالي 30 منزلاً، وفق بيانات رسمية، وفتح طرقاً بطول نصف كيلومتر. وفي مخيم طولكرم، هدم 15 منزلاً، وفتح طريقاً بطول 200 متر إلى قلب المخيم. والهدف هناك أيضاً هو توسيع المساحة قدر الإمكان، بحيث يمكن لجيش الاحتلال تفعيل قوات وآليات هندسية عسكرية عند الحاجة.

وتفند اللجنة الإعلامية في طولكرم هذه الادعاءات، وتؤكد أن قوات الاحتلال دمرت 396 منزلا بشكل كامل و2573 بشكل جزئي في مخيمي طولكرم ونور شمس، إضافة إلى إغلاق مداخلهما وأزقتهما، عدا عن الدمار الكبير الذي طال البنية التحتية والمنازل والمحلات التجارية والمركبات.

وأوضحت الصحيفة العبرية أن لهذه العمليات أيضاً تأثيراً على الوعي، وهو السعي لطمس فكرة اللجوء، بحيث يرى الاحتلال أن المخيّمات تهدف إلى تخليد سردية اللاجئ، ومن خلال ذلك الحصول على دعم من جهات خارجية.

رمزية المخيم

وتؤكد ورقة تحليلية لمؤسسة الدراسات الفلسطينية أن العدوان على المخيمات في الضفة وشمالها تحديداً إنما تأتي في سياق حملة متصاعدة لكبح جماح تنامي ظاهرة العمل الفدائي المسلح فيها، والتي بدأت بعرين الأسود في مدينة نابلس ومخيماتها، وكتيبة جنين في مخيم جنين، وكتيبة الرد السريع في طولكرم ومخيماتها، وسارت خلايا فدائية في مخيم عقبة جبر على النهج نفسه.

وتضيف الورقة المعنونة بـ”استهداف المخيمات الفلسطينية: استمرارية الإبادة واستمرارية المقاومة”، أن سلطات الاحتلال وجيشها تحارب الرموز الفلسطينية في المخيمات وخارجها، وتركز في حربها على الرموز والشواهد الثورية الفلسطينية، من أسماء، وصور، وأعمال فنية، ونصب تذكارية تخلد ذكرى المقاومة والبطولة الفلسطينية؛ إذ جرى استهداف مجسم الحصان في مخيم جنين، ونصب تذكارية لشهداء فلسطينيين في عدة مخيمات، كما قام الجنود بإنزال علم فلسطين عن مبنى مركز لاجئ في مخيم عايدة شمالي بيت لحم مرتين متتاليتين خلال الأسبوع نفسه، وهذا ما يؤشر إلى أنها كذلك حرب على الهوية والحكاية الفلسطينية.

وتوضح أن عدوان السور الحديدي على الضفة جاء في سياق زمني وميداني فشل خلاله الاحتلال في قتل فكرة المقاومة في الضفة باغتيال الشيخ صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في 2 يناير/ كانون الثاني 2024 في محاولة لتحقيق صورة انتصار على مقاومة غزة وما فعلته في يوم “العبور العظيم” في السابع من أكتوبر/ تشرين الأول 2023 (…) إذ جاءت الأمور معاكسة، فكل من حالة التضامن واحتضان فكر العاروري وفكر الفدائي الفلسطيني لا يزال يسري في عروق المخيمات والقرى والمدن والبلدات”.

وتخلص الورقة بالإشارة إلى أن استهداف المخيمات يمثل محاولة إسرائيلية مستمرة لضرب رمزية المخيم كبيئة حاضنة للعمل المقاوم، في سياسة إسرائيلية متجددة تفشل بصورة دورية.

وتقول: “تجسد المخيمات خزان الثورة، وتؤثر بصورة شبكية في محيطها الريفي والمديني، فهي تمثل نقاط الوصل بين الجغرافيا الفلسطينية المحلية والمباشرة التي تحيط بالمخيم، وتصدر العمل الفدائي وتُعيد بعث الهوية الفلسطينية كلما خبا وميض الفعل السياسي أو العسكري. كما أن المخيمات تمثل نقطة وصل تاريخي، وتعبّر عن الاستمرارية التاريخية للقضية الفلسطينية كقضية تحرر وطني في مواجهة استعمار استيطاني إبادي”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

حملة دهم واعتقالات في الضفة

حملة دهم واعتقالات في الضفة

الخليل- المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي، فجر الأربعاء، حملة اقتحامات في مناطق متفرقة من الضفة الغربية، تخللتها اعتقالات بعد...

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني

البرش: الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام قال المدير العام لوزارة الصحة في قطاع غزة الدكتور منير البرش أن الاحتلال يبيد النسل الفلسطيني عبر منع الماء والغذاء...