إقالة رئيس الشاباك.. معركة نتنياهو لإعادة تشكيل النظام الأمني والسياسي

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
تشكل إقالة رئيس الشاباك الإسرائيلي رونين بار جزءاً من معركة سياسية أوسع تهدف إلى إعادة هيكلة النظام الأمني والسياسي في إسرائيل، فبينما يرى مسؤولون في الائتلاف الحاكم أن هذه الخطوة ضرورية لتصحيح المسار الأمني، يرى محللون أن هذه الخطوة ستدفع بمزيد من الانقسامات الداخلية وتضعف وحدة إسرائيل.
وكان مكتب نتنياهو أعلن أنه قرر إقالة بار، وقال إن رئيس الوزراء التقى بار وأبلغه بأنه سيطرح على الحكومة قرار إقالته، كما قالت القناة الـ12 الإسرائيلية إن نتنياهو استدعى بار إلى لقاء طارئ وسيتقدم للحكومة بمقترح لإقالته.
كما قررت شرطة الاحتلال الإسرائيلي استدعاء الرئيس السابق للشاباك نداف أرغمان للتحقيق بعد تقديم رئيس الوزراء شكوى ضده، معتبرا أنه “تجاوز جميع الخطوط الحمراء”.
ووضع رئيس جهاز الأمن العام الإسرائيلي (الشاباك)، رونين بار، شروطا لإنهاء خدماته مع تمسكه برفض الاستقالة، واتهم نتنياهو بالفشل والإخفاق.
وقال بار إنه سيبقى على رأس عمله إلى أن ينجز مهمة إعادة جميع الأسرى، وطالب بتشكيل لجنة تحقيق مع جميع الأطراف، بما في ذلك السياسية والحكومية ورئيس الحكومة، واعتبرها ضرورة لأمن الجمهور.
وقال بار، في بيان نشرته صحيفة “يديعوت أحرنوت” الإسرائيلية، “إن مسؤوليتي الوطنية هي الدافع وراء قراري بالاستمرار في منصبي خلال الفترة القريبة، وذلك نظرًا لاحتمال التصعيد، والتوتر الأمني الشديد، والإمكانية الواقعية لاستئناف القتال في قطاع غزة، حيث يلعب الشاباك دورا محوريا”.
وأوضح أن إقالته ليست بسبب أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وأن التحقيقات بشأنها كشفت أن سياسات الحكومة خلال العام الماضي لها دور أساسي في الإخفاق، معتبرا أن طلبات نتنياهو بالولاء الشخصي تتناقض مع القانون والمصلحة العامة للدولة.
وفي ردود الفعل على قرار نتنياهو إقالة بار، اعتبرت وسائل إعلام إسرائيلية إقالة بار “هزة سياسية كبرى في إسرائيل”، وقالت المستشارة القضائية للحكومة إن رئيس الحكومة لا يملك صلاحية، وأن ما فعله خطوة غير قانونية تنطوي على تضارب مصالح.
وقال زعيم المعارضة يائير لبيد، إن قرار نتنياهو “مخزي ويشير إلى فقدانه السيطرة، وخطوة غير مسؤولة تدل على عدم الاهتمام بمصير الرهائن (الأسرى الإسرائيليين)”.
وفي المقابل، رحب وزير الأمن القومي المتطرف إيتمار بن غفير بقرار إقالة بار، وقال “هذا ما كنت أطالب به منذ مدة طويلة”. كما اعتبر وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أن استبدال بار “خطوة ضرورية، وكان الأفضل له أن يتحمل المسؤولية ويستقيل قبل أكثر من عام”.
ويرى محللون سياسيون، أن قرار نتنياهو يرمي إلى تعزيز قبضته على المؤسستين الأمنية والعسكرية في إسرائيل، بعد قراره إقالة رونين بار الذي يعد أحد حراس النظام السياسي الإسرائيلي.
حدث مهم
ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية مهند مصطفى إقالة رئيس الشاباك بالحدث المهم في النظام السياسي الإسرائيلي، معتبرا قرار نتنياهو يندرج في سياق إستراتيجي، بعدما صنفت الحكومة هذا الجهاز بأنه معادٍ لمشروع اليمين الإسرائيلي.
ويقول مصطفى في حديث للجزيرة، إن القرار يأتي في إطار سعي نتنياهو لتغيير النخبة الأمنية والعسكرية في إسرائيل بعد استقالة رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي، مشيرا إلى أن رئيس حكومة الاحتلال يريد إخضاع هذه النخبة أو جعلها تتماهى مع الحكومة.
ويبين أن قرار نتنياهو يأتي في سياق تحميل الأجهزة الأمنية والعسكرية في إسرائيل مسؤولية إخفاق السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
ويضيف أن من حق الجمهور معرفة ما الذي أدى إلى انهيار مفهوم الأمن في دولة إسرائيل، وأضاف أن التحقيق كشف عن تجاهل متعمد وطويل الأمد من المستوى السياسي لتحذيرات جهاز الشاباك.
والشاباك هو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي، تشكّلت نواته الأولى من جهاز الاستخبارات الذي كان تابعا لمنظمة الهاغاناه الصهيونية، ويلعب دورا بارزا في جمع المعلومات وتصفية واعتقال الفلسطينيين وإحباط عمليات المقاومة الفلسطينية.
وأعرب مصطفى عن قناعته بأن إقالة بار ستؤثر على الشاباك الذي يعد “أكثر قداسة من الجيش الإسرائيلي”، ويحظى بثقة كبيرة لدى الجمهور الإسرائيلي، لافتا إلى أنه لم يحدث سابقا إقالة رئيس الجهاز في منتصف ولايته رغم أنه تابع للحكومة.
ويشير إلى أن نتنياهو يعتزم تعيين نائب رئيس الشاباك -الذي يدعى فقط بـ”ميم”- رئيسا للجهاز، لافتا إلى أنه كان رئيس الوفد الإسرائيلي في مفاوضات الدوحة الأخيرة.
إزاحة شخصيات قوية
بدوره، قال الكاتب والمحلل السياسي أحمد الحيلة إن إزاحة شخصيات قوية مثل رونين بار تعطي نتنياهو مساحة أكبر لترتيب ما يريده في ملف الأسرى الإسرائيليين في قطاع غزة، بما ينسجم من الموقف اليميني داخل حكومته.
وأشار الحيلة إلى أن نتنياهو يريد تنصيب نفسه ملكا على رأس السلطة في إسرائيل ويتحكم فيها كما يريد، معربا عن قناعته بأن هذه الخلافات بينه وبين الأجهزة الأمنية ستكون لها انعكاسات داخلية في إسرائيل، وقد تكون مقدمة لتغيير هوية الدولة.
وكتب الحيلة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “يحاول نتنياهو الهروب من تحمّل مسؤولية الفشل يوم السابع من أكتوبر، والفشل في تحقيق أهداف حرب الإبادة على غزة، برفضه تشكيل لجنة تحقيق رسمية، بعدما أشارت تحقيقات الشاباك إلى تحميل نتنياهو المسؤولية، ودعم الجهاز اتفاق وقف إطلاق النار في غزة”.
ويبين أن نتنياهو يريد تسليم المؤسسات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية إلى شخصيات يمينية متطرفة منسجمة مع الحكومة الإسرائيلية الحالية.
ولفت إلى أن احتدام الخلاف بين رئيس الشاباك ونتنياهو جاء على وقع تزايد أزمة الأخير الداخلية أمام الرأي العام الإسرائيلي والأجهزة الأمنية والجيش بعد إقالة وزير الجيش يوآف غالانت، واستقالة رئيس الأركان هاليفي تحت الضغط، في وقت تتعالى الأصوات المطالبة بإقالة المستشارة القانونية للحكومة، التي لها صلاحية الاعتراض على عدم قانونية القرارات الحكومية.
ومضى بالقول: “نتنياهو يعمل على تصفية كافة الشخصيات القوية التي تختلف معه في تقدير المصلحة، في وقت يُتهم فيه بتقديم حساباته الشخصية على مصالح الدولة، وسيؤدي ذلك إلى بروز المزيد من التصدّعات الداخلية في إسرائيل؛ بين من يعتبر قرارات نتنياهو هدماً للدولة ومؤسساتها وأنظمتها، وبين من يرى ذلك حماية للدولة بتطهيرها من المشاكسين”.
والثلاثاء الماضي، أقر “الشاباك” بفشله في تقييم قدرات حركة “حماس” قبل 7 أكتوبر 2023، وألمح إلى مسؤولية نتنياهو عن “رسم سياسة فاشلة على مر السنين”.
وبعد صدور تحقيق الشاباك، دعا زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد، ورئيس حزب “معسكر الدولة” بيني غانتس، نتنياهو إلى الاعتذار، وأكدا أن الأخير “يحاول إلقاء اللوم على الآخرين”.
وأقر “الشاباك”، وفق نتائج تحقيق أجراه، بفشله إذ لم يقيم بشكل جيد قدرات “حماس” قبل 7 أكتوبر 2023 أو هجوم المقاومة في ذلك اليوم، وفق هيئة البث الإسرائيلية.
وأضافت الهيئة، عبر حسابها بمنصة إكس، أن تقرير “الشاباك” ألمح إلى أن نتنياهو “رسم سياسة فاشلة على مر السنين”. كما خلص إلى وجود ثغرات ومشاكل في التعامل مع المعلومات الاستخبارية بشكل عام وفي آليات الرقابة على العمل الاستخباري بشكل خاص ليلة 7 أكتوبر.
وقال رونين بار: “قناعتنا بانشغال حماس بالضفة الغربية كانت أحد أسباب فشلنا في التحذير من هجوم 7 أكتوبر”.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قاض أميركي يأمر بالإفراج عن الطالب الفلسطيني محسن مهداوي
المركز الفلسطيني للإعلام أمر قاض فدرالي أميركي، اليوم الأربعاء، أمرا بالإفراج عن محسن مهداوي، الطالب الفلسطيني الذي اعتُقل هذا الشهر أثناء حضوره...

حماس تدعو إلى مواصلة الحراك العالمي تضامناً مع غزة وضدّ العدوان الصهيوني
المركز الفلسطيني للإعلام دعت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) جماهير أمتنا العربية والإسلامية والأحرار في العالم إلى مواصلة الحراك الجماهيري العالمي،...

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...

حرائق كبيرة في إسرائيل والسلطة تعرض المساعدة
المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت حرائق كبيرة في كيان الاحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، وفشلت السلطات المحتلة في السيطرة عليه، في حين عرضت السلطة...

الاحتلال يصيب طفلاً في جنين وينصب بوابات حديدية جنوبي الأقصى
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل، اليوم الأربعاء، برصاص قوات جيش الاحتلال في جنين شمالي الضفة الغربية، فيما نصب الاحتلال حواجز عسكرية في...

أوكسفام وشبكة المنظمات الأهلية: مخازن المواد الغذائية نفدت تماما
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت منظمة "أوكسفام"، وشبكة المنظمات الأهلية في غزة تزايد الأوضاع الإنسانية في القطاع صعوبة بشكل كبير منذ 2 مارس/آذار...

إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل بالتعليم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إغلاق سلطات الاحتلال مدارس المؤسسة الأممية في...