رمضان في غزة.. الاحتلال يشهر سلاح التجويع من جديد

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام
بينما يتفنن المسلمون حول العالم في تحضير ما لذ وطاب من الطعام في الجمعة الأولى من شهر رمضان المبارك، وتتزين موائدهم بأشكال متنوعة من اللحوم والأطعمة المختلفة، عاد أهل غزة ليعيشوا “كابوس المعلبات” التي أضحت الخيار شبه الوحيد بعد إغلاق الاحتلال للمعابر وإحكام الحصار على قطاع غزة من جديد مستخدما سلاح الجوع ضد المدنيين وسيلة للتفاوض ومحاولاته للتهجير.
فأسواق غزة في الجمعة الأولى من رمضان، باتت خالية تماماً من أصناف اللحوم، وارتفعت أسعار الخضار التي ندرت وقلت جودة المعروض منها، ومعها أيضاً أسعار السلع المساندة كالزيوت والسكر والبقوليات وخلافه.
حيرة وكابوس متجدد
“أم مهند” عاشت حيرة طويلة مع زوجها وأطفالها في اختيار وجبة الجمعة الأولى من رمضان، والتي كانت تتمنى أن تكون وجبة المفتول مع لحم الحبش الذي توفر قليلاً قبيل إغلاق المعابر من جديد، لكن ذلك أصبح حلماً بعيد المنال حالياً.
“تأملنا خيراً أن نستطيع في هذا الرمضان أن نأكل أصنافاً جيدة من الطعام، لكن هذا الحلم تبخر بفعل إغلاق الاحتلال للمعابر وخلو الأسواق من البضائع وارتفاع ثمن الموجود فيها”، تقول “أم مهند”، التي قررت أن تصنع وجبتها من معلبات “الفاصولياء” التي حصلت عليها سابقاً في طرد غذائي حصلت عليه من برنامج الغذاء العالمي.
يعبر أبناء أم مهند عن امتعاضهم من هذه الوجبة التي أصبحت علامة من علامات الحرب، ووجبته الأولى، فقد امتلأت معداتهم بها على مدار غالبية شهور الحرب، وها هي تعود مجدداً لتكون خياراً إجبارياً بسبب تعنت الاحتلال وإصراره على استخدام التجويع سلاحاً للضغط على المفاوضين الفلسطينيين والمقاومة من خلال ضغطه على حاضنتهم الشعبية المدنية.
“زهقنا فاصولياء وزهقنا معلبات، احنا من حقنا نأكل زي البشر، رمضان في كل الدنيا الناس بتأكل فيه كل أصناف الأكل اللذيذ وبنزلوا فيديوهات على الانترنت لأكلهم، احنا صارلنا سنتين لا نأكل سوى المعلبات وأكل غالبيته غير نافع وغير صحي”، يقول الطفل محمد، وهو يعبر عن رفضه لاختيار الفاصولياء وجبة إفطار للعائلة في الجمعة الأولى من رمضان.
وطالبت “أم مهند” وأبناؤها العالم بالضغط على الاحتلال للدخول في المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار، وفتح المعابر وإدخال الطعام والشراب والوقود ومستلزمات الكهرباء وفق الاتفاق المعلن عنه، وإبعاد شبح الحرب نهائياً عن غزة الحزينة الجريحة.
أحد أشكال الإبادة
حركة “حماس”، من جانبها قالت إن إغلاق الاحتلال لمعابر غزة لليوم السادس على التوالي ومنع إدخال المساعدات، يعد أحد أشكال حرب الإبادة الجماعية المتواصلة بحق الشعب الفلسطيني بالقطاع، وجريمة حرب تستدعي تدخلا دوليا.
وعدّ المتحدث باسم الحركة عبد اللطيف القانوع في بيان له أمس الجمعة، سياسة التجويع والعقاب الجماعي التي تنتهجها دولة الاحتلال “انتهاكا صارخاً للقوانين الدولية والإنسانية وجريمة حرب يستوجب على العالم وقفها ومحاسبة مرتكبيها.
وطالب “القانوع” المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية والإنسانية بـ”إجبار الاحتلال على فتح المعابر وإدخال المساعدات الإغاثية والطبية وإنهاء معاناة الفلسطينيين بغزة”.
وقبل الحرب، يعتمد 80% من سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، ووفق منظمات أممية ووزارة التنمية الاجتماعية في غزة، فإن وقف هذه المساعدات في ظل هذه الظروف يعرض أكثر من 289,824 طفلاً و139,764 مسناً للموت جوعاً وبرداً لعدم توفر الأغطية ووسائل التدفئة.
وبحسب المكتب الإعلامي الحكومي في قطاع غزة، فإن منع إدخال مستلزمات الإيواء المؤقت، يعني بقاء نحو مليون ونصف مليون إنسان بلا مأوى بعد تدمير بيوتهم، في ظل أجواء شديدة البرودة، وظروف معيشية قاهرة تنعدم فيها أبسط سبل الحياة من ماء وغذاء وكهرباء.
وأوضح أن منع وصول المعدات والآليات الثقيلة يعني بقاء أكوام الركام التي تزيد عن 55 مليون طن، وتحتجز تحت أنقاضها أكثر من 10 آلاف مفقود وتُعيق الحركة بسبب الشوارع المغلقة، كما تُشكل أزمة صحية وبيئية.
جريمة حرب
ويرى القانوني صلاح عبد العاطي رئيس الهيئة الدولية لدعم حقوق الشعب الفلسطيني “حشد”، أن قرار وقف دخول المساعدات للقطاع، “جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية، ويكرس واقع الإبادة الجماعية بحق الشعب الفلسطيني”.
وأوضح “عبد العاطي” في تغريدات له، أن 80% من سكان القطاع يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، واستمرار عدم إدخالها سيؤدي إلى تفاقم معاناتهم من الجوع والفقر.
وبين أن هذه الإجراءات التعسفية تعكس سياسة العقاب الجماعي التي تهدف إلى خنق القطاع اقتصادياً وإنسانياً، مما يفاقم الأوضاع الكارثية، لا سيما في ظل شهر رمضان المبارك وانخفاض درجات الحرارة.
وأوضح أن وقف المساعدات وإغلاق المعابر أدى إلى ارتفاع الأسعار في الأسواق، مشددا أن منع إدخال الوقود ينذر بانهيار الخدمات الأساسية وانتشار الأوبئة والأمراض.
وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين من جهتها ترى أن قرار وقف المساعدات ومنعها من دخول القطاع يهدد حياة الآلاف من السكان والعائلات الذين أنهكتهم الحرب التي استمرت لأكثر من خمسة عشر شهراً.
وقالت مديرة المكتب الإعلامي لوكالة “أونروا” في قطاع غزة، إيناس حمدان، في مقابلة صحفية، أن معظم السكان في قطاع غزة يعتمدون بشكل كبير على المساعدات الإغاثية، وبالتالي، لا بد من الاستمرار بتدفق المساعدات بما يجعلنا نضمن دخول كميات كافية من تلك الإمدادات الغذائية وغير الغذائية”.
وتابعت: “نحن نتحدث عن مقومات أساسية للحياة – غذاء وماء ودواء وكهرباء ووقود – ولا يمكن بأي حال من الأحوال تقديم خدمات إنسانية منقذة للحياة بالشكل الأمثل دون دخول كميات مناسبة من المساعدات الإغاثية”.
وباختصار فإن واقع الحال في غزة بعد تجديد استخدام الاحتلال الجوع سلاحاً في حرب الإبادة المستمرة، أصبح صعباً، وتجددت معه كل آلام الحرب التي يهدد الاحتلال بالعودة إليها، ظناً منه أنه بذلك يستطيع انتزاع ما لم يستطع انتزاعه بالحرب التي استمرت على مدار 15 شهراً، لكن رسالة المقاومة وحاضنتها الملتفة حولها أنه ذلك غير ممكن ولن يحدث، فغزة الحرة تموت جوعاً ولا تأكل بثدييها.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

اليمن تقصف قاعدة رامات ديفيد الجوية الصهيونية بصاروخ فرط صوتي
صنعاء - المركز الفلسطيني للإعلام أعلنت القوات المسلحة اليمنية، أنها نفذت عملية عسكرية استهدفت قاعدة عسكرية جوية للاحتلال الصهيوني بصاروخ باليستي فرط...

مجزرة دامية .. 6 شهداء باستهداف الاحتلال بيت عزاء في بيت لاهيا
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام ارتكبت قوات الاحتلال الصهيوني، اليوم الجمعة، مجزرة دامية بعدما استهدفت بيت عزاء لشهداء من عائلة المصري في بيت لاهيا،...

استشهاد الشاب عمر أبو ليل برصاص الاحتلال عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة
نابلس- المركز الفلسطيني للإعلاماستشهد الشاب عمر أبو ليل، صباح اليوم الجمعة، برصاص قوات الاحتلال الإسرائيلي عقب محاصرة منزل في مخيم بلاطة شرق مدينة...

الصليب الأحمر: الاستجابة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار التام
المركز الفلسطيني للإعلام حذرت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، أن الاستجابة الإنسانية في غزة على وشك الانهيار التام، جراء حرب الإبادة الجماعية التي...

الاحتلال يحاصر منزلا في مخيم بلاطة ويصعّد عدوانه شرق نابلس
الضفة الغربية- المركز الفلسطيني للإعلامحاصرت قوات الاحتلال الإسرائيلي، صباح اليوم الجمعة، منزلا على مدخل مخيم بلاطة، وذلك في سياق تصعيد عدوانها في...

عدوان إسرائيلي يستهدف سفينة أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة
المركز الفلسطيني للإعلام قصفت طائرة إسرائيلية مسيرة الليلة الماضية، إحدى سفن أسطول الحرية لكسر الحصار عن غزة، قرب مالطا، مما أدى إلى اندلاع حريق...

إسرائيل تقصف محيط القصر الرئاسي في دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت قوات الاحتلال الإسرائيلي - الجمعة- عدوانًا على سوريا، واستهدفت محيط القصر الرئاسي في دمشق، في تصعيد لسياسة...