خانيونس تشهد تسليم جثامين أسرى الاحتلال .. ماذا تحمل الرسائل؟

خانيونس – المركز الفلسطيني للإعلام
في مشهد رسمت أبعاده بدقة، شهدت خانيونس مراسم تسليم أسرى الاحتلال، وسط حضور واسع وتغطية إعلامية مكثفة. لم تكن هذه المراسم مجرد إجراء بروتوكولي، بل حملت في طياتها رسائل سياسية ووطنية وإنسانية عميقة، عكست حضور المقاومة وتحكمها في الميدان، ورؤيتها لاستكمال مسار التبادل واتفاق وقف إطلاق النار.
تجلّت الرمزية في تفاصيل الحدث، بدءًا من موقع التسليم الذي يعيد للأذهان التدمير الإسرائيلي الواسع في بلدة بني سهيلا شرق خانيونس، وصولًا إلى ترتيبات المنصة ودلالات الجدارية واللافتات التي عبّرت عن روح المقاومة والانتصار وتحميل الاحتلال ونتنياهو مسؤولية قتل الأسرى الصهاينة. كما جسّدت المشاهد التي رافقت التسليم بُعدًا إنسانيًا، حيث أظهرت تسليم الجثامين في توابيت خشبية بخلاف ما كان الاحتلال يسلم جثامين الشهداء الفلسطينيين الذين كان ينتشلهم من المقابر التي ينبشها ثم يسلمهم في أكياس وبشكل مهين.
سلمت كتائب القسام، الجناح العسكري لحركة حماس، صباح الخميس، في مراسم رسمية في بني سهيلا شرقي خانيونس، جثامين أربعة أسرى صهاينة قتلتهم قوات الاحتلال الإسرائيلي في عدوانها على قطاع غزة.
وأفاد مراسل المركز الفلسطيني للإعلام أن مراسم تسليم الجثامين أقيمت في مقبرة بني سهيلا التي سبق أن تعرضت للتدمير والنبش من قوات الاحتلال الإسرائيلي خلال اجتياحها للمنطقة.

وأقامت كتائب القسام منصة في مكان التسليم، بخلفية تحمل صورة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو كمصاص دماء، وصور عائلة بيباس مع تعليق باللغات العربية والعربية والإنجليزية “قتلهم مجرم الحرب نتنياهو بصواريخ الطائرات الحربية”.
وعلى المنصة كتب أيضًا باللغات الثلاث “ما كنا لنغفر أو ننسى. وكان الطوفان موعدنا.
وبدا لافتا مشاركة العديد من الأسرى المحررين في صفقة طوفان الأقصى في مراسم التسليم، حيث جرى تجهيز كراسي لجلوسهم، إلى جانب عشرات المواطنين، في حين انتشر العشرات من أفراد المقاومة في مكان التسليم.
وفي مكان التسليم، انتصبت لافتة كبيرة، يظهر فليها فلسطيني متجذر في الأرض في مواجهة دبابات الاحتلال، مع عبارة “عودة الحرب = عودة الأسرى في توابيت”.

الصحفي محمد عبد العزيز، سلّط الضوء على أبرز الرسائل الرمزية التي حملها الحدث:
رمزية المكان:
يوضح أن المنطقة الشرقية لخانيونس، اختيرت لما تحمله من دلالات تاريخية عميقة، حيث كانت مسرحًا لعمليات بطولية نفذتها المقاومة، بدءًا من “عملية حد السيف” التي قادها الشيخ نور بركة، وصولًا إلى “كمين الأبرار” في رمضان الماضي بقيادة سالم الدرديسي. كما شكل يوم 7 أكتوبر محطة بارزة في العمل المقاوم، ومن المتوقع أن تكشف الأيام القادمة تفاصيل إضافية حول العمليات التي جرت خلاله.
الرسائل السياسية والإعلامية:
• المنصة والشعارات: حملت المنصة لافتة كُتب عليها ردًا على الدعاية الصهيونية التي استندت إلى نصوص توراتية وردت على ملابس الأسرى المحررين في الدفعة الماضية، حيث ظهرت عبارة “ما كنا لنغفر أو ننسى، وكان الطوفان موعدنا”.
• التوابيت والصواريخ: حملت التوابيت صور الأسرى القتلى الإسرائيليين، إلى جانب صور رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي ووزير الجيش ورئيس الأركان، في إشارة إلى مسؤوليتهم المباشرة عن قتل الأسرى. كما أُرفقت صور للصواريخ الأمريكية التي استُخدمت في قصف المواقع التي كانوا محتجزين فيها، في رسالة واضحة للمجتمع الإسرائيلي بأن الاحتلال هو من قتل جنوده وليس المقاومة.
الحضور والتنوع الفلسطيني: كان الحضور لافتًا، حيث ضمَّ أسرى محررين وشخصيات قيادية وعشائر ومخاتير، إلى جانب ذوي الشهداء. عكس هذا المشهد تماسك الجبهة الداخلية الفلسطينية، وقدرة المقاومة على إدارة “اليوم التالي” للحرب بكفاءة، عزز ذلك لافتات رفعها مقاومون نحن الطوفان نحن اليوم التالي.
مشاركة الأسرى المحررين: شارك في المراسم عدد من الأسرى المحررين ضمن صفقة “طوفان الأقصى”، ممن كانوا محكومين بالمؤبدات والعقوبات العالية وتم إبعادهم إلى غزة. تحمل هذه المشاركة رسالة قوية تؤكد أن الأسرى المحررين باتوا جزءًا فاعلًا من العمل المقاوم، وأن الإجراءات العقابية الإسرائيلية لم تفلح في كسر إرادتهم.
الكشف عن الأسلحة المستخدمة: تميزت المراسم بعرض عدد من الأسلحة المحلية التي استخدمتها المقاومة خلال الحرب، خصوصًا العبوات الناسفة شديدة الانفجار التي استُخدمت في “كمين الأبرار” بمناطق الزنة والفراحين. هذا العرض يؤكد على تطور قدرات المقاومة القتالية، واستمرارها في تعزيز ترسانتها العسكرية.
وحدة فصائل المقاومة: برزت خلال المراسم مشاركة عسكرية واسعة من مختلف فصائل المقاومة، وعلى رأسها “كتائب القسام”، إلى جانب “سرايا القدس” و”كتائب الأقصى” و”كتائب المجاهدين” و”كتائب أبو علي مصطفى” و”كتائب المقاومة الوطنية” و”كتائب الأنصار”، في دلالة واضحة على استمرار التنسيق والعمل المشترك بين مختلف الفصائل.
انعكاسات داخلية على الاحتلال:
الكاتب والمحلل السياسي إياد القرا يشير إلى ثلاث رسائل قاسية للاحتلال تتجلى من مشهد التسليم؛ إذ لأول مرة، ستعود “الصناديق السوداء” رسميًا ضمن صفقة التبادل، مصورة وبالبث المباشر، تحوي جثامين أسرى قتلهم الاحتلال خلال غاراته على غزة، عمدًا.
الموقع يحمل دلالات عميقة، وفق القرا؛ حيث تم التسليم في خانيونس، بالقرب من منطقة أعلن الاحتلال سابقًا أنه عثر فيها على جثث أسرى. وقال: هذا المشهد يعيد تسليط الضوء على أكاذيب نتنياهو وجيشه حول مصير بعض الأسرى، ويفضح تناقض رواياتهم.
ورأى أن نتنياهو في مأزق، وهو يحاول استباق الضربة الإعلامية بالضغط على المقاومة لمنع بث مراسم التسليم أو الكشف عن تفاصيل إضافية، لكنه فشل في ذلك.
وأشار إلى أن نتنياهو سارع أمس للتقليل من أثر الحدث، مهيئًا الرأي العام الإسرائيلي بقوله: “الحزن سيسود غدًا عند عودة الجثامين”.
الرسالة الأهم، وفق القرا، أن الاحتلال الذي يدّعي “الحرص على استعادة أسراه”، هو ذاته الذي قتلهم بقصف مباشر في غزة، والآن يجد نفسه مضطرًا لاستلامهم من المقاومة، وسط تساؤلات محرجة أمام مجتمعه.
تعد مراسم تسليم الجثامين حدثًا مفصليًا يحمل رسائل سياسية وعسكرية عميقة، تشكل ضربة قوية للرواية الصهيونية حول مصير الأسرى. كما تعكس قدرة المقاومة على فرض معادلاتها رغم الضغوط، وتؤكد أن المعركة الإعلامية لا تقل أهمية عن المعركة الميدانية في مواجهة الاحتلال.
الرابط المختصر:
أخبار ذات صلة
مختارات

قصف إسرائيلي على صحنايا بريف دمشق
دمشق - المركز الفلسطيني للإعلام شنت طائرات الاحتلال الإسرائيلي -اليوم الأربعاء - عدة غارات على صحنايا في ريف دمشق، بالتزامن مع عملية أمنية ضد...

حرائق كبيرة في إسرائيل والسلطة تعرض المساعدة
المركز الفلسطيني للإعلام اندلعت حرائق كبيرة في كيان الاحتلال الصهيوني، اليوم الأربعاء، وفشلت السلطات المحتلة في السيطرة عليه، في حين عرضت السلطة...

الاحتلال يصيب طفلاً في جنين وينصب بوابات حديدية جنوبي الأقصى
جنين - المركز الفلسطيني للإعلام أصيب طفل، اليوم الأربعاء، برصاص قوات جيش الاحتلال في جنين شمالي الضفة الغربية، فيما نصب الاحتلال حواجز عسكرية في...

أوكسفام وشبكة المنظمات الأهلية: مخازن المواد الغذائية نفدت تماما
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكدت منظمة "أوكسفام"، وشبكة المنظمات الأهلية في غزة تزايد الأوضاع الإنسانية في القطاع صعوبة بشكل كبير منذ 2 مارس/آذار...

إغلاق مدارس الأونروا في القدس يهدد حق 800 طفل بالتعليم
القدس المحتلة - المركز الفلسطيني للإعلام حذرت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، من أن إغلاق سلطات الاحتلال مدارس المؤسسة الأممية في...

مستشفيات غزة تستقبل 145 شهيدا وجريحا خلال 24 ساعة
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أفادت وزارة الصحة بغزة، بأن مستشفيات القطاع استقبلت 35 شهيدا، و109 إصابات وذلك خلال 24 الساعة الماضية جراء تواصل حرب...

برنامج الغذاء العالمي: غزة تواجه المجاعة و700 ألف بلا طعام
غزة - المركز الفلسطيني للإعلام أكد برنامج الغذاء العالمي أن الوضع الإنساني في قطاع غزة بلغ مرحلة حرجة للغاية، مبينا أن مخزون البرنامج من المساعدات...