الأحد 04/مايو/2025

خطة ترامب .. تفاعلات حزبية وإعلامية وانقسامات سياسية في أمريكا

خطة ترامب .. تفاعلات حزبية وإعلامية وانقسامات سياسية في أمريكا

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام

أثار إعلان الرئيس الأمريكي عزمه على تهجير سكان قطاع غزة إلى دول أخرى داخل الإقليم أو خارجه، وفرض السيطرة على القطاع، موجة واسعة من الجدل والانقسام داخل المجتمع والإعلام الأمريكي، وكذلك في الأوساط السياسية والحزبية، بما في ذلك الحزب الجمهوري الذي ينتمي إليه الرئيس دونالد ترمب نفسه.

وفي 25 يناير المنصرم أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن خطته القاضية بنقل فلسطينيين من قطاع غزة إلى بعض الدول العربية المجاورة، في إشارة إلى مصر والأردن.

وقال “ترمب” حينها في تصريحات صحفية، إنه يتعين على الأردن ومصر استقبال المزيد من الفلسطينيين، لاسيما أن القطاع مدمر بشكل تام وفي حالة فوضى عارمة.

وحين سئل عما إذا كان هذا النقل لسكان غزة سيكون مؤقتًا، فأجاب: “يمكن أن يكون مؤقتًا أو طويل الأمد”.

وبعد هذا التصريح تواترت التصريحات على لسان الرئيس الأمريكي، حول الموضوع، حتى وصل به الحال للتأكيد على نية بلاده امتلاك قطاع غزة وتحويله إلى واجهة سياحية عالمية، وشدد مراراً وتكرارا أن ذلك سيحدث بالتأكيد، لدرجة أن كثيرين باتوا يعتقدون أنه لا يصرح في أي قضية سوى قضية غزة ونيته تهجير أهلها وسرقة أرضهم.

الإعلام الأمريكي تفاعل بشكل كبير مع تصريحات ترمب، وسال كثير من الحبر حول المسألة، لكنها في مجملها أكدت أن الخطة استفزازية وغير قابلة للتنفيذ ولن تنجح سوى في تأجيج مزيد من عدم الاستقرار في الشرق الأوسط.

صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، قالت إن خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للسيطرة على غزة، وترحيل مليوني فلسطيني منها، وتحويلها إلى منتجع سياحي هي “الأكثر غباء وخطورة” في تاريخ الرؤساء الأمريكيين.

وأبرز الكاتب الأمريكي توماس فريدمان في مقال نشرته الصحيفة، أن اقتراح ترمب هو “الأكثر غباء وخطورة من أي مبادرة سلام في الشرق الأوسط قدمها رئيس أمريكي”.

وفيما يتعلق بتأثير الخطة على الشرق الأوسط، أكد فريدمان أن أي محاولة لفرض هذا المشروع على دول مثل الأردن ومصر “ستؤدي إلى زعزعة التوازن الديموغرافي في الأردن بين سكان الضفة الشرقية والفلسطينيين، وستزعزع استقرار مصر ودولة الاحتلال.

وشدد فريدمان على أن “الاعتقاد بأن التطهير العرقي هو الحل الوحيد في غزة هو أمر خاطئ”، مضيفا أن هذا ما يريده “اليمين الإسرائيلي المتطرف”.

من جهتها قالت صحيفة The Hill الأمريكية، إن اقتراح ترمب بتهجير سكان غزة وقيام الولايات المتحدة “بتملك” القطاع الساحلي المدمر وبناء منتجعات هناك ليس غير عملي فحسب بل إنه متهور.

وذكرت الصحيفة أن هذا الاقتراح غير المسبوق من شأنه في الأمد القريب، أن يعرقل إطلاق سراح الأسرى الصهاينة المتبقين في غزة، وفي الأمد البعيد، من شأنه أن يخلق مشاكل جديدة ويعزز حالة عدم الاستقرار التي يزعم ترمب أنه قادر على حلها.

ووصفت صحيفة “بوليتيكو” خطة ترمب بــ” التطهير العرقي”، وقالت إنها تحمل عواقب متفجرة بعد أن تجاهلت العلاقات الوجودية للفلسطينيين بأرضهم.

ويبدو أن الحزب الجمهوري الذي بدا متماسكاً بدرجة كبيرة جدا خلال فترة الانتخابات الأمريكية، ليس على ذات الحال بعد تصريحات ترمب وتصريحاته المتكررة بشأن مصير ومستقبل قطاع غزة.

فقد كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية أن خطة ترمب لإدارة غزة والسيطرة عليها من أجل تهجير سكانها تثير الانقسام الحاد داخل الحزب الجمهوري الذي كان متحدًا إلى حد كبير منذ الانتخابات الأمريكية الأخيرة، مبينة أن العديد من المشرعين الجمهوريين أعربوا عن تشكيكهم في خطة ترمب.

وقال المشرعون المتشككون إنهم ما زالوا يفضلون “حل الدولتين” الذي كان منذ فترة طويلة أساسا للدبلوماسية الأميركية.

ورفض البعض فكرة إنفاق أموال دافعي الضرائب الأميركيين أو إرسال قوات أميركية إلى منطقة دمرها أكثر من عام من الحرب.

وقال السيناتور الجمهوري “راند بول” على منصة إكس: “اعتقدت أننا صوتنا لأميركا أولا، لا مصلحة لنا في التفكير في احتلال آخر قد يدمر ثرواتنا ويسفك دماء جنودنا”.

من جهتها قالت السيناتور “ليزا موركوفسكي”، إنها لا تتخيل أي اقتراح محتمل لإرسال قوات أميركية إلى منطقة شهدت ما يكفي من الاضطرابات، مركدة أنها لا تريد حتى تخيل هذه المسألة، لاعتقادها أنها “مخيفة جدا”.

وقال زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ الجمهوري “جون ثون”، إنه يؤيد ما وصفه بـ”إحلال السلام والاستقرار والأمن في تلك المنطقة”، لكن يتعين تمحيص كل فكرة بدقة، وفق قوله.

تجدر الإشارة إلى أن ترمب خاض حملته الانتخابية على أساس تعهدات بتجنب التورط في صراعات خارجية جديدة وما وصفها بـ”الحروب الأبدية”.

هذا جمهورياً، لكن على المقلب الآخر في الحياة السياسية الأمريكية، فقد وجه 145 نائبا ديمقراطيا بمجلس النواب الأمريكي رسالة إلى الرئيس دونالد ترمب، يطالبونه فيها بالتراجع عن تصريحاته التي وصفوها بـ”الخطيرة”.

وكشف موقع “أكسيوس” الأمريكي، أن النواب الموقعين على الرسالة يمثلون نحو ثلثي الأعضاء الديمقراطيين بمجلس النواب البالغ عددهم 215.

وفي الرسالة، أعرب النواب عن صدمتهم من صدور دعوة عن رئيس أمريكي لتهجير قسري دائم يستهدف مليوني شخص، هم عدد فلسطينيي غزة.

وحذر موقعو الرسالة الذين يمثلون ثلث أعضاء مجلس النواب البالغ إجمالا 435 نائبا، من أن هذه الخطوة “ليست مجرد إجراء غير أخلاقي”، بل “ستضر بمكانة الولايات المتحدة عالميا، وتعرض القوات الأمريكية للخطر، وتزيد التهديدات الإرهابية”.

وأشاروا إلى أن خطوة ترمب “قد تعرقل فرص الولايات المتحدة في التعاون مع شركائها العرب لإعادة إعمار غزة، وإيجاد حل سلمي للصراع”.

وقاد حملة توقيع الرسالة النائبان شون كاستن عن ولاية إلينوي، وبراد شيرمان عن ولاية كاليفورنيا.

حالة الرفض الشديد في الشارع الأمريكي لمخطط ترمب بشأن استيلاء أمريكا على غزة وتهجير الفلسطينيين من أرضهم ظهر في عدد من الاستطلاعات التي نشرت نتائجها الصحف الأمريكية.

ففي استطلاع لشبكة CBS News الأمريكية، خلص إلى أن القطاع الأكبر من الأمريكيين يرفضون خطة ترمب للسيطرة على غزة وتهجير سكانها إلى دول مجاورة.

وبحسب الشبكة فإن تصريح ترمب الأخير حول إمكانية “السيطرة على غزة” لفت انتباه الجمهور الأمريكي وأثاره اهتمامه بشكل واسع بحيث قال معظم الأمريكيين إنهم سمعوا عنه.

لكن بحسب نتائج الاستطلاعات فإن قلة فقط من الأمريكيين تعتقد أن إمكانية السيطرة الأمريكية على غزة سيكون فكرة جيدة، بينما يرى آخرون أن الأمر يعتمد على الظروف، بحيث يُنظر إلى موقف ترمب على أنه جزء من استراتيجية أوسع لفتح مفاوضات حول قضايا أخرى.

وأظهرت النتائج أن 13% فقط من الأمريكيين يعتقدون أن إمكانية السيطرة الأمريكية على قطاع غزة فكرة جيدة.

في المقابل يعتقد 47% من الأمريكيين أن خطط ترمب بشأن غزة تمثل فكرة سيئة، فيما يرى 40% أن مثل هذه الخطة غير قابلة للتطبيق.

وكشف استطلاع للرأي أجرته منظمة “داتا فور بروجرس” الأمريكية، أن 64% من الأمريكيين يعارضون خطة ترمب، وأكد 47% من المشاركين أنهم يعارضون الخطة “بشكل قاطع”، بينما قال 17% إنهم يعارضونها “جزئيا”.

وعبّر 85% من الديمقراطيين، و63% من المستقلين، و43% من الجمهوريين عن معارضتهم للخطة؛ وقال 69% من المشاركين إنهم يعارضون إرسال قوات الأمريكية إلى الشرق الأوسط.

وكشف استطلاع أجرته شبكة “سي بي إس نيوز”، أن 47% من الأمريكيين رأوا أن اقتراح ترمب بشأن غزة سيئ، ونحو 40% “غير متأكدين أو على حسب”.

ورأى 22% أن هدف الرئيس دونالد ترمب من تصريحاته فى ما يخص غزة هو بالفعل ضمها للولايات المتحدة، مقابل 28% رأوا أن الهدف بدء المفاوضات مع دول الشرق الأوسط من أجل أشياء أخرى، و29% للهدفين، و20% رأوا أنه ليس أحد الأمرين السابقين.

صحيح أن الإدراك العالمي لاستحالة تهجير أهالي غزة وإجبارهم على مغادرتها يمثل عاملًا مهمًا، إلا أن القرار الحاسم يظل بيد أصحاب الحق وأبناء الأرض. وقد أكدوا موقفهم بوضوح رغم آلة القتل الصهيونية وارتكابها أبشع جرائم الإبادة على مدار أكثر من 15 شهرًا من الحرب على غزة. وبرغم الدماء النازفة، وشراسة القصف، وحجم النيران الهائل، أفشل الفلسطينيون بصمودهم وثباتهم جميع مخططات التهجير.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات